Please Wait
5352
هناك تأكيدات و إيعازات تدل بشكل عام على عدم التكلّم بالرؤى و الأحلام إلا للأفراد المؤمنين الصّالحين، و ذلك لتقسيم الأحلام و الرؤى إلى عدة أقسام، كما و إنها تحتاج إلى تعبير صحيح و لا يمكن الحكم عليها ببساطة.
و من الثابت في الشريعة الاسلامية أن حرمة الانسان المؤمن ثابتة سواء في حياته أم بعد مماته و من هنا اذا كان الحديث عن الرويا مما تنتهك به تلك الحرمة فلا يجوز قطعا.
قبل الدخول في البحث لابد من القول بأن التحدّث بالأحلام و الرؤى و الإباحة بها يمكن تقسيمه إلى عدة أقسام حسب نفس الرؤى و الأحلام، فمستوى بعضها عاديٌّ جدّا فلا بأس بالتحدّث به سواءً أ كانت صادقة أم كاذبة لأنها ليست ذات أهمية و ليس للحكم بتفسيرها أو تعبيرها تأثير مهم، لكن بعض الرؤى يمكن أن يكون فيها نوع إخبار عن أمور مخفية أو غريبة. و من جهة أخرى يمكن لبعض هذه الأحلام أن تكون كاذبة أو أن تكون مجرىً لنفوذ القدرات السلبية.
بشكل عام لم يوعز التصريح بمثل هذه الرؤى إلا للأفراد المؤمنين الصالحين، ثم و بعد استشارة هؤلاء الأفراد، يمكن التحدّث بمثلها ـ إذا رأوا صلاح ذلك ـ لأجل هداية الناس. ثمّ إن الأستاذ الروحي و المعبّر الصالح، يعلم جيّداً و يفرّق بين الرؤيا الصادقة و الحلم الكاذب الذي كان تحت تأثير القوى الخيالية و الواهمة، لذلك نجده ينفي بعضها أو يعبره تعبيراً صحيحاً. فهناك مصالح كثيرة و حكم يمكن ترتبّها على عدم الإباحة بالأحلام إلا للأفراد المؤمنين الصالحين نشير إلى بعضها:
- الكثير من الأحلام كما مرّ هي من صنع خيال الإنسان و متأثّرة بأفكاره و عقائده و نزعاته الشخصية و ليس لها أيّ منشأ إلهيّ و غيبي. ففي هذه الأنواع من الرؤى يمكن أن نجد النكات السلبية المخيفة التي تخامر الفرد و تبعث على القلق و الإضطراب، كما تحصل فيها بعض الاستنباطات التي لا يمكن أن تكون صحيحة عن الأفراد و الأحداث المختلفة التي لو تلبست بالطابع السلبي لهم لأدت إلى الانزعاج و الضجر و لو تلبّست بالطابع الإيجابي لحصل الوهم الكاذب في الذهن المخالف للحقيقة عن النفس أو الآخرين. و من جهة أخرى كثيراً ما يخرج تشخيص كذب الرؤيا أو صدقها عن عهدة الفرد. لذلك فمن الطبيعي ألا يحصل من التحدث بهذه الرؤيا للناس نتائج جيدة لأنها تكون حاكية عن أمور غير حاصلة و يمكن أن توهم الفرد أو الآخرين حيث يقول: لو لم يكن ما رأيته واقعاً لما حصلت هذه الرؤيا.
كما نجد أن بعض الرؤى فيها طابع الهداية لنفس الفرد و التحدث بها أمام الآخرين قد يلبّس بطابع حبّ الظهور و القدسية. و قد يشوبه الرياء فتقف هذه الرؤيا حجر عثرة أمام تطوّره الروحي. لكن التحدث بها أمام المؤمنين أو الأستاذ المعنوي قد يؤدّي إلى ارتفاع المعنويات.
-البعض الآخر من الرؤى هي ما يراها أولياء الله الصالحون و هؤلاء قد وصلوا إلى حدّ من الكمال بحيث يعرفون وظيفتهم الإلهية بشكل جيد و قد يحدثون ببعض هذه الرؤى لأجل هداية الناس و إرشادهم.
لذلك فمن الأفضل أن لا يتحدث المرء بالرؤى المتعلقة بالآخرين (الأموات أو غيرهم) إلا للأفراد الصالحين ـ عدا الحالات العادية التي لا يؤدي الكلام بها إلى مفسدة ماـ [1]
[1] محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن خالد عن القاسم بن عروة عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: قال رسول الله (ص) الرؤيا لا تقصُّ إلّا على مُؤمن خلا من الحَسَد و البَغي. الكليني، الكافي، ج 8، ص 339، دار الكتب الاسلامية.