Please Wait
8446
من الأعمال التی ینبغی مراعاتها من قبل الوالدین قبل ولادة الولد: أداء الفرائض الدینیة، مراعاة آداب المعاشرة الزوجیة، أکل الطعام الحلال الطاهر، و تناول الفواکه المتنوعة، إجراء الفحوصات الجینیة، الابتعاد عن الانفعالات النفسیة، مشاهدة المناظر الجمیلة، رعایة الصحة البدنیة، ممارسة الریاضة و... .
و من خلال اتباع هذه التعلیمات یمکننا الحصول على أسرة موفقة و حیویة و ملتزمة بالإسلام.
الأطفال یمثلون الأزهار فی حدیقة الحیاة، و هم بناة المستقبل للمجتمع و قد أولى الإسلام اهتماماً کبیراً بهذه الشریحة الاجتماعیة و شرع لها أروع و أجمل القوانین التی تساعد على تنمیة المجتمع و ارتقائه، منها:
1ـ اختیار الزوجة المناسبة:
لا توجد علاقة و رابطة ترقى إلى مستوى علاقة الزوجیة، حتى أن الله تعالى جعلها آیة من آیاته فقال سبحانه: «و من آیاته أن خلق لکم من أنفسکم أزواجاً لتسکنوا إلیها و جعل بینکم مودةً و رحمة إنّ فی ذلک لآیات لقومٍ یتفکّرون».[1]
و من حقوق الطفل أن یتمتع بالسلامة الجسمیة و الروحیة، و إن جزءاً من هذه السلامة یأتی عن طریق الأب و الأم و ذلک بتأثیر العوامل الوراثیة، و لذلک أوصى الإسلام کلاً من الرجل و المرأة بالتأنی و الدقة قبل الإقدام على اختیار الشریک و ملاحظة صفاته و خصائصه من جمیع الجهات سواء الجسمیة أو الروحیة حتى تکون ثمرة اللقاء ولداً صالحاً و سالماً، یقول النبی (ص): «أنکحوا الأکفاء، و انکحوا فیهم، و اختاروا لنطفکم»[2]. و یقول فی موضعٍ آخر: «أیها الناس إیاکم و خضراء الدمن، قیل: یا رسول الله و ما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء فی منبت السوء»[3]. و من هنا فالإقدام على الفحوصات الجینیة و اختبارات فصیلة الدم من الأمور الضروریة للوقایة من إصابة الجنین و التأثیر على سلامته.
2ـ الدعاء و الاستعداد الروحی الضروری لتحمل مسؤولیة تربیة الطفل:
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ (ع) قَالَ قَالَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ (ع) لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ قُلْ فِی طَلَبِ الْوَلَدِ رَبِّ لَا تَذَرْنِی فَرْداً وَ أَنْتَ خَیْرُ الْوَارِثِینَ وَ اجْعَلْ لِی مِنْ لَدُنْکَ وَلِیّاً یَرِثُنِی فِی حَیَاتِی وَ یَسْتَغْفِرُ لِی بَعْدَ مَوْتِی وَ اجْعَلْهُ خَلَفاً سَوِیّاً وَ لَا تَجْعَلْ لِلشَّیْطَانِ فِیهِ نَصِیباً اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْتَغْفِرُکَ وَ أَتُوبُ إِلَیْکَ إِنَّکَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِیمُ سَبْعِینَ مَرَّةً فَإِنَّهُ مَنْ أَکْثَرَ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ رَزَقَهُ اللَّهُ مَا تَمَنَّى مِنْ مَالٍ وَ وَلَدٍ وَ مِنْ خَیْرِ الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ.[4]
3ـ مراعاة آداب المعاشرة:
بحسب بعض الروایات فإن معاشرة الزوجة و الاقتراب منها فی بعض الأیام و الساعات أمرٌ مکروه و غیر مناسب: 1ـ فی أیام الخسوف و الکسوف. 2ـ وقت غروب الشمس. 3ـ من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. 4ـ اللیلة الأولى من الشهر (سوى شهر رمضان). 5ـ آخر لیلة من الشهر. 6ـ بعد الاحتلام فی النوم. 7ـ فی مکان فیه طفل یراهما أو یسمع صوتهما، حتى مع کونه لا یعرف شیئاً. 8ـ النظر إلى الفرج. 9ـ التعری. 10ـ تحت السماء 11- فی مواجهة القبلة و استدبارها .11ـ حال امتلاء البطن[5].
و هنا نشیر إلى الحکمة فی بعض ما تقدم من التعلیمات:
عَنْ أَبِی سَعِیدٍ الْخُدْرِیِّ فِی وَصِیَّةِ النَّبِیِّ (ص) لِعَلِیٍّ (ع) أَنَّهُ قَالَ: یا علی لا تجامع امرأتک فی أول الشهر و وسطه و آخره، فإن الجنون و الجذام و الخبل یسرع إلیها و إلى ولدها»[6].
و لا بد من التنبیه إلى أنه لیست جمیع هذه الروایات ثابتة و موثوقة إلا أن قسطاً منها موثوق و معتبر فلا بد من أخذها بنظر الاعتبار، إضافة إلى أن ما یشار إلیه من فلسفة هذه الأحکام لیس حتمی الوقوع فی جمیع الحالات، بل معناه أن هذا الفعل یقتضی وقوع هذا الأثر مع توفر عوامل أخرى، إلا أنه من الممکن ألا یقع الأثر عند ما توجد مؤثرات و عوامل مختلفة، فتکون النتائج مغایرة. و من الجدیر بالذکر أن التحقیقات العلمیة أثبتت أن منازل القمر لها تأثیر على حالات جسم الإنسان کما هو تأثیرها على ما یحدث من مد و جزر فی البحار و المحیطات[7]. و علیه فلا ینبغی إغفال هذه الأحکام لمجرد عدم إثبات جمیع ما هو وارد فی الروایات و الأحادیث.
4ـ التغذیة المناسبة فی زمن الحمل:
إن تغذیة الام بشکلٍ صحیح فی هذه الفترة الزمنیة یوجب رشد و نضوج الجنین الجسمی و العقلی، و علیه فلا بد من ملاحظة عدة أنواع من الطعام أیام الحمل، و من أهم ما تحتاجه المرأة فی تلک الفترة الأطعمة التی تحتوی على ستة أنواع: البروتینات، الدهون، السکر، الماء، الفیتامینات، و الأملاح المعدنیة.[8] یقول الرسول(ص): «أطعموا المرأة فی شهرها الذی تلد فیه التمر، فإن ولدها یکون حلیماً نقیاً».[9].
فالتمر مصدر من مصادر الطاقة، و کلما تقدمت المرأة فی أیام الحمل یزداد احتیاجها إلى المواد المولدة للطاقة، ففی الأشهر الثلاثة الأولى تکون الحاجة إلى مائة و خمسین غرام من المواد المولدة للطاقة فی الیوم الواحد، و لکن هذا المقدار یرتفع فی الأشهر الأخیرة من الحمل و خصوصاً بعد الشهر الخامس حتى یصل إلى حدود مائتین و خمسة و عشرین غراماً.[10]
فکم هو جمیل ما أوصى به رسول الله المرأة الحامل بخصوص تناول التمر فی أشهرها الأخیرة ـ أی زمن حاجتها إلیه ـ ثم أتبع ذلک بالترغیب و تعلیل ذلک بحلیماً نقیاً لتلزم الأم بما هو فی صالحها و صالح طفلها.
و کذلک یقول الإمام الصادق(ع): «و أطعموه حبالاکم فإنه یحسن أولادکم»[11].
و یقول الرسول(ص): «ما من امرأة حاملة أکلت البطیخ، لا یکون مولودها إلا حسن الوجه و الخلق».[12]
و یقول کذلک: «أطعموا حبالاکم السفرجل، فإنه یحسن أخلاق أولادکم»[13].
و یقول الإمام الرضا(ع): «علیکم بالسفرجل فإنه یزید فی العقل»[14].
و کذلک یقول: "أطعموا حبالاکم اللبان، فإن یکن فی بطنهن غلام خرج ذکی القلب عالماً و شجاعاً، و إن یکن جاریة حسن خلقها و خلقها، و عظمت عجیزتها، و حظیت عند زوجها".[15]
و من الطبیعی فإن اجتناب أکل الحرام و الشبهة من جملة الأمور الهامة التی ینبغی ملاحظتها من قبل الوالدین. یقول الرسول الأکرم (ص): « من أدخل فی جوفه لقمة حرام لم تقبل له صلاة أربعین لیلةًَ و لم تستجب له دعوة أربعین صباحاً وکُلُّ لحمٍ یُنبته الحرامُ فالنار أولى به، و إن اللقمة الواحدة تُنبت اللحم».[16]
5ـ الصحة النفسیة و الروحیة للأم أیام حملها، من أهم المسائل التی تطرح بخصوص سلامة الأم و جنینها، فالأم التی تشعر أن من حولها یؤمنون لها الدعم و الحمایة و الرعایة فی هذه الأیام الحساسة فی حیاتها یمکنها أن تتجاوز کل المشاکل و الأزمات التی تواجهها فی أیام حملها و نتیجة ذلک أنها تلد مولوداً صحیحاً و سالماً.
و قد أوصى الله سبحانه الإنسان أن لا ینسى ما یتحمله الوالدان من معاناة و مصاعب من أجل تنشأته و حمایته و خصوصاً معاناة الأم.[17] و فی هذه الآیة نوع حمایة نفسیة و دعم للأم. و قد أشار الرسول الأکرم (ص) إلى هذه المرحلة الحساسة من عمر المرأة و قال: «إذا حملت المرأة کانت بمنزلة الصائم القائم المجاهد بنفسه و ماله فی سبیل الله».[18]
إن القلق و التوتر فی هذه الفترة یمکن أن یفسد الکثیر من الأمور. و قد قیل: إن القلق و التوتر فی أیام الحمل أکثر شیوعاً منه بعد الولادة، و هو أکثر خطورة أیضاً. إن الإضطراب و القلق بعد الولادة تصاب به نسبة من الأمهات تصل 10% و فی بعض الأحیان تصل آثاره إلى المولود. إن القلق و الاضطراب من أکثر ما تشتکی منه النساء أیام الحمل و بعد الولادة و عادة ما تترک المرأة و نفسها فی هذه الحالة، و إذا ما استمرت هذه الحالة فإنها قد تؤدی إلى العصاب الشدید، و الإحساس بالذنب، و الارتباک و من الجدیر بالذکر أن ما تقدم من الآیات و الروایات یساعد على التخفیف من حالة القلق و الارتباک.
6ـ إقامة الفرائض الدینیة:
تدل التحقیقات على أن المؤمنین و المتدینین أطول أعماراً من الآخرین و من الأدلة على ذلک أن أداء الصلاة بشکل مرتب و منتظم یؤدی إلى حفظ ضغط الدم فی الجسم. و قد قاس الأطباء الباحثون ضغط الدم بالنسبة إلى المسلمین فوجدوه أقل من المتوسط، و هؤلاء هم أصحاب العقائد الراسخة و الذین یؤدون الصلاة بشکل منتظم و مرتب.
و إن عدم السیطرة على ضغط الدم قد یؤدی إلى ارتفاعه فیتسبب بالنوبة القلبیة أو العجز الکلوی، و علیه فإن ما یؤدیه الوالدان من صلاة و دعاء و غیرها من العبادات ینعکس بشکل إیجابی على الحالة الروحیة و النفسیة للجنین، و هکذا بالنسبة إلى العبادات الأخرى و کما أن قراءة القرآن و الدعاء و ذکر الله فإنها تجلب الاطمئنان و الارتیاح على قلب الأم و کذلک یبعث على اطمئنان الجنین و هدوئه.
هذه بعض التوصیات التی یمکن ذکرها هنا و هناک وصایا اخرى من قبیل النظر الى المناظر الجمیلة او ممارسة الریاضة و التی اثبتت دراسات العلم المعاصر جدواها و اهمتها فی التربیة النفسیة و خلق الحیاة المستقرة.[19]
[1] الروم، 21.
[2] الحر العاملی، وسائل الشیعة، ج20، ص48؛بَابُ اسْتِحْبَابِ اخْتِیَارِ الزَّوْجَةِ الْکَرِیمَةِ الْأَصْلِ الْمَحْمُودَةِ الصِّفَاتِ وَ تَزْوِیجِ الْأَکْفَاءِ وَ التَّزْوِیجِ فِیهِم.
[3] المحجة البیضاء، ج 2، ص 52.
[4] وسائلالشیعة، ج 21، ص 370.
[5] وسائل الشیعة، ج 14، أبواب مقدمات نکاح؛ بحار الأنوار، ج 103، ص 281؛ جواهر الکلام، ج 29، ص 54.
[6] وسائلالشیعة، ج 20، ص 129، حدیث 25214.
[7] موقع ممثلیة الولی الفقیه فی الجامعة.
[8] النوریْ، الدکتر حسین، مراقبتهاى زنان و زایمان" رعایة المرأة اثناء الولادة"، (تغذیة الحوامل).
[9] مکارم الأخلاق، ج 1، ص 169.
[10] رشد در دوران قبل از تولد" النمو قبل الولادة"، دکتر مهرناز شهرآرای، ص 49.
[11] مکارم الأخلاق، ج 1، ص 372، ح1230.
[12] مستدرک الوسائل، ج 15، ص 214 ح 18038.
[13] المستدرک، ج 3، ص113 و 116.
[14] مکارم الأخلاق، ج 1، ص 196.
[15] مکارم الأخلاق، ج 1 ص 192، 193، 196، 222.
[16] بحار، ج63، ص314.
[17] «وَ وَصَّیْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَیْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ کُرْهًا وَ وَضَعَتْهُ کُرْهًا وَ حَمْلُهُ وَ فِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِینَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِی أَنْ أَشْکُرَ نِعْمَتَکَ الَّتِی أَنْعَمْتَ عَلَیَّ وَ عَلَى وَالِدَیَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَ أَصْلِحْ لِی فِی ذُرِّیَّتِی إِنِّی تُبْتُ إِلَیْکَ وَ إِنِّی مِنَ الْمُسْلِمِینَ»احقاف، 15.
[18] وسائل الشیعة، ج 21، ص 451.