بحث متقدم
الزيارة
7609
محدثة عن: 2009/02/09
خلاصة السؤال
هل یستطیع الزوج ان یأمر زوجته بالعمل خارج البیت؟
السؤال
هل یستطیع الزوج ان یأمر زوجته بالعمل خارج البیت؟ و هل تحصل الزوجة علی الثواب علی اطاعتها لزوجها بالرغم من عدم رغبتها فی العمل خارج البیت؟
الجواب الإجمالي

فی نظام الاسرة یکون توفیر نفقات المعیشة علی عهدة الزوج و لا یمکنه اجبار زوجته علی المشارکة فی هذا الامر؛ نعم فان کل عمل تقوم به المرأة من أجل ارضاء زوجها اذا لم یکن منافیاً للموازین و الضوابط الشرعیة فان فیه ثواباً کثیراً لها.

الجواب التفصيلي

ان هذا السؤال یتفرع فی الحقیقة الی ثلاثة أسئلة:

1. هل یستطیع الزوج اجبار زوجته علی‌ العمل خارج البیت؟

2. هل یلبق بالمرأة اساساً ان تعمل خارج البیت؟

3. هل ان اطاعة المرأة لزوجها فی هذا المجال تستوجب الثواب لها؟

و فیما یلی نبحث باختصار حول هذه الاسئلة:

الف. فیما یخص السؤال الاول، و بملاحظة الآیة 34 من سورة النساء [1] ینبغی القول ان احد اسباب جعل الرئاسة فی نظام الاسرة بعهدة الزوج هو تحمل الزوج نفقات المعیشة فی کل الاحوال. و علی‌ هذا الاساس یمکننا ان نستنتج بان وظائف الزوجة محددة بالموارد المذکورة اجمالاً فی الرسائل العملیة و التی أشار الیها القانون المدنی (فی ایران)ایضاً، فلیس علیها أیة مسؤولیة قانونیة و شرعیة فیما یخص توفیر النفقات و تولید الثروة للاسرة و حتی انها لو کانت قد جمعت ثروة سابقاً فانه لا یجب علیها بذلها فی امور الاسرة، و لیس للزوج الحق فی اجبارها علی ذلک، و قد ذکر الفقهاء العظام ایضاً هذا الامر و منهم الامام الخمینی (ره) فقال: "لا یشترط فی استحقاق الزوجة النفقة فقرها و احتیاجها، فلها علیه الإنفاق و ان کانت من أغنى الناس.[2] و هذه من الامتیازات التی وفرتها الحقوق الاسلامیة للسیدات و هی انه یمکنهن حتی بعد الزواج ایضاً ان یتصرفن بأموالهن بشکل مستقل و ان کان یجب علیهن فی صورة الاشتغال ان یراعین رأی الزوج حول نوع العمل. و الطریف هو ان الزوج لیس له الحق حتی فی اجبار زوجته علی العمل فی البیت حتی ان السیدات یمکنهن مطالبة الزوج بالاجرة علی‌ ارضاع الطفل و هو اکثر الاعمال عاطفیة [3]. و لیس هذا اهانة لشخصیة المرأة أبداً، بل هو من الحقوق التی اعطیت لها فی قبال حق القیمومة للزوج فی الاسرة، و ذلک لیحصل نوع من التناسب بین الحقوق و المسؤولیات. و علی‌ هذا الاساس فلا یجب اطاعة الزوج بخصوص العمل خارج البیت (بل حتی داخل البیت) و کما ذکر الامام الخمینی (ره): "و لا یتحقق النشوز بترک طاعته فیما لیست بواجبة علیها، فلو امتنعت من خدمات البیت و حوائجه التی لا تتعلق بالاستمتاع من الکنس أو الخیاطة أو الطبخ أو غیر ذلک حتى سقی الماء و تمهید الفراش لم یتحقق النشوز".[4]

ب. و حول السؤال عن ان النساء أساساً سواء کن متزوجات أو لا، هل یجوز لهن العمل خارج البیت، ینبغی القول بان الدین الاسلامی لا یمنع من هذه الناحیة ‌و کمنوذج علی ذلک فنحن نعلم ان السیدة خدیجة (س) زوجة الرسول الاکرم (ص) کان لها اموال و کانت تتاجر بها، و انها قامت بدور کبیر باموالها بعد البعثة ایضاً فی نشر الاسلام بحیث ان النبی الاکرم (ص) یقول: " ما نفعنی مال قط مثل ما نفعنی مال خدیجة" [5].

و الامر المهم فی حضور السیدات فی المجتمع هو مراعاة الموازین الشرعیة و العفاف، و بالمراعاة الدقیقة لهذه الموارد یمکن ان یکون لهن حضور فی المجتمع مثل الرجال.

و کنموذج علی ذلک فان ائمتنا لم یمنعوا النساء من الحضور فی الشوارع بل اوصوا فقط بان یکون مسیرهن فی اطراف الشارع و ان یتجنبن وسط الطریق (الذی یؤدی الی جلب الانظار الیهن).[6] و فی صدر الاسلام ایضاً نری نماذج من هذا الحضور حتی فی میادین الحرب الذی هو مختص بالرجال اساساً.[7]

و بناء علی هذا لا یمکن اعتبار العمل خارج البیت امراً لا یلیق بالنساء و علیهن ان یتجنبنه؛ فکم من عمل یمکن للنساء ان یؤدینه بنحو أفضل.

ج. و بعد ملاحظة ما تقدم من امور، فهل ان اطاعة المرأة لزوجها فی هذا المورد یستتبع الثواب لها أو لا؛ ینبغی ان نتذکر اولاً ان مفهوم الایثار الذی اکّد الاسلام علیه کثیراً انما یتجلی بصورة عملیة فیما لو تنازل الانسان عن حقوقه و قدّم الاخرین علی نفسه و فی هذا المجال امتدح القرآن الانصار بسبب ایثارهم المهاجرین و تنازلهم عن حقوقهم فی موارد کثیرة و قیامهم برفع احتیاجات المهاجرین.[8] و بالتدقیق فی مفاد الآیة یتضح ان عمل الانصار لم یکن امراً واجباً و الزاماً حقوقیاً بل ان وجدانهم الاخلاقی هو الذی دفعهم للقیام بمثل هذا العمل.

و یمکننا درج تبرع خدیجة (س) باموالها للنبی (ص) فی هذا المجال، و قد استمر تقدیر النبی (ص) لها حتی بعد وفاتها ایضاً بمدة طویلة [9]، و یشیر هذا الی الثواب العظیم الذی حصلت علیه هذه السیدة النموذجیة بسبب مساعدتها المالیة لزوجها.

و النتیجة التی یمکن استفادتها مما تقدم هو ان الحیاة العائلیة محکومة بالاضافة الی القواعد الحقوقیة الحاکمة علی علاقات الزوجین، بالمعاییر الاخلاقیة ایضاً و هی و ان کان مراعاتها لیس ملزمةً و لکن من المتیقن انه لو عمل بها بقصد التقرب من الله سبحانه فانها تستتبع اجراً و ثواباً کثیراً، و من ذلک مساعدة السیدات لازواجهن فی توفیر نفقات المعیشة و خصوصاً اذا کانت الزوج فی مشقة و حرج واقعا.

و بالطبع یجب التدقیق جیداً فی ان یکون العمل خارج البیت مقترنا برعایة الموازین الشرعیة و الاسلامیة.



[1] "الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِم"ْ.

[2] الخمینی، روح الله، تحریر الوسیلة، ج 2، ص 319، مسألة 19.

[3] نفس المصدر، ص 312.

[4] نفس المصدر، ص 305.

[5] المجلسی، محمد باقر، بحار الانوار، ج 19، ص 63.

[6] الشیخ الصدوق، محمد بن علی بن الحسین، من لا یحضره الفقیه، ج 3، ص 561.

[7] فی هذا المجال یمکننا ذکر السیدة نسیبة التی کانت مع النبی (ص) فی معرکة احد و کانت تطبب الجرحی لاحظ: المجلسی، محمد باقر، بحار الانوار، ج 2، ص 52.

[8] الحشر، 59، (وَ الَّذینَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَ الْإیمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ یُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَیْهِم‏ ...)

[9] الشیخ المفید، الافصاح فی الامامة، مؤتمر الشیخ المفید، 1413ه ق،ص 217.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280259 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258835 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129631 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115649 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89557 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61041 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60369 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57377 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51625 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47715 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...