بحث متقدم
الزيارة
11828
محدثة عن: 2006/05/21
خلاصة السؤال
ما هو دلیل ولایة المعصومین (علیهم السلام)
السؤال
 ما هو دلیل ولایة المعصومین (علیهم السلام)
الجواب الإجمالي

یمکن ان نثبت ولایة المعصومین (علیهم السلام) اعتماداً‌على الأدلة الأربعة: الکتاب، السنة، العقل، و الاجماع.

ان اجماع علماء الشیعة فی هذا الإطار أمر واضح لا یحتاج إلی ان نراجع کتبهم من اجله، حتی ان وضوحه جعله مسلماً حتی عند عملاء بقیة المذاهب.

أما فیما یتصل بالدلیل العقلی فإن بعضهم یتمسک بقاعدة «اللطف» و یری انها تکفی لإثبات دور النبی (صلی الله علیه و آله) أو الامام المعصوم (علیه السلام) فی قیادة المجتمع. إلا ان بعض العلماء یرون عدم کفایة هذا الدلیل فتمسکوا بدلیل «الحکمة».

وهنالک آیات کثیرة تدل على ثبوت ولایة النبی (صلی الله علیه و آله) و من أوضحها قوله تعالی «النبی أولی بالمؤمنین من أنفسهم»، ای ان ولایة النبی (صلی الله علیه و آله) علی المؤمنین أولی من ولایتهم هم على انفسهم.

و ثمة أیضاً أحادیث کثیرة فی باب ولایة المعصومین (علیهم السلام)، و منها حدیث الامام الصادق (علیه السلام) فی ذیل قوله تعالی «إنما ولیکم الله و رسوله و الذین آمنوا…» قال: «ان المقصود فی الآیة ان الله و رسوله و الذین آمنوا أولی بأنفسکم و أمورکم و أموالکم من انفسکم، و المقصود بالذین آمنوا علی و أبناؤه إلی یوم القیامة»[i].



[i]- لاحظ، الکلینی الکافی، ج 1، ص 288، (کتاب الحجة، باب مانص الله و رسوله علی الائمة علیهم السلام، الحدیث 3).

الجواب التفصيلي

تؤکد الثقافة الاسلامیة على ضرورة وجود قائد للمجتمع إلا انها لا تخول أی شخص ان یعین نفسه قائداً للمجتمع، إلا ان یکون هنالک امر صادر من الله تعالی الذی بیده الخلق، الأمر الذی یوجب على الانسان طاعة الله تعالی [1]. فإذا ما امرنا باطاعة شخص أو مجموعة معینة فلابد لنا من الطاعة و إذا ما وضعت شروط لهذا القائد و أجاز تعیینه من بین الذین تتوفر لدیهم هذه الشروط فلا بد لنا من الطاعة أیضاً.

یعتقد المسلمون قدیماً و حدیثاً ان الله تعالی أناط مسؤولیة قیادة الامة الاسلامیة بالرسول الاعظم (صلی الله علیه و آله) ثم انتقل ذلک إلی عقیدة اتباع اهل البیت (علیهم السلام) و التی تقرر ان هذا الأمر انتقل الی الائمة المعصومین (علیهم السلام) و یمکن اثبات ذلک بالأدلة الأربعة: الکتاب، السنة، العقل و الاجماع.

ان اجماع علماء الشیعة فی هذا الإطار أمر واضح لا یحتاج إلی ان نراجع کتبهم من اجله، حتی ان وضوحه جعله مسلماً حتی عند علماء بقیة المذاهب. ان من اهم میزات أصل «الإمامة» و الذی کان ولا یزال من أصول مذهب الشیعة، ان قیادة الأمة الاسلامیة انتقلت من النبی الاعظم (صلی الله علیه و آله) الی أئمة اهل البیت علیهم السلام، لذا فان الشیعة یعتقدون ان النبی‌ (صلی الله علیه و آله) علاوة على حیازته منصب النبوة و الرسالة فإنه کان حائزاً على منصب «الإمامة»[2]. ان منصب النبوة یتیح لصاحبه ان یطلع علی الاسرار الالهیة فی عالم الخلق و التشریع، بینما یتیح له منصب الرسالة قیامه بإیصال معلوماته الی الناس و هدایتهم. أما منصب الامامة فهو مسؤولیة قیادة المجتمع و إدارته.

و فیما یتعلق بالدلیل العقلی فقد لجأ بعضهم إلی قاعدة «اللطف» معتقداً انها تکفی لاثبات ان النبی أو الامام المعصوم یقود المجتمع. إلا ان بعض العلماء یرون عدم کفایة هذا الدلیل فلجؤوا إلی دلیل «الحکمة»[3].

یمکن مقاربة دلیل «الحکمة» باختصار شدید کما یلی:

بعد ان أثبت العقل وجود الباری تعالی و العالم غیر المادی و مبدأ المعاد، فإنه یستنتج ان ای عمل یقوم به البشر فی حیاته یمکن ان یؤثر على حیاته الابدیة فی الآخرة. لکن العقل یجد نفسه عاجزاً‌عن کشف هذا التأثیر و تمییز حالاته، و هنا تقرر المشیئة الالهیة و الحکمة المتعالیة له سبحانه الذی خلق الکون و من فیه، ان تهدی الإنسان إلی طریق السعادة عبر بعث الرسل. و من جهة اخری فإن الطریق الوحید الذی یؤمن تحقیق الهدف من بعث أولئک الرسل و هو هدایة الناس، هو عصمة اولئک الرسل و تنزیههم عن أی خطأ فی تلقی التعالیم الالهیة و إبلاغها إلی الناس.

ثم یحلل العقل مسألة العصمة فیجد ان العصمة فی تلقی و إبلاغ الوحی تتلازم مع العصمة فی سواها من الامور حتی الخطأ و النسیان. لذا فإن الرسول یجب ان یکون معصوماً فی کل شیء. عندها یحکم العقل بأن تکون قیادة الامة بید المعصوم طبقاً للمشیئیة الالهیة، لذا فإن التصور الدینی ینص على وجوب تولی الرسول قیادة المجتمع. ثم اذا ما التفت العقل الی منصب الإمامة و أدرک ان دور الامامة هو تفسیر الوحی و الرسالة الالهیة النازلة على الرسول، فإنه یصل الی نتیجة مشابهة لما توصل الیه بالنسبة إلی النبوة. و عندما تثبت العصمة للرسول و الامام فإن مقتضی الحکمة الالهیة ینص على منح قیادة الامة لهما فتثبت حینها «الولایة» لهم و التی تعنی ادارة المجتمع.

ثمة آیات کثیرة تدل على ثبوت ولایة النبی (صلی الله علیه و آله)[4] و من ربما کان من أوضحها قوله تعالی «النبی أولی بالمؤمنین من أنفسهم»[5]، فمفاد الایة ألولایة النبی الاعظم (صلی الله علیه و آله) على المؤمنین من انفسهم. فاذا ما ارادوا ان یتخذوا قراراً یتعلق بهم فإن النبی (صلی الله علیه و آله) أولی باتخاذ هذا القرار منهم و یجب علیهم عدم الاعتراض بل الطاعة و حسب، الأمر الذی یشمل شؤون الفرد و المجتمع[6] . تثبیت هذه الآیة الولایة المطلقة للنبی (صلی الله علیه و آله) فی مجال المباحات الشرعیة، لأن هذا هو المجال الوحید الذی یستطیع فیه الفرد ان یتخذ ما یشاء من قرارات.

و حسب الروایات المتواترة فان النبی الأکرم (صلی الله علیه و آله) فی یوم الغدیر قرأ هذه الأیة ثم قال: «ألست اولی بکم من انفسکم؟» فأجاب الناس: «نعم» فقال (صلی الله علیه و آله): «من کنت مولاه فعلی مولاه»[7]. لذا فإن الولایة النبویة ذاتها تثبت لعلی (علیه السلام) و الأئمة المعصومین (علیهم السلام)[8].

الآیة الأخری التی تدل على الولایة النبویة و العلویة هی قوله تعالی «إنما ولیکم الله و رسوله و الذین‌آمنوا الذین یقیمون الصلوة و یؤتون الزکوة و هم راکعون»[9].

فی هذه الآیة التی تعد إعلاناً‌ للعقیدة الشیعیة فی باب الولایة، یثبت الله تعالی الولایة له سبحانه ثم لرسوله ثم لاولئک الذین آمنوا و أقاموا الصلاة و آتوا الزکاة و هم راکعون. و رغم ان من الممکن ان نطبق قوله «و الذین آمنوا الذین یقیمون الصلوة و هم راکعون» على مصادیق کثیرة غیر ان الروایات التی ینقلها الشیعة و السنة تنص على ان المراد هو علی علیه السلام فقط[10].

تثبیت هذه الآیة ولایة مطلقة للرسول (صلی الله علیه و آله) و الأئمة المعصومین (علیهم السلام) بشکل مطلق و دون اختصاصها بدائرة معینة. و ثمة روایات کثیرة تدل على ولایة المعصومین(علیهم السلام) ، أشرنا الی بعضها فی سیاق البحث و نذکر هنا أیضاً حدیثاً وارداً عن الامام الصادق (علیه السلام) : حیث یقول فی ذیل الآیة «انما ولیکم الله و رسوله و الذین آمنوا ...»: «ان المقصود فی الآیة ان الله و رسوله و الذین آمنوا اولی بأنفسکم و أمورکم و أموالکم من انفسکم، و المقصود بالذین آمنوا علی و أبناؤه الی یوم القیامة». [11]

لمزید من الاطلاع لاحظ:

1. هادوی طهرانی، ولایت و دیانت "الولایة و الدیانة"، مؤسسه فرهنگی خانه خرد " مؤسسة دار العقل الثقافیة"، قم، ط 2، 1380.



[1]- لاحظ: جوادی آملی، ولایت فقیه (رهبری در اسلام) ص 29.

[2]- ان المقصود من «الامامة» هنا هو «الزعامة و قیادة الامة الاسلامیة». و المعنی الثانی للامامة و الذی یخص الائمة المعصومین (علیهم السلام) هو التمتع بالعلم الالهی بها یشابه النبوة، و قد أخطا بعضهم حین اعتبر ان الامامة تنحصر فی المعنی الثانی فقط. (لاحظ: مهدی حائری یزدی، حکمت و حکومت، ص171 ).

[3]- و هذا ما یدحض ادعاء من یری ان قاعدة اللطف هی الدلیل العقلی الوحید، متجاهلاً الاشکالات التی سجلت علیها منذ قرون، من قبیل اعتراضات الفخر الرازی، فحسب نفسه أول ناقد لهذه القاعدة، و أغلق باب الاستدلال العقلی برده علیها. (لاحظ: مهدی حائری یزدی، حکمت و حکومت، ص 173،176.

[4]- لاحظ: المنتظری، ولایة الفقیة، ج1، ص 37-73.

[5]- الاحزاب: 6.

[6]- لاحظ: سید کاظم الحائری،‌ولایة الأمر فی عصر الغیبة، ص 153. المنتظری، ولایة الفقیه، ج1، ص 37-40.

[7]- مجلسی،‌بحار الأنوار، ج 37، ص 108، منتظری ولایت الفقیه، ج 1 & ص 41.

[8]- سید کاظم الحائری، ولایة الأمر فی عصر الغیبة، ص 153.

[9]- المائدة: 55.

[10]- السیوطی، الدر المنثور، ج 2، ص 293، البحرانی،‌تفسیر البرهان، ج 1 ، ص 479.

[11]- الکلینی، الکافی، ج 1 ، ص 288، کتاب الحجة، باب مانص الله و رسوله علی الائمة علیهم السلام، الحدیث 3).

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280259 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258835 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129631 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115649 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89557 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61041 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60369 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57377 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51625 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47715 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...