بحث متقدم
الزيارة
5627
محدثة عن: 2011/08/20
خلاصة السؤال
هل یشکل أکل اللحم فی الإسلام؟
السؤال
بعد التحیة و السلام، ارید أن أعرف متی أبیح للانسان أکل اللحم؟ ألیس الحیوانات الوحشیة آکله للحوم؟ و إذا أکل الإنسان اللحم ألا تتحوّل ذاته الی ذات وحشیة؟ ألیس من الأفضل أن نأکل أنواع الخضرة بدل اللحم؟
الجواب الإجمالي

من الأزل و لحد الآن کانت المزروعات و الفواکه و لحوم الحیوانات طعاماً للإنسان، و للإنسان –بعیداً عن الأوامر الدینیة- طرق افراطیة و تفریطیة فی أکل اللحم، ففی الدین البوذائی یحرم أکل کل أنواع اللحوم، و من جهة اخری نجد فی أفریقیا و اوروبا و غرب أو شرق العالم لا یمتنعون عن أکل أی لحم حتی لحوم البشر. و لیس من الصحیح مقارنة الإنسان بالحیوانات الوحشیة، و هل یجب علی الإنسان الامتناع عن أکل اللحوم لیس إلّا لأن الحیوانات الوحشیة تأکلها؟ و هل أن کل الحیوانات تأکل اللحم کأنواع الغزلان و الزرّافات؟ ألم نر بعض الحیوانات کالدیک تتغذّی علی الخضر و العلف بل و حتی العسل؟ و هل یُمکن أن نستدل علی حرمة أکل الخضر و العسل بهذا الدلیل؟

الجواب التفصيلي

الإنسان کباقی الموجودات الحیة، یحتاج الی الغذاء لإستدامة حیاته الطبیعیة و قد عرف ما یجب أن یؤکل من أول خلقته، و کان أکل الخضر و الفواکه و لحوم الحیوانات من أول الأغذیة التی کان یتناولها، بالاضافة الی أنه منذ البدایة امتنع عن أکل عدة امور و لعله لم یجرّبها طیلة حیاته أبداً أمثال أکل التراب و الخشب و الحجر و بعض المواد الطبیعیة. لذلک فلم یکن یأکل إلّا ما کان قابلاً للهضم بالنسبة لجهازه الهضمی. لکن و بعد ظهور الأدیان السماویة و اتصال الإنسان بالوحی الإلهی، تغیّر ملاک الأکل عنده و لم یعد الملاک هو فقط ما تمیل الیه نفسه و ما لا تمیل، بل امتنع عن عدة امور بسبب تحریم الدین الإلهی لها لامکان أن تؤدبی الی آثار روحیة سیئة عند الإنسان، منها تحریم لحم الخنزیر.[i]

و للإنسان –بعیداً عن الامور الدینیة- طرق افراطیة أو تفریطیة فی أکل اللحوم، ففی الدین البوذائی حرم أکل اللحم بالکامل، و اتباع هذا الدین یحرمون أکل کل اللحوم بدون استثناء، و هذا هو طرف التفریط، أما طرف الافراط فنجد فی أفریقیا أو أوروبا أو بعض الأماکن الاخری لا یمتنعون عن أکل أی لحم بل حتی لحوم البشر.[ii]

أما الإسلام فقد اختار –کالمعتاد- الطریق الأوسط بین هذین الطریقین، و أحلّ کل لحم تراه الطبیعة الإنسانیة المعتدلة طاهراً و لذیذاً.[iii] و أدخله تحت عنوان «الطیّبات»[iv]. و قد فسّر هذا العنوان الکلی بالبهائم التی هی الغنم و البقر و الابل و بالطیور و هی کل طیر لا یأکل اللحم –و علامته وجود الحواصل فیه، و ما کان دفیفه- و هو تحریک الجناح عند الطیران –أکثر من صفیفه، و عدم وجود المخالب فی رجله – أما فی الحیوانات البحریة فحلّل من الأسماک ما کان فیها فلس، بتفصیل ورد فی الکتب الفقهیة.

إذن، أولاً: أکل اللحم موجود فی طوال تأریخ البشریة و لحد الآن، ثانیاً: لیس من الصحیح مقارنته بالحیوانات الوحشیة، و هل یجب علی الإنسان الامتناع عن اللحم لیس إلا لأن الحیوانات الوحشیة تأکلها؟ و هل أن کل الحیوانات کأمثال أنواع الغزلان و الزرافات تأکل اللحم؟ ألم نجد بعض الحیوانات کالدیکة تتغذی علی الخضرة و العلف بل و حتی علی العسل؟ فهل یُمکن الاستدلال من هذا الأمر علی حرمة أکل الخضر و العسل؟ نعم! یُمکن القول بأن بعض صفات الحیوانات یُمکن أن تنتقل الی الإنسان عن طریق أکل لحومها، و لیس ببعید القول بأن أکل لحوم الحیوانات الوحشیة، یُمکن أن تنمی صفة الوحشیة و القساوة عند الإنسان، و لعله لهذه الحکمة حرم الإسلام أکل لحوم الحیوانات الجلالة حتی تطهر و هی الحیوانات التی تتغذی علی النجاسات.[v]

فی النهایة نذکر بعض الروایات المتعلقة بأکل اللحوم:

1- عندنا روایات متعددة تؤکد أن اللحوم أفضل المآکل فی الدنیا.[vi]

2- فی روایة عن الإمام الصادق (ع) یقول فیها: «اللحم یُنبت اللحم و من ترک اللحم أربعین یوماً ساء خلقه».[vii] و فی روایة عن النبی محمد (ص) قال: «من أتی علیه أربعون یوماً و لم یأکل اللحم فلیستقرض علی الله عزوجل و لیأکله».[viii]

 



[i]  البقرة، 173

[ii]  الطباطبائی، محمد حسین، تفسیر المیزان، ج5، ص183، مؤسسة مطبوعات اسماعیلیان، 1973 م.

[iii]  نفس المصدر.

[iv]  المؤمنون، 51

[v]  انظر: المکارم الشیرازی، ناصر، تفسیر الأمثل، ج3، ص603، الناشر مدرسة علی بن أبی طالب، قم 1421 ق.

[vi]  الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، ج6، ص308، دار الکتب الإسلامیة، طهران 1365، "باب فضل اللحم" عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن سید الآدم فی الدنیا و الآخرة؟ فقال: اللحم.

[vii]  نفس المصدر.

[viii]  نفس المصدر.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280259 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258835 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129631 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115649 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89557 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61041 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60369 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57377 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51625 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47715 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...