لایصح البت- طبقا للتعالیم الاسلامیة- فی قضیة العدل الالهی الا اذا توسعنا فی النظرة الى الحیاة و لم نقصر الأمر على الحیاة الدنیویة الزائلة، و لکن بعد المقارنة بین الحیاتین الدنیویة و الأخرویة و ملاحظة ما یترتب على الابتلاء من ثواب فی عالم الآخرة هناک یتضح لنا العدل الالهی باجلى صوره، و اما اذا قصرنا الأمر على عالم الدنیا فستبقى الامور غائمة و غیر واضحة قطعا و ذلک لما نراه من أمور تتضاد فی ظاهرها مع العدل الالهی.
فما یصیب الاطفال من مصائب و أمراض مزمنة هی فی الحقیقة منذرات و منبهات للآخرین للاتعاظ، فاذا سقط عن الاطفال الحساب الأخروی و الابتلاء و تفضل ربّهم سبحانه علیهم بالنعیم الاخروی الدائم فلا ریب أن هذا هو افضل عوض لما أصابهم فی دنیاهم حتى تجد الناس الاصحاء یغبطونهم على تلک المنزلة التی نالوها.
و لیس الأمر کما ورد فی متن السؤال بان جمیع الاختبارات و المصاعب هی نابعة من خطایا الانسان، بل قد لا یکون سببها صدور الذنوب من العبد و انما هی طریق للتکامل المعنوی و الرقی الانسانی للوصول الى المنزلة العلیا فی عالم الآخرة.
لایصح البت- طبقا للتعالیم الاسلامیة- فی قضیة العدل الالهی الا اذا توسعنا فی النظرة الى الحیاة و لم نقصر الأمر على الحیاة الدنیویة الزائلة، و لکن بعد المقارنة بین الحیاتین الدنیویة و الأخرویة و ملاحظة ما یترتب على الابتلاء من ثواب فی عالم الآخرة هناک یتضح لنا العدل الالهی باجلى صوره، و اما اذا قصرنا الأمر على عالم الدنیا فستبقى الامور غائمة و غیر واضحة قطعا و ذلک لما نراه من أمور تتضاد فی ظاهرها مع العدل الالهی. فما یصیب الاطفال من مصائب و أمراض مزمنة هی فی الحقیقة منذرات و منبهات للآخرین للاتعاظ، فاذا سقط عن الاطفال الحساب الأخروی و الابتلاء و تفضل ربّهم سبحانه علیهم بالنعیم الاخروی الدائم فلا ریب أن هذا هو افضل عوض لما أصابهم فی دنیاهم حتى تجد الناس الاصحاء یغبطونهم على تلک المنزلة التی نالوها. و لیس الأمر کما ورد فی متن السؤال بان جمیع الاختبارات و المصاعب هی نابعة من خطایا الانسان، بل قد لا یکون سببها صدور الذنوب من العبد و انما هی طریق للتکامل المعنوی و الرقی الانسانی للوصول الى المنزلة العلیا فی عالم الآخرة. الجواب التفصیلی: قبل الاجابة عن السؤال نشیر الى المثال الفرضی التالی: لو فرضنا مصنعا ضخما تکثر طلبات الاستخدام فیه من قبل الراغبین فی العمل بسبب ما یمنحه من امتیازات و مرتبات مغریة و هبات کثیرة، فیقوم مدیر المصنع بترتیب اختبار عملی للافراد المتقدمین لطلب العمل لیختار منهم من تتوفر فیه الشروط اللازمة، فیعلن للجمیع وجوب الحضور فی یوم معین للاختبار العملی فی جمیع الاقسام التابعة للمصنع و یخبرهم بان جمیع تحرکاتهم تکون خاضعة لمراقبة دقیقة جداً من قبل الخبراء المختصین لیختاروا منهم الاکفاء من المتقدمتین لطلب العمل. و عندما یأتی الموعود و بینا هم منشغلون فی الاختبار تراهم جمیعا یرو شابا نحیفا یقف من أول الوقت الى آخره أمام فرن تذویب النحاس یتصبب عرقا و قد غیرت معالم وجهه شدة الحرارة لکن من دون أن یقوم بعمل ما. فمن الطبیعی أن یعطف الجمیع على هذا الشاب و یتألمون له. و لکن یتضح لهم فی الیوم التالی أن ذلک الشاب قد تم استخدامه بمزایا و مرتبات عالیة و من دون أن یخضع للاختبار العملی الذی خضعوا له؛ و إنما کان هدف مدیر المعمل أن یلقن الآخرین من خلال وضع هذا الشاب أمام حرارة الفرن، بانه من الممکن أن یکلفوا یوما ما بعمل من هذا القبیل و بان یقفوا أمام حرارة الفرن یوما کاملا، و بهذا یکون قد اختبر مدى استعدادهم للعمل فی المصنع. و لا ریب هنا بان موقف الجمیع سیتغیر قطعا و سیحکم الجمیع بان ما یقدمه المصنع من استخدام دائم و بتلک المزایا و المرتبات العالیة – و بدون اختبار- یستحق أن یضحى من أجله بتلک التضحیة الصعبة و الشدیدة. قد یناقش البعض فی المثال المذکور من بعض الزوایا، و لکن لم یکن المقصود من إیراده تطبیق المثال على جمیع زوایا السؤال المطروح أو المراد تطبیق هکذا اسلوب فی الاختبار، بل الهدف فتح نافذة نستطیع من خلاله ادراک تلک الحقیقة و هی: أنه من الممکن أن نشاهد- فی ادارة عملیة ضخمة کادارة العالم- بعض الظواهر التی لا یمکن تفهمها لأول وهلة، و لکن بعد مشاهدة نتائجها و ما ترتب علیها من منافع تکون معقولة و مبررة جداً و تستحق الدفاع عنها. لقد شاءت إرادة الله تعالى الذی یدیرهذا العالم الرحب جداً و یدبر شؤونه، على أن یکون عالم الدنیا قنطرة للولوج الى عالم السعادة الابدیة، و لکن شریطة أن یمر الانسان بعدة اختبارات لیجتاز هذه المرحلة بنجاح. فیختبر سبحانه سالکی هذه القنطرة بانواع الاختبار فمنهم من یختبره بالمال و الآخر بالفقر، و ثالث بالصحة و رابع بالمرض و ...[1] بالاضافة الى البلایا الطبیعیة کالزلازل و السیول و... لتحذیر الناس و انذراهم.[2] فلو لم توجد تلک المنبهات و المحذرات و عاش الانسان حالة من الاسترخاء و الاحساس بالاستغناء عن الله تعالى و لم ینبّه الى ضعفه و حاجته الدائمة الى الله تعالى، لطغى طغیانا عجیبا و تمرد على خالق أیة تمرد، و هذا ما أشار الیه القرآن الکریم فی الآیتین المبارکتین: "کلاََّ إِنَّ الانسَانَ لَیَطْغَى.أَن رَّءَاهُ اسْتَغْنىَ".[3] کذلک أشار الرسول الاکرم (ص) الى هذا المعنى فی قوله: "لولا ثلاث فی ابن آدم ما طأطأ رأسه شیء، المرض، و الفقر، و الموت، کلهم فیه و إنه معهن لوثاب".[4] و لاریب أن هذه المسیرة یوجد فیها افراد یسیرون ضمن الرکب لیسوا بحاجة الى الاختبار بل هم وسیلة لاختبار الآخرین و لکنهم یدخلون فی نهایة المطاف الجنة و یلقون من الله الجزاء الاوفى، و قد ورد فی الحدیث عن النبی الاکرم (ص):"رُفِعَ الْقَلَمُ عَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى یُفِیق".[5] و من الطبیعی انه سیدخل الجنة من دون اختبار.و هکذا المرضى غیر المغمى علیهم فانهم مع کونهم غیر معافین من الاختبار و الامتحان، و لکنه سوف یکون بنحو من السهولة و الیسر بحیث یغبطهم الآخرون علیه یوم القیامة. یقول الامام الباقر (ع): "لو یعلم المؤمن ما له فی المصائب من الأجر لتمنى أن یقرض بالمقاریض".[6] من هنا، لو لم نکن نعتقد بالآخرة و انحصرت نظرتنا فی هذه الحیاة الدنیا لکان الجنون و الامراض المزمنة و خاصة للاطفال علامة اللاعدل فی النظام، و لکن مع الاعتقاد بان الدنیا قنطرة الآخرة و انها لا تساوی قطرة من بحر مترامی الاطراف هذا من جهة، و من جهة أخرى نؤمن بان المصاب الدنیویة على قلتها تجبر من قبل الباری تعالى على أحسن ما یکون التعویض و الثواب، فحینئذ لا ینقدح فی الذهن عدم العدل الالهی فی هذه القضیة قطعا. و فی الختام: نقول لیس الأمر کما ورد فی متن السؤال بان جمیع الاختبارات و المصاعب هی نابعة من خطایا الانسان و ذنوبه، بل قد لا یکون سببها صدور الذنوب من العبد و انما هی طریق للتکامل المعنوی و الرقی الانسانی للوصول الى المنزلة العلیا فی عالم الآخرة. و من الضروری هنا الاشارة الى الروایات التالیة: 1. قال الامام الباقر(ع): "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَیَتَعَاهَدُ الْمُؤْمِنَ بِالْبَلَاءِ کَمَا یَتَعَاهَدُ الرَّجُلُ أَهْلَهُ بِالْهَدِیَّةِ مِنَ الْغَیْبَةِ وَ یَحْمِیهِ الدُّنْیَا کَمَا یَحْمِی الطَّبِیبُ الْمَرِیضَ".[7] 2. عن علیِّ بن رئَابٍ قَال: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ "وَ ما أَصابَکُمْ مِنْ مُصِیبَةٍ فَبِما کَسَبَتْ أَیْدِیکُمْ"[8] أَ رَأَیْتَ مَا أَصَابَ عَلِیّاً وَ أَهْلَ بَیْتِهِ (ع) مِنْ بَعْدِهِ هُوَ بِمَا کَسَبَتْ أَیْدِیهِمْ وَ هُمْ أَهْلُ بَیْتِ طَهَارَةٍ مَعْصُومُونَ؟ فَقَال: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ص) کَانَ یَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَ یَسْتَغْفِرُهُ فِی کُلِّ یَوْمٍ وَ لَیْلَةٍ مِائَةَ مَرَّةٍ مِنْ غَیْرِ ذَنْبٍ، إِنَّ اللَّهَ یَخُصُّ أَوْلِیَاءَهُ بِالْمَصَائِبِ لِیَأْجُرَهُمْ عَلَیْهَا مِنْ غَیْرِ ذَنْب".[9] 3. لَمَّا حُمِلَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ السجاد (ع) إِلَى یَزِیدَ بْنِ مُعَاوِیَةَ فَأُوقِفَ بَیْنَ یَدَیْهِ قَالَ یَزِیدُ لَعَنَهُ اللَّهُ: "وَ ما أَصابَکُمْ مِنْ مُصِیبَةٍ فَبِما کَسَبَتْ أَیْدِیکُمْ" یرید التعریض بالامام (ع) فَقَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ (ع): لَیْسَتْ هَذِهِ الْآیَةُ فِینَا إِنَّ فِینَا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ "ما أَصابَ مِنْ مُصِیبَةٍ فِی الْأَرْضِ وَ لا فِی أَنْفُسِکُمْ إِلَّا فِی کِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِکَ عَلَى اللَّهِ یَسِیرٌ".[10] و [11] فقد رد الامام علیه السلام ردا شدیدا على مغالطة یزید التی اراد من خلالها تبریر ما اقترفته یداه من جرائم و ظلم لا نظیر له. إنطلاقا من هذه الروایات یمکن الانتهاء الى النتیجة التالیة: و هی أن المحن و المصائب کالامراض المزمنة التی تصیب الاطفال و غیرها من الابتلاءات المشابهة لها، لا تمثل نتیجة اعمالهم و ما اقترفوه من ذنوب حتى یقال ما هی الذنوب التی اقترفوها لیعاقبوا هکذا عقاب؟! بل هی عبرة للآخرین و من المقطوع به أن الاطفال سیعوضون یوم القیامة باکثر مما اصابهم فی هذه الدنیا و سیمنحهم الله تعالى فی ذلک العالم مکانة و منزلة کبیرة جدا یغبطهم علیها الاخرون. و یمکن القول بنظرة أخرى أن ما یصیب الانسان تارة یکون نتیجة لسلوکه و ما صدر منه و أخرى یکون اختبارا و امتحانا ربانیا. انظر فی هذه المجال السؤال رقم893 (الرقم فی الموقع:1243). [1]انظر فی خصوص الفوارق و التمایز السؤال رقم 1196 (الرقم فی الموقع:1197). [2]انظر السؤال رقم 1271 (الرقم فی الموقع: 2417). [3]العلق،6-7. [4] الشیخ الصدوق، الخصال، ج 1، ص 113، ح 89، مؤسسة النشر الإسلامی، قم، 1403 هـ ق. [5] الحر العاملی، محمد بن الحسن، وسائل الشیعة، ج 28، ص 23، ح 34121، مؤسسة آل البیت، قم، 1409 هـ ق. [6] الاسکافی، محمد بن همام، التمحیص، ص 32، ح 13، مدرسة الامام المهدی (عج)، قم، 1404 هـ ق. [7] الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، ج 2، ص 255، ح 17، دار الکتب الإسلامیة، طهران، 1365 هـ ش. [8]الشورى،30. [9]الکافی ،ج2، ص450، ج2؛ و انظر السؤال رقم 2056(الرقم فی الموقع: 2418). [10]الحدید، 22. [11] الکافی، ج 2، ص 450، ح 3.