بحث متقدم
الزيارة
8869
محدثة عن: 2009/07/26
خلاصة السؤال
من هو سلمان الفارسی و لماذا یعتبره البعض کاتب القرآن و الجائی به؟
السؤال
من هو سلمان الفارسی و لماذا یعتبره البعض کاتب القرآن و الجائی به؟
الجواب الإجمالي

کان سلمان شخصاً ایرانیاً و فارسیاً جرّته غریزة البحث عن الحقیقة الی البحث عن الدین الحق فقد اعتنق عدة دیانات قبل أن یجد الدین الإسلامی فیقبله و یؤمن به، و لکن لم یرد فی کتب علوم القرآن وصفه بأنه کاتب الوحی.

اما فیما یتعلّق بنسبة القرآن الیه، فینبغی أن یقال أیضاً: انه لم یدّع أحد أن القرآن جاء به سلمان و لیس النبی!! بل کان الکافرون یشیعون ان النبی کان یتعلّم آیات القرآن من سلمان ثم ینقلها الی الناس مدعیا انها وحی یوحی الیه!!ً، و من هنا جاءت الآیة 103 من سورة النحل لتتحدّث عن هذا الموضوع و لترد علی هذا الافتراء.

الجواب التفصيلي

من هو سلمان؟

کنیته أبو عبد الله و توفّی فی المدائن فی أیام خلافة عثمان حینما کان والیاً علیها. و روی عن سلمان انه قال:"کنت إبن دهقان قریةجی من أصبهان و بلغ من حب أبی الیّ أن حبسنی کما تحبس الجاریة فاجهُدت فی المجوسیة حتی صرت قطن بیت النار فأرسلنی أبی یوماً الی ضیعة له فمررت بکنیسة النصاری فدخلت علیهم. فأعجبتنی صلاتهم فقلت هؤلاء خیر من دینی فسألتهم أین أصل هذا الدین؟ قالوا بالشام فهربت من والدی حتی قدمت الشام فدخلت علی الاسقف و جعلت أخدمه و أتعلّم منه حتی حضرته الوفاة فقلت له الی من توصی لی فقال قد هلک الناس و ترکوا دینهم الّا رجلاً بالموصل فالحق به فلمّا قضی نحبه لحقت بذلک الرجل فلم یلبث الّا قلیلاً حتی حضرته الوفاة فقلت له الی من توصی لی؟ فقال: ما أعلم رجلاً بقی علی الطریقة المستقیمة الاّ رجلا بنصیبین فلحقت بصاحب نصیبین- قالوا و تلک الصومعة الیوم باقیة و هی التی تعبّد فیها سلمان قبل الإسلام- ثم احتضر صاحب نصیبین فبعثنی الی رجل بعموریة من أرض الروم فأتیته و أقمت عنده و اکتسبت بقیرات و غنیمات فلما نزل به الموت قلت له: الی من توصی لی؟ فقال: قد ترک الناس دینهم و ما بقی أحد منهم علی الحق و قد أطلّ زمان نبی مبعوث بدین إبراهیم (ع) یخرج بأرض العرب مهاجراً الی أرض بین حرتین بها نخل. قلت: فما علامته؟ قال: یأکل الهدیة و لا یأکل الصدقة بین کتفیه خاتم النبوّة. قال و مربی رکب من کلب فخرجت معهم فلما بلغوا وادی القری ظلمونی و باعونی من یهودی فکنت أعمل له فی نخله و زرعه فبینا أنا عنده اذ قدم ابن عم له فأبتاعنی منه و حمّلنی الی المدینة فولله ما هو الا ان رأیتها فعرفتها و بعث الله محمداً(ص) بمکة و لا علم لی بشیء من أمره فبینا أنا فی رأس نخله اذ أقبل ابن عم لسیدی فقال: قاتل الله بنی قیلة قد اجتمعوا علی رجل بقبا قدم علیهم من مکة یزعمون انه نبی فأخذنی العرق و الإنتفاض و نزلت عن النخلة و جعلت استقصی فی السؤال فما کلّمنی سیدی بکلمة بل قال: أقبل علی شأنک و دع ما لا یعنیک. فلما أمسیت أخذت شیئاً کان عندی من التمر و أتیت به النبی(ص) فقلت له بلّغنی أنّک رجل صالح و ان لک أصحاباً غرباء ذوی حاجة و هذا شیء کان عندی للصدقة فرأیتکم أحق به من غیرکم. فقال (ص) لأصحابه: کلوا و أمسک فلم یأکل. فقلت فی نفسی: هذه واحدة، و انصرفت. فلما کان من الغد أخذت ما کان بقی عندی و اتیته به فقلت له: إنی رأیتک لا تأکل الصدقة و هذه هدیة .فقال (ص): کلوا و أکل معهم. فقلت فی نفسی: هاتان اثنتان. ثم جئت رسول الله (ص) و هو ببقیع الفرقد و قد تبع جنازة رجل من أصحابه علیه شملتان له و هو جالس مع أصحابه فسلّمت علیه ثم استدرت خلفه انظر الی ظهره هل أری الخاتم الذی وصفه لی صاحبی بعموریة فلما رآنی رسول الله (ص) استدبره عرف إنی اثبت فی شیء وصف لی فألقی رداءه عن ظهره فنظرت الی الخاتم فأکببت علیه اُقبّله و أبکی. فقال: مالک؟! فقصصتُ علیه القصّة فأعجبه. ثم قال: یا سلمان کاتب صاحبک فکاتبته علی ثلاثمئة نخلة و أربعین أوقیة[1] فقال رسول الله(ص) للأنصار أعینوا أخاکم فاعانونی بالنخل حتی جمعت ثلاثمئة ودیة فوضعها رسول الله(ص) بیده فصحت کلها و أتاه مال من بعض المغازی فأعطانی منه و قال اد کتابتک فادّیت و اعتقت.

و لم اشترک فی معرکة بدر و أحد بسبب الرقّ و اشترکت فی معرکة الخندق. و یعتقد البعض انه قد عمّر أکثر من مائتین سنة.[2]

سلمان و کتابة الوحی:

لم یرد فی کتب علوم القرآن و... ان سلمان کان کاتباً من کتّاب الوحی.

سلمان و الإتیان بالقرآن:

من الشبهات التی کان العرب یثیرونها فی زمان النبی أن محمداً (ص) لم یأت بالقرآن من قبل الله بل کان یتعلّمه عند شخص آخر (بلعام الرومی أو سلمان الفارسی). و قد نزلت الآیة103 من سورة النحل لإبطال هذه الشبهة، و نتعرّض لدراستها فیما یلی:

یقول الله تعالی :"و لقد نعلم أنهم یقولون انما یعلّمه (القرآن) بشر (بعض علماء الیهود و النصاری و الفرس) (و لکن لیس الأمر کذلک) لسان الذی یلحدون الیه أعجمی و هذا (القران) لسان عربی مبین".[3][4]

شأن النزول:

نقل عن ابن عباس فی شأن نزول هذه الآیة قوله: قالت قریش انما یعلمه بلعام و کان قینا بمکة رومیاً نصرانیاً و قال الضحّاک أراد به سلمان الفارسی(ره) قالوا انه یتعلم القصص منه.[5]

نقد القول بإنتساب القرآن الی سلمان:

1. یقول القرآن فی جواب هذه الشبهة:" ان لغة الشخص الذی یقولون ان النبی یتعلم منه لیست عربیة فصیحة" و لم یقل هنا انه (عجمی) لأن هذه الکلمة تعنی: المنسوب الی (العجم) و العجم تعنی غیر العرب. لکن (الأعجمی) تعنی المنسوب الی (الأعجم) و هو غیر فصیح اللسان سواءً کان عربیاً أو عجمیّاً. فمعنی الآیة ان لغة الذی یظنون انه یعلّمک القرآن هی غیر فصیحة و هو لا یتکلّم العربیة. فکیف یتعلم النبی منه القرآن الذی هو فی قمّة الفصاحة و البلاغة؟!(و هذا لسان عربی مبین). فإذا عجز العرب عن الإتیان بمثل القرآن- مع انه بلغتهم- فکیف لشخص غیر فصیح اللسان أن یأتی بنظیر له و یعلّمه للنبی؟!

2. ان سلمان الفارسی قد أسلم فی المدینة و حین تشرّف بلقاء النبی(ص) کان قد نزل القسم الأکبر من القرآن، لأن أکثر القرآن قد نزل فی مکة و قد ورد فی هذا القسم من القرآن جمیع المعارف الإسلامیة الرئیسیة و القصص التی ورد تفصیلها فی الآیات المدنیة أیضاً. بل ان ما هو موجود فی الآیات المکّیة هو أکثر مما هو موجود فی الآیات المدنیة، فسلمان الذی هو أحد الصحابة ماذا یمکنه ان یضیف الی معلومات النبی؟ً[6]

3. ان هؤلاء یقولون ان سلمان کان عارفاً بالتوراة و الإنجیل. و التوراة و الإنجیل موجودان الیوم أیضاً فی متناول أیدی الناس، فإذا قورنا بالقرآن سیتّضح ان تاریخ القرآن غیر تاریخ تلک الکتب و قصصه غیر قصصهما، فقد نسب الی الأنبیاء فی التوراة و الإنجیل أخطاء و انحرافات تشمئز منها فطرة کل إنسان عادی من نسبة مثل ذلک حتی الی أحد القساوسة بل حتی الی رجل صالح متعارف و لا یمکن لأحد ان یتجاسر علی أحد عقلاء قومه بمثل ذلک.[7]

النتیجة:

لم یکن سلمان کاتباً للوحی، و لم ینسب الیه أیضاً انه هو الجائی بالقرآن، بل کان کفار قریش یقولون ان الآیات القرآن لیست وحیاً، بل ان النبی کان یأخذها من سلمان. و قد تقدّمت أدلّة الرد علی هذه الشبهة.



[1] و هو ما کان یعادل اربعین درهماً و کل درهم نصف مثقال و خمس المثقال، و کل عشرة دراهم هی سبعة مثاقیل. و المثقال الشرعی ثلاثة أرباع المثقال الصیرفی. و بناء علی هذا فالأوقیة هی إثنان و عشرون مثقالاً صیرفیاً، فالأربعین أوقیة التی کوتب علیها سلمان تکون (880) مثقالاً صیرفیاً من الذهب و کانت تساوی 1100 دیناراً. حیاة محمد(ص) نبی الإسلام، ج1، ص145.

[2] المقدسی، المطهّر بن طاهر، الخلقة و التاریخ، ج2، ص 802 و 803؛ لاحظ: ابن هشام(م 218)، حیاة محمد(ص) نبی الإسلام، ج1، ص 139 -147.

[3] النحل، 103.

[4] المشکینی، علی، ترجمة القرآن(المشکینی)، الهادی، قم، الطبعة الثانیة، 1381 ش.

[5] مجمع البیان فی تفسیر القرآن، ج6، ص595.

[6] مجمع البیان، ج6، ص596.

[7] تفسیر المیزان، ج1، ص100.نفس المصدر، ج1، ص101.

التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280259 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258835 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129631 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115649 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89557 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61041 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60369 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57377 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51625 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47715 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...