Please Wait
5695
إن وجود العالم یحتاج إلى وسائط، فإذا لم توجد هذه الوسائط فلا یتحقق وجود العالم، و من هذا الباب فإن وجود الإنسان الکامل ضروری بعنوان الواسطة لقیام هذا العالم.
الإجابة عن هذا السؤال تحتاج إلى عدّة مقدمات.
1ـ فیاضیة الله.
الفیاضیة صفة من صفات الله تعالى، أی أنه دائم الخیر و الفیض. و بعبارة أخرى فإن الله موجود یفیض من الخیر على الدوام، و إن خلق هذه الدنیا ناشئ عن هذه الإفاضة، و على هذا الأساس فإن فیاضیة البارئ المطلقة و رحمته العامة هی الباعث فی إیجاد و إفاضة جمیع الموجودات [1] .
2ـ دور الواسطة.
من الحقائق غیر القابلة للإنکار فی هذا العالم وجود الوسائط و ما تؤدیه من دور، بمعنى أن الإفاضة على الموجودات الأدنى رتبة تحتاج إلى الواسطة الواقعة فی سلسلة العلل.
3ـ الإنسان الکامل.
نجد فی النصوص و الخطابات الدینیة و العرفانیة کلاماً عن الإنسان الکامل و هو المرآة العاکسة للصفات الإلهیة، و إنه بمقام خلیفة الله، و علیه فجمیع الخلیقة مفاضة بسبب الإنسان الکامل و أنها خلقت بواسطة وجوده و هنا نشیر إلى کلام القیصری فی شرحه على کلام ابن عربی فی مورد الإنسان الکامل: إن الحق تعالى یحفظ خلقه بواسطة الإنسان الکامل إن الحق تعالى یتجلى فی قلب الإنسان الکامل، و علیه فإن الأنوار الإلهیة تنعکس على العالم من قلبه. و لذلک فإن العالم یبقى مترابطاً و متماسکاً بسبب هذا الفیض، و من هنا فما دام الإنسان الکامل موجوداً فی هذا العالم فإن العالم موجود بوجود و محفوظ بتصرفه فی العوالم العلویة و السفلیة [2] .
إذن فالإنسان الکامل هو الإنسان الذی بواسطته یکون عالم الوجود موجوداً، کما جاء صریحاً فی الکثیر من الروایات الدالة على أن جمیع الخلق فی هذا العالم خلق بواسطة الإنسان الکامل و إذا لم یکن هؤلاء الناس موجودین، فلا معنى لخلق العالم.
و من اللازم أن یکون لنا نظر روائی لنجیب عن السؤال من خلال بعض الروایات، و هناک عدد کبیر منها جاءت عن طریق السنة و الشیعة جمعیها تؤکد على أن الدنیا متوقفة على الإنسان الکامل و هذا المطلب یظهر صریحاً فی العدید من الروایات و إن جاءت بألفاظ و سیاقات مختلفة، و لنشر إلى بعض منها:
1ـ سئل الإمام الصادق (ع): «أتبقى الأرض بغیر إمام؟ قال: لو بقیت الأرض بغیر إمام لساخت» [3] .
2ـ قال الإمام الصادق (ع): «لو أن الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها، کما یموج البحر بأهله» [4] .
3ـ أوحى الله إلى عیسى (ع): (أوحى الله إلى عیسى علیه السلام یا عیسى آمن بمحمد و أمر من أدرکه من أمتک أن یؤمنوا به فلولا محمد ما خلقت آدم و لولا محمد ما خلقت الجنة و لا النار و لقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فکتبت علیه لا إله إلا الله محمد رسول الله فسکن) [5] .
4ـ روى علی (ع) عن رسول الله (ص) أن الله قال: «و عزتی و جلالی لولاک ما خلقت أرضی و لا سمائی و لا رفعت هذه الخضراء و لا بسطت هذه الغبراء، و فی روایة عنه: و لا خلقت سماء و لا أرضاً، و لا طولاً و لا عرضاً» [6] .
5ـ روی عن رسول الله (ص): «أتانی جبریل فقال: یا محمد لولاک ما خلقت الجنة و لولاک ما خلقت النار» [7] .
6ـ «لولاک لما خلقت الأفلاک» [8] .
7ـ «یا محمد لولاک لما خلقت آدم، و لولا علی لما خلقت الجنة، لأنی بکم أجزی العباد یوم المعاد بالثواب و العقاب» [9] .
8ـ «أوحى الله عز و جل إلی الملائکة هذا نور من نوری أصله نبوة و فرعه إمامة أما النبوة فلمحمد عبدی و رسولی و أما الإمامة فلعلی ححتی و ولیی و لولاهما ما خلقت خلقی» [10] .
9ـ «یا علی لولا نحن ما خلق الله آدم و لا حواء و لا الجنة و لا النار، و لا السماء و لا الأرض» [11] .
10ـ ثم قال لی رسول الله: «یا علی أنت الإمام و الخلیفة من بعدی، حربک حربی و سلمک سلمی، و أنت أبو سبطی و زوج ابنتی، من ذریتک الأئمة المطهرون، فأنا سید الأنبیاء و أنت سید الأوصیاء، و أنا و أنت من شجرة واحدة، و لولانا لم یخلق الجنة و النار و لا الأنبیاء و لا الملائکة» [12] .
یراجع فی هذا الموضوع:
الأئمة و الولایة التکوینیة 1107 (الموقع: 1670).
الحقیقة المحمدیو 7648 (الموقع: 7701).
[1] محمد تقی، مصباح الیزدی، . به سوی تو، ص204، مرکز انتشارات مؤسسه الامام الخمینی للبحث و الدراسات، مجلة ظهور، العدد الاول؛ شتاء سنة 1383شمسی.
[2] سید محمد حسین، الحسینی الطهرانی، إمام شناسی= معرفة الامام، ج5، ص 91 و 92.
[3] الکلینی، أبو جعفر محمد بن یعقوب الرازی، أصول الکافی، ج1، ص 179، المجلد2، طهران: المکتبة الإسلامیة الطبعة الأولى، 1388 هـ. ق الکلینی، الکافی، الطبعة الرابعة، ار الکتاب الإسلامیة، طهران، 1365 هـ. ش.
[4] المصدر نفسه.
[5] المستدرک على الصحیحین ج2/ ص 671 الرقم 4227.
[6] السیرة الحلبیة ج1/ ص 357.
[7] کشف الخفاء ج1/ ص46.
[8] المجلسی، محمد باقر، بحار الأنوار، ج16 ـ ص 406، مؤسسة الوفاء، بیروت، 1404 هـ. ق.
[9] المصدر نفسه، ج 40 ـ ص 18 ـ 21.
[10] الشیخ الصدوق، معانی الأخبار ص 351 و 350، الروایة رقم 1، منشورات جامعة المدرسین، قم، 1361 ش.
[11] الشیخ الصدوق، علل الشرائع ج1، ص5، الرقم 1، منشورات مکتبة الداوری، قم.
[12] علی بن محمد، حزار القمی، کفایة الأثر ص 157 و 158، باب ما روی عن أمیر المؤمنین من النصوص، قم، منشورات بیدار، 1401 هـ.ق.