Please Wait
5881
فی البدایة لابد من ذکر هذه الملاحظة و هی أن فی طرح السؤال یجب أن تذکر کل جوانبه بشکل مستند و دقیق، و لم تلتزم بهذه الملاحظة فی سؤالکم؛ إذ لم تذکروا أیّ عالم شیعی و فی أی کتاب أو مقالة إدعى أن هناک بعض الأحادیث کانت موجودة فی الطبعات القدیمة للصحاح الستة و لا یوجد لها أثر الآن. و على فرض وجود هذا الادعاء کان ینبغی أن تذکروا لنا الروایة المذکورة بشکل واضح، حتى نتمکن من إعطاء جواب دقیق لکم.
لکن على أیّ حال نحن نعلم إجمالا أنه قد إدعى بعض محققی الشیعة هذا الادعاء و قد أعطوا بعض الأدلة على ذلک. مثلا ادعوا أنه قد حذف مقطع من نصّ صحیح البخاری الدالّ على تمرّد الخلیفة الثانی على النبی. و فی هذا المجال قد عرضت مؤسسة ولی العصر للتحقیق نماذج مختلفة من نسخ الصحیح البخاری وما حدث فیها من تغییر.
طبعا الیوم و بعد ما تحفظ النسخ فی مختلف المکتبات و وجود المیکروفیلم و صورها الدیجیتالیة، قل احتمال التحریف جدا، و لو حدث ذلک ینفضح سریعا، فعلیه لا یمکن ادعاء وجود تحریفات واسعة فی السنین الأخیرة، أما فی السابق، فالطریق الوحید لإثبات وجود تحریف فی هذه الکتب هو التطبیق بین النسخ المختلفة، أو أن نشاهد بعض الکتب المعتبرة قد نسبت حدیثا لکتاب، و بعد المراجعة نجده مفقودا منه.
یعتقد البعض أنه قد حدث لصحیح البخاری مثل هذا الموضوع؛ یعنی مع أن شروح هذا الکتاب قد نقلت عنه شیئا إلا أنه لم یوجد فی النسخ الحدیثة.
و قد ذکروا شواهد على ذلک. مثلا نقل مؤلف کتاب "فتح الباری فی شرح البخاری" عن القرطبی مؤلف "مختصر البخاری" أنه رأی فی کتاب الأشربة من صحیح البخاری هذه العبارة: "قال أبو عبد الله البخاری رأیت هذا القدح بالبصرة و شربت منه و کان اشترى من میراث النضر بن أنس بثمانمئة ألف" أما الآن فلم نجد هذه العبارة فی النسخ الموجودة، و لیس شرّاح البخاری من الشیعة حتى یدعى أنهم نسبوا بعض الأمور لصحیح البخاری.
قال بعض علماء أهل السنة: لا یمکن أن نسمی هذه التغییرات تحریفا، إذ لم یحذف شیء من أصل الروایة، بل إنما حذفت بعض آراء المؤلف الشخصیة و إضافاته من الکتاب!
لکن یبدو هذا التوجیه غیر مناسب؛ إذ أن هذه التغییرات و إنها لم تعتبر تحریفا للروایة، لکن من المسلم أنها مشمولة لعنوان تحریف الکتاب، و قد تضرّ بفهم الروایة.
و أما فی الجواب عن سؤالکم حول دواعی هذا التحریف؟ نقول: نحن الشیعة نعتقد بأنا نستطیع أن نثبت حقانیة مدرستنا حتى من خلال کتب أهل السنة، و من الطبیعی أن الطرف الآخر إما أن یستسلم لهذه البراهین المأخوذة من کتبه، و إما أن یقوم بحذف المسألة من أصلها. فاختار المستبصرون الخیار الأول و سلک المعاندون الطریق الثانی. طبعا أن هذا الکلام لا یشمل المستضعفین الذین لم یعرفوا الحقیقة بسبب ظروف بیئتهم.