ثمة طائفتان من الروایات حول کیفیة وفاة الامام الحجة (ع)، فمقتضى الطائفة الاولى أن تکون وفاته عن موت طبیعی، و الثانیة یکون وفاته قتلاٌ، و لکن لا توجد روایة معتبرة و دلیل مقنع حول هویة القاتل. و أیضا لم نعثر على دلیل معتبر یحدد مدى استمرار الحیاة من بعد وفاة الامام (ع) حتى یوم القیامة و إن احتملت أن تکون المدة طویلة من بعده.
و تعتقد الشیعة من المسلمین بالرجعة من بعد امامة و زعامة الامام الحجة (ع)، و هی انبعاث بعض الناس ـ منهم بعض الائمة (ع) ـ من الموت و رجوعهم الى الدنیا لتولی زمام الحکم و زعامة الامة.
قال الله تعالى فی کتابه الحکیم: کل نفس ذائقة الموت)[1] و هذه الآیة تدل على أن الموت سنة الله التی تجری على الکائنات الحیة کلها، و نظراً لهذا السنة فالإمام الحجة (ع) سوف یموت من بعد إقامة العدل و تأسیس الحکومة العالمیة، و لکن ما هی کیفیة موته، هل بموت طبیعی او قتلا؟
نستفید من طائفة من الروایات بأن الامام الحجة یفارق الدنیا بموت طبیعی، و الروایات الآتیة من هذه الطائفة:
1. عن ام سلمه: سمعت رسول الله صلى علیه و اله یقول: المهدی من عترتی من ولد فاطمة... یعمل فی الناس بسنة نبیهم فیلبث سبع سنین ثم یتوفى و یصلون علیه المسلمون.[2]
2. جاء فی تفسیر هذه الایة ( ثم رددنا لکم الکرة علیهم)[3] عن الامام الصادق (ع): [الغرض] خروج الامام الحسین (ع)فی سبعین من اصحابه علیهم البیض المذهبة لکل بیضة وجهان المؤدون الى الناس أن هذا الحسین قد خرج حتى لا یشک المؤمنون فیه، و أنه لیس بدجال و لا شیطان، و الحجة القائم بین اظهرهم، فاذا استقرت المعرفة فی قلوب المؤمنین أنه الحسین (ع)جاء الحجة الموت، فیکون الذی یغسله و یکفنه و یحنطه و یلحده فی حفرته الحسین بن علی علیهما السلام و لا یلی الوصی الا الوصی.[4]
3. و فی روایة اخرى عن أبی عبد الله (ع)سئل عن الرجعة ا حق هی؟ قال: نعم فقیل له: من اول من یخرج؟ قال: الامام الحسین یخرج على اثر القائم علیهما السلام......... و یقبل الامام الحسین (ع)فی اصحابه الذین قتلوا معه، و معه سبعون نبیا کما بعثوا مع موسى بن عمران، فیدفع الیه القائم (ع) الخاتم، فیکون الامام الحسین (ع)هو الذی یلی غسله و کفنه وحنوطه و یواریه فی حفرته.[5]
و نستفید من طائفة أخرى من الروایات أنه (ع)یستشهد:
1. قال الامام الحسن علیه السلام: و الله لقد عهد الینا رسول الله صلى الله علیه و اله إن هذا الامر یملکه اثنا عشر إماما من ولد علی و فاطمة، ما منا الا مسموم أو مقتول.[6]
2. ایضا یقول الامام الصادق (ع)فی هذا الشأن: و الله ما منا الا مقتول شهید.[7]
3. کذلک توجد روایة عن الامام الرضا (ع)فی هذا المضمار( ما منا الا مقتول)[8]
و الجدیر بالذکر أن النسبة بین الموت و الشهادة نسبة العموم و الخصوص المطلق؛ یعنی أن الموت أعم مطلقا من الشهادة فکل شهادة موت و لیس العکس. من هنا یمکن حمل الطائفة الأولی من الروایات علی الشهادة و بهذا یمکن حلّ التعارض الظاهری و ذلک لأن روایات الطائفة الأولی فی مقام بیان أصل الموت لا کیفیته.
و على ضوء هاتین الطائفتین من الروایات یصعب التصریح و القطع بکیفیة وفاة الامام المهدی (ع)، لکن لو فرضنا بأن الامام (ع) یستشهد فمن هو قاتله؟
فقد ورد فی کتاب (إلزام الناصب) نقلا عن بعض العلماء نص نتعرف من خلاله على شخصیة قاتل الامام (ع)، و النص هو:
فإذا تمت سبعون سنة (من حکومة الإمام) حفّه الموت. و تقتله امرأة من بنی تمیم تسمى سعیدة و لها لحیة کلحیة الرجال، ترمیه من فوق سطح بیت بهاون من حجر و هو یسیر فی الطریق فاذا مات تولى تجهیزه الامام الحسین علیه السلام.[9]
و قد أورد السید محمد محمد صادق الصدر[10] اشکالات و انتقادات کثیرة على هذا العبارة، منها:
أن هذا النص لا یصلح لإثبات الموضوع ( استشهاد الإمام (ع))؛ لأن الروایة المنقولة لیست واردة عن المعصوم (ع) بل هی منقولة عن بعض العلماء الذین نجهل هویتهم، ثم لو کان هذا النص ـ کما یظهر منه ـ یشیر إلى مضامین بعض الروایات، فتنقلب إلى روایة مرسلة لا یعرف سندها و لا المعصوم الذی روى هذه الروایة، اضافة الى ذلک أن الروایات المذکورة أعلاه هی ضعیفة السند و مضامینها بعیدة عن الذهن بحیث لا یمکن أن نثبت شیئا بها.[11]
و أما الرجعة فتقع من بعد ظهور الامام الحجة (ع)و إقامة الحکومة العالمیة. و الرجعة تعنی انبعاث بعض الناس ـ منهم بعض الائمة (ع) ـ من الموت و رجوعهم الى الدنیا لتولی زمام الحکم و زعامة الأمة. کالامام الحسین (ع) و بعض أصحاب النبی و الأئمة ؛ کسلمان الفارسی، و مقداد، و جابر بن عبد الله الانصاری، و مالک الاشتر، و مفضل.
إن أصل الرجعة من عقائد الشیعة التی ذکرت فی روایات کثیرة حتى ادعى البعض تواترها[12] کالعلامة المجلسی[13].
[1] آل عمران، 185.
[2] علامة المجلسی، بحار الانوار، ج 51، ص 104، ح 39.
[3] الاسراء، 6.
[4] الکلینی، الکافی، ج 8، ص 250، کذلک انظر: بحار الانوار، ج 53، ص 94، ح 103.
[5] بحار الانوار، ج 53، ص 103، ح 130.
[6] بحار الانوار، ج 27، ص 217، ح 19.
[7] السابق، ص 209،ح 7.
[8] السابق، ص 214، ح 16.
[9] الیزدی الحائری، علی، الزام الناصب فی اثبات الحجة الغائب، ج 2، ص 167.
[10] محمد صادق الصدر، السید محمد، التاریخ ما بعد الظهور، ص 881 - 883.
[11] انظر مجلة (موعود) الشهریة، الرقم 83.
[12] تنقسم الروایات فی علم الحدیث الى ثلاثة اقسام: الف. الحدیث المتواتر: والحدیث الذی مروی من عدد کثیر من الرواة بشکل الذی یحصل الیقین لنا من کلامهم بأن هذه الروایة مأثورة عن معصوم. ب. الروایة المستفیضة: اقل مرتبة من لحاظ الاعتبار و القیمة عن الحدیث المتواتر ولکن اکثر اعتبارا وقیمة عن الخبر الواحد. ج. خبر الواحد: قلیلة الرواة و تکون اقل اعتبارا و قیمة فی المقابلة مع القسمین السابقین.
[13] بحار الانوار، ج 23، ص 359.