Please Wait
3236
امر الله تعالى نبيه(ص) ان قل للكفار والمشركين الذين عارضوا الدعوة الإلهية، وأنكروا کلامک ودعوتك من منطلق العناد واللجاجة، وقالوا: هذا ما تقوله عن نفسك: «إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ، رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ، قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ، أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ».[1] ويضيف: «ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ».[2] «إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِين».[3] بعبارة اخری انی اعرف فقط ذلک الجزء من حدیث الملائکة الذی ادرکته من خلال الوحی.
اما ما یتعلق بمفهوم "الملأ الاعلی"؟ والموضوع الذی کان یدور الحوار والاختصام حوله والذی لم يكن النبي(ص) علی علم به؟ أولاً ينبغي أن يقال أن صریح الآية هو أن نفس النبي(ص) ایضا لم يكن على علم بجميع الکلام والحوار الذی جری بین الملائکة، لكن لبعض المفسرین احتمالات، على سبيل المثال، يعتقد البعض أن الاختصام فی الملأ الاعلی قد يشير إلى حوار الملائكة عندما قال لهم الله تعالی: «إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً»؛[4] أي عندما أخبرهم الله بانه سیجعل خليفة على الأرض، تحدثت الملائكة وقالوا: «أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ»؟!؛ [5]، [6]
اطلق علی هذا الحوار والنقاش اسم "الاختصام"، وهو بالطبع تسمیة مجازیة؛ لأن الملائكة لم تجادل ولم تتخاصم مع الله.[7] لأنهم يخافون ربهم من فوقهم ویفعلون مایؤمرون [8] وانهم لایعصون الله ما امرهم ویفعلون ما یؤمرون.[9]
ان بعض المفسرین لم یستبعد أن تکون الآية فی الحقیقة مشیرة إلى حوار الملائكة مع إبليس فی عدم قبوله السجود لآدم(ع)، عندما ادعى التفوق علی آدم وعارض أمر الله.[10] فخاصمته الملائكة وتجادلوا معه بسبب عصیانه وعدم امتثاله لأمر الله تعالی.
هناک احتمال آخر أيضا وهو أنّ عبارة «الْمَلَإِ الْأَعْلى» لها مفهوم أوسع يشمل حتّى الشيطان، لأنّ الشيطان آنذاک في زمرة الملائكة، ونتيجة تخاصمه مع البارئ عزّ وجلّ واعتراضه على إرادة اللّه کان طرده إلى الأبد من رحمة اللّه.[11]
کذلک نقل ابن عباس روایة عن النبي(ص) فی تفسیر هذه الآیة وهی ان النبی(ص) قال: قال لي ربي أ تدري فيم يختصم الملأ الأعلى فقلت لا قال اختصموا في الكفارات والدرجات فأما الكفارات فإسباغ الوضوء في السبرات ونقل الأقدام إلى الجماعات وانتظار الصلاة بعد الصلاة وأما الدرجات فإفشاء السلام وإطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام.[12]
[1]. صاد، 65- 68.
[2]. نفس المصدر، 69.
[3]. نفس المصدر، 70.
[4]. البقرة، 30.
[5]. نفس المصدر.
[6]. الحقی البروسوی، اسماعیل، تفسیر روح البیان، ج 8، ص 57، بیروت، دارالفکر، بدون تاریخ.
[7]. المکارم الشیرازی، ناصر، تفسیر نمونه، ج 19، ص 332، طهران، دار الکتب الإسلامیة، الطبعة الاولی، 1374ش.
[8]. النحل، 50.
[9]. التحریم، 6.
[10]. ابن کثیر الدمشقی، اسماعیل بن عمرو، تفسیر القرآن العظیم، تحقیق، شمس الدین، محمد حسین، ج 7، ص 71، بیروت، دار الکتب العلمیة، منشورات محمدعلی بیضون، الطبعة الاولی، 1419ق.
[11]. تفسير نمونه، ج 19، ص 332.
[12]. الطبرسی، الفضل بن الحسن، مجمع البیان فی تفسیر القرآن، مقدمة، البلاغی، محمد جواد، ج 8، ص 756، طهران، ناصر خسرو، الطبعة الثالثة، 1372ش.