Please Wait
10947
إن بعد النظر نوع من التدبير و هو ما يحتاجه كل عاقل، إذ لابد لأي شخص أن يدبّر لحياته المستقبلية و يدرس تقلّب الأوضاع و يستشير الخبراء بالقدر المطلوب، ثم يقوم بتخطيط خطة جامعة و عملية على أساس جميع هذه المعطيات و يسعى لتنفيذها. و لكن الآمال الطويلة التي ذمتها رواياتنا هي عبارة عن طول الآمال الخيالية و النفسانية التي تلهي الإنسان بنفسه و تؤدي إلى غفلته.
إن بعد النظر و التخطيط للمستقبل يمنح الإنسان حالة الاطمئنان و يشحن حياته بالتفاؤل بالخير و هو مدعاة للنشاط الروحي و النفسي، بيد أن الأماني الطويلة تدع الإنسان متحسرا على نيل المشتهيات غير المعقولة و تجعل الحياة مُرّة بلا اطمئنان.
لقد أيدت تعاليمنا الدينية جمع المال و الرأسمال و الادخار إن كان بهدف الإيثار و خدمة الناس و في سبيل كسب رضا الله أو لغرض الإحسان إلى الآخرين و حتى إن كان بسبب الغنى عن الناس و حفظ مناعة الطبع و الإبى.
ما يرفضه الإسلام و يعتبره في عداد طول الأمل إنما هو التكاثر؛ أي السباق في كثرة المال. و لا شك في أن كثيرا من حالات تجميع المال إنما هي بدافع آمال شيطانية و تلبية لنزعة الكبر و الغرور. و لهذا فالأموال التي تجمع بدافع التفاخر و التكاثر مدعاة لغفلة الإنسان و غروره و هذا العمل مذموم لدى الإسلام.
و حري بالذكر أن الإسلام لا يخالف الرفاه و الرخاء في العيش، و لكن هذا الرفاه مؤيد مادام لم تهدّم الدعائم المعنوية تحت ظله. إن النشاطات الاقتصادية و المادية ممدوحة مادامت تسمح للإنسان المسلم أن ينتقل من الأسباب و الأدوات المادية إلى معرفة المنعم الحقيقي و شكر نعمه.
المقدمة
من أجل اتضاح الموضوع محل البحث، أي نطاق الآمال الطويلة و البعيدة و فرقها عن بعد النظر، في البداية لدينا وقفة قصيرة عند شأن المال و الثروة و النشاط الاقتصادي في التعاليم الدينية، ثم نستعرض تعريف علماء الأخلاق لطول الأمل، و بعد ذلك نعمد إلى دراسة موضوع بعد النظر و الادخار في الآيات و الروايات.
إن إمام الزاهدين و المتقين، أمير المؤمنين (ع) قال حول المال و الرأسمال: "«اَلا و اِنَّ مِن النعَم سعَةَ المال»[1].
كذلك قال (ع) حول البرمجة و التخطيط في الحياة: "وَ قَالَ ع لِلْمُؤْمِنِ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ فَسَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ و سَاعَةٌ يَرُمُّ مَعَاشَهُ و سَاعَةٌ يُخَلِّي بَيْنَ نَفْسِهِ و بَيْنَ لَذَّتِهَا فِيمَا يَحِلُّ و يَجْمُلُ و لَيْسَ لِلْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ شَاخِصاً إِلَّا فِي ثَلَاثٍ مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ أَوْ خُطْوَةٍ فِي مَعَادٍ أَوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مُحَرَّم".[2]
في ثقافتنا الدينية قد اعتبر الناشطون في ساحات الحياة و الاقتصاد كالمجاهدين في جبهات القتال: "الکاد لعیاله کالمجاهد فی سبیل الله"[3]
هذا من جانب، و من جانب آخر تقول لنا التعاليم الأخلاقية: "لا تحمل هم يومك الذي لم يأتك على يومك الذي قد أتاك فإنه إن يكن من عمرك يأتك الله سبحانه فيه برزقك و إن لم يكن من عمرك فما همك [فلا تهتم] بما ليس من أجلك".[4]
فإن بلغتنا أحيانا أحاديث متناقضة بحسب الظاهر عن أئمتنا فذلك من أجل صدّ الإفراط أو التفريط الذي كان يظهر في المجتمع. فتارة تتفشى نزعة التصوف و الاعتزال، و أخرى تروج حالة التكاثر و الإقبال المفرط على الدنيا. فمن أجل إرجاع الناس إلى الجادة الوسطى و خط الاعتدال كانوا يتكلمون بما يناسب المقام ما يبدو متناقضا بحسب الظاهر. و لكن عندما نشاهد مجتمعنا اليوم، نجد كيف يثابر مختلف شرائح المجتمع من أجل جمع المال، حتى عن غير طريق مهنتهم و مجال عملهم. من الطبيعي أن يرتزق الإنسان الذي امتهن بناء و إنشاء البيوت، عن هذا الطريق. فيبني البيوت و العمارات في إطار المعايير و الموازين المحددة له من أجل أن ينتفع بها الآخرون، و كذلك يوفر عن هذا الطريق تكاليف معيشته. و لكن بسبب أن هذه المهنة مهنة مربحة، يدخل البعض و يبذل كل جهده ليكوّم أمواله و ثرواته عن هذا الطريق، بل هو يبحث عن الأرباح و المصالح عن أي طريق. فهذا ما يخلّ في النظم الاقتصادي للمجتمع. إن الروايات الذامة لبعض الأعمال الاقتصادية قد تكون ناظرة إلى هذا النوع من كسب المال.
لقد حذر القرآن الكريم عن الإفراط و التفريط داعيا إلى منهج الاعتدال حيث قال: «وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ و لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُورا».[5]
کذلك قال أمير المؤمنين في ملازمة الاعتدال في الحياة: "كُنْ سَمْحاً و لَا تَكُنْ مُبَذِّراً و كُنْ مُقَدِّراً و لَا تَكُنْ مُقَتِّرا".[6]
طول الأمل
كما تعلم إن الآمال في علم الأخلاق تنقسم إلى قسمين:
1. الآمال الصادقة، الإيجابية و البناءة التي تعمل في وجود الإنسان كماء الحياة و تملأ وجود الإنسان حيوية و معنوية و تصنع منه إنسانا مثمرا.
2. الآمال الكاذبة و البعيدة و الطويلة و بتعبير آخر طول الأمل الذي يعتبر من أهم الرذائل الأخلاقية و يبعد الإنسان عن الله و يجره إلى أنواع الذنوب.
طبعا إن أصل الأمنية و الأمل ليس أنه غير مذموم و حسب، بل له دور مهم جدا في حركة الحياة و تطور الإنسان في مختلف الأبعاد المادية و المعنوية. إن كانت الآمال تصب في القيم الإنسانية السامية أو تتصف بالشعبية و الاجتماعية و كانت في مسار التكامل و الترقي الحقيقي للإنسان و نيل درجات الكمال، عند ذلك يحفر الإنسان على المزيد من السعي و المثابرة في هذه السبل. و أساسا إن همة الإنسان على قدر آماله الإيجابية، فكل ما اتسعت نطاقا اعتلت و سمت همّته.
أما طول الأمل فعلى أساس ما قاله علماء الأخلاق عبارة عن أن يقدّر الإنسان لنفسه حياة طويلة في الدنيا و يعتقد بأن له عمرا طويلا جدا، ثم يرغب بجميع جوانب و لوازم الحياة من مال و ثروة و أسرة و بيت و ….[7] بعبارة أخرى إن طول الأمل بمعنى وجود الآمال الكثيرة في الدنيا و توقع البقاء فيها.[8]
إن هذا النوع من التفكير و العمل يعدّ من الرذائل الأخلاقية، إذ أن هذه الرؤية تجاه الحياة الدنيا و الحب و التعلق بزخارفها من الأموال و الثروات و النساء و الحياة و … تؤدي إلى استئناس الإنسان و التذاذه بها على مدى طويل. و بالنتيجة يصعب عليه مغادرتها و الارتحال عنها. إن الآمال الطويلة تلهي قلب الإنسان و فكره عن التفكر في الموت و المعاد. و سوف يكره هذا الإنسان الموت الذي يفرق بينه و بين أحبائه، و الإنسان بطبيعته يحاول أن يبتعد عما يكرهه. الإنسان الذي يشتغل و يلهو بالأماني الفارغة، يتعلق بالدنيا و لذاتها. عند ذلك يتمنى دائما ما يتناغم مع هواه، و هواه هو البقاء في هذه الدنيا. و لهذا إن مصدر الآمال الطويلة هو حب الدنبا.[9]
الفرق بين بعد النظر و طول الأمل
إن بعد النظر نوع من التدبير و هو ما يحتاجه كل عاقل، إذ لابد لأي شخص أن يدبّر لحياته و أهدافه المستقبلية و يدرس تقلّب الأوضاع، ثم يقوم بتخطيط خطة جامعة و عملية على أساس جميع هذه المعطيات و يسعى لتنفيذها في مقام العمل. و لكن الآمال الطويلة التي ذمتها رواياتنا هي عبارة عن طول الآمال الخيالية و النفسانية التي تلهي الإنسان بنفسه و تؤدي إلى غفلته.
إن بعد النظر و التخطيط للمستقبل يمنح الإنسان حالة الاطمئنان و يشحن حياته بالتفاؤل بالخير و هو مدعاة للنشاط الروحي و النفسي، بيد أن الأماني الطويلة تدع الإنسان متحسرا على نيل المشتهيات غير المعقولة و تجعل الحياة مُرّة بلا اطمئنان.
أولئك الذين يحظون ببرنامج في الحياة، في الوقت الذي يباشرون فيه بالمسائل المادية لا يغفلون عن باقي تكاليفهم الدينية و الأخلاقية. أما المبتلون بطول الأمل قد شغلوا بآمالهم و أمانيّهم عن ذكر الله و القيامة و …؛ «ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا و يَتَمَتَّعُوا و يُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ».[10]
الدوافع الايجابية في الادخار
عندما نراجع القرآن نجد أن جمع المال و الثروة بدوافع مصرفها الإيجابي و الحسن و الادخار في سبيل أعمال الخير لا أنه خارج عن مصداق طول الأمل بل هو عمل حسن أقرّه القرآن. و إليك بعض مصاديق الادخار الإيجابي في رؤية القرآن:
الأول: الإيثار: إن كان توفير المال و الادخار من أجل الإيثار فلا يدخل في نطاق طول الأمل. فقال الله سبحانه في القرآن الكريم:
1. «وَ آتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى و الْيَتامى و الْمَساكينَ و ابْنَ السَّبيلِ و السَّائِلينَ و فِي الرِّقابِ».[11]
2. «إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنينَ أَنْفُسَهُمْ و أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّة».[12]
لا شک في أن المتاجرة مع الله بالمال و الرأسمال في بداية الأمر بحاجة إلى تملك المال و الرأسمال، و هذا لا يحصل إلا عن طريق الجهد و العمل في سبيل كسب المال. يعني إذا أراد الإنسان أن يتاجر مع الله و يبيع ماله و رأسماله لله سبحانه، لابد أن يعمل و يسعى في المجال الاقتصادي، طبعا من خلال الطرق المشروعة.
3. «وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ و لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ و مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».[13]
"الإيثار" من مادة "أثر" بمعنى تقديم و ترجيح الآخرين على النفس. إن الإيثار في الخارج يعني تقديم الآخرين على النفس. و الأمر الذي يجعل الإنسان الموْثر يتأثر بمشاهدة محن الآخرين و مصائبهم، و يشفق قلبه لهم و يحنّ عليهم هو حب الله. إن هدف الإنسان المؤْثر يسمح له أن يدخر و يوفّر المال على حدّ وسعه في سبيل أن يصرفها في نشاطه الإيثاري، لأن من بلغ درجة الإيثار قد اجتاز خصالا من قبيل الحرية و الكرم و الألفة و القناعة و المساواة و … فهو بإيثاره يجسد حسن معاشرته و صلته للرحم و سخاء طبعه و علوّ همته. فيجوز لأمثال هؤلاء لما يحظون بالضمان الأخلاقي أن يعمدوا إلى ادخار و توفير المال في سبيل أهدافهم المقدسة، إذ أن أموالهم و ثرواتهم ستصرف لصالح الفقراء و المساكين. و إن أهل الإيثار هؤلاء سوف يوفقون بإيثارهم المالي لأن يقوموا بتضحيات أخلاقية أخرى.[14]
الثاني. الادخار في سبيل الغنى عن الناس: «يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً و ما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَليم».[15]
لقد مدحت في هذه الآية صفة العفاف و الاستغناء عن الناس و عدم سؤال الناس. إن هذه الآية تحكي عن اولئك الذين لم يقدروا على توفير احتياجاتهم بالرغم من سعيهم و عملهم و في نفس الوقت تأبى عزة نفسهم أن يفاتحوا أحدا في مشاكلهم. بطبيعة الحال لا مجال لتوصية هؤلاء بالعمل و السعي لكسب المال و توفيره، و لكن أولئك الذين لديهم فرصة العمل و بإمكانهم أن يوفروا شيئا من أموالهم ليوم حاجتهم، و بإمكانهم أن يقوا أنفسهم عن الافتقار إلى الناس فلابد لهم من القيام بذلك.
لابد لهؤلاء أن ينهضوا و يدخروا مالا بعملهم و سعيهم في سبيل أن يحافظوا على عزتهم و استقلالهم عند يوم المحنة و لا يفتقروا إلى الناس بدلا من الله. [16]
الثالث. الادخار في سبيل الإحسان إلى الناس و الإنفاق عليهم: «وَ أَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنين».[17] «مَثَلُ الَّذينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ في سَبيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ في كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ و اللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ و اللَّهُ و اسِعٌ عَليمٌ».[18]
إذن من منظار القرآن هناك ثلاثة دوافع على الأقل يمكن اعتبارها للادخار؛ الأول: من أجل الإيثار و خدمة الناس في سبيل كسب رضا الله سبحانه بالرغم من احتياج الإنسان نفسه؛ الثاني: من أجل الإحسان إلى الآخرين؛ الثالث: من أجل الاستغناء عن الناس و حفظ مناعة الطبع.[19] و قد دعا أمير المؤمنين (ع) ربه قائلا: « اللَّهُمَّ صُنْ و جْهِي بِالْيَسَارِ، و لَا تَبْتَذِلْ جَاهِي بِالْإِقْتَارِ ».[20]
ما يرفضه الإسلام و يعتبره في عداد طول الأمل إنما هو التكاثر؛ أي السباق في كثرة المال. و لا شك في أن كثيرا من حالات تجميع المال إنما هي بدافع آمال شيطانية و تلبية لنزعة الكبر و الغرور. و لهذا فالأموال التي تجمع بدافع التفاخر و التكاثر مدعاة لغفلة الإنسان و غروره و هو مذموم لدى القرآن حيث قال: «أَلْهاكُمُ التَّكاثُر * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِر».[21]
و حري بالذكر أن الإسلام لا يخالف الرفاه و الراحة في العيش، و لكن هذا الرفاه مؤيد مادام لم تهدّم الدعائم المعنوية تحت ظله. إن النشاطات الاقتصادية و المادية ممدوحة مادامت تسمح للإنسان المسلم أن ينتقل من الأسباب و الأدوات المادية إلى معرفة المنعم الحقيقي و شكر نعمه.
لا يخفى أن العمل و السعي من أجل رفاه الحياة و إن كان أمرا جيدا، و لكن شريطة أن لا يبلغ درجة الترف. إن الترف و إن كان في ظاهره يشابه الرفاه و الراحة في الحياة المادية و لكن يختلف عنهما مفهوما.
الإنسان المترفه يفكر في رفاه و رخائه الإقتصادي و حسب، و لكن المترف يفكر دائما في زخارف الحياة و كمالياتها، و يسعى دائما لأن يحدّث مظاهر حياته على أساس آخر صيحات الموضات تلبية لخواطف رغباته. و بالتأكيد إن الإسلام لا يرضى بجمع المال بدافع الترف.
يقول أمير الكلام (ع) في هذا المجال: "…أَنَّ الْمُتَّقِينَ ذَهَبُوا بِعَاجِلِ الدُّنْيَا و آجِلِ الْآخِرَةِ فَشَارَكُوا أَهْلَ الدُّنْيَا فِي دُنْيَاهُمْ و لَمْ يُشَارِكُوا أَهْلَ الدُّنْيَا فِي آخِرَتِهِمْ سَكَنُوا الدُّنْيَا بِأَفْضَلِ مَا سُكِنَتْ و أَكَلُوهَا بِأَفْضَلِ مَا أُكِلَتْ فَحَظُوا مِنَ الدُّنْيَا بِمَا حَظِيَ بِهِ الْمُتْرَفُونَ و أَخَذُوا مِنْهَا مَا أَخَذَهُ الْجَبَابِرَةُ الْمُتَكَبِّرُونَ ثُمَّ انْقَلَبُوا عَنْهَا بِالزَّادِ الْمُبَلِّغِ و الْمَتْجَرِ الرَّابِحِ أَصَابُوا لَذَّةَ زُهْدِ الدُّنْيَا".[22]
نعم، إن المتقين يطلبون نعم الدنيا ليتزودوا بها لآخرتهم، لا بدافع تعقلهم بالدنيا و البقاء فيها. عندما يستبدل الإنسان الزهد بالتعلق بزخارف الدنيا و استغرق في بهارجها يغفل عن الله شيئا فشيئا و تحلو له القبائح و تورطه بأماني طويلة بعيدة، فينسى الله سبحانه و يعرض عنه.
وفي الختام لابد من التنبيه على هذه الحقيقة و هي أن الادخار الحسن و الإيجابي أيضا لابد أن يكون مصحوبا بالتوكل على الله و الاعتقاد برازقيته، مخافة أن يتورط الإنسان بسوء الظن بالله، إذ إن كان توفير المال و الثروة بدافع الخوف من ضيق المعيشة في المستقبل، فهذا مذموم أيضا لكونه يؤدي إلى سوء الظن برازقية الله سبحانه. كذا الادخار الذي ينطلق من تفكير الإنسان بنفسه و حسب و حوله إخوته في الدين محتاجون إلى الحد الأدنى من لوازم الحياة. و …
[1] . نهج البلاغة، الحكمة، 390
[2] . المصدر نفسه، الحكمة، 391
[3] . الكليني، الكافي، ج 1، ص 433، دار الکتب الاسلامیة، طهران، 1365ش.
[4] . التميمي الآمدي، عبد الواحد بن محمد، غرر الحكم و درر الكلم، ص 37، ح 991، نشر مكتب الإعلام الإسلامي، قم، 1366 ق.
[5] . الإسراء، 29.
[6] . نهج البلاغة، الحكمة 33.
[7] . النراقي، محمد مهدی، جامع السعادات، ج 2، ص 220، اسماعیلیان، قم، 1428ق- 1368ش.
[8] . النراقي، احمد، معراج السعادة، ص 512، انتشارات امین و رشیدی، طهران، طبعة قديمة.
[9] . راجع: جامع السعادات، ج 2، ص 220- 221.
[10] . الحجر، 3.
[11] . البقرة، 177.
[12] . التوبة، 111.
[13] . حشر، 9. « و يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ و لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ و مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون».
[14] . اموسوی اصفهانی، سید جمال الدین، پیامهای اقتصادی قرآن، ص 500، دفتر نشر فرهنگ اسلامی، الطبعة الأولى، 1368.
[15] . البقرة، 273. «لِلْفُقَراءِ الَّذينَ أُحْصِرُوا في سَبيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً و ما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَليم».
[16] . پیامهای اقتصادی قرآن، ص 500.
[17] . البقرة، 195، «ِ و أَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنين».
[18] . المصدر نفسه، 261، «مَثَلُ الَّذينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ في سَبيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ في كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ و اللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ و اللَّهُ و اسِعٌ عَليمٌ».
[19] . راجع: پیامهای اقتصادی قرآن، ص 499- 511.
[20]. نهج البلاغة، خ 225.
[21] . التکاثر، 1-2.
[22] . نهج البلاغة، كتاب 27.