بحث متقدم
الزيارة
6353
محدثة عن: 2010/08/05
خلاصة السؤال
کیف یمکن الجمع بین حدیث "المهدی طاووس أهل الجنة" و الأحادیث الواردة فی ذم الطاووس؟
السؤال
هل یمکن الجمع بین حدیث "المهدی طاووس أهل الجنة" و الأحادیث الواردة فی ذم الطاووس؟
الجواب الإجمالي

لقد وردت روایات کثیرة عن النبی الأعظم (ص) فی ذکر فضائل المهدی (ع). و من جملتها هذا الحدیث الذی یقول: «المهدی طاووس اهل الجنة» و قد ورد فی المصادر المعتبرة من الشیعة و أهل السنة و لا إشکال فیه من حیث المضمون، إذ اشتهر الطاووس فی نصوصنا الدینیة بالجمال و خلقته العجیبة، کما أشار أمیر المؤمنین (ع) إلى غرابة خلقته فی خطبة غراء جدا. و فی هذا الحدیث قد شبه جمال المهدی بین أهل الجنة (ع) بجمال الطاووس بین الطیور. لذلک على أساس هذا الحدیث، إن الإمام المهدی (عج) من أجمل أهل الجنة، کما یعد الطاووس من أجمل الطیور. و إن کانت هناک روایة فی ذم الطاووس فبغض النظر عن ضعفها لا تنافی هذه الروایة.

الجواب التفصيلي

من جملة الروایات التی وردت عن النبی الأعظم (ص) فی المصادر المعتبرة لأهل السنة فی باب فضائل المهدی (ع) هی هذه الروایة: «المهدی طاووس أهل الجنة».[1] 

و الجدیر بالذکر أن فی کل تشبیه أربعة أرکان و هی: المشبه، المشبه به، وجه الشبه و أداة التشبیه. و یجب أن یکون وجه الشبه مشهوراٌ و معروفاٌ لدى المخاطب. ففی مثال "علی أسد" علی هو المشبه و الأسد المشبه به و الکاف أداة التشبیه و شجاعة الأسد وجه الشبه. و لأننا نعلم مسبقاٌ أن من بین الحیوانات، الأسد مشهور بالشجاعة (وجه الشبه)، نعلم أن شَبَه علی بالأسد إنما هو من حیث الشجاعة لا الأمور الأخرى. إذن نفهم من هذا التشبیه أن علیاٌ شجاع.[2]

بملاحظة هذه النکتة، نقول إن المراد من الروایة النبویة هو هذا الشبه أیضا؛ یعنی کما هو مشهور و معروف بین الناس أن الطاووس من أجمل الطیور، إن الإمام المهدی من أجمل أهل الجنة. إذن أرید فی هذا الحدیث النبوی جمال الطاووس فقط، فلا ینافی الروایات التی وردت فی ذم الطاووس من وجه آخر.

بالإضافة إلى ذلک فقد ذکر الطاووس فی نصوصنا الدینیة بعنوانه طیراٌ جمیلاٌ مع عجائب بالغة، و من یستبعد أن یکون هناک ذم فی حق هذا الطیر. فعلی سبیل المثال قال أمیر المؤمنین (ع) فی نهج البلاغة حول وصف عجائب خلقة الطاووس فی خطبة له:

"وَ مِنْ أَعْجَبِهَا خَلْقاً الطَّاوُسُ الَّذِی أَقَامَهُ فِی أَحْکَمِ تَعْدِیلٍ وَ نَضَّدَ أَلْوَانَهُ فِی أَحْسَنِ تَنْضِیدٍ بِجَنَاحٍ أَشْرَجَ قَصَبَهُ وَ ذَنَبٍ أَطَالَ مَسْحَبَه‏...تَخَالُ قَصَبَهُ مَدَارِیَ مِنْ فِضَّةٍ وَ مَا أُنْبِتَ عَلَیْهَا مِنْ عَجِیبِ دَارَاتِهِ وَ شُمُوسِهِ خَالِصَ الْعِقْیَانِ وَ فِلَذَ الزَّبَرْجَدِ فَإِنْ شَبَّهْتَهُ بِمَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ قُلْتَ جَنًى جُنِیَ مِنْ زَهْرَةِ کُلِّ رَبِیعٍ وَ إِنْ ضَاهَیْتَهُ بِالْمَلَابِسِ فَهُوَ کَمَوْشِیِّ الْحُلَلِ أَوْ کَمُونِقِ عَصْبِ الْیَمَنِ وَ إِنْ شَاکَلْتَهُ بِالْحُلِیِّ فَهُوَ کَفُصُوصٍ ذَاتِ أَلْوَانٍ قَدْ نُطِّقَتْ بِاللُّجَیْنِ الْمُکَلَّل‏... وَ لَهُ فِی مَوْضِعِ الْعُرْفِ قُنْزُعَةٌ خَضْرَاءُ مُوَشَّاةٌ وَ مَخْرَجُ عَنُقِهِ کَالْإِبْرِیقِ وَ مَغْرِزُهَا إِلَى حَیْثُ بَطْنُهُ کَصِبْغِ الْوَسِمَةِ الْیَمَانِیَّةِ أَوْ کَحَرِیرَةٍ مُلْبَسَةٍ مِرْآةً ذَاتَ صِقَالٍ وَ کَأَنَّهُ مُتَلَفِّعٌ بِمِعْجَرٍ أَسْحَمَ إِلَّا أَنَّهُ یُخَیَّلُ لِکَثْرَةِ مَائِهِ وَ شِدَّةِ بَرِیقِهِ أَنَّ الْخُضْرَةَ النَّاضِرَةَ مُمْتَزِجَةٌ بِهِ وَ مَعَ فَتْقِ سَمْعِهِ خَطٌّ کَمُسْتَدَقِّ الْقَلَمِ فِی لَوْنِ الْأُقْحُوَانِ أَبْیَضُ یَقَقٌ فَهُوَ بِبَیَاضِهِ فِی سَوَادِ مَا هُنَالِکَ یَأْتَلِقُ وَ قَلَّ صِبْغٌ إِلَّا وَ قَدْ أَخَذَ مِنْهُ بِقِسْطٍ وَ عَلَاهُ بِکَثْرَةِ صِقَالِهِ وَ بَرِیقِهِ وَ بَصِیصِ دِیبَاجِهِ وَ رَوْنَقِهِ فَهُوَ کَالْأَزَاهِیرِ الْمَبْثُوثَةِ لَمْ تُرَبِّهَا أَمْطَارُ رَبِیعٍ وَ لا شُمُوسُ قَیْظ."[3]

إذن بملاحظة کلام أمیر المؤمنین (ع) حول جمال الطاووس و عجائب خلقته، نکتشف أن الطاووس من أجمل خلق الله من بین الطیور. و یتضح أیضا أن الروایة النبویة التی شبهت الإمام المهدی (عج) بطاووس أهل الجنة، هی ناظرة إلى جمال الطاووس. و بالتالی إن کانت هناک روایات فی ذم الطاووس فبغض النظر عن ضعفها لا تنافی هذه الروایة و یمکن الجمع بینها.

 



[1] الفیروزی، السید مرتضی، فضائل الخمسة من الصحاح الستة، ج3، ص343، إسلامیة، 1410ق؛  

 بحارالأنوار، ج51، ص 105، الباب الأول، حدیث 41، مؤسسة الوفاء، لبنان، 1404ق؛ الشیخ یوسف، بن یحیی، بن علی، المقدسی، الشافعی، عقد الدرر فی أخبار المهدی المنتظر، ج1، ص 34.

[2]. الدقیق العاملی، معین، دروس فی البلاغة، المرکز العالمی للدراسات الإسلامیة، 1416ق. ص 103ـ 115.

[3] السید الرضی، نهج البلاغة، خطبة 165، ص 236ـ 237.

 السید الرضی، نهج البلاغة، خطبة 165، ص 236ـ 237.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280329 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258942 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129731 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115915 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89625 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61176 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60456 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57420 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51840 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    47778 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...