بحث متقدم
الزيارة
6236
محدثة عن: 2012/07/21
خلاصة السؤال
لماذا لم یقم النبي شهوداً علی هبته فدکاً للسیدة الزهراء (ع)؟ و هل کان الامام الحسن و الامام الحسین (ع) ایضاً من الذین شهدوا في قضیة فدک؟
السؤال
1.اوصی القرآن باقامة الشهود علی المعاملة و کتابتها، فلماذا لم يشهد النبي (ص) حين اعطی فدکاً و لم يکتب ذلک لکی لا تضطر السيدة فاطمة (ع) الی الاستشهاد بالامام علي (ع) فقط؟ 2- ورد في بعض المصادر أنها (ع) جاءت بالامام الحسن و الحسین (ع) وعدة اشخاص آخرین ایضاً کشهود، فاولاً: هل کان هذان الامامان في ذلک الوقت في سن یجیز قبول شهادتهما؟ و ثانیاً: هل کان هؤلاء الشهود الخمسة حاضرین عند النبي حینما وهب فدکاً للسیدة الزهراء؟ أي أنهم شاهدوا باعینهم اعطاء فدک لها و سمعوا ذلک من النبي الاکرم (ص)؟
الجواب الإجمالي

1. إن السیدة الزهراء (ع) في کلامها مع الخلیفة الاول طرحت قضيتها عن  طريق کون فدک نحلة و کانت دعواها الاولی ذلک، و جاءت بالامام علي (ع) و أم أیمن کشهود علی ذلک، و لکنها حینما رأت أنهم لم یقبلوا بکونها نحلة، اضطرت لاثبات مدعاها عن طریق الارث.

و ینبغي أن یقال انه بناء علی کون فدک نحلة، ان من یعطي هدیة لایقیم شهوداً علی ذلک، و لیس من المتعارف الاستشهاد علی اعطاء الهدیة، لکی یقوم النبي بذلک حین اهدائه فدکاً.

2. وحول شهادة الامام الحسن (ع) و الامام الحسین (ع) ینبغي أن یقال أن قضیة فدک کانت في عصر رسول الله (ص) و کان الامام الحسن (ع) و الامام الحسین (ع) صغیرین في ذلک الوقت و لا یمکن ان یحضرا في المحکمة کشهود. ولذا فان اکثر کتب الحدیث ذکرت ان شهود السیدة الزهراء (ع) هم الامام علي (ع) و أم أیمن. و حیث انه لاشک في ایمان وصدق هذین الاثنین، فانه لابد ان یکونا قد سمعا هذه القضیة من النبي و کانا شاهدین علیها.

الجواب التفصيلي

فدک أحدی القری العامرة و المثمرة الواقعة بالقرب من خیبر و تبعد عن المدینة (140) کیلو متراً. وفي السنة السابعة للهجرة فتحت قلاع خیبر الواحدة تلو الآخری فتحطمت القوة المرکزیة للیهود، فاستسلم ساکنوا فدک و تعهدوا للنبي بان یعطوه نصف اراضیهم و بساتینهم ویحتفظون بالنصف الآخر. و بالاضافة الی ذلک فقد تکفلوا بزراعة ما کان من حصة النبي في مقابل أجرة تعطى لهم.[1] و هذا الأمر يعد من المسلمات عند الشیعة و السنة بحیث ان الخلیفة الاول في قضیة غصب فدک من السیدة الزهراء (س) لم یدع ان هذه الارض لیست للنبي، بل ادعی عدم ارث السیدة الزهراء منه، و هو ما نتعرض له لاحقاً. و لما نزلت الآیة الکریمة ( وَ آتِ ذَا الْقُرْبى‏ حَقَّهُ وَ الْمِسْكينَ وَ ابْنَ السَّبيلِ وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذيرا)[2]، وهب النبي فدکاً للسیدة الزهراء (س).[3] و هناک روایات کثیرة في هذا المجال حتی عن طریق أهل السنة تتعرض لذکر هذه الهبة.[4] و یتضح من هذه القصة والآیة أن فدکاً لم تصل للسیدة الزهراء (س) باعتبارها ارثاً. بل ان النبي کان قد وهب فدکاً کهدیة لها (س).[5] ثم ان السیدة الزهراء(ع) في کلامها مع الخلیفة الاول طرحت قضيتها  انطلاقا من کون فدک نحلة و کانت دعواها الاولی ذلک، و لکن دعوی کونها هدیة قد رفضت من قبل الخلیفة الاول، و حینما واجهته السیدة الزهراء حاولت اثبات کون فدک ارثاً، و ان هذه الارض حتی لو لم تکن هدیة فانها تصل الیها عن طریق الارث. و قد وقع الکلام بین الطرفین حول التوریث ایضاً، و کان المعارضون یستندون فقط الی حدیث انفرد بنقله أبو بکر: ( نحن معاشر الانبیاء لانورث )[6]، بینما اثبتت السیدة الزهراء (س) استناداً الی الآیات القرآنیة ان الانبیاء یورثون کباقي الناس.

و علی فرض کون فدک هدیة، ینبغي ان یقال ان من یعطی هدیة لایقیم شهوداً علی ذلک و لیس من المتعارف الاستشهاد علی اعطاء الهدیة لکي یقوم النبي بذلک حین اهدائه فدکاً. و علی فرض اقامة النبي (ص) شهوداً علی هذه الهدیة ایضاً، فانه یحتمل ان لا تترتب آیة ثمرة عملیة علی هذا الاستشهاد، و ذلک لانه في کثیر من الوقائع أشهد النبي الناس و لکن الناس ینسون ذلک من بعده شاءوا أم أبوا. و من أهم تلک الوقائع قصة الغدیر[7] حیث شهدها آلاف الناس و لکن لم یف لها الا القلیل. و أضافة الی ذلک فان فدکاً کانت تحت ید الزهراء، فطبقاً لقاعدة الید و هي من القواعد الفقهیة و الحقوقیة ینبغی أن یحکم بملکیتها لها الا أن یثبت خلاف ذلک، و علی من یرفض ذلک الاتیان بالشهود.[8] و بناء علی هذا فلا ینبغي لمحکمة الخلیفة الاول أن تطلب الشهود من السیدة الزهراء. و لذلک نبّه أمیر المؤمنین علي (ع) الخلیفة الاول علی ذلک في حواره معه، و قال إنه حکم فیها بغیر حکم الله.[9]

2- في قضیة فدک کان المدعي هو مخالفوا السیدة الزهراء، و طبقاً للقوانین الفقهیة و الحقوقیة کان یجب علی المدعي إقامة الشهود علی مدعاه، و کان علی السیدة الزهراء (س) الیمین فحسب.[10]

واما شهادة الامام الحسن و الامام الحسین (ع) فانه ینبغي الالتفات الی ان قضیة فدک قد کانت في عصر الرسول الاکرم (ص) و کان الامام الحسن و الامام الحسین (ع) صغیرین آنذاک، و شهادة هذین الامامین رغم کونهما صغیرین ایضاً مقبولة و صحیحة. و لکن کان من الطبیعي ان لا یرتب معارضوا السیدة الزهراء اثراً علی شهادة هذین الصغیرین، فلم یکن لهما بحسب السیر الطبیعي ان یشهدوا في هذه القضیة، و لذلک فان اکثر المصادر الحدیثیة ذکرت ان شهود السیدة الزهراء (س) کانا هما الامام علي (ع) و أم أیمن.[11] و حیث انه لا یشک في صدق وایمان هذین الاثنین،[12] فانه لابد ان یکونا قطعاً قد سمعا هذه القضیة من النبي و کانا شاهدین علی کونها هدیة. و قد ورد في الروایات ایضاً بان الخلیفة الاول سأل أم أیمن عن مشاهدتها لهذا الأمر و ان أم أیمن اجابته بانها شهدت ذلک.[13]

 


[1] مقتبس من موضوع:(ارجاع فدک الی ابناء الامام علي(ع) في زمن خلافته)، السؤال: 3425.

[2] الاسراء: 26.

[3] القمي، علي بن ابراهیم، تفسیر القمي، ج2، ص155، دار الکتاب، قم، الطبعة الرابعة، 1367ق.

[4] لاحظ: الحسکاني، عبید الله بن أحمد، شواهد التنزیل لقواعد التفضیل، تحقیق: المحمودي، محمد باقر، ج1، ص438-445، منظمة الطباعة والنشر في وزارة الارشاد الاشلامي، طهران، الطبعة الاولی، 1411ق.

[6] الطبري الآملي الصغیر، محمد بن جریر بن رستم، دلائل الامامة، ص118، البعثة، قم، الطبعة الاولی، 1413ق.

[7] لاحظ: موضوع: (الغدیر وعدم اعتراض الصحابة علی خلافة ابي بکر)،السؤال:1526.

[8] النجفي، محمد حسن (صاحب الجواهر)، مجمع الرسائل، ج4، ص65، مؤسسة صاحب الزمان، مشهد، 1415ق.

[9] الشیخ الحر العاملي، محمد بن الحسن، تفصیل وسائل الشیعة الی تحصیل مسائل الشریعة، ج27، ص293، مؤسسة آل البیت(قم)، الطبعة الاولی، 1409ق.

[10] وهذه قاعدة عامة تجری فی الفقه والحقوق: ( البینة علی المدعي والیمین علی المدعی علیه( المنکر)، ثقة الاسلام الکلینی، الکافی، ج7، ص361، دار الکتب الاسلامیة، طهران، 1365ش. الصدوق، علل الشرائع، ج2، ص541، مکتبة الداوری، قم،

[11] الکافي، ج1، ص543، المجلسي، محمد باقر، مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج6، ص268، دار الکتب الاسلامیة، طهران، الطبعة الثانیة، 1404ق.

[12] ثبتت مصداقیة وعدالة الامام علي(ع) بآیات وروایات کثیرة. و ام ایمن أیضاً من أهل الجنة طبقاً لقول النبي، العلامة المجلسي، بحار الانوار، ج17، ص379، مؤسسة الوفاء، بیروت، 1404ق.

[13] المفید، محمد بن محمد، الاختصاص، ص183، المؤتمر العالمي لالفیة الشیخ المفید، قم، الطبعة الاولی، 1413ق.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280259 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258835 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129631 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115649 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89557 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61041 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60369 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57377 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51625 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47715 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...