بحث متقدم
الزيارة
11007
محدثة عن: 2008/06/09
خلاصة السؤال
ما هو رأی مراجع التقلید بخصوص التطبیر فی الفترات السابقة و کذلک فی وقتنا الحاضر؟
السؤال
1- لماذا التطبیر؟ و هل أن التطبیر هو نفس الحجامة؟
2- إلحاق الضرر بالبدن کالتطبیر و جرح الرأس و الوجه و... فی مراسم العزاء هو مورد لتأیید أکثر العلماء (حتى العلماء السابقین کآیة الله العظمى الحائری و الاراکی و أبوالحسن الأصفهانی و الشیخ الأنصاری و...) و هل إن هذه القضیة مرتبطة بمقتضیات الزمان؟
3- فی أیامنا هذه یستفاد أعداء الإسلام من هذه الظاهرة لتشویه صورة الإسلام و الإضرار به؟
4- هل صحیح أن آیة الله العظمى أبو الحسن الأصفهانی (ره) قد اوجب على الجمیع التطبیر فی فترة من الفترات؟
الجواب الإجمالي

کان أولیاء الدین و الأئمة المعصومون (ع) یؤکدون دوماً على إقامة مراسم العزاء لسید الشهداء الإمام الحسین (ع) و کانت هذه المراسم موجودة على مر التاریخ.

إن من الطرق و الأسالیب التی کانت شائعة فی بعض البلدان و المدن لإقامة مراسم العزاء للإمام الحسین (ع) و أصحابه هو التطبیر، و کان علماء و مراجع ذلک الزمان یجوّزون التطبیر بشرط أن لا یلحق الإنسان الضرر بنفسه، و لکن فی نفس الوقت لم یتم العثور لحد ألآن على روایة بخصوص التطبیر لکی یتم إصدار حکم باستحبابها.

و لکن نرى فی وقتنا الحاضر أن هکذا نوع من المراسم (التطبیر) قد أصبح لها اثر سلبی على الإسلام و على مذهب التشیع، حیث استغل أعداء الإسلام هذه الظاهرة للتطبیل و التزمیر و التبلیغ ضد الإسلام بشکل واسع؛ إلى درجة أن هذه المراسم أصبحت سبباً لوهن و ضعف الدین و المذهب.

لذلک اصدر الولی الفقیه و أکثر مراجع التقلید حکم عدم جواز هکذا نوع من المراسم.

الجواب التفصيلي

کان الأئمة المعصومون (ع) و أولیاء الدین یؤکدون دوماً على إقامة مراسم العزاء لسید الشهداء الإمام الحسین (ع). و کانت هذه المراسم مستمرة بعد شهادته (ع) على طول التاریخ، حیث کانت سببا لبقاء ثقافة عاشوراء حیة و کذلک کانت سببا لتعرّف الناس على القرآن الکریم.

یقول الإمام الخمینی (ره): لقد حافظوا علینا خلال فترة تناهز إلف و أربعمائة عام من خلال هذه المنابر و هذه المراسم و القصائد و اللطمیات.[1]

إن الشیء الذی کان محلاً لتأیید أولیاء الله هو أصل إقامة هذه المراسم و هذه المجالس للتعزیة، حتى أن الائمة المعصومین (ع) کانوا یثابرون فی إقامة مراسم العزاء للإمام الحسین(ع)[2]. و لکن لم یتم تحدید أسلوب أو طریقة معینة لإقامة هذه المراسم، حیث انها إذا لم تکن تخالف تعالیم شریعة الإسلام النورانیة و لم تکن تلحق الأذى و الضرر الکبیر للذین یؤدون هذه المراسیم و لم تکن سبباً لوهن و ضعف الإسلام و مذهب التشیع فهی محل تأیید الإسلام و الأئمة المعصومین (ع). عَنْ أَبِی هَارُونَ الْمَکْفُوفِ قَالَ: قَالَ لِی أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ع) یَا أَبَا هَارُونَ أَنْشِدْنِی فِی الْحُسَیْنِ (ع) فَأَنْشَدْتُهُ. فَقَالَ: أَنْشِدْنِی کَمَا تُنْشِدُونَ یَعْنِی بِالرِّقَّةِ. قَالَ: فَأَنْشَدْتُهُ

امْرُرْ عَلَى جَدَثِ الْحُسَیْنِ            فَقُلْ لِأَعْظُمِهِ الزَّکِیَّهْ‏

قَالَ فَبَکَى، ثُمَّ قَالَ: زِدْنِی، فَأَنْشَدْتُهُ الْقَصِیدَةَ الْأُخْرَى، قَالَ: فَبَکَى فَسَمِعْتُ بُکَاءً مِنْ خَلْفِ السِّتْرِ.[3] و فی الأزمنة اللاحقة لهذه الفترة قد تم إقامة العزاء عن طریق تشکیل مجامع، و قد تغیرت و تبدلت طرق و أسالیب إقامة المراسم و العزاء بمقدار معین.

إن أسالیب و طرق إقامة العزاء للإمام الحسین (ع) تختلف بین الأقوام و الشعوب بالنظر لاختلاف الآداب و الرسوم لهذه الأقوام و لهذه الشعوب، و لا تستند من الناحیة الشریعة للآیات و الروایات بل انها مسألة عرفیة و إنها تقام صرفاً بسبب تعلق و تمسک الشیعة بسید الشهداء (ع) و بالشکل الذی یطابق عرف کل شعب من هذه الشعوب.

واحدة من هذه الطرق و الأسالیب التی یقدم علیها المعزین فی بعض الدول و المدن کالعراق و باکستان و الهند هی التطبیر.[4]

إن موضوع التطبیر کان من المسائل التی اختلف فیها العلماء و مراجع التقلید منذ عهود سابقة، حیث کان هنالک دائما عدد من الفقهاء یجوّزون التطبیر و مجموعة أخرى منهم لا یجوّزنه.

و قد تم لأول مرة طرح السؤال بخصوص حکم التطبیر على المرحوم آیة الله العظمى النائینی (ره) و قد أصبحت فتواه بهذا الخصوص محوراً لفتاوى بقیة المراجع فی عصره و کذلک المراجع الذین تلوا عصره.

و انه بعد ذکر مسألة؛ انه لیس هنالک أی آیة أو روایة تدل على جواز أو عدم جواز التطبیر، قد أفتى بجواز التطبیر بشترط أن لا یکون هنالک خوف من الضرر، و قد أید العشرات من المراجع بعده هذه الفتوى بدون إصدار أی فتوى جدیدة بخصوص هذه المسألة، فی مقابل هذا أفتى بعض العلماء کآیة الله السید أبو الحسن الأصفهانی (ره) بحرمة التطبیر نظراً لما کان لهذا التصرف و کذلک لمنظر إسالة الدماء الغزیرة من الرأس من اثر سلبی و سیء فی نظر غیر مسلمین؛ و کانت سبباً لسوء الظن بمذهب التشیّع و استخدمت لغرض تشویه صورته.[5]

کما کان هنالک فقهاء فی ما مضى کانوا یجوزون التطبیر، و لکن إذا کان هنالک أذى أو ضرر لبدن الإنسان فلا یجوزونه، لکن نرى فی الوقت الرهان و بصرف النظر عن عدم وجود نص بخصوص وجود هکذا أسلوب و طریقة لأداء الشعائر؛ و انه لا یمکن الحکم باستحبابها،[6] إن هذا الأمر قد أدى لسوء الاستفادة و الإعلام المغرض من قبل أعداء الإسلام، حیث یقومون بالتغطیة الإخباریة الواسعة و البث لهذه المراسیم بالشکل الذی یؤدی إلى الحصول على نتائج سلبیة مؤسفة، تؤدی إلى إظهار الإسلام و المذهب بشکل هزیل و ضعیف فی نظر المشاهدین.

و لذلک نرى الإمام الخمینی (ره) عندما استفتی فی هذا المجال أجاب بعدم التطبیر فی الوقت الراهن.[7] و على هذا الاساس و بالنظر إلى هذا الإعلام المضلل و المنحرف لهذه المراسم من قبل الغربیین فان مراجع التقلید العظام کآیة الله العظمى السید الخامنئی، فاضل، مکارم، نوری همدانی (حفظهم الله) و التبریزی (ره) و عند الاستفتاء منهم بخصوص هذه المسالة فقد أفتوا بعدم جواز أداء هذه المراسم فی الوقت الراهن.[8]

بالطبع یوجد بعض مراجع التقلید العظام فی وقتنا الحاضر قد أجازوا هکذا نوع من المراسم و استندوا فی ذلک على أن هکذا نوع و أسلوب من المراسم لا تکون سببا یوجب وهن الإسلام أو لا تکون سببا فی تشویه اسم المذهب.

و أخیرا یجب إن نتذکر أن الحجامة هی أمر شرعی و مستحب و لها آداب و شروط خاصة بها[9]، و لو ثبت علمیاً حسب رأی الأطباء بان للتطبیر خواص و ممیزات الحجامة فلا یمکن القول بجواز التطبیر، لان ضعف و وهن المذهب و استغلال ذلک من قبل الأعداء لا ینتفی فی هذه الحالة.



[1] ألمحدثی، جواد، ثقافة عاشوراء، ص 339.

[2] - مقتل الإمام الحسین (ع)، للمقرم، ص 367؛ الأسئلة و الأجوبة، ج 13، ص 169- 170

[3] - وسائل‏الشیعة، ج 14، ص 595.

[4]  یقال أن الرسالة و المعنى لهذا الأسلوب من العزاء هو إبداء الاستعداد للتضحیة و الفداء فی طریق الإمام الحسین (ع) و الإسلام.

[5] - المحدثی، ثقافة عاشوراء، ص 215.

[6] - نظرة إسلامیة إلى عاشوراء، العلامة فضل الله، ص 44.

[7] - ثقافة عاشوراء، ص 378.

[8] - المسائل المستحدثة فی رأی العلماء و المراجع، ج 4، ص 201- 202؛ توضیح المسائل ( المحشى للإمام الخمینی)، ج2 ، ص 1026؛ استفتاء من قائد الثورة الإسلامیة، هل سؤال: هل «التطبیر» فی الخفاء حلال أم إنّ فتواکم الشریفة عامة؟

ج: «التطبیر» مضافاً إلى أنه لا یعدّ عرفاً من مظاهر الأسى و الحزن، و لیس له سابقة فی عصر الأئمة (ع) و ما والاه، و لم یرد فیه تأیید من المعصوم (ع) بشکل خاص، و لا بشکل عام، یعدّ فی الوقت الراهن وهناً و شَیناً على المذهب، فلا یجوز بحال. أجوبة الاستفتاءات (بالعربیة)، ج‏2، ص 62؛ ثقافة عاشوراء ص 198؛ موسوعة العتبات المقدسة، ج8، ص 378: رأی الإمام بخصوص التطبیر و التشابیه و قراءة القصائد الحسینیة و إقامة مراسم العزاء؟

ج: فی الوقت الراهن لا تطیروا وان التشابیه لا مانع منها إذا کانت لا تشتمل على المحرمات و لا توجب ضعف و وهن المذهب و بالرغم من إن إقامة المجالس الحسینیة و العزاء لسید المظلومین هو من أفضل القربات.

[9] - سفینة البحار، الشیخ عباس القمی ج1، مادة حجم

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280329 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258942 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129731 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115915 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89625 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61176 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60456 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57420 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51840 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    47778 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...