ان العلة الرئیسیة فی حرکة الامام الحسین (ع) و ثورته هی احیاء الدین و احیاء فریضة الامر بالمعروف و النهی عن المنکر و مجاهدة الحاکم الظالم و بقصد القضاء علی الفکرة الباطلة السائدة بین المسلمین حینذاک، إذ کانوا یعتقدون بان الخلیفة و الحاکم الاسلامی أیّاً ما کان و مهما ارتکب من جرائم، فهو أیضاً خلیفة الله و واجب الاطاعة. فثورته من هذه الناحیة قد إنتصرت و وصلت الی هدفها، و ان کان تحقق کثیر من أهداف الاسلام الرفعیة و وصول المجتمع الی الحسنات و الخیرات و اجراء کثیر من احکام الشرع یعتمد علی اقامة الحکومة الاسلامیة التی لو کانت قد اقیمت من قبل الامام الحسین (ع) و ابعد حکام الجور لحصلت هذه النتائج، و اضافة الی استفادة المجتمع الاسلامی من برکات ذلک، و کانت صورة الاسلام الاصیل قد نزلت الی الواقع و تجسدت للبشریة بصورة عملیة و لکان ذلک بنفسه تبلیغاً لنشر الاسلام الحنیف؛ الا ان ذلک و لشدید الاسف لم یتحقق.
ان اول ملاحظة یجب الانتباه لها هی ان علی کل مسلم ان یفکر فی التعرف و الاداء لوظیفته أمام الله تعالی، و یوکل النتائج الخارجیة الیه سبحانه. فاذا احرزت الوظیفة فیجب التوکل علی قدرة الله غیر المتناهیة و بذل جمیع الطاقات من أجل أداء الوظیفة، و فی هذه الصورة فمهما کانت النتیجة فهی ستکون خیراً بالنسبة لعباد الله الصالحین. و لکن حیث ان تتحق کثیر من اهداف الاسلام الرفعیة و وصول المجتمع الی الحسنات و الخیرات و اجراء کثیر من أحکام الشرع یعتمد علی اقامة الحکومة الاسلامیة، فقد سعی الائمة الاطهار (ع) دوماً الی اقامة الحکومة الاسلامیة و الأخذ بزمام المجتمع و اعتبروا ذلک من وظائفهم الاساسیة، و اذا لم یسعوا فی فترة من الفترات فی ذلک الاتجاه فذلک لأجل عدم تهیؤ الظروف الخارجیة للمجتمع و عدم استعداد الناس. و الا فالحکومة بحد ذاتها لیس لها أیة قیمة عند اولیاء الله و الائمة الاطهار (ع) حیث انهم لم یکونوا یهتمون بظواهر الدنیا، بل ان الحکومة کانت مهمة بالنسبة لهم من جهة ان تنفیذ کثیر من احکام الدین و الشریعة السماویة یعتمد علی وجود دولة صالحة و مقتدرة، و ذلک لان المتصدین للحکومة اذا کانوا هم انفسهم مطلعین و ملتزمین بالعمل بالقانون فان المجتمع سیکون محوره العدالة و یسیر نحو التقدم و ان وجدت بعض المشاکل و الازمات فی کل عصر بسبب وجود بعض المفسدین و الفساق و النفعیین او بعض السذج الذین یجهلون وظائفهم و لکن الحرکة العامة للمجتمع ستکون ایجابیة. و من ناحیة اخری فان المجتمع الذی تکون فیه السلطة و الحکومة بید اشخاص غیر صالحین، فان المجال فیه سیکون مفتوحاً أمام کل انواع الفساد و الانحراف و الامة التی تطیع مثل هؤلاء القادة لا تتذوق طعم السعادة أبداً.
و هذه هی رسالة الامام الحسین (ع) حیث انه قال: "انی لم اخرج اثرا و لا بطرا و لا مفسداً و لا ظالماً و انما خرجت لطلب الاصلاح فی أمة جدی، ارید ان آمر بالمعروف و انهی عن المنکر و أسیر بسیرة جدی و أبی".[1] و ببیان آخر: ان العلة الاساسیة لحرکة و ثورة الامام الحسین (ع) هی احیاء فریضة الامر بالمعروف و النهی عن المنکر و التصدی للحاکم الظالم و بقصد القضاء علی الفکرة الباطلة السائدة بین المسلمین حینذاک، اذ کانوا یعتقدون بان الخلیفة و الحاکم الاسلامی أیاً ما کان و مهما ارتکب من جرائم فهو أیضاً خلیفة الله و واجب الاطاعة. فثورته من هذه الناحیة قد انتصرت و وصلت الی هدفها، لان الامام الحسین (ع) بثورته الخالدة نجح فی ازالة سلطة الخلیفة الذی کان منحرفاً فی أفکاره و سلوکه، و علم عموم المسلمین بان الخلیفة لیس له أی حق فی التشریع أو فی الحکومة، و ان التشریع منحصر بکتاب الله و سنة النبی و بما ینتهی الی هذین الاثنین. و لولا ثورة الحسین (ع) لتغیر الکثیر من احکام الاسلام و وصلت الینا و هی محرفة کما نشاهد فی زماننا الحاضر ما جری علی المسیحیة و دیانتها.
و لذلک فقد نهض الامام الحسین (ع) لیقف مانعاً عن التلاعب باحکام الدین الاسلامی من قبل الکذابین و الاشرار، فثورته المبارکة قد انتصرت من هذه الناحیة و قد أوصل صورة الاسلام النقیة لمن اراد التعرف علی الحقیقة.