بحث متقدم
الزيارة
5657
محدثة عن: 2011/03/03
خلاصة السؤال
ما حکم الزواج مع الرجل المتزوج رغما على کراهة زوجه الأولى علما أن الامر قد یؤدی إلى الانتحار أو الطلاق؟
السؤال
لقد أغرمت برجل متزوج منذ ثلاث سنین و هو وله بی إلى حد الموت و أنا واثقة منه ثقة تامة. و قد فاتح زوجه و صارحها فی الأمر، لکنها لم ترض بالطلاق مطلقا، فأصبحنا من دون الآخر کالأرواح المعلقة، إذ لا نطیق الانفصال و الحیاة بلا الآخر، و لا ینفک ضمیرنا من التأنیب على فعلنا تجاه زوجه. فأصبح الآن لا یفکر إلا بالانتحار، فهل العشق أو الطلاق أو کلاهما ذنب؟
الجواب الإجمالي
لایوجد جواب الجمالی لهذا السؤال، النقر الجواب التفصیلی.
الجواب التفصيلي

لقد خلقنا نحن الناس جمیعا من أجل هدف مهم و مقدس. و بما أن خالقنا هو الله الحکیم فمن المحال أن یکون خلقنا عبثا بلا غایة.[1] إذن کلنا مکلفون بتکالیف و منها هی التکالیف التی تحدد العلاقة بین الرجل و المرأة. فإن کانت هذه العلاقة فی إطار الأحکام الإسلامیة و تمت من خلال الزواج، فهو أمر حسن ممدوح و قد شجّع الإسلام علیه فی تعالیمه؛ أما إذا لم تقم هذه العلاقات على أساس هذه الموازین، فمضافاً إلى مذمومیتها شرعاً، سوف تترک آثاراً سلبیة ثقافیة و اجتماعیة و نفسیة و غیرها من الخسائر التی لا یعوّض معظمها.

إذن و إن لم یشترط رضا الزوج الأولى فی الزواجات الأخرى للرجل و علیه فلا مانع شرعا من زواجه معک، لکن بما أن الإسلام هو دین الأخلاق نلفت نظرک إلى وصیة أخلاقیة لأمیر المؤمنین (ع).

یقول الإمام فی رسالة کتبها للإمام الحسن (ع): "یَا بُنَی… فَأَحْبِبْ لِغَیْرِکَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِکَ وَ اکْرَهْ لَهُ مَا تَکْرَهُ لَهَا… أَحْسِنْ کَمَا تُحِبُّ أَنْ یُحْسَنَ إِلَیْکَ وَ اسْتَقْبِحْ مِنْ نَفْسِکَ مَا تَسْتَقْبِحُهُ مِنْ غَیْرِکَ وَ ارْضَ مِنَ النَّاسِ بِمَا تَرْضَاهُ لَهُمْ مِنْ نَفْسِک‏ وَ لا تَقُلْ مَا لا تَعْلَمُ وَ إِنْ قَلَّ مَا تَعْلَمُ وَ لا تَقُلْ مَا لا تُحِبُّ أَنْ یُقَالَ لَک‏."[2]

یشیر کلام أمیر المؤمنین (ع) إلى هذه الحقیقة المهمة و هی أن مراعاة شعور الآخرین و رغباتهم و إن لم تکن واجبة، بید أنها تؤثر إیجابیا على حیاة الإنسان و عدم مراعاته قد یترک آثارا سیئة على حیاة الإنسان الفردیة و الاجتماعیة. عندما نبادر بالتعامل مع الآخرین یجب أن نجعل أنفسنا مکانهم و نرى هل نرضى للآخرین أن یتعاملوا معنا هکذا أم لا؟ و إن ارتضینا تعاملا ما لأنفسنا ینبغی أن نرتضیه لغیرنا أیضا و إلّا فیجب أن نغیر تصرفنا. فقبل أن تبادری الى أی فعل نطلب منک أن تجعلی نفسک مکان زوج الرجل الذی تحبیه، فهل ترضین لأحد أن یتعامل معک هکذا؟ فیما إذا تزوجت مع هذا الرجل و تکونت عائلتک مع أطفال صغار و ما لدیک من آلاف الآمال و الأمنیات لهم فهل ترضین أن تأتی امرأة و تنافسک فی زوجک و تحطم علیک حیاتک و تتفق مع زوجک على الزواج؟ من المؤکد جدا أنک لا ترضین بذلک! فلا ترضیه للآخرین. حتى و إن لم یکن عملک حراما شرعا.

بالإضافة إلى ذلک، إن أدى هذا الزواج إلى تألم و انکسار الزوج الأولى و أولادها فقد لا یحقق أمنیاتکم و طموحاتکم، إذ لیس هناک ضمان على أن لا تتکرر هذه القضیة بالنسبة إلیک أو أن لا تبرد نار غرامکم أسرع مما تتصورین و یدمّر کیان عائلتین لا عائلة واحدة.

إذن فاعلمی لو أنک آثرت الآخرین على نفسک فی سبیل رعایة حقهم و تخلیتی عن حقک، سوف یجازیک الله بأحسن وجه و یعطیک ثوابا عظیما فی هذه الدنیا و الآخرة.

إذن:

1ـ إن لم یتعد الحب و الغرام حدود الشرع و أحکام العلاقة بین غیر المحارم، فلا أنه لیس حراما و حسب، بل قد یمهد لحیاة مشترکة ناجحة.

2ـ مع أن الطلاق لیس حراما لکن قد ورد فی شأنه بأنه أبغض الحلال عند الله.

3ـ من الناحیة الحقوقیة لا یخدش فی صحة الزواج احتمال الانتحار أو تأنیب الضمیر على حق الطرف الآخر.

4ـ بالإضافة إلى الواجبات و المحرمات الشرعیة هناک مسائل أخلاقیة و قد یؤدی إهمالها إلى أضرار و خسائر فردیة واجتماعیة.

5ـ و أخیرا یبدو من سؤالک بأنک قد أخطأت فی اختیار طریق أدى بک إلى إیجاد علاقة حمیمة بینک و بین رجل متزوج. فمن الواضح أن هذا الحب لم یحصل فی یوم واحد و عبر نظرة خاطفة. من الناحیة الأخرى لم یستطع هذا الرجل إلى الآن أن یخرج بنتیجة واضحة مما هو فیه و یعین مصیره فی المستقبل، فقد لا ینفک عنه شعوره بالذنب تجاه زوجه حتى بعد زواجه معک، فیصبح خائبا بین حیاته الماضیة التی هدم دعائمها و حیاته معک التی لم یغتبط بها.

بناءً على ما ذکر، نحن لا نحرم زواجک مع هذا الرجل، لکن توصیتنا لک هی إما أن تتخلی عن حقک فی الزواج مع الرجل المحبوب لدیک و أن ترضی الله عز وجل بإیثارک على نفسک و أن تشجعی هذا الرجل بالتفکیر الأکثر و الاستمرار بحیاته مع زوجه الأولى، أو أن تتفاوضین مع هذا الرجل و زوجه و تصبحین زوجة ثانیة فی العائلة من دون إی طلاق.

للحصول على المزید من المعلومات راجعی المواضیع التالیة:

1ـ العلاقة مع غیر المحرم قبل الزواج، سؤال 1407 (الموقع: 1427)

2ـ علاقة الاولاد مع البنات، سؤال 6669 (سایت: 6745)

3ـ العشق المجازی و نیل الحقیقة، سؤال 1026 (الموقع: 1081)

4ـ العشق فی العرفان والفلسفة، سؤال 3212 (الموقع: 3515)

5ـ طریق التخلص من العشق غیر الإلهی، سؤال 3061 (الموقع: 3787)



[1] المؤمنون، 115، "أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناکُمْ عَبَثاً وَ أَنَّکُمْ إِلَیْنا لا تُرْجَعُون‏"

[2]. نهج البلاغة، کتاب 31.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280259 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258835 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129631 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115649 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89557 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61041 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60369 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57377 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51625 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47715 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...