Please Wait
7416
زرارة بن أعين من اصحاب الائمة (ع)، شيخ أصحابنا في زمانه و متقدمهم و كان قارئا فقيها متكلما شاعرا أديبا قد اجتمعت فيه خلال الفضل و الدين صادقا فيما يرويه، و عده الاعلام من اصحاب الاجماع المتقف على وثقاقتهم و صدقهم من بين اصحاب الائمة. و قد وردت في حقه روايات مادحة و هي روايات مستفيضة على أن جملة منها صحاح.
و أما الروايات الذامة فلم يثبت صدور أكثرها من المعصوم (ع)، من جهة ضعف أسنادها. و أما ما ثبت صدوره، فلا بد من حمله على التقية و أنه (س) إنما عاب زرارة لا لبيان أمر واقع، بل شفقة عليه و اهتماما بشأنه. و قد دلت على ذلك - مضافا إلى ما عرفت من الروايات المستفيضة في مدح زرارة المطمأن بصدورها إجمالا من المعصوم (ع) - صحيحة عبد الله بن زرارة المذكورة في الروايات المادحة فإنها قد دلت بصراحة على أن الإمام (ع)، إنما عاب زرارة دفاعا منه (ع)، عنه و حفظا له من أذى الأعداء، و قد قال (ع): إنه أحب الناس إليه و أحب أصحاب أبيه إليه حيا و ميتا. (انظر تفصيل ذلك في الجواب التفصيلي)
زرارة بن أعين الشيباني ثقة روى عن أبي جعفر الباقر و أبي عبد الله الصادق (عليهما السلام).[1]
و كان أعين بن سنسن (والد زراره) عبدا روميا لرجل من بني شيبان تعلم القرآن ثم أعتقه فعرض عليه أن يدخل في نسبه فأبى أعين أن يفعله و قال له: أقرني على ولائي و كان سنسن راهبا في بلد الروم.[2]
وقال الشيخ في وصف أسرة آل أعين: و لزرارة إخوة جماعة منهم حمران و كان نحويا و له ابنان: (حمزة و محمد بن حمران). و بكير بن أعين يكنى أبا الجهم و ابنه عبد الله بن بكير و عبد الرحمن بن أعين و عبد الملك بن أعين و ابنه ضريس بن عبد الملك. و لهم روايات كثيرة و أصول و تصانيف.[3]
و وصفه النجاشي بقوله: شيخ أصحابنا في زمانه و متقدمهم و كان قارئا فقيها متكلما شاعرا أديبا قد اجتمعت فيه خلال الفضل و الدين صادقا فيما يرويه.[4]
و قال الكشي في تسمية الفقهاء من أصحاب أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام): اجتمعت العصابة (الشيعة) على تصديق هؤلاء الأولين من أصحاب أبي جعفر (ع) و أبي عبد الله (ع) و انقادوا لهم بالفقه فقالوا أفقه الأولين ستة: زرارة و....[5]
و روى الكشي في كتابه عن ابن قولوية بسنده عن الامام موسى بن جعفر الكاظم (ع) أنه قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين حواري محمد بن علي و حواري جعفر بن محمد؟ فيقوم عبد الله بن شريك العامري و زرارة بن أعين...[6]
و قد وردت رويات في حق زرارة بعضها مادحة و الاخرى ذامة له، و قد استعرض السيد الخوئي (ره) جميع تلك الروايات حيث ذكر الكثير من الرويات المادحة نكتفي بالرواية الثانية عشرة و هي: حدثني حمدويه قال: حدثني يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن سليمان بن خالد الأقطع قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: ما أجد أحدا أحيا ذكرنا و أحاديث أبي إلا زرارة و أبو بصير ليث المرادي و محمد بن مسلم و بريد بن معاوية العجلي و لو لا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا، هؤلاء حفاظ الدين و أمناء أبي على حلال الله و حرامه و هم السابقون إلينا في الدنيا و السابقون إلينا في الآخرة.[7]
ثم قال (قدس) بعد استعراضه للرواية العشرين المادحة لزرارة: هذه الروايات مستفيضة على أن جملة منها صحاح.[8]
و بعد ذلك عرج على الروايات الذامة قائلا: و أما الروايات الذامة فهي على ثلاث طوائف - الأولى: ما دلت على أن زرارة كان شاكا في إمامة الكاظم (ع).
و نحن هنا نكتفي بذكر رقم الرواية و نقطة الخلل فيها:
الاولى: ضعيفة بجهالة محمد بن عثمان بن رشيد و أحمد بن علي بن يقطين.
الثانية: هذه الرواية أيضا ضعيفة بعلي بن حديد.
الثالثة: هذه الرواية أيضا ضعيفة بجهالة الحسن و أبي يحيى.
الرابعة: و هذه الرواية أيضا ضعيفة، لا أقل من جهة جهالة إبراهيم المؤمن و عمة زرارة.
أما الخامسة و السادسة فيقول السيد الخوئي فيهما: هذه الروايات لا تدل على وهن و مهانة في زرارة و... هذا و إن هذه الروايات تنافي عد الشيخ في رجاله زرارة من أصحاب الكاظم (ع)، الظاهر في روايته عنه (ع) على ما ذكره في أول كتابه، فكيف يمكن أن زرارة مات و هو لا يعرف إمامه الكاظم ع، بل إنها تنافي ما ذكره ابن فضال من أنه مات بعد أبي عبد الله بسنة أو بنحو منه و ما ذكره الشيخ و النجاشي: من أن زرارة مات سنة 150.
أضف إلى ما ذكرناه: أنه لو صح أن زرارة بعث ابنه عبيدا ليتعرف خبر الإمام بعد الصادق ع، فهو لا يدل على أنه لم يكن عارفا بإمامة الكاظم ع، و ذلك لما رواه الصدوق، عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، (رضي الله عنه) قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد، عن إبراهيم بن محمد الهمداني (رضي الله عنه) قال: قلت للرضا (ع)، يا ابن رسول الله (ص)، أخبرني عن زرارة، هل كان يعرف حق أبيك؟ فقال (ع): نعم، فقلت له: فلم بعث ابنه عبيدا ليتعرف الخبر إلى من أوصى الصادق جعفر بن محمد (ع)؟، فقال: إن زرارة كان يعرف أمر أبي (ع) و نص أبيه عليه و إنما بعث ابنه ليتعرف من أبي هل يجوز له أن يرفع التقية في إظهار أمره و نص أبيه عليه؟ و أنه لما أبطأ عنه طولب بإظهار قوله في أبي (ع)، فلم يحب أن يقدم على ذلك دون أمره فرفع المصحف، و قال: (اللهم إن إمامي من أثبت هذا المصحف إمامته من ولد جعفر بن محمد –ع-).
الطائفة الثانية: الروايات الدالة على أن زرارة قد صدر منه ما ينافي إيمانه و هذه الروايات كما يلي:
الاولى: هذه الرواية ضعيفة بجبرئيل بن أحمد فإنه لم يوثق.
الثانية: هذه الرواية كسابقتها.
الثالثة: هذه الرواية ضعيفة بخلف بن حماد فإنه لم يوثق و سهل بن زياد أبي سعيد الآدمي فإنه ضعيف.
الرابعة: و هذه الرواية صححية السند و لكنها لا تدل على وهن في زرارة بعد تسليمه لما قاله الإمام (ع).
الخامسة: هذه الرواية ضعيفة بجبرئيل بن أحمد فإنه لم يوثق.
السادسة: هي خبر واحد شاذ لا يمكن أن يعارض الروايات المشهورة المطمأن بصدورها من الإمام ع على أن سند هذه الرواية مجهول.
السابعة: و هذا الرواية تعجب من نقلها السيد الخوئي قائلا: لا يكاد ينقضي تعجبي كيف يذكر الكشي و الشيخ هذه الرواية التافهة الساقطة غير المناسبة لمقام زرارة و جلالته و المقطوع فسادها و لا سيما أن رواة الرواية بأجمعهم مجاهيل.
الطائفة الثالثة ما ورد فيها قدح زرارة من الإمام (ع) و هي كما يلي:
اما رواية ابي بصير، فهي ضعيفة و لا أقل من جهة علي بن أبي حمزة. و اما رواية ابي بصير الثانية ففي سندها حفص المؤذن و هو مجهول. و اما رواية زياد بن أبي الحلال.
و بعد ان استعرض (قدس) كل الروايات الذامة من هذه الطائفة و التي تتجاوز العشرين قال: و الجواب عن هذه الروايات: أنه لم يثبت صدور أكثرها من المعصوم (ع)، من جهة ضعف أسنادها.
و أما ما ثبت صدوره، فلا بد من حمله على التقية و أنه (س) إنما عاب زرارة لا لبيان أمر واقع، بل شفقة عليه و اهتماما بشأنه. و قد دلت على ذلك - مضافا إلى ما عرفت من الروايات المستفيضة في مدح زرارة المطمأن بصدورها إجمالا من المعصوم (ع) - صحيحة عبد الله بن زرارة المذكورة في الروايات المادحة فإنها قد دلت بصراحة على أن الإمام (ع)، إنما عاب زرارة دفاعا منه (ع)، عنه و حفظا له من أذى الأعداء، و قد قال (ع): إنه أحب الناس إليه و أحب أصحاب أبيه إليه حيا و ميتا.
و يؤيد ذلك ما ذكره الكشي أيضا قال: حدثني حمدويه بن نصير، قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن حمزة، قال: قلت لأبي عبد الله (ع) بلغني أنك برئت من عمي - يعني زرارة - قال: فقال: أنا لم أتبرأ من زرارة، لكنهم يجيئون و يذكرون و يروون عنه، فلو سكت عنه ألزمونيه فأقول: من قال هذا فأنا إلى الله منه بريء.[9]
[1] الطوسي، محمد بن الحسن، رجال الطوسي، ص 337، انتشارات المکتبة الحیدریة، نجف، 1381ق.
[2] انظر: السيد الخوئي، معجمرجالالحديث ج : 7 ص 218، ترجمة زرارة؛ و انظر ايضا: العاملي، محسن الأمین، أعيانالشيعة، ج 7، ص 46، دار التعارف، بیروت، 1406ق.
[3] الطوسي، محمد بن الحسن، فهرست الطوسي، ص 209، المکتبه المرتضویه، النجف.
[4] النجاشي، احمد بن علي، رجال النجاشي، ص 175، انتشارات اسلامي، قم، 1407ق.
[5] الکشي، محمد بن عمر، رجال الكشي، ص 238، جامعة مشهد، 1348 ش.
[6] رجال الكشي، ص 9.
[7] معجمرجالالحديث ج 7، ص 225.
[8] نفس المصدر، ص 230.
[9] انظر: معجم رجال الحديث، ج7، ص230- 246.