Please Wait
6602
1- الوحی فی اللغة انتقال مطلب معین بصورة سریعة و خفیة، و أما فی الاصطلاح فهو شعور و إدراک خاص بالأنبیاء، حیث یسمعون کلام الله إما بواسطة أو بدون واسطة.
2- و الوحی بمعناه اللغوی المتقدم لیس فقط یحصل للناس العادیین من غیر الأنبیاء و إنما یأتی فی مورد الحیوانات و الجمادات و ... ، کما ورد فی القرآن الکریم بالنسبة لإلهام أم موسى (ع)، أو فیما یخص الأمور الغریزیة کالإیحاء إلى النحل ببناء مساکنها أو الإشارة إلى الأمور التکوینیة کحرکة الأرض و الکواکب و الأجرام السماویة.
3- ادعى بعض العرفاء "الوحی" و مرادهم الوحی بمعناه اللغوی أو الإلهام القلبی، و اما الوحی الاصطلاحی فهو من خصوصیات الأنبیاء سلام الله علیهم، بینما یشمل الإلهام الأشخاص الآخرین أیضاً.
4- إذا ادعى شخص تلقی الوحی المصاحب للنبوّة فإن الطریق إلى تصدیق قوله هو (المعجزة) للوهلة الأولى.
5- المعجزة هی العمل الخارق للعادة الخارج عن قدرات البشر و قوانین التعلم و التعلیم و الذی یأتی به مدعی النبوة لأجل إثبات نبوته و رسالته، إضافة إلى ما فیه من إظهار التحدی فی مقابل المخالفین و المعارضین، و ذلک من أمثال ما حدث من تغیرات لعصا موسى (ع)، أو إحیاء الموتى بالنسبة لعیسى (ع)، و القرآن الکریم الذی هو معجزة للنبی (ص). و من هنا فإن الشخص الذی یأتی بالعمل الخارق للعادة من دون ادعاء فلا یعد ذلک من المعجزة، و إنما هو (کرامة) أو ... و کذلک إذا کان العمل الخارق للعادة غیر مطابق لما یدعی فلا یعتبر ذلک من المعجزة.
6- و أما وجه دلالة المعجزة على صدق ادعاء النبوة و تلقی الوحی فهو کالآتی:
إن کلاً من المعجزة و الوحی أمر خارق للعادة وغیبی فی نفس الوقت، أما الوحی فهو لیس بالشیء القابل للمشاهدة و العیان بالنسبة لعموم الناس، و إن رؤیة الملک الذی یحمل الوحی غیر میسرة لغیر الأنبیاء سلام الله علیهم، و عندما یظهر الأنبیاء المعجزة التی هی أمر غیبی کذلک، فإنهم یثبتون من خلالها صدق اتصالهم و استنادهم إلى المنبع الغیبی الإلهی الثابت و الدائم. و حیث أن (حکم الأمثال فیما یجوز و فیما لا یجوز واحد) فمن الممکن التوصل إلى نتیجة مؤداها أن ادعاء الأنبیاء فی مورد نزول الوحی علیهم هو ادعاء صحیح و صادق.
7- إن ظهور المعجزة على ید الکاذب فی ادعاء النبوة هو أمر محال؛ لأن ذلک یتنافى مع الحکمة و الهدایة الإلهیة، فإظهار المعجزة على یدی مثل هذا الشخص موجب لإضلال الناس و تشتیت أفکارهم؛ لأن تکلیف الناس یصبح قبول نبوة الکثیر من الناس مما یتسبب فی الهرج و المرج، و إغراء أهل الادعاءات الکاذبة فیزداد عددهم أو ینتهی الأمر إلى تکذیب کل من یدعی النبوة، و هذا ما یتنافى مع هدف إرسال الرسل و هدایة الناس. و إما إن یصار إلى لزوم معیار من الله للتفرقة بین مدعی النبوة الصادق و مدعیها الکاذب، و ذلک ما جعله الله لأنبیائه و هو ما یسمى (بالمعجزة) حتى یکون الناس على بینة من أمرهم.
8- توجد عدة طرق أخرى لمعرفة صدق مدعی النبوة، من جملتها: دراسة محتوى الوحی بلحاظ التناقض الداخلی، أو من جهة التنافی مع العقل و الفطرة، فادعاء الوحی الذی یتنافى مع مسلمات العقل و الفطرة محکوم بالکذب، کما أن التنافی و التناقض بین فقرات و نصوص نفس الوحی أو بین الوحی و وحی آخر، هو دلیل على کذب مدعی النبوة و تلقی الوحی.
9- التدقیق و البحث فی سلوک مدعی النبوة قولاً و عملاً من جهة السلامة النفسیة و الأخلاقیة یمکن أن یکون طریقاً لمعرفة صدق مدعی النبوة.
10- إشارة النبی السابق أو المعاصر و بشارته بنبی آخر، و حتى تصریحات الکتب السماویة الإلهیة یمکن أن تکون طرقاً لمعرفة النبی و صدق إدعائه، و هذا ما حصل بخصوص النبی الأکرم (ص).
(الوحی): له معنى لغوی و آخر اصطلاحی.[1] المعنى اللغوی للوحی هو: انتقال مطلب معین بشکل خفی و سریع إلى المخاطب[2]، و ذلک یشمل (الإلهام القلبی). و أما المعنى الاصطلاحی للوحی فهو: إدراک و شعور باطنی خاص، و لیس تفکیراً عقلیاً، و هو عنایة خاصة لآحاد من أفراد بنی البشر الذین تشملهم العنایة الإلهیة الخاصة و هم الأنبیاء سلام الله علیهم، و لیس لأحد أن ینال هذا الأمر، و أنه مخفی و غیر ظاهر بالنسبة إلى الحواس.[3]
و الوحی بالمعنى اللغوی لا یتأتى للناس العادیین فقط، و إنما من الممکن حصوله لسائر الأحیاء، بل و حتى للموجودات الفاقدة للإدراک فی الظاهر (کالجمادات) و کذلک ورد فی خطاب القرآن و ثقافته فیما یخص الحالات الغریزیة من أمثال ما یفعل النحل من بناء بیوته و خلایاه و إنتاج العسل، فقد ورد فی القرآن بأن الله أوحى ذلک إلى النحل[4]، أو ما کان من الإلهام بالنسبة لأم موسى (ع) من أجل إنقاذ ولدها حیث أوحى الله إلیها أن تضعه فی الصندوق و تلقیه فی النیل.[5] کما ورد أن الله سبحانه أوحى إلى السماوات و الأرض.[6]
و قد ادعى بعض العرفاء الوحی، و الظاهر أن مرادهم المعنى اللغوی أو (الإلهام القلبی) أو نوع من الکشف و الشهود.
یقول ابن عربی: (إن الوحی أقوى سلطاناً فی نفس الموحى إلیه من طبعه الذی هو عین نفسه، قال تعالى: «وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَیْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِیدِ»[7] و حبل الورید من ذاته، فیا أیها الولی إذا زعمت أن الله أوحى إلیک فانظر إلى نفسک فی التردد و المخالفة، فإن وجدت لذلک أثراً بتدبیر أو تفصیل أو تفکر، فلست صاحب وحی، فإن حکم علیک و أعماک و أصمک و حال بین فکرک و تدبیرک و أمضى حکمه فیک، فذلک هو الوحی، و أنت عند ذلک صاحب وحی).[8] و الکلام کثیر فی هذا المعنى و یحتاج إلى فرصة أخرى، و لکننا نقتصر على نقل بعض ما جاء فی کلام الحکماء و العرفاء. و قد أشار صدر المتألهین الشیرازی (ره) فی کتابه مفاتیح الغیب بعد بیان طرق تحصیل العلم (التعلم و الکسب، الانجذاب و الإفاضة) و إن التعلیم الإلهی الذی یتحقق من دون واسطة یمکن ان یتحقق بنحوین او نوعین، و نوعه الأول هو الإیحاء و النوع الثانی هو الإلهام، إلى أن یقول: (... و الخلاصة أن الإلهام من الأمور المشترکة بین الأنبیاء و الأولیاء، و لکن الوحی من مختصات الأنبیاء، لأنه یتضمن النبوة و الرسالة).[9] ثم یستمر من کلامه فی التفرقة بین الوحی و الإلهام، و یبین دور الواسطة فی تلقی الإلهام و الوحی.[10] و کذلک أشار القیصری فی مقدمة فصوص الحکم لابن عربی إلى الفرق بین الإلهام و الوحی، و بعد أن یذکر عدة فروق یقول: (الوحی من مختصات النبوة... و الإلهام من خواص الولایة).[11]
و على هذا الأساس فمن الممکن أن یدعی أی شخص تلقی الوحی فی أی زمان، و لکن لابد من التحقق و تشخیص المدعى هل هو إدعاء الوحی بالمعنى الاصطلاحی الذی یعنی ادعاء (النبوة) أو أن مراده الوصول إلى مراتب من الکشف و الشهود و أنه یتلقى الإلهام؟ و فی الفرض الثانی هو (عارف) و لیس بنبی، و من أجل تصدیق ما یدعی لابد من الرجوع إلى الأمور المتعلقة بدائرة ادعائه و الأرضیة التی ینطلق منها.
و لکنه لو ادعى تلقی الوحی الإلهی بواسطة الملک الحامل للوحی الذی ینزله الله على أنبیائه، ففی مثل هذه الحالة یکون الأمر مختلفاً کل الاختلاف، و عند ذاک یأتی موضع البحث الکلامی و التساؤل الذی یقول: إذا ادعى النبوة شخص فما هو الطریق و السبیل المؤدی إلى إثبات صدق ادعائه؟ و کیف لنا أن نفرق بین (النبی) و (المتنبی)؟
و الظاهر أن مراد السائل هو هذا المعنى، و الهدف من السؤال هو معرفة الطرق التی تثبت صدق النبوة، و على هذا فمن الممکن أن یطرح السؤال بالشکل التالی: إذا ادعى أحد النبوة ، فبأی طریق یکون صدق ادعائه معلوماً؟
إذا ما ادعى أحد النبوة و تلقی الوحی و الرسالة من الله سبحانه فعلیه أن یقدم الدلیل و البرهان و الشواهد على ما یدعی، لأن الوحی لیس بالأمر المحسوس بالنسبة للآخرین و أن الملک الحامل للوحی لا یراه أحد إلا النبی الموحى إلیه، و لم تظهر لأی أحد دلالة و لا علامة على ذلک، و إن إثبات هذا الأمر الخارق للعادة الخفی على الناس یحتاج إلى أمر خارق للعادة أیضاً و لکنه محسوس و ملموس بالنسبة لعامة الناس، و ذلک ما یسمى (بالمعجزة) حتى یحصل التصدیق لدى الشخص الذی یشاهد المعجزة بأن هذا المدعی له نوع اتصال بمنبع غیبی هو ما وراء الطبیعة من جهة ما یمتلک من قوى و قدرات و إمکانات، و أنه یتلقى الوحی من قبل هذا المصدر غیر المادی، فهو مرتبط بالله سبحانه، و صاحب معجزة، أی أنه بإمکانه أن یأتی بأعمال یعجز الإنسان العادی عن الإتیان بها، و بذلک یقبل کلامه و یصدق قوله.
و على هذا الأساس فإنه من المعلوم أن طلب کل أمة من نبیها أن یأتیها بمعجزة هو طلب محق، و أن الأنبیاء استجابوا لهذه الطلبات، فجاءوا بالبینات و المعجزات و الآیات: «لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَیِّنَاتِ وَ أَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْکِتَابَ وَ الْمِیزَانَ لِیَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ».[12]
تعریف المعجزة:
ذکرت عدة تعاریف للمعجزة، و لکن بغضّ النظر عن بعض النقاط و المسائل یمکن أن یقال فی تعریف المعجزة: عمل خارق للعادة لا یتمکن من الإتیان به إلاّ الأنبیاء و المرسلون، و لا یمکن للإنسان العادی أن یأتی به مهما بذل من الجهد ومهما امتلک من القوى.[13]
و من خلال التوجه إلى تعریف المعجزة من الممکن أن نضع أیدینا على بعض خصوصیاتها:
أوّلاً، المعجزة و کما یوحی اسمها هی الأمر الذی یکون (معجزاً) للآخرین، أی أنه یظهر عجزهم و عدم قدرتهم، بمعنى أنه العمل الخارق للعادة و الخارج عن حدود قدرة البشر، و القوانین المعهودة المتعارفة فی میدان التعلیم و التعلم، على کیفیة لا یمکن صدورها من الأشخاص العادیین.[14]
ثانیاً: و المعجزة تکون على کیفیة تحمل المخاطبین على الاعتراف بأن هذا العمل یعتمد و یستند إلى سبب غیر مغلوب و لا مقهور، و لا یمکن أن یکون باطلاً، أو أنه یقبل المحو و الإزالة...[15] و بالإمکان الإشارة إلى ما کان یجری على یدی عیسى بن مریم (ع) من إحیاء الموتى کنموذج واضح للمعجزة الإلهیة، فهو عمل خارق للعادة من جهة، و یصاحبه ادعاء النبوة من جهة أخرى، إضافة إلى عجز الآخرین عن الإتیان بمثله و استناده إلى سبب غیر مغلوب.
إن ظهور مثل هذه الأعمال على أیدی الأنبیاء دلیل على إمکانیة تحقق الوحی، الذی هو أمر غیر عادی، و استناداً إلى القاعدة المعروفة القائلة (حکم الأمثال فیما یجوز و ما لا یجوز واحد)[16] یمکن التوصل إلى النتیجة التالیة: کما أن تحول العصا إلى ثعبان ممکن بسبب و مساعدة قوة غیبیة خفیة، فمن الممکن تلقی الوحی الإلهی من عالم الغیب، لیحصل للمتلقی علم به، و للآخرین المعرفة و الإطلاع.
و على هذا الأساس فإن أهم طریق یسلک لمعرفة صدق مدعی النبوة و تلقی الوحی هو طریق (المعجزة) فبالاستناد إلى وقوع المعجزة على یدی من یدعی النبوة یکون الإیمان به و تصدیق دعوته و قبول کلامه، و المعجزة فی واقع الأمر هی طریق یتم الحجة على الناس و یغلق الطریق بوجه ملتمسی الأعذار و الحجج ممن لا یؤمن بدعوة الأنبیاء.
و من الممکن أن یطرح السؤال الآتی: ألیس من الممکن أن یدعی أحد النبوة کذباً فتصدر عنه المعجزة الخارقة للعادة؟ و الجواب هو مع أن وقوع مثل هذا الأمر لیس محالاً عقلاً، إلاّ أنه من المستبعد أن یصدر مثل هذا العمل من الله سبحانه بالنظر إلى صفاته و أسمائه من أمثال: الهادی، الحکیم، الرحمن، الرحیم و ... فمن الحق أن لا یکون منتظراً من الله سبحانه أن یُجری المعجزة على یدی کاذب فی إدعاء النبوة و تلقی الوحی الامر الذی یوقع الناس فی الضلال و الحیرة، و بعبارة أخرى فالأمر یؤول إما إلى تصدیق کل من یدعی النبوة و الإیمان به مما یفضی إلى الهرج و المرج و ظهور ما لا یحصى من الأنبیاء و إما أن یرد ادعاء کل من یدعی النبوة و تکذیب دعوته، و هذا خلاف الغرض الإلهی فی هدایة الناس و حثهم على الإیمان، و الفرض الثالث هو إیجاد طریق واقعی و صادق یمکن التعرف من خلاله على صدق مدعی النبوة و تلقی الوحی، و هذا هو ظهور (المعجزة) على یدی مدعی النبوة الصادق (و بذلک یکون الغرض فی هدایة الناس و سعادتهم قابل للتناول) و لهذا السبب اقتصر بعض المتکلمین على ظهور المعجزة کطریق وحید لمعرفة صدق مدعی النبوة.[17] و إن من الأنسب القول أن من أهم الطرق و الوسائل لمعرفة مدعی النبوة هو المعجزة و هی أکثر الطرق اطمئناناً. و ذلک أنه توجد طرق متعددة یمکن من خلالها التعرف على مدى صدق النبوة، من أهمها: دراسة محتوى الوحی بلحاظ التنافی و التناقض الداخلی أو بلحاظ التنافی مع العقل و الفطرة السلیمة، بمعنى أنه إذا ادعى أحد النبوة و أنه یوحى إلیه، فیعرض ما یوحى إلیه أمام الناس، فإذا کانت مضامین ما یعرض لا تتناسب مع العقل أو أنها خلاف الفطرة السلیمة النقیة، فإنه من المعلوم کذب مثل هذا المدعی.[18] و کذلک إذا ما لوحظ التناقض و التعارض فیما یعرضه بعنوان (الوحی) فإن ذلک یکشف عن کونه کاذباً فی ادعائه، کما جاء فی القرآن الکریم: «أَفَلا یَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَ لَوْ کَانَ مِنْ عِنْدِ غَیْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِیهِ اخْتِلافاً کَثِیراً».[19]
و کذلک دراسة سیرة الشخص الذی یدعی النبوة و النظر فی أحواله فعلاً و قولاً ففی ذلک ما ینبأ عن مدى صدقه أو کذبه فیما یدعی إلى حد ما. فإذا کان مدعی النبوة لا یعمل بما یدعی أنه یوحى إلیه، أو أنه لا یصدق فی أقواله، أو یقوم بأعمال منفرة و غیر مرضیة، أو یکون له طمع بما فی أیدی الناس، أو أنه یظهر حب الرئاسة و الشهرة و ... فإن جمیع ذلک مما یتنافى و مقام النبوة، فیکون موجباً لتکذیبه.
و الطریق الآخر لمعرفة صدق النبوة هو إشارة نبی آخر و بشارته سواء کان سابقاً أو معاصراً لمدعی النبوة، و على هذا فمن الممکن أن تتم الحجة على الناس بطریق غیر طریق المعجزة، و إن کانت مثل هذه النبوة مستندةً و معتمدة على إعجاز النبی السابق أو المعاصر.
فقد یتفق وجود أکثر من نبی فی زمان واحد، و إن وجود المعجزة بالنسبة لأحدهم کافیة فی إثبات صدق نبوة الآخر، فمثلاً کانت نبوة إبراهیم و لوط (ع) متزامنة، فعندما تثبت نبوة إبراهیم (ع) ثم یصرح و یعلن عن نبوة لوط (ع) فإنها تثبت و تصدق من خلال هذا الإخبار و بذلک تتم الحجة على الناس، و یتم إطلاعهم بنبوة هذا الرسول الإلهی[20] إن نبوة النبی الأکرم (ص) سبقتها بشارات متعددة من قبل الأنبیاء السابقین إضافة إلى عدد من المعجزات التی ظهرت على یدی النبی (ص)، حتى أن البعض کانوا «یَعْرِفُونَهُ کَمَا یَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ»[21] و قد ذکر عیسى (ع) اسم النبی الأکرم (ص) و بشر بقدومه: «وَ إِذْ قَالَ عِیسَى ابْنُ مَرْیَمَ یَا بَنِی إِسْرائیلَ إِنِّی رَسُولُ اللَّهِ إِلَیْکُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَیْنَ یَدَیَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ یَأْتِی مِنْ بَعْدِی اسْمُهُ أَحْمَدُ».[22]
و فی نهایة الکلام نقول: إن البشارات و الصفات المتعلقة بالنبی الأکرم (ص) و التی ذکرت فی التوراة و الإنجیل و ما زالت موجودة هی طریق آخر لمعرفة أنبیاء الله، و قد صرحت آیات القرآن الکریم بذلک، و مثاله قوله تعالى: «الَّذِینَ یَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِیَّ الأُمِّیَّ الَّذِی یَجِدُونَهُ مَکْتُوباً عِنْدَهُمْ فِی التَّوْرَاةِ وَ الإِنْجِیلِ»[23]و بعض الآیات الأخرى.[24]
و من أجل الاطلاع بشکل أوسع على ما ورد من تصریحات بخصوص نبوة النبی الأکرم (ص)، یمکن مراجعة التوراة و الإنجیل، و کذلک الکتب التی ألفت فی هذا الموضوع.[25]
[1] موضوع مرتبط: الوحی و کیفیاته و (انواعه).
[2] الراغب الأصفهانی، المفردات، کلمة (الوحی)، ص515.
[3] انظر: الطباطبائی، السید محمد حسین، المیزان، فی تفسیر القرآن، ج2، ص159، دار الکتب الإسلامیة.
[4] النحل، 64.
[5] طه، 38؛ القصص، 7.
[6] فصلت، 11 و 12؛ الزلزلة، 5.
[7] ق، 16.
[8] ابن عربی، محی الدین، الفتوحات المکیة، ج2، ص78، الدار العربیة الکبرى، مصر.
[9] انظر: صدر المتألهین الشیرازی، مفاتیح الغیب، ج1، ص 221 ـ 224.
[10] نفس المصدر، ص224.
[11] القیصری، مقدمة على فصوص الحکم لابن عربی، تنبیه، الفصل السابع.
[12] الحدید، 25.
[13] جوادی الآملی، عبد الله، تفسیر موضوعى قرآن کریم" التفسیر الموضوعی للقرآن الکریم"، ج1، ص89.
[14] العلامة البلاغی، آلاء الرحمن فی تفسیر القرآن، ص3، و انظر: جوادی الآملی، تفسیر موضوعى قرآن کریم" التفسیر الموضوعی للقرآن الکریم"، ج1، ص89ـ106؛ مصباح الیزدی، محمد تقی، معارف القرآن، ج4و5، ص59ـ61.
[15] العلامة الطباطبائی، المیزان فی تفسیر القرآن، ج1، ص74، دار الکتب الإسلامیة، چ2، 1389، طهران.
[16] (حکم الأمثال فیما یجوز وفیما لا یجوز واحد) هذه قاعدة فلسفیة لها استعمالات متعددة فی موارد متعددة. و لأجل التعرف على هذه القاعدة و موارد الاستفادة منها یمکن الرجوع إلى کتاب غلامحسین الإبراهیمی الدینانی، قواعد کلى فلسفى در فلسفه اسلامى (القواعد الکلیة فی الفلسفة الإسلامیة). ج1، ص208.
[17] عبد الرزاق اللاهیجی، (ذخیرة الإیمان)، ص85، المظفر، الشیخ محمد رضا، عقائد الإمامیة، ص77، الفصل الثانی، النبوة.
[18] من الضروری التوجه إلى قضیة مهمة و هی أنه من الممکن أن لا یکون جمیع الناس ملتفتین فی جمیع الموارد إلى ما یخالف الفطرة و العقل و إدراک ذلک، و هناک الکثیر من الموارد التی جاءت فی تعالیم الأنبیاء علیهم السلام مما یعجز العقل عن إدراکه و فهمه، و لم تکن الفطرة عند الجمیع قادرة على استیعاب مثل هذا الإدراک. فی حین أن إتمام الحجة على الناس بواسطة الأنبیاء تحتاج إلى وضوح شدید بعیداً عن کل إبهام و غموض، و من دون أی شک و تردد. انظر: مصباح الیزدی، محمد تقی، معارف قرآن" معارف القرآن"، ج4 و 5، ص66ـ69.
[19] النساء، 82.
[20] انظر: معارف قرآن "معارف القرآن"، ج4و5، ص71.
[21] البقرة، 164؛ الأنعام، 20؛ ر.ک: العلامة الطباطبائی (ره)، محمد حسین، المیزان، ج1، ص326 و 327؛ ج7، ص40، 41؛ ج 8، ص278 ـ 282.
[22] الصف، 6.
[23] الأعراف، 157.
[24] الفتح، 29؛ الشعراء، 197؛ العلامة المجلسی، بحار الأنوار، ج15، ص174 ـ 248.
[25] بحار الأنوار، ج15، ص174 ـ 248؛ إنجیل یوحنا، باب 14، بند 16ـ 30، باب 15، بند 26، إنجیل برنابا، باب 39 و 41 و 44 و 54 و 55 و 136 و... .