Please Wait
10857
أبصر الشيخ عباس القمي و الذي يعد من كبار المحدثين الشيعة، النور سنة 1294 هجري قمري في مدينة قم المقدسة. و الده الحاج محمد رضا القمي المعروف بالورع و التقوى بالاضافة الى اطلاعه على المسائل الدينية و إن لم يكن قد دخل السلك الحوزوي، فكان الناس يرجعون اليه في فهم القضايا الدينية و الاحكام، مما انعكس ايجابيا على شخصية ولده الشيخ عباس.
يعد الشيخ عباس القمي من كبار المحدثين الشيعة، و قد ترجم له اكثر من عالم من علماء الرجال و التراجم نشير الى نبذة منها:
أبصر النور سنة 1294 هجري قمري في مدينة قم المقدسة. و الده الحاج محمد رضا القمي المعروف بالورع و التقوى بالاضافة الى اطلاعه على المسائل الدينية و إن لم يكن قد دخل السلك الحوزوي، فكان الناس يرجعون اليه في فهم القضايا الدينية و الاحكام، مما انعكس ايجابيا على شخصية ولده الشيخ عباس.
يعد المحدث القمي من العلماء المثابرين المخلصين الذين صنفوا في التأريخ و الرجال و التراجم و علوم القرآن بالاضافة الى الاخلاق و العقائد و علم الحديث.
المرحلة الدراسية:
انهى الشيخ دراسته الاولية وهو ما زال في مرحلة الابتدائية و الفتوة في مسقط رأسه مدينة قم المقدسة[1]، و حضر المقدمات على يد اساتذة كبار، هاجر بعدها الى النجف الاشرف ليحط الرحال فيها عام 1316 قمري و لينهل من نمير علمائها الزاخر.[2]
و لما كان الشيخ عباس القمي مولعا بجمع الحديث و التعرف على رجال و محدثي مدرسة أهل البيت (ع) من هنا وجد ظالته عند الشيخ ميرزا حسين النوري ( المتوفى 1320هـ) فحضر عنده في هذا المجال.[3] كان الشيخ القمي قد الزم نفسه بضبط الحديث الذي تلقاه من استاذه النوري و تحليله و دراسته، فلم تمض فترة حتى برزت معالم شخصيته بسبب ما توفر لديه من حافظة قوية و مثابرة وعزم شديدين، و قد تصدى في تلك الأيام لاعادة استنساخ موسوعة مستدرك وسائل الشيعة. و كان القمي يرى حضوره عند الشيخ النوري نعمة تفضل الله تعالى بها عليه، حتى انه عبّر عن شعوره ذلك بقوله: "... لقد من الله تعالى عليّ بملازمة ثقة الاسلام النوري الطبرسي فا ستنسخت له مستدرك الوسائل و هي نفس النسخة التي أرسلها للطبع في ايران".[4]
لازم الشيخ عباس القمي استاذه المحدث النوري اربع سنوات بذل خلالها جهودا كبيرة جعلته في مصاف تلامذة المحدث النوري الاوائل. عاد بعدها الى مدينة قم المقدسة سنة 1322 قمري منشغليا بالتأليف و التدريس و الوعظ و الارشاد حتى عام 1329 قمري، حيث شد الرحال بعدها لحج بيت الله الحرام و زيارة النبي الاكرم (ص) ثم قفل راجعا عام 1332 الى مدينة قم، ثم هاجر بسبب الضائقة المالية و لاسباب خاصة اخرى، الى مدينة مشهد المقدسة فحط رحله هناك.[5]
مؤلفاته:
يعد المحدث القمي من العلماء المثابرين المخلصين الذين صنفوا في التأريخ و الرجال و التراجم و علوم القرآن بالاضافة الى الاخلاق و العقائد و علم الحديث[6]، نشير الى نماذج من مصنفاته:
1. كلمات لطيفة ( في علم الاخلاق)
2. الدرّ النظیم في لغات القرآن العظیم.[7]
3. کحل البصر في سیرة سید البشر؛[8]
4. کتاب نقد الوسائل (مختصر کتاب وسائل الشیعه للشیخ الحرّ العاملي)
5. شرح حكم نهج البلاغه (شرح الکلمات القصار للامام علي(ع) في نهج البلاغه)
6. وقایع الایام (فیض العلام في عمل الشهور و وقایع الایام)؛ و صفه صاحب الذريعة بانه: أبسط من هداية الأنام و ينقل عنها في نفائس اللباب.[9] يذكر فيه بالاضافة الى وقائع الايام و الحوادث التاريخية أعمال اليوم و الليلة و الاشهر القمرية.[10]
7. سفینة البحار؛ فهرس لبحار الأنوار في مجلدين كبيرين طبع في 1355 مرتب على حروف الهجاء سهل التناول لكنه ناقص مع الأسف و يليق –كما يقول صاحب الذريعة- للقائمين بطبع بحار الأنوار أخيرا أن يزودوه بفهارس ألفبائية كاملة.[11].
8. مفاتیح الجنان؛ في الأعمال و الأدعية و الزيارات و هو من الكتب المشهورة و نادرا ما تجد بيتا من بيوت الشيعة الا و قد اقتناه و قد ترجم الى عدة لغات منها الفارسية و الاوردية. لا نظیر له في اساط كتب الادعية و الزيارات؛ و ذلك لانه استقرأ الكثير من الادعية و الزيارات المروية عن المعصومين عليهم السلام.
9. منتهی الآمال فی تاریخ النبی و الآل؛[12] سيرة حياة الرسول الاکرم(ص)، و السيدة الزهراء(س) و الائمه الاطهار (ع) و تاریخهم.
10. منازل الآخره؛[13] کتاب نفيس طبع اكثر من مرة في بيان مراحل و شدائد سفر الاخرة استنادا الى الروايات مع ذكر المواعظ اللازمة لهذا الزاد.
خصائصه الاخلاقية[14]:
عرف المحدث القمي في عصر بأنه أحد المربين الكبار و المعلمين الاخلاقيين البارزين، و كان مبرزا في كافة الاخلاق الحسنة و الملكات الانسانية الفاضلة . حتى انه كان اذا اختار طريقا ما للسير فبمجرد ان يحصل عنده أدنى ارتياب بان هذه حركته لم تكن لله تراه يشعر بالقلق و يعود أدراجه.
من الخصال الاخلاقية التي إمتاز بها أيضا الولع الشديد للبحث و المطالعة و الكتابة، كتب عنه معاصرة و مزاملة الشيخ آية الله آقا بزرك الطهراني: " كان منشغلا بالكتابة دائما مولعا بها و بالتحقيق و البحث لا يصرفه عنها صارف و لا يعرف مانعا و حاجزا في هذا الطريق".
و كان ولعه بالكتابة قد بلغ حداً بحيث كلما وقع مقدار من المال بيده حتى تراه يسارع الى اقتناء الكتب و شرائها. و لقد اشتهر في هذا المجال و ذاع صيته و نقلت القصص الكثيرة عنه، منها ما نقله ولده الاكبر حجة الاسلام الحاج ميرزا علي حيث قال: كنت اذا خرجت مع والدي و انا صغير الى خارج المدينة أراه من الصباح الى المساء منشغلا بالكتابة و المطالعة", و قال أيضا: "سافر أبي مع مجموعة من التجار الى سورية فنقل التجار عنه أنهم كلما أرادوا التنزه و الذهاب الى الاماكن الاثرية و السياحية يرون الحاج عباس القمي منشغلا بالكتابة و المطالعة، فاذا الحوا عليه في مرافقتهم امتنع عن ذلك، و هكذا عندما يعودون تراهم يرقدون مبكراً لكن الوالد يبقى مواصلا المطالعة و الكتابة". و كان المرحوم الشيخ عباس القمي يرعى حرمة و راحة مصاحبيه في السفر و كان يوليهم رعاية خاصة حيث كان خفيف المؤنة يدخل على مرافقيه السرور من خلال اللطيفة و النكتة الحلوة و جميل الكلام و السلوك الحسن.
و كان زاهدا بالدنا و غرورها و زبرجها و مظاهرها الخداعة و هو في هذا الجانب غني عن التعريف، فكان يعيش حياة بسيطة جداً لم تخرجه عن حياة طالب علم بسيط بل ادنى رتبة. و كان يرتدي اللباس الزهيد لكنه كان يولي العطر و النظافة أهمية كبيرة. و كان يمضي عدة سنوات لا يرتدي غير لباس واحد، و لم يفكر باللباس و التجمل أبداً ولم يوليهما أهمية تذكر. كان فراش بيته البساط و كان يتحرج عن أخذ سهم الإمام. ينقل أن سيدتين من مدينة بومباي الهندية التقيتا بالشيخ و عرضتا عليه ملبغا شهريا قيمته 75 روبية الا انه امتنع عن قبول العرض، و لما اعترض عليه أحد أبنائه! ردّ الشيخ عليه: إن هذا المقدار الذي استلمه الآن لم أجد له جوابا أمام الله يوم القيامة فكيف تريد ان اثقل كاهلي بشيء لا اجد ما اجيب عنه غداً؟!".
من الملكات الروحية و السجايا الاخلاقية التي تحلى بها الشيخ القمي التواضع الكبيرجداً بحيث لا يرى لنفسه ميزة على الاخرين، كان متواضعا في البيت و المدرسة و في الشارع و يزداد تواضعه أمام العلماء و خاصة المحدثين منهم، و كان اذا دخل مجلساً تجنب الجلوس في صدره، و كانت علامات الصفاء و الصدق بادية على محياه و سلوكه.
و كان يتحاشى المديح و الثناء عليه و لم يسمح للغرور بحال من الاحوال ان يسلك طريقه الى قلبه الشريف، و كان مع علمه الوافر و تبحره بالحديث و التأريخ و الاخبار لم يرتق المنبر الشريف بلا كتابه يصاحبه الا في حالات نادرة فكان يحدث عن الكتاب و كان عندما يرثي الامام الحسين (ع) و سائر المعصومين (ع) ينقل عن الكتاب مباشرة.
من الخصال الاخرى التي امتاز به كونه نافذ الكلمة؛ لان ما يخرج من القلب يدخل الى القلب، و كان رحمه الله لا يتحدث بشيء لا يؤمن به، بل كان يعمل بعلمه قبل ان يبلغه للناس. فكان مؤثرا يدخل الى أعماق مخاطبيه فيحدث عندهم هزة شديدة و صحوة كبيرة و راسخة، حتى ان بعض المتأثرين بدرسه الاخلاقي و مواعظه الربانية يصف تلك الحالة بقوله: لقد كانت مواعظ الشيخ بدرجة من النفوذ و القوة بحيث تبقى مؤثرة في المستمع اسبوعا كاملا يراجع خلاله ما اقترفه من سيئات و ذنوب ليعالجها من خلال العبادة و الاتصال بالله سبحانه. بل ربّما تجد بعض المغمورين قد ارتقى قمة الكمال و الرقي الاجتماعي و الانساني ببركة استماعه لمواعظ الشيخ القمي.
من الخصال التي امتاز بها المثابرة على صلاة الليل و احيائه و قراءت القرآن الكريم و تلاوة الادعية و الاوراد و الاذكار المأثورة عن المعصومين، يصف لنا ولده الاكبر هذه الخصلة بقوله: " لم اتذكر يوما أن والدي فاتته صلاة الليل حتى اثناء السفر". ماثل الشيخ القمي رحمه الله الشيخ الطوسي (قدس) في كونه لم ينشر كتابه مصباح المتهجد حتى عمل به كذلك الشيخ القمي لم ينشر مفاتيح الجنان حتى عمل به.
و فاته:
بعد أن بذلك المحدث القمي عمره الشريف في خدمة الاسلام و المسلمين و تحمل الوان المحن و المرارة في عصره خاصة بعد المؤامرات التي حاكها رضا خان ضد المؤمنين، لبى نداء ربّه ليلة الثلاثاء المصادفة للثاني و العشرين من ذي الحجة سنة 1359 هجرية في النجف الاشرف و وري جثمانه الثرى في الصحن الشريف لأمير المؤمنين (ع) الى جنب قبر استاذه الشيخ حسين النوري.[15]
[1] ناصرالشریعة، محمد حسن، تاریخ قم، ص 274، دار العلم، قم، 1345ش.
[2] واعظ خیاباني، میرزا علي، علمای معاصر= علماء معاصرون، ص 181، تحقيق عقیقي بخشایشي، نوید اسلام، قم، 1382 ش.
[3] نفس المصدر، ص181.
[4] نفس المصدر، ص 181- 182.
[5] تاريخ قم، 274.
[6] انظر: الذريعة الى تصانيف الشيعة و مجموعة مصنفات الشيخ عباس القمي اعداد مركز التحقيقات الكامبيوترية.
[7]. عقيقى بخشايشى، عبد الرحيم، طبقات مفسران شيعه، ص 854، نويد اسلام، قم، چاپ چهارم، 1387ش.
[8]. این کتاب، توسط محمد محمدی اشتهاردی، تحت عنوان «سیرت پیامبر اعظم و مهربان» به زبان فارسی ترجمه شده است؛ محمدى اشتهاردى، محمد، سيرت پيامبر اعظم و مهربان، انتشارات ناصر، قم، چاپ اول، 1385ش.
[9] الذريعة الى تصانيف الشيعة، رقم 1953.
[10]. الشيخ آقا بزرگ تهرانى، محمد محسن، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، ج 16، ص 408؛ و ج 25، ص 128، نشر اسماعيليان، المكتبة الاسلامية، قم، طهران، 1408ق.
[11] الذريعة، تحت الرقم 1302.
[12]. المصدر، ج 23، ص 9.
[13]. المصدر، ج 22، ص 245.
[14] قسم الاخلاق من هذه المقال مستل من مجلة نور العلم، الدورة الثانية، العدد الثاني، تسلسل 14، تحت عنوان "نجوم الامة 11" آية الله الحاج عباس القمي (رحمه الله) مع اضافات واصلاحات، ص24- 27. و انظر: مركز العلوم الكاميوترية الاسلامية، برنامج المحدث القمي.
[15] انظر: مجموعة من الكتاب، گلشن ابرار، ج 2، ص 574، نور السجاد، قم، 1384ش.