من المفاهیم القرآنیة التی اشارت الیها آیات الذکر الحکم مفهوم ترک بعض الناس لحالهم او نسیانهم "نَسُوا اللَّهَ فَنَسِیَهُمْ".
و لکن نسبة النسیان إلى اللّه جلّ و علا لیست نسبة واقعیة و حقیقیة- کما هو المعلوم بدیهة- بل هی کنایة عن معاملة لهؤلاء معاملة الناسی، أی إنّه لا یشملهم برحمته و توفیقه لأنّهم نسوه فی البدایة، و مثل هذا التعبیر متداول حتى فی الحیاة الیومیة بین الناس، فقد نقول لشخص مثلا: إنّنا سوف ننساک عند إعطاء الأجرة أو الجائزة لأنّک قد نسیت واجبک، و هذا تعبیر یعنی أنّنا سوف لا نعطیه أجره و مکافأته. و هذا المعنى ورد کثیرا فی روایات أهل البیت (ع).
و ممّا ینبغی الالتفات إلیه أنّ موضوع نسیان اللّه تعالى قد عطف بفاء التفریع على نسیان هؤلاء القوم، و هذا یعنی أنّ نتیجة نسیان هؤلاء لأوامر اللّه تعالى و طغیانهم و عصیانهم هی حرمانهم من مواهب اللّه و رحمته و عنایته.
من المفاهیم القرآنیة التی اشارت الیها آیات الذکر الحکم مفهوم ترک بعض الناس لحالهم او نسیانهم "نَسُوا اللَّهَ فَنَسِیَهُمْ "[1]،و قد روی عن الامام الرضا (ع) أنه لما سأله الراوی عن قول اللَّه عزَّ و جَلَّ (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِیَهُمْ)؟ فقال: إِنَّ اللَّهَ تبارک و تعالى لا ینسى و لا یسهو و إِنَّما ینسى و یسهُو المخلوقُ المحدثُ أَ لا تسمعه عزَّ و جَلَّ یقول(وَ ما کانَ رَبُّکَ نَسِیًّا) و إِنََّما یجازی من نسیهُ و نسی لقاء یومه بِأَنْ ینسیهم أَنفسهم کما قال اللَّهُ تعالى (لا تَکُونُوا کَالَّذِینَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِکَ هُمُ الْفاسِقُونَ) و قال تعالى (فَالْیَوْمَ نَنْساهُمْ کَما نَسُوا لِقاءَ یَوْمِهِمْ هذا) أَی نترکهم کما ترکوا الاستعداد للقَاء یومهم هذا.[2]
فنسبة النسیان إلى اللّه جلّ و علا لیست نسبة واقعیة و حقیقیة- کما هو المعلوم بدیهة- بل هی کنایة عن معاملة لهؤلاء معاملة الناسی، أی إنّه لا یشملهم برحمته و توفیقه لأنّهم نسوه فی البدایة، و مثل هذا التعبیر متداول حتى فی الحیاة الیومیة بین الناس، فقد نقول لشخص مثلا: إنّنا سوف ننساک عند إعطاء الأجرة أو الجائزة لأنّک قد نسیت واجبک، و هذا تعبیر یعنی أنّنا سوف لا نعطیه أجره و مکافأته. و هذا المعنى ورد کثیرا فی روایات أهل البیت (ع).
و ممّا ینبغی الالتفات إلیه أنّ موضوع نسیان اللّه تعالى قد عطف بفاء التفریع على نسیان هؤلاء القوم، و هذا یعنی أنّ نتیجة نسیان هؤلاء لأوامر اللّه تعالى و طغیانهم و عصیانهم هی حرمانهم من مواهب اللّه و رحمته و عنایته.[3]
و هنا نشیر الى بعض النقاط الضروریة:
1. قد یتصور البعض عندما یجری الحدیث عن القیامة بان القیامة واقعة سوف تحدث فی مستقبل الایام و لا علاقة لها بالعالم الحاضر. و لکن هذا التصور غیر دقیق مطلقا لان القیامة کما ستقع فی المستقبل الذی لا یعلمه الا الله تعالى و بتلک الوقائع التی تعرضت لها الآیات و الروایات الکثیرة، کذلک هناک قیامة تکمن فی باطن الدنیا و هی قائمة فعلا؛و ذلک لان ما نقوم به من عمل له ظاهر و باطن و باطنه حادث الآن. و على هذا الاساس الانسان الذی ینسى الله تعالى و یغفل عنه لا یحصل له ذلک دفعة واحدة و انما الانحراف یحصل بصورة تدریجیة – الا حالات استثنائیة- و رویدا رویدا تراه یبتعد عن الحق تعالى و من ثم یصل الى النقطة التی یعبر عنها بنقطة اللاعودة و الابتعاد النهائی. فاذا ما حثّت الآیات القرآنیة و الروایات على مواصلة الذکر و الارتباط بالله تعالى فانها ترید ان لا تنفرج الزاویة بین العبد و ربّه انفراجا کبیرا یصعب معه العودة، فمما لاریب فیه أن الانسان محل للخطأ و النسیان دائما فلذلک فتح الباری تعالى أمامه باب التوبة و الانابة للعودة الى الطریق القویم فیما اذا قدر لا سامح الله ان ینحرف عنه.
2. التوبة عمل دائم و مستمر؛ بمعنى أنها تلازم الذنب فکلما اذنب العبد لابد ان یعود الى رشده و یتوب الى ربّه، و کما ورد فی الروایات من الحث على عدم ترک الذنب بلا توبة؛ یعنی من ارتکب ذنبا یجب علیه التوبة منه، و هنا نسال ما المقصود بالتوبة؟ التوبة تعنی الندم على ما صدر منه و العزم على عدم العودة الى الذنب.
فلو فرضنا أن التائب قد زلت قدمه مرّة اخرى و وقع فی المعصیة فهل له التوبة؟ نعم، یکون باب التوبة مفتوحاً أمامه، بشرط أن لا یصل الى مرحلة الاستخفاف بالتوبة، فلابد أن تکون توبته صادقة و حسب التعبیر القرآنی توبة نصوحا، لا مجرد لقلقة الفاظ و إنابة صوریة. وحسب تعبیر آیة الله العظمى السید بهاء الدینی (ره) لا یمکن التمثیل أمام الله تعالى و التظاهر بالتوبة، فلابد أن تکون التوبة نصوحا و واقعیة. و ذلک لان التوبة تهدم الهوة بین الانسان و خالقه و تقلل الفاصلة بینهما، فاذا ما تمادى الانسان فی غیه و وسع الفجوة فحینئذ یصل الى مرحلة ینسى فیه ربّه و یغفل عنه و یشعر فی نفسه بعدم الحاجة الیه تعالى، و هذا فی حقیقته نسیان للنفس لان المخلوق مهما کان شأنه لا یملک من نفسه شیئا فهو عین الحاجة و الفقر و التبعیة لله تعالى، و هذه حقیقة قررتها آیات الذکر الحکیم :"یا أَیُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَ اللَّهُ هُوَ الْغَنِیُّ الْحَمید".[4] فالانسان عین الفقر و العجز حتى اشد المستکبرین عتوا کنمرود سلط الله على خیله البعوض حتى أخذت لحومهم و شربت دماءهم و وقعت واحدة فی دماغه حتى أهلکته.[5]
فاذا نسی العبد ربّه و تجاهل کل تلک النعم التی انعم الله تعالى بها علیه فلاریب ستکون النتیجة الطبیعیة ان الله تعالى سیترکه یعتمد على تلک القوة الضعیفة التی یملکها و یترکه و نفسه و هذا هو اشد انواع العذاب، و من هنا نرى العارف الکبیر آیة الله بهاء الدینی یقول: لا نضمن انه لو وکلنا الله تعالى الى انفسنا طرفة عین أن نکون افضل من أخس الناس دناءه و قبحا!!؛ فاذا ما کانت لدینا بعض الحسنات فهی من فضل الله تعالى علینا فاذا انقطع عنا المدد الالهی لا نعد شیئا یذکر أبداً.
مواضیع ذات صلة
التوبة من الذنب و المحبوبیة عند الله تعالی؛ سؤال 3704 (الموقع: 3955).