Please Wait
8241
لم نعثر بعد البحث و التحقيق في المصادر الروائية، بل و حتى الكتب العرفانية للعرفاء الكبار، في البحوث المتعلّقة بالحب و العشق، على رواية تبين حبّ الشيطان للإمام علي (ع) بهذه التعابير المذكورة في السؤال. نعم، هناك روايات من هذا القبيل لكن فيها تصريح بضلالة الشيطان، كما و هناك رواية عن الإمام الباقر (ع). تبيّن أن ايمان أبليس و حبّه للإمام علي (ع) ظاهري فقد كان قلبه كافراً.
ثم کیف يحب الشيطان الامام (ع) حبا حقيقا و يرتب اثار ذلك الحب في نفسه و في الواقع وهو يعلم بان الامام (ع) من اشد المحاربين لنهجه و المناوئين لطريقته الاضلالية، بعد رسول الله (ص)؟!
1ـ لم نعثر بعد البحث و التحقيق في المصادر الروائية، بل و حتى الكتب العرفانية للعرفاء الكبار، في البحوث المتعلقة بالحبّ و العشق، على رواية تبين حبّ الشيطان للإمام علي (ع) بهذه التعابير المذكورة في السؤال.
2ـ توجد رواية في بعض الكتب الروائية، تنصّ على إخبار الشيطان بعظمة الإمام علي (ع) قبل خلقة آدم (ع) و تبين إيمانه و حبه له (ع)،[1] لكن فيها تصريح بضلالة الشيطان، كما و هناك رواية عن الإمام الباقر (ع). تبين أن ايمان أبليس و حبه للإمام علي (ع) ظاهري فقد و كان قلبه كافراً.[2]
3ـ يجب علينا قبول هذه الحقيقة، فطبقاً لما يصرّح به القرآن الكريم إن إبليس كان من الملائكة المقرّبين من الله سبحانه لكنّه عصاه في مسألة السجود لآدم، فطرده من رحمته و عاتبه و لعنه لعناً أبدياً، و قد قسم بأن يُغوي كل إنسان إلّا ـ المخلصين ـ .[3] و هذا الترك و اللعن من المسلمات التي لا ريب و لا شك في ذلك عند أهل الشريعة و سالكي طريق الحقيقة.
4ـ للمحبّة مراتب و الشيطان قد عبد الله مدة طويلة قبل خلق الإنسان، و من الطبيعي يكون عندها محبوباً من قبل الله تعالى، لكنه خسّر في الإمتحان الذي جعله الله سبحانه على محبته و لم يحصل عندها إلا على اللعنة و الطردة من رحمة الله تعالى، مع إن المحب و العاشق الواقعي يحب و يعشق كل ما يحبه و يريده محبوبة و معشوقة.
فكما إن الشيطان كان في قلبه نسبة من حب الله سبحانه قبل خلق الإنسان كذلك يمكن القول بأنه بعد طرده أيضاً بقيت في قلبه درجة من الحب لله و لمحبيه أقل من السابقة، و هذا المقدار من الحب لا ينافي عمله و عصيانه، لأن كبره و حسده أدّى إلى عدم إطاعة الله سبحانه، و كمثال على ما نقول، كثيراً ما نرى أن الأنانية و التكبّر قد تلجئ الإنسان إلى محاربة أهل العدل، مع أنه يكنّ في قرارة نفسه إعجاباً بصفات عدوه و يثني عليها، بل و يكنّ لهم شيئا من الحب في اعماق قلبه لكن، و بما أن هذا الحب لا تتبعه نتيجة و ثمرة عملية، فلا يمكن اعتباره واقعياً.
و على فرض قبولنا للروايات التي تتضمن حب الشيطان للإمام علي (ع)، يمكن التدقيق فيها في نفس هذا الإطار.
أخيراً نحب أن نلفت إنتباهكم إلى أن معاوية الذي كان يعتبر من أعدى أعداء الإمام علي(ع) طلب يوماً من أحد محبي أمير المؤمنين (ع) و شيعته باسم ضرار بن ضمرة أن يصف له الحالات العبادية للإمام (ع)، فبعد سماعة بعض فضائل أمير المؤمنين (ع) إنفجر باكياً.[4]
لمزيد من الإطلاع راجعوا المواضيع التالية:
"فلسفة خلقة الشيطان"، السؤال 1143 (الموقع: ar1753).
"أهداف الشيطان و منهجه"، السؤال 1144 (الموقع: ar1777).
"الشيطان و عصيانه و توبته"، السؤال 7270 (الموقع: 7430).
[1] كهذا الحديث: عن علي بن أبي طالب (ع) قال: كنت جالسا عند الكعبة و إذا شيخ محدودب قد سقط حاجباه على عينيه من شدة الكبر و في يده عكازة و على رأسه برنس أحمر و عليه مدرعة من الشعر فدنا إلى النبي (ص) و هو مسند ظهره إلى الكعبة فقال: يا رسول الله ادع لي بالمغفرة! فقال النبي (ص): خاب سعيك يا شيخ و ضل عملك. فلما تولى الشيخ قال: يا أبا الحسن أ تعرفه؟ قلت: اللهم لا. قال: ذلك اللعين إبليس. قال علي (ع): فعدوت خلفه حتى لحقته و صرعته إلى الأرض و جلست على صدره و وضعت يدي في حلقه لأخنقه، فقال لي: لا تفعل يا أبا الحسن فإني من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم، و و الله يا علي إني لأحبك جدا. (الشيخ الصدوق، عيون اخبار الرضا، ج2، ص72، نشر جهان، طهران، الطعبة الاولى، 1378هـ؛ المجلسي محمد باقر، بحارالانوار، ج27، ص148 و149 و ج60، ص244و 245، مؤسسة الوفاء بيروت، 1404هـ)
[2] المازندراني، إبن شهر آشوب، المناقب، ج 2، ص 251 و 252، مؤسسة انتشارات العلامة، قم، 1379 ق.
[3] راجعوا: السور الآتية البقرة، 34 ـ 36، الأعراف، 11 ـ16، الكهف، 50، الأسراء، 62 ـ 65، الحجر، 30 ـ 42.
[4] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص 625 ـ 624، الإسلامية، طهران، 1362 ش.