صحیح أن أهل السنة تبعوا أبا بکر و سائر الخلفاء فی القیادة السیاسیة و لکن طائفة منهم قالت بان الاجدر بالقیادة هو الامام علی (ع) على المستوى العلمی و السیاسی و الروحی معاً، و بالنسبة الى قضیة التفکیک بین الصلاحیات ترفض الشیعة التفکیک المذکور و یرون أنه نظریة خاطئة، لأن الشیعة یفسرون الامامة تفسیراً ممیزاً و ینظرون الى مفهوم الامامة نظرة خاصة حیث یرونها امتداداً للنبوة و أن للإمام جمیع ما للنبی من مهام و صلاحیات (باستثناء تلقی الوحی)؛ بمعنى أن کل ما یکون لازما للنبی یکون لازما للإمام أیضاً. انطلاقا من هذا الفهم، لما کان التفکیک بین القیادة السیاسیة و المرجعیة الدینیة فکرة بعیدة عن المنطق بالنسبة الى النبی الاکرم (ص) فهی کذلک بالنسبة الى الإمام.
فی البدایة نرى من المناسب التذکیر بقضیة و هی: صحیح أن أهل السنة تبعوا أبا بکر و سائر الخلفاء فی القیادة السیاسیة و لکن طائفة منهم قالت بان الاجدر بالقیادة هو الامام علی (ع) على المستوى العلمی و السیاسی و الروحی معاً، و بالنسبة الى قضیة التفکیک بین الصلاحیات ترفض الشیعة التفکیک المذکور و یرون أنه نظریة خاطئة.
إن القائلین بفکرة التفکیک بین الصلاحیات أرادوا أن یقنعوا العامة من الناس بما هم علیه فقالوا بنظریة التکفیک المزعومة، و قالوا لیس من الضروری أن یتصدى للقیادة السیاسیة شخص کالإمام علی (ع) الذی یمتاز بتقدمة العلمی على من سواه.
فانهم مع إذعانهم بالمنزلة العلمیة و المکانة المعنویة لأمیر المؤمنین (ع) و أنه الافضل ممن سواه، لکنهم لا یعترفون ببعض الخصائص و الصفات التی یعتقد بها الشیعة بالنسبة الى أئمتهم فهم لا یعتقدون بعصمة الائمة و المقامات الباطنة لهم، نعم، هناک طائفة من أهل السنة تؤمن بالمقام العرفانی السامی للإمام علی (ع).
لکن الجدیر بالذکر أن الشیعة یفسرون الامامة تفسیراً ممیزاً و ینظرون الى مفهوم الإمامة نظرة خاصة حیث یرونها امتداداً للنبوة و أن للإمام جمیع ما للنبی من مهام و صلاحیات (باستثناء تلقی الوحی)؛ بمعنى أن کل ما یکون لازما للنبی یکون لازما للإمام أیضاً؛ فعلى سبیل المثال اذا کانت مهمة النبی اصلاح أمور المسلمین فلابد أن یؤدیها على الوجه اللائق. و بما أن الهدایة فی جمیع ابعادها تقع على عهدته (ص) فلا بد أن یکون معصوما فی جمیع الابعاد أیضا، و بما أن الائمة یحملون نفس المهمة فمن اللازم حینئذ أن یکونوا معصومین أیضاً. من هنا اذا کان الواجب یقتضی کون المتصدی للامور السیاسیة هو شخص النبی (ص) و کذلک الامور الدینیة لا یصال البشریة نحو الکمال، فهذا الامر یلزم الامام بعد النبی أیضاً. فعلى الامام هدایة البشریة فی جمیع الصعد السیاسیة منها و العلمیة و الروحیة.
بعبارة أوضح: إن حاجة الأمة للمعصوم لا تنحصر بالمسائل المعنویة فقط، بل وصول المجتمع الاسلامی الى أهدافه المنشودة لا یتحقق الا اذا رسم له الحاکم الاسلامی افضل الطرق السیاسیة، و هذا لایتم الا اذا کان الحاکم معصوماً.
إذن حاجة المسلمین لهکذا قیادة لا تنحصر بزمن النبی، و أن حاجة البشریة الى الهدایة فی جمیع المجالات لا تتحدد بزمن النبی بل هی شاملة لکل الازمنة و أن البشریة بحاجة الى الاعلم على جمیع الصعد و مع وجود هکذا شخص کیف یمکن الاذعان بوضع شؤون الأمة تحت تصرف شخص أدنى منزلة من الامام؟!!
و من الضروی التذکیر بقضیة هی: أن الحکومة الدینیة بمعناها الصحیح تعنی الحکومة التی تدیر شؤون المجتمع على أساس القوانین الالهیة و توفر الارضیة المناسبة لنمو الاستعدادات و تطور الامکانات لتسهیل وصول الانسان الى الکمال و ایجاد المجتمع الصالح و التصدی لکل ما من شأن الحد من رقی المجتمع و تقدمه کالفساد الاخلاقی و الاجتماعی و...
و لقد أشار القرآن الى أن مهمة الانبیاء تکمن فی التصدی للامور السیاسیة و الاجتماعیة و اصلاح أمور المجتمع و اقامة العلاقة الطیبة و العادلة بین افراده و ان هذا من أهداف الانبیاء و التعالیم الدینیة الاساسیة التی اشارت الیها بعض الآیات کقوله تعالى: "لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَیِّناتِ وَ أَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْکِتابَ وَ الْمِیزانَ لِیَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِیدَ فِیهِ بَأْسٌ شَدِیدٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ"[1] و "وَ لَقَدْ بَعَثْنا فِی کُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ اجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ".[2]
و کذلک بالنسبة الى اختصاص الحاکمیة مطلقا و على جمیع المستویات المادیة و المعنویة و الدنیویة و الاخرویة بالله و رسوله و اولی الامر " إِنَّما وَلِیُّکُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَ یُؤْتُونَ الزَّکاةَ وَ هُمْ راکِعُونَ".[3] و اثبات الإمامة و القیادة السیاسیة و الاجتماعیة للنبی (ص) و الائمة (ع) و لخلفائهم " إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُکُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلی أَهْلِها وَ إِذا حَکَمْتُمْ بَیْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْکُمُوا بِالْعَدْلِ...".[4] کل ذلک یکشف عن عدم الفصل بین الدین و السیاسة.
اتضح من خلال ما مر أن فکرة فصل الدین عن السیاسة لا یمکن التسلیم بها، و بما أن هذا الفصل غیر ممکن فمن اللازم حینئذ کون المتصدی لشؤون المسلمین أکمل الناس و أصلحهم فی عصره.
نعم، یبقى الکلام فی تحدید المصداق و من هو الرجل الذی تتوفر فیه تلک الشروط دون سواه؟، الى مجال و بحث آخر. لکن من خلال الادلة التی بین ایدینا نرى أن الائمة لیس افضل الناس فی عصرهم فقط، بل هم عصارة الخلقة و قد جعلهم الباری حجة و دلیلا لهدایة البشریة.
لمزید الاطلاع انظر الاسئلة التالیة:
السؤال رقم1362(الرقم فی الموقع: 2709).
السؤال رقم 2046 (الرقم فی الموقع: 2276).