بحث متقدم
الزيارة
4471
محدثة عن: 2015/05/25
خلاصة السؤال
سمعت قصیده لاحد الشعراء الشعبیین یؤکد فیها انّ کلّ شیء فی العالم هو علی علیه السلام، ما مدى صحه هذه الفکره؟
السؤال
سمعت قصیده لاحد الشعراء الشعبیین جاء فیها الابیات التالیه: الجبال علی و الارض علی و السماء علی و الملائکه علی و الجنه علی و الحشر علی و الحساب علی و الصراط علی و ادم علی و نوح علی و ابراهیم علی و موسى علی و عیسى علی و محمد علی و فاطمه علی ........... الخ) ای جعلَ کلَّ شیءٍ هو الامام علی-ع- فما رایکم بها من الناحیه الشرعیه؟
الجواب الإجمالي
لیس من حق ای انسان مهما کان ان ینسب الى الدین و  رجاله  وقادته الکبار و على راسهم الانبیاء و الائمه علیهم السلام شیئا یفتقر الى الدلیل و البرهان، فکلّ قضیه تثار هنا او هناک یجب ان تُسنَد بالدلیل المعتبر و الا تبقى مجرّد مدعیات لا قیمه لها.
نعم، من الثابت فی العرفان الاسلامی انّ الانسان مظهر لصفات الله  و انّ جمیع الاشیاء قد سخّرت للانسان و ان الانسان الکامل هو مظهر لوجه الله و محل لتجلی الصفات الالهیه فیه، و منه تسری تلک التجلیات الى سائر الموجودات، و انّ العارف یرى  فی جمیع الاشیاء تجلیات للانسان الکامل و انّه مصداق لوجه الله المذکوره فی قوله تعالى "فَاَیْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ".
الجواب التفصيلي
یمکن القول فی مجال البحث عن مقامات الائمه (ع) انّ مسیر معرفه مقاماتهم مرّت خلال القرون الماضیه بمراحل متعدده توزعت ما بین اعمال التقیه و الاسرار و عدم الافصاح عن بعض المقامات و بین الاعلان عن بعضها الآخر.
و نحن اذا رصدنا تاریخ الائمه علیهم السلام و مدى معرفه الجماهیر بمقاماتهم نجد الرؤیه تتوزع باتجاهات مختلفه، قد تصل الى حدّ التعارض، حیث یرى فریق من الناس انهم علیهم السلام لیسوا باکثر من علماء من الطراز الاوّل یجب الرجوع الیهم و الاهتداء بهدیهم؛ فیما یذهب فریق ثان الى کونهم - بالاضافه الى تقدمهم العلمی- الخلفاءَ الشرعیین و انّ الحکومه تنحصر بهم و لا یحق لاحد مهما کان التقدّم علیهم، مستنداً فی ذلک لما ورد فی القرآن الکریم و السنه الشریفه، و مجردّا لهم علیهم السلام عن الولایه الباطنیه؛ فیما یرى فریق من خاصّه الائمه علیهم السلام انّ الامامه مقام اسمى من الخلافه الفکریه و العلمیه و الخلافه الحکومیه الظاهریه و اداره الدوله و.... بل یرى انّ الامام یتوفر على العلم الحضوری و الولایه الباطنیه و انّه مظهر الصفات و الاسماء الالهیه. و یعرف هذا الفریق باصحاب السرّ و العرفان و معرفه حقیقه الائمه علیهم السلام، و انّهم الاقرب فی معرفه حقیقه الامام و المقامات الباطنیه للامامه، و هم المنطلق و الاساس للعرفان  الاسلامی عامّه و الشیعی خاصّه.
و هناک فریق رابع حاول رکوب الموجه و التظاهر بالعرفان و التشبّه باصحاب السرّ، و لعدم مصداقیتهم و استنادهم الى رکن قویم و عدم صدق نوایاهم، ظهرت منهم الکثیر من المعارف السطحیه و الافکار الساذجه الممزوجه بالخرافات البعیده کلّ البعد عن العرفان الشیعی، و قد مال هؤلاء فی الکثیر من تحرکاتهم نحو  الاباحیه و التحلل عن التکالیف الشرعیه، مع وضع الکثیر من الاحادیث الخرافیه فی حقّ الائمه علیهم السلام. و قد ادرک الائمه (ع) هذه القضیه و حذورا منها و بینوا للجماهیر المؤمنه الغایه التی یرومها هؤلاء المتظاهرین بالعرفان و معرفه الائمه و انهم انما یتظاهرون بذلک لتحقیق اهداف دنیویه "یستاکلون بنا" کما فی الحدیث المروی عن الامام ابی جعفر (ع) قال: الشیعه ثلاثه اصناف صنف یتزینون بنا، و صنف یستاکلون بنا، و صنف منا و الینا، یامنون بامننا و یخافون بخوفنا لیسوا بالبذر المذیعین و لا بالجفاه المراءین انْ غابوا لم یفقدوا و انْ یشهدوا لم یؤبه بهم اولئک مصابیح الهدى.[1] حتى انّ هؤلاء المتظاهرین بالعرفان هن انفسهم غیر واثقین مما یقولون، الا ان حرکتهم هذه تمکنت من مزج الغث بالسمین و شوهت الکثیر من المعتقدات و صبغتها بصبغه خرافیه و تمکنت الى حد ما من تشویه صوره الامامه الحقّه، و لعل اکثر الشبهات و الشکوک التی تثار حول الائمه تعود فی واقعها الى ما اثاره هؤلاء النفعیون کالقول بالوهیه علی علیه السلام، الامر الذی اضطر الائمه (ع) و خیار الصالحین من اصحابهم و العلماء للتصدی لهم و الوقوف بوجههم و تفنید مدعایتهم الزائفه و سلوکیاتهم الباطله.
وعلیه فانّ توفّر الائمه (ع) على مقامات سامیه امر لا ریب فیه یدعمه الدلیلان النقلی کتاباً و سنه و الدلیل العقلی و اصول العرفان و مبانیه الصحیحه.
انطلاقا من هذه المقدمه یمکن الاجابه عما جاء فی السؤال المطروح بانْ نرى هذا الشاعر حینما قال ما قال، على ای شیء استند و من ای معرفه انطلق؟ و ما هی الغایه التی یرومها من وراء ذلک؟ فلیس من حق ای انسان مهما کان ان ینسب الى الدین و  رجاله  وقادته الکبار و على راسهم الانبیاء و الائمه علیهم السلام شیئا یفتقر الى الدلیل و البرهان، فکلّ قضیه تثار هنا او هناک یجب ان تُسنَد بالدلیل المعتبر و الا تبقى مجرّد مدعیات لا قیمه لها.
نعم، من الثابت فی العرفان الاسلامی انّ الانسان مظهر لصفات الله  و انّ جمیع الاشیاء قد سخّرت للانسان و ان الانسان الکامل هو مظهر لوجه الله و محل لتجلی الصفات الالهیه فیه، و منه تسری تلک التجلیات الى سائر الموجودات، و انّ العارف یرى  فی جمیع الاشیاء تجلیات للانسان الکامل و انّه مصداق لوجه الله المذکوره فی قوله تعالى "فَاَیْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ".[2]
مع الاخذ بنظر الاعتبار بانّ نور المعصومین واحد انطلاقا من النبی الاکرم (ص) حتى آخر الائمه علیهم السلام.
 

[1]. ابو الفضل علی بن حسن الطبرسی، مشکاهالانوار ص : 63، النجف، المکتبه الحیدریه، 1385ق.
[2] البقره، 115.
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280329 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258942 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129731 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115915 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89625 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61176 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60456 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57420 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51840 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    47778 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...