الکثیر من الاقوام و الشعوب و حتى المتحضرة منها تستعمل بعض الاشارات و العلامات التی یتم التعرف و التواصل من خلالها. و لم یکن السادة بدعاً من هذه الاقوام فقد اقتضت العوامل التاریخیة و الاغراض الدینیة و الاجتماعیة أن تکون هناک علامة مائزة للسادة خاصة بهم. أما من الناحیة الدینیة فقد اعتمد السادة اللون الاسود لعمائمهم تأسیاً بجدهم الرسول الاکرم (ص)، حیث هناک الکثیر من الروایات التی تؤکد أن عمامته (ص) کانت سوداء؛ نعم هناک روایات أخرى تشیر الى أنه (ص) کان یعتم بالعمامة البیضاء و غیرها من الالوان.
الکثیر من الاقوام و الشعوب و حتى المتحضرة منها تستعمل بعض الاشارات و العلامات التی یتم التعرف و التواصل من خلالها کاللباس الکردی و اللباس العربی او القبعة لدى بعض الاقوام و حمل قطعة من السلاح کما فی بعض البلاد العربیة أو اطلاق اللحى و الشوارب لدى بعض الشعوب و...
و لم یکن السادة بدعاً من هذه الاقوام فقد اقتضت العوامل التاریخیة و الاغراض الدینیة و الاجتماعیة أن تکون هناک علامة مائزة لهم و خاصة بهم. أما من الناحیة الدینیة فقد اعتمد السادة اللون الاسود لعمائمهم تأسیاً بجدهم الرسول الاکرم (ص)، حیث هناک الروایات الکثیرة التی تؤکد أن عمامته (ص) کانت سوداء. فقد نقل شمس الدین الذهبی (من کبار علماء أهل السنة) خمس روایات عن طریق الصحاح الستة و سائر المصادر الأخرى تؤکد أن اللون الاسود هو لون عمامة النبی الاکرم (ص)[1] نکتفی بروایتن منها روماً للاختصار[2]:
1- عن جابر بن عبداللَّه. أن النبی (ص) دخل مکة یوم الفتح و علیه عمامة سوداء.[3]
2- «عن جعفر بن عمرو بن حریث عن ابیه: رأیت النبی (ص) علی المنبر و علیه عمامة سوداء قد أرخی طرفها بین کتفیه».[4]
کذلک کان سائداً فی أوساط العرب الاعتمار بالعمامة السوداء کما کان یفعل کل من الامام علی بن ابی طالب و عبد الرحمن بن عوف و سعید بن المسیب و عمر و أبی موسی الاشعری و محمد بن الحنیفه و ...
أما الفترة العباسیة فقد کان الشعار فیها هو اللون الاسود لذلک کان عموم الناس یستعملون العمامة السوداء نزولاً عند رغبة الحکام، الا ان الائمة علیهم السلام خالفوا هذا التوجه الا فی بعض الحالات التی اعتمروا العمامة السوداء تقیة. یقول داود الرقی: " کانت الشیعة تسأل اباعبداللَّه (ع) عن لبس السواد قال: فوجدناه قاعداً علیه جبة سوداء و قلنسوة سوداء و خف اسود مبطن بسواد... ثم قال: بیض قلبک و البس ما شئت، قال الصدوق: فعل ذلک کله تقیة لانه کان متهما عند الاعداء بانه لا یری لبس السواد..."[5].
یقول ابن عنبة إن السید الرضی هو أول طالبی جعل علیه السواد"[6].یستفاد من هذه العبارة أن الطالبیین قبل السید الرضی ما کانوا یعتمدون السواد شعاراً لهم و أن أول من فعل ذلک هو السید الرضی.
رویداً رویداً شاع السواد کشعار للسادة و بنی هاشم بعد السید الرضی المولود سنة359 و المتوفى 406 قمریة؛ من هنا نعرف أن تاریخ هذه القضیة یرجع الى أوائل القرن الرابع و قبل ذلک ما کانوا یعتمدون السواد شعاراً و السبب فی ذلک هو المعارضة السلبیة لبنی العباس الذین اتخذوه شعاراً و من هنا نجد بعض الروایات تشیر الى کراهة لبس السواد.
نعم، نقل عن النبی الاکرم (ص) أنه کان یستفید من الالوان الاخرى، منها: کانت له (ص) عمامة تسمى السحاب بیضاء[7]. کذلک ورد فی التاریخ الاسلامی أن کثیراً من کبار المسلمین کانوا یعتمرون العمامة البیضاء کالامام علی بن الحسین (ع)، سالم بن عبد الله، سعید بن جبیر، خارجة بن زید.
اما فی زمان الامام الرضا (ع) فقد کان اللون الاخضر شعار العلویین فکانوا یعتمرون العمائم الخضر[8].
لکن هناک من یعتقد أن الحکام الصفویین هم الذین اختاروا العمائم السوداء شعاراً و علامة للسادة لیکون ذلک علامة على وراثة مظلومیة الامام الحسین (ع) و انهم یعیشون دائماً مصائب جدهم علیه السلام [9].الا ان هذا الرأی لا ینسجم مع ثقافة الشعب الایرانی لانهم یرتدون الثیاب السود فی العزاء لا العمائم السوداء.
[1] الذهبی شمسالدین ،سیر اعلام النبلاء 1 / 372 ط بیروت.
[2] مقتبس من http://:www.porsojoo.com/
[3] سیر اعلام النبلاء 1 / 372 ط بیروت، سیره ابن کثیر 4 / 78
[4] نفس المصدر، و سیرة ابن کثیر، ج4، ص708، باب ما یذکر من آثار النبی (ص).
[5] وسائل الشیعة ج 4 باب 19 ح 5469.
[6] عمدة الطالب ص، معجم رجال الحدیث آیة الله السید الخوئی ج 16 ص 20.
[7] عبدالحسین احمد الامینی النجفی، الغدیر فی الکتاب و السنة و الآداب، ج 3، ص 293-290، الطبعة الثالثة، بیروت، دارالکتاب العربی، 1387ق.
[8] اقتباس من http://www.ichodoc.ir/p-a/CHANGED/157/HTML/157_8.htm
[9] تاریخ مذهبی قم علی اصغر فقیهی 115.