بحث متقدم
الزيارة
8046
محدثة عن: 2007/07/31
خلاصة السؤال
کیف فهم ان المراد من )من علیها فی الآیة 26 من سورة الرحمن( هو الانس و الجن؟ أو کیف نعلم بان الجن موجودون علی الارض؟
السؤال
فی تفسیر الآیة 26 من سورة الرحمن: «کل من علیها فان» کیف فهم ان المراد من )من علیها( هو الانس و الجن؟ أو کیف نعلم بان الجن موجودون علی الارض؟ او انه لا یوجد اناس آْخرون فی الکواکب الاخری؟ و قد ورد فی محل آخر بان المقصود من )فان) لیس هو الفناء المطلق، بل هو نوع من التبدیل و التغییر فی العالم، فمن أی قرینة استفید هذا المعنی؟
الجواب الإجمالي

1. ان معنى الآیة اجمالاً هو ان کل شخص (له شعور و عقل) موجود علی الارض فانه فان، و ان وجه ربک الذی له الجلال و الکرام باق.

2. یظهر من مجموع آیات سورة (الرحمن) و من بعض الروایات بوضوح، ان الله الرحمن الرحیم فی مقام تعداد النعم التی وهبها لاصحاب العقل و الشعور.

3. ان التعبیر بکلمة (الثقلان) فی الآیة 31 من سورة الرحمن، و استعمال لفظة (من) بدل (ما) فی الآیة 26 من نفس السورة،‌ إلی جنب بقیة آیات هذه السورة و خصوصا آیة: «فبای آلاء ربکما تکذبان» و الآیات (33 و 15 و 14 و 35 و ...) یعین المراد و المخاطب بهذه الآیات،‌ خصوصاً آیة «کل من علیها»،‌ لان لفظة الثقلان تستعمل فی القرآن بمعنى الإنس و الجن،‌ و (من) تستعمل للعاقل.

4. تدل الروایة التی ینقلها جابر بن عبدالله عن النبی الاکرم (ص) بصراحة علی ان المخاطب هو الانس و الجن،‌حیث ان النبی (ص) یقول للناس: «الجن کانوا أحسن جواباً منکم لما قرأت علیهم (فبأی آلاء ربکما تکذبان) قالوا: لا و لا بشیء من آلائک ربنا نکذب.

5. انه توجد ادلة و شواهد کثیرة علی وجود الجن على الارض منها: المشاهدات و العلاقات المباشرة مع مختلف الاشخاص، و التسخیر و استخدام الجن أرضیا من قبل النبی سلیمان (ع) و ... کذلک الروایات الکثیرة التی تثبت ان اماکن وجودهم هو الودیان و الاماکن القلیلة السکان، و ان الجن و النسناس هم من أهل الارض. نعم، ان الآیة مورد البحث لا تدل علی انحصار حیاة الانسان و الجن على وجه الارض أو علی عدم وجود موجودات اخری فی الکواکب و السماوات الاخری، و یحتاج ذلک إلی دراسة مستقلة.

6. ذکرت آراء مختلفة حول تفسیر الآیة و المراد منها، یفید الاطلاع علی‌ بعضها فی الاجابة عن القسم الآخیر من السؤال.

7. الإنعدام و الفناء المطلق لموجودات عالم الامکان،‌ او الهلاک و موت عالم المادة و الاجسام،‌ أو انقطاع و نهایة نشأة الدنیا و ارتفاع آثارها و احکامها،‌ أو الفناء و الهلاک الذاتی و الوجودی للموجودات ... هی من جملة الآراء و النظریات المطروحة بالرغم من وجود الادلة العقلیة و النقلیة علی استحالة موت و فناء مطلق الموجودات و خصوصاً الموجودات المجردة.

8. ان الالتفات إلی معنى الفناء و مفهومه (الانعدام، التغیر،‌ الهلاک، الانتهاء و النهایة، التحلل و الذوبان، التآکل و تغیر الصورة و الخروج عن قابلیة الانتفاع) و مراجعة الآیات و الروایات و الشهود العرفانی و البراهین العقلیة،‌ کل ذلک أدلة و شواهد على التغییر و التجدد و التجرد...، فی کل لحظة، فناء و ولادة، حرکة و سیر، بدایة و نهایة،‌ غروب و طلوع و ...

9. إن فناء الأشیاء و فقر الموجودات و هلاک عالم الامکان، لا یمکن ان ینجبر الاّ بالوجود و الفیض‌ و الإحسان من قبل الذات اللامتناهیة و وجه الله الجلیل و الکریم و ان ظهور و بروز اسم (المفنی و الممیت) و (المنشئ و المحیی) لا یمکن إن یتحقق فی الوجود بغیر الموت و الولادة.

لقد تبدل ماء هذا الجدول مراراً

لکن صورة القمر و النجم مستقرة فیه

10. إن الآیات: «یسئله من فی السموات ... کل یوم هو فی شأن و ...) و التی وردت فی نفس هذه السورة (الرحمن)،‌ و آیات اخری نظیر قوله تعالی «بل هم فی لبس من خلق جدید» و «تری الجبال تحسبها جامدة و هی تمر مرّ السحاب» و ...، هی من جملة الشواهد و المؤیدات للفهم المذکور فی السؤال.

الجواب التفصيلي

للإجابة عن هذا السؤال نذکر ابتداءً المعنی الاجمالی للآیات 25 و 26 من سورة الرحمن، ثم نتابع الجواب فی ثلاثة مقاطع:

المقطع الاوّل: تعرض فی هذا المقطع أدلة و شواهد تبیّن المراد و المقصود من عبارة (من علیها) فی الآیة الکریمة،‌ و أیضاً امور تتعلق بحیاة الجن على وجه الارض.

المقطع الثانی: و یتعهد هذا المقطع ببیان المعنى اللغوی للفناء و بعض التفاسیر و الآراء حول الآیة السادسة و العشرین من سورة الرحمن.

المقطع الثالث: و تطرح فی هذا المقطع قرائن و شواهد تتعلق بالتفسیر و الفهم المذکور فی السؤال (إثبات تجدد و تغیّر العالم).

یقول تعالی فی الآیتین 25 و 26 من سورة الرحمن ما معناه اجمالاً: ان کل شخص (له شعور و عقل) علی (الارض) فهو فان، و انّ وجه ربک باق و هو الوجه الذی له الجلال و الاکرام (الجمال)[1]. و بالطبع فانه لم تذکر (الارض) بشکل صریح فی هذه الآیة،‌لکن یستفاد من سیاق الآیات بان ضمیر (علیها) یعود إلی الارض،‌ و یتناسب هذا أیضاً مع مجموعة الآیات الواردة فی مقام بیان و تعداد النعم التی أفاضها الله الرحمن على ذوی الشعور و العقل[2].

المقطع الاوّل: المراد من (من علیها) فی الآیة:

لقد طرحت آراء مختلفة من قبل المفسرین بخصوص سکنة الارض من ذوی العقل و الشعور، لکن یستفاد من مجموع آیات سورة الرحمن و خصوصاً الآیة «فبأی آلاء ربکما تکذبان» و الآیات الرابعة عشرة و الخامسة عشرة التی تقول: «خلق الانسان من صلصال کالفخار و خلق الجان من مارج من نار» و أیضاً الآیة الواحدة و الثلاثون: «سنفرغ لکم أیها الثقلان» حیث تحدث الآیة عن الثقلین (أی الطائفتین ذواتی الثقل و الوزن) و یستعمل القرآن لفظة (الثقلین) و یطلقها على الجن و الانس.[3] و کذلک الآیات الثالثة و الثلاثون و الخامسة و الثلاثون و ... کل ذلک یدل بوضوح علی أنّ الله الرحمن و الرحیم متوجه بکلامه إلی الإنس و الجن و فی مقام ذکر النعم المتعلقة بهما و لذلک قال: «کل من علیها...» و لم یقل «کل ما علیها» لانّّ اسم (من) یستعمل فی أصحاب العقل و الفکر و کلمة (ما) عاجزة عن بیان هذا المفهوم.

و إضافة الی‌ ما ذکر فقد نقل جابر بن عبدالله حول سورة الرحمن کلاماً عن النبی الاکرم (ص) یدل علی أن المخاطبین فی آیات سورة الرحمن و خصوصا آیة «فبأی آلاء ربکما تکذبان» هما الانس و الجن، و هذا شاهد واضح على هذا المطلب.[4]

و على هذا فقد صرح أکثر المفسرین بانّ المراد (من علیها) هو الانس و الجن[5].

و اما ما هی المستندات و الشواهد علی وجود الجن على وجه الارض، فهی کثیرة و لکن یمکن الاشارة إلی بعضها کنموذج:

1. المشاهدات و العلاقات المباشرة لکثیر من الناس – علی اختلافهم – مع الجن.

2. تسخیر الجن للنبی سلیمان (ع) (النمل، 17) و إحضار عرش بلقیس له (النمل، 38 و 39) و عمل بعض الجن أمامه (سبأ، 12) و بناء و غوص بعض الشیاطین ( ص، 27) – الشیطان من الجن[6]- و استماعهم إلی الوحی و کلام الله (الجن، 1، الاحقاف، 32 و 31 و 29 و ...)

3. وجود روایات کثیرة و واضحة فی اثبات سکنی الجن على وجه الارض و الودیان و الاماکن قلیلة السکان، و انّ الجن هم أهل الارض،‌ و من جملتها روایة طویلة عن الامام الباقر (ع) عن أمیر المؤمنین علی (ع) یتحدث فیها عن المخلوقات الأرضیة قبل آدم (ع) و قد جاء فی بعضها:« فلما کان من خلق الله أن یخلق آدم... ثم قال للملائکة: انظروا الی أهل الارض من خلقی من الجن و النسناس هل ترضون أعمالهم و طاعتهم لی ...»[7] حیث صرحت بکون الجن و النسناس من أهل الارض[8]. و روایات اخری تدل بشکل واضح و صریح علی سکن الجن فی ودیانهم المختصة بهم، ‌و قد آثرنا عدم ذکرها هنا رعایة للاختصار،‌ و یمکن الاطلاع علیها بمراجعة المجامیع الروائیة و الکتب المتعلقة بالجن[9]

و من الجدید بالذکر هنا ان الآیة الکریمة لا دلالة لها نفیا و لا إثباتاً علی‌ حیاة الإنسان أو باقی الموجودات علی سطح الکواکب الاخری[10]. بالرغم من شمول الفناء و الهلاک لکل موجودات عالم الامکان.

المقطع الثانی: معنى الآیة:

(الفناء) لغةً له عدة معان، مثل: الزوال،‌الانعدام، الهلاک، الإتمام،‌ القطع، التحلل، النهایة،‌ المحو، العبور، التآکل، الهرم،‌التغییر، التحوّل الی صورة اخری، خروج الشیء عن صفته التی کانت مفیدة و قابلة للانتفاع و ....[11].

و قد ذکرت آراء و أقوال مختلفة حول تفسیر الآیة «کل من علیها فان» و المراد منها، و یحتاج استعراضها و دراستها و نقدها إلی مجال واسع، و لکن و للإجابة عن المقطع الأخیر من السؤال لابد من ذکر بعضها:

الف. إن الآیة تخبر عن الإنعدام و الفناء المطلق لجمیع الموجودات (الاعم من الاجسام و الموجودات الحیة) و خصوصاً الإنس و الجن سواء کانوا علی وجه الأرض ام فی الکواکب الاخری و السماوات،‌ و لا دلالة فیها علی انحصار الحیاة بالکرة الارضیة،‌ و توجد شواهد قرآنیة و روائیة کثیرة تدل على هذا الرأی، ‌مثل الآیات: «کل نفس ذائقة الموت»[12]، « هو الاوّل و الآخر»[13] و « کل شی هالک إلاّ وجهه»[14]، «و هو الذی یبدأ الخلق ثم یعیده»[15]، «کما بدأنا أوّل خلق نعیده»[16].

و من الروایات نظیر: ما روی عن الامام الصادق (ع):« انه سئل عن المیت یبلی جسده؟ قال: نعم حتی لا یبقی لحم و لا عظم إلاّ طینته التی خلق منها فانها لا تبلی بل تبقی فی القبر...» و روی الطبرسی فی الاحتجاج فی ضمن أسئلة الزندیق للامام الصادق (ع) ان الامام أجاب الزندیق الذی سأله:

هل یفنی الروح بعد خروجه من قالبه أو هو باق؟ فقال (ع): « بل هو باقٍ الی وقت یوم ینفخ فی الصور و عند ذلک تبطل الأشیاء و تفنی ...»[17].

و یقول أمیر المؤمنین علی (ع): «هو المفنی لها بعد وجودها حتی یصیر موجودها کمفقودها و لیس فناء الدنیا بعد ابتداعها بأعجب من إنشائها و اختراعها».[18]

ب. ان المراد من «الفناء» فی الآیة المذکورة و «الهلاک» فی الآیة 88 من سورة القصص التی تقول: «کل شی هالک الاّ وجهه» هو موت البدن، و الخروج من الانتفاء[19]. بالرغم من عدم شمول هذه الآیات للأرواح و الموجودات المجردة، و حتی لو شملت الآیات ذلک فان هذا الحکم (الفناء و الموت) سیکون خارجاً، لان الادلة العقلیة و النقلیة تثبت بقاء الارواح و ... و کل ما هو عندالله[20]، و إضافة الی ذلک فان (الموجود) لا یمکن أن یصیر (معدوماً) أبداً، فقد اثبتت ذلک البراهین الفلسفیة و الادلة النقلیة.

ج- إن الآیة تبین انقطاع و انتهاء نشأة الدنیا و ارتفاع آثارها و أحکامها، حیث یتحقق ذلک بفناء و زوال ذوی الشعور من سکانها، و بعد هذا الفناء و الغروب یتحقق طلوع نشأة الآخرة و الانتقال من الدنیا الی العقبی، فان کلمة (فانٍ) ظاهرة فی الاستقبال بمعنی ان نهایة عمر الدنیا و کل من فیها سیحصل فی المستقبل[21].

و علی هذا فان حقیقة هذا الفناء هو الانتقال من‌ الدنیا الی الآخرة و الرجوع الی الله، و قد فسر الفناء فی کثیر من الآیات بمعنى الانتقال المذکور.[22]

د- ان (الفناء) فی الآیة الکریمة الذی استعمل بصیغة المشتق (فانٍ) لیس معناه: الذی سیفنی فی المستقبل، لان اطلاق لفظ المشتق (فان) علی‌ الموجودات التی ستفنی لا حقاً هو اطلاق مجازی یقیناً، فان ما هو محل الخلاف و البحث بین علماء الاصول هو خصوص استعمال المشتق فی الموارد التی تلبست بالمبدأ و الصفة سابقاً و هی الآن فاقدة لتلک الصفة، کالشخص الذی کان طبیباً سابقاً و هو الآن قد نسی علمه کله و لا یعرف شیئاً عن الطب، فهل یمکن اطلاق الطبیب علی‌ مثله؟ أما من سیکون طبیباً فی المستقبل، فاطلاق الطبیب علیه الآن یکون مجازیاً و غیر واقعی بلا کلام. [23]

و لهذا السبب فان المعنی‌الحقیقی للآیة سیکون قریباً من معنی الآیة «کل شیء هالک إلاّ وجهه»[24] أی ان کل من علی وجه الارض هو (الآن و بالفعل) هالک و فانٍ و زائل.

و بعبارة اخری: إن الموجودات الارضیة التی لها شعور و عقل فهی لکونها ممکنة الوجود و بحاجة الی خالق و واهب للوجود فهی فی حد ذاتها فانیة و هالکة، و ان الموت و الفناء العالم قد القی بظلاله علیها.[25] و ان هذه النقیصة و الفقر و سواد الوجه لا یفارقها ابداً و قد استلهم الشاعر محمود الشبستری من الحدیث «الفقر سواد الوجه فی الدارین»[26] فانشد ما مضمونه:ان سواد الوجه لا یزول عن الممکن ابداً فی کلا العالمین و الله اعلم.[27]

و بالطبع فان هذا الفناء و الهلاک لا یختص بالموجودات الارضیة ذوات الشعور (الإنس و الجن) بل یشمل جمیع ما سوی وجه الله ذی الجلال و الاکرام و الخواص من ‌اولیائه. حیث أخبرت الآیات العدیدة عن هذا الفناء و الهلاک: «کل شیء هالک الاّ وجه»[28] أو «و نفخ فی الصور فصعق من فی السماوات و من فی الارض الاّ من شاء الله»[29] أی الاّ من أراد الله بقاءه. و من الضروری ذکر هذه النکة و هی انه قد طرحت تفاسیر و آراء اخری حول الآیة مورد البحث تبعاً للمبانی المختلفة و قد آثرنا عدم التعرض لها.[30]

المقطع الثالث: الأدلة و الشواهد:

نظراً الی المطالب المتقدمة فانّه یمکننا القول بان المراد من الفناء لیس هو الفناء المطلق، و ان الآیة الکریمة تبین مبدأ و منتهی الحرکة و السیر التکاملی للموجودات و خصوصاً الانسان،‌ و هی فی مقام بیان فناء کل الموجودات عن هویاتها الجزئیة و خروجها و عودها إلی الله و رجوع کل الفروع إلی الأصل و طلوع شمس عالم البقاء من مغرب عالم الفناء،‌ و الصعود من درجة و مرتبة عالم المادة إلی عالم التجرد.

إن هذه الحرکة و السیر و الولادة و التفتح و الطلوع و الوصول و الانکشاف و الاشتداد و الظهور و البروز و التکامل و الترقی و تجلی الحق... لا یمکن أن یتحقق ذلک إلاّ بتحطم التعینات و التقیدات و زوال الحدود و القیود و بالتوجه من النقص الی الکمال و العودة إلی الفطرة الأصیلة و ترک و تخریب و فناء عالم المادة و نشأة الدنیا و زوال جمیع ما علیها (کل من علیها فان)[31].

إن مشاهدة توجه السافل إلی العالی، و رجوع الفرع إلی الأصل، و عودة الصورة إلی الحقیقة،‌ و المعلول إلی العلة، لیس امراً صعباً علی من کان له قلب منّور بالیقین،‌ فلا یعسر علیه إدراک تبدل و تغیر أجزاء العالم و یسهل علیه[32] فهم معنی قوله تعالی «فصعق من فی السماوات و الارض»[33].

ان وصول النفس إلی طبیعتها و جبلتها الأصلیة و انتقالها من عالم الدنیا إلی عالم الآخره و انجذابها إلی الحق و الدخول إلی عالم الأرواح و الاجتناب عن دار الظلمات و الحجب الجسمانیة، و الاستقرار فی جوار الحق و التشرف بمقام العندیة (... فی مقعد صدق عند ملیک مقتدر) و الخلاص من الحبس، و التحرر من السجن و الدخول فی عالم النور، ذلک هو التبدل و التغیر الذاتی (الحرکة الجوهریة الذاتیة)، التی یفیضها الرب الرحیم علی عباده،‌ و توجد مرتبة من ذلک أیضاً مودعة فی عمق باقی الموجودات الطبیعیة.

إن مقام المادة و الحرکة هو مقام الحدوث و الموت و الاندثار و الفناء و الترک و التجدد و الانقضاء، و لهذا قال: «کل من علیها فان و یبقی وجه ربک ذوالجلال و الاکرام» فوجهه الذی هو الطهارة و النورانیة المحضة و الثبات و الدوام و الجلال و الجمال و ...،‌ هو باقٍ و لا یقبل الفناء.

و لهذا السبب یطلق علی الفناء اسم (الولادة) فان الولادة تحصل بموت و فناء المرحلة السابقة، و اذا لم یکن الشخص قد ذاق طعم هذا الشهد فیجب علیه أن یصغی لأقوال الانبیاء و الأولیاء و یصدق کلامهم و ان کان منکشفاً بالقرآن و مشاهداً بشمس العرفان و متحققاً بالبرهان.

«کما بدأنا أول خلق نعیده و عداً علینا إنا کنا فاعلین»[34] و «بل هم  فی لبس من خلق جدید»[35] و «تری الجبال تحسبها جامدة و هی تمر مر السحاب»[36].

سبحانه هو غایة کل هذه الحرکات و التحولات (فناء و فقدان مرحلة[37] من أجل الحصول على مرحلة اعلی)[38].

و ببیان آخر، ان بدایة الانسان و أصل مادته الناسوتیة فی التکوینیات قد ترک مرحلة الجمادیة بالموت و صار نباتیاً، فلو توقف فی مقام الجمادیة لا یمکنه أن یصل إلی مرحلة الکمال النباتی، و أیضاً هو لم یتوقف فی مرحلة النباتیة فقد وصل إلی مرحلة الحیوانیة، و لم یتوقف فی الحیوانیة بل وصل إلی الإنسانیة. و فی الانسانیة أیضاً مقامات و درجات لا حصر لها، فما لم یتوقف فی حد و مقام فانه سینال المقام الأعلى و یصل من حضیض النقص إلی ذروة الکمال، و انه لا ینقص بالموت فی مرتبة النقص بل یزید.

و النتیجة هی ان کل ناقص ما لم یمت من مرحله النقص و المحدودیة، فانه لا یصل إلی الحیاة الکاملة. فلا ینبغی التوقف فی أی مرحلة و مقام.

لانه اذا کان القابل تاماً فی القابلیة، فان معطی الکمال و مخرج النفوس من القوة إلی الفعل تام فی الفاعلیة، و لا مجال هناک للبخل و الامساک.

إن البذور و النطف اذا لم تمت عن حدها لا تصل إلی الفعلیة، و ما لم (تسافر) فانها لا تنضج (و تنطبخ)، (فیجب السفر کثیراً حتی ینضج (و ینطبخ) الشیء) سواء کان السیر و السفر صوریاً و هو التکامل الجسمانی أم کان معنویاً و هو تکامل الانسان و سیره الروحی.

و على هذا فان طلوع شمس الأرواح المجردة الکلیة و شمس الأرواح المقیدة بالابدان الجزئیة، یتحقق من مغرب عالم المادة و یتوجه إلی رب المشارق و المغارب فتضمحل التعینات و نشئآت الأجسام و المواد.

اذن، فهذا التوجه الجبلی و الفطری إلی الکمال المطلق، و السیر و عروج الموجودات إلی طرف المبدأ الأعلى بحکم قوله تعالی «ألا إلی الله تصیر الامور»[39] و «إلی الله ترجع الامور»[40]، و الذی هو على أساس النظام الاحسن الربانی ... ان ذلک لا یخفی علی کل من له إلمام بالآیات الالهیة و النصوص الدینیة، و ان کل من تنّور قلبه بنور الیقین فانه یشاهد التبدل و التغیر فی العالم، حیث ان الله القیوم بعد أن بین فناء الأشیاء فی سورة الرحمن بقوله « کل من علیها فان» و ... قال: «یسأله من فی السماوات و الارض کل یوم هو فی شأن»[41]، حیث ان الفناء و زوال الأشیاء و فقر الموجودات و هلکة عالم الامکان، لا یمکن أن یجبر إلاّ بجود و فیض و إحسان ذلک الثابت الباقی و الوجه الجلیل و الکریم.

ان ظهور و بروز اسم (المفنی، الممیت) و (المنشئ، المحیی) فی العالم السیال و الجاری، یتحقق فی کل آن من الآنات، و ان شراشر العالم هی فی حرکة، کمثل الماء الجاری و السیال، و ان صورة الشمس الثابتة و المستقرة فی هذا الماء هی بمنزلة وجه الله «و یبقی وجه ربک...».

و ان جوهر الأشیاء و ذاتها فی تجدد و تبدل فی کل لحظة، و هی تتحرک باتجاه صاحب الشأن و الرحمة و اللطف و تطلب حاجاتها منه (فی جمیع شؤونها) بلسان الحال و المقال و الاستعداد، و تمد إلیه ید الحاجة و ترنو إلیه بعینی الأمل «أنتم الفقراء الی الله و الله هو الغنی».[42]

و (هو سبحانه) فی کل لحظة فی خلق جدید، و مشغول بشأن من الشؤون «کل یوم هو فی شأن» بالرغم من کونه: (لا یشغله شأن عن شأن).

إن خلق عالم الوجود لم یحصل فقط فی ابتداء نشأة الدنیا، بل ان فی کل لحظة خلقاً و بدایة و لهذا فان بعض الأعلام من علماء الاسلام و التشیع استلهموا من القرآن فی قوله «کل من علیها فان»،« یسأله من فی السموات و الارض کل یوم هو فی شأن و ...» و بالاستعانة من شهود العرفان و بتبعیة البرهان، و اثبتوا الحرکة و التبدل الجوهری و الذاتی للأشیاء. الحدیث فی هنا المجال طویل الذیل.



[1] لاحظ: العلامة الطباطبائی، محمد حسین، تفسیر المیزان، ج 19، ص100؛ الشهید المطهری، مرتضی، التعرف علی القرآن، تفسیر سورة الرحمن، ص 80؛ الجوادی الآملی، عبدالله،‌ التفسیر الموضوعی للقرآن الکریم، المعاد فی القرآن، ج 4، ص193؛ تحریر تمهد القواعد، ص 778؛ الطالقانی، مولی نظر علی، کاشف الاسرار، ج1، ص35؛ تفسر الأمثل.

[2] لاحظ: المیزان، ج19، ص 100؛ مجمع البیان ج 9، ص 34؛ تفسیر الصافی، ج 2 ، ص 941؛ تفسیر القمی،‌الأمثل و ...

[3] العلامة الشهید المطهری، مرتضی، التعرف علی القرآن، تفسیر سورة الرحمن، ص 47.

[4] العلامة الطباطبائی، محمد حسین، تفسیر المیزان، ج‌19، ص 103؛ الفیض الکاشانی، تفسیر الصافی، ج 2، ص 640؛ العلامة المجلسی، بحار الانوار،ج 18، ص 78 ؛ ج 63، ص 117.

[5] لاحظ: تفاسیر المیزان، الصافی، مجمع البیان، الأمثل و ... .

[6] لاحظ: مواضیع، الشیطان،‌ الملک او الجن، قدرة الشیطان و الجن و .

[7]  بحار الانوار، ج 57، ص 324.

[8] نعم، فی بعض الروایات ورد ان محل وجود الشیطان هو الهواء (لا السماء و الارض)، لاحظ: مفاتیح الغیب، ج1، ص 264 و 265.

[9] لاحظ: بحار الانوار، ج 18، ص 93 -92؛ ج 87، ص 81  – 76 و ج 39، ص 169 و 175 و 176 و ...؛( الجن فی الکتاب و السنة،‌ إعداد.......، الجن و الشیطان، علی رضا رجالی و ...) در دست نویس موجود نیست

[10] نعم فی کون الجن موجوداً مادیاً او مجرداً (بالتجرد البرزخی و المثالی) و انه اذا کان مجرداً لا یکون له مکان و ... بالرغم من انه یتمثل بصور مختلفة ... ان ذلک یحتاج الی دراسة مستقلة، و لان السائل المحترم لم یطرح هذا الموضوع فلذا لم نتعرض له. و کذلک الکلام فی حول ذهاب الشیاطین الی السماوات و لمس السماوات و استراق السمع و... . فالکلام طویل و لا مجال للتعرض له. لاحظ: المصباح، محمد تقی، معارف القرآن، ج 3 – 1، ص 308 -312.

[11] لاحظ: کتب اللغة (مقاییس اللغة، لسان العرب، المنجد، قاموس القرآن، ...) و التفاسیر.

[12] آل عمران، 185؛ الانبیاء، 25؛ العنکبوت، 57.

[13] الحدید، 3.

[14] القصص، 88.

[15] الروم، 27.

[16] الانبیاء، 104.

[17] لاحظ: شبر،‌ السید عبدالله، حق الیقین، ص98 و 99؛ العلامة المجلسی، حق الیقین،ص 418 و 419.

[18] نهج البلاغة، الخطبة، 186.

[19] السید عبدالله شبر، حق الیقین، ص 98.

[20] لاحظ: الدخان، 93؛ آل عمران، 169 و 170 و 185؛ النحل، 96؛ الأسفار، ج8، ص 380 و ما بعدها،‌ الاسفار،ج 9،ص 237 و ما بعدها و 279؛ مفاتیح الغیب، ج 2، ص 633 – 640؛ معارف القرآن،ج 1،ص 445و ...

[21] المیزان،ج 19، ص 101، و لا حظ: أیضاً، الاسفار،ج 9، ص 282 و 279 و 266.

[22] تفسیر المیزان، ج 19، ص 168.

[23] لاحظ: جوادی الآملی، عبدالله،‌ التفسیر الموضوعی للقرآن الکریم، ج 4، ص 194.

[24] القصص، 88.

[25] لاحظ: العلامة الطباطبائی، المیزان، ج 16، ص 90 و 91؛ جوادی الآملی، التفسیر الموضوعی للقرآن الکریم، المعاد فی القرآن، ج 4، ص 194؛ المولی السبزواری، شرح الاسماء، ص 207 و 254 و 720 و ... .

[26] الفقر، سواد الوجه فی الدارین (الدنیا و الآخرة) لاحظ: صدر المتألهین، الاسفار،ج 1، ص 69؛ شرح الاسماء ، 207.

[27] محمود الشبستری، گلشن راز (خزانة الاسرار)، البیت، 162.

[28] القصص، 88.

[29] الزمر، 68.

[30] لاحظ: شرح الاسماء، ص 720 و 364 و 296 و 253 و 241 و ...؛ شرح منازل السائرین، عبدالرزاق الکاشانی، ص 580 و 574 و 410؛‌ الرسائل التوحیدیة،‌العلامة الطباطبائی،ص 129؛ تحریر تمهید القواعد، جوادی الآملی، ص 770 ، 374 – 778؛ مصباح الهدایة و مفتاح الکفایة، عز الدین محمود الکاشانی، ص 426؛ اوصاف الاشراف، الخواجة نصیر الدین الطوسی، ص 99؛ مراحل الاخلاق، جوادی الآملی، ص401 -412؛ الاسفار،ج 9، ص 279، 277 و 266 و 280 و ... مقدمات القیصری علی فصوص الحکم، الفصول، التاسع و الخامس عشر و ...

[31] لاحظ: الاسفار ج 9، ص 281 و 266؛ مقدمات القیصری علی فصوص الحکم، الفصول التاسع و الحادی عشر.

[32] لاحظ: الشواهد الربوبیة،ج 1، ص 298 و 299.

[33] الزمر، 68.

[34] الانبیاء، 104.

[35] ق، 15.

[36] النمل، 88.

[37] رغم ان التعبیر بالفقدان غیر صحیح و کافی. فانه بناء علی الحرکة الجوهریة، لا یفقد أی موجود أی شیء، فهو واجد لکل کمالات المراحل السابقة.

[38] لاحظ: الاسفار، ج 3، ص 110 و ما بعدها، و ج 9، ص 266 و 279 و 280؛ مفاتیح الغیب، ج 2، ص 713؛ الشواهد الربوبیة، ج 1، ص 298 و 299.

[39] الشوری، 53.

[40] لاحظ: شرح الاسماء، ص 260 . 261؛ الاسفار ج ‌3، ص 113 – 108.

[41] الرحمن، 29.

[42] فاطر، 15؛ لاحظ: المیزان ج 19 ، ص 102.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280259 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258835 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129631 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115649 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89557 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61041 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60369 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57377 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51625 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47715 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...