Please Wait
7717
1.إن کون المصدر التاریخی معتبراً لا یعنی أن جمیع ما ورد فیه قطعی یمکن الأخذ به و تأییده. و تاریخ الطبری غیر مستثنىً من هذه القاعدة.
2. یضاف إلى ذلک أن الخبر المشار إلیه لیس له وجود فی المصادر الشیعیة.
3ـ إن بعض رواة هذا الخبر لم یوثق و هو علی بن مجاهد، قال عنه یحیى ابن معین و یحیى بن ضریس، و علی بن حسن الهسنجانی أنه کذاب وضاع.
4. على فرض صحة مثل هذا الخبر و أن الإمام الحسن و الإمام الحسین اشترکا فی هذه الحرب.
أولاً: مع أن الإمامین من المعارضین لحکومة الخلفاء الثلاثة و لکن هذا لا یعنی أن الإمام علیاً(ع) و أولاده و مریدیه یظلون بعیدین عن الوقائع و الحوادث التی تحدث فی مجتمعهم، و إنهم لا یلتزمون بالقوانین السائدة فی محیطهم.
ثانیاً: على فرض صحة اشتراکهما فی هذه الحرب، فإن وجودهم مع الجنود المقاتلین ذا بعد ثقافی توجیهی یمنع الجنود من ارتکاب بعض التجاوزات التی قد تنتهک فیها حرمة النفوس و الأموال.
ثالثاً: یمکننا أن نتساءل، فی أی تاریخ ورد أن الجنود الإیرانیین قتلوا بأیدی الإمامین الحسن و الحسین (ع)، حتى نبادر لإحقاق حقوقهم و الدفاع عنهم.
بیان هذه المسألة التاریخیة قابل للنظر و التدقیق من عدة جهات:
1ـ إن اعتبار أی مصدر تاریخی لا یعنی أن جمیع ما ورد فیه صحیح و قطعی مائة بالمائة. و تاریخ الطبری لا یستثنى من هذه القاعدة فأن تاریخ الطبری من المصادر التاریخیة المعتبرة لدى أهل السنّة التی ذکر فیها خبر اشتراک الإمام الحسن و الإمام الحسین (ع) فی الحرب التی أمر بها الخلیفة الثانی على إیران. و لکن هذا الخبر لم یرد فی مصدر من مصادر الشیعة المعتبرة، إن عدم إدراج الخبر فی مصادر الشیعة یعنی أن مؤرخی الشیعة و علماءهم لم یؤیدوا الخبر.
2ـ بعض الرجالیین مثل یحیى بن معین، و یحیى بن ضریس و... لم یوثقوا راوی هذا الخبر و هو علی بن مجاهد، قال عنه یحیى بن معین أنه یضع الأخبار، و یقول یحیى بن ضریس أنه کذاب و یضع الأسناد. و یقول علی بن حسن الهسنجانی: سألت أبا جعفر الجمال یعنی محمد ین مهران عن علی بن مجاهد فقال: إنه کذاب[1]. و علیه کیف یمکن قبول مثل هذا الخبر الذی یرویه رجل لم یحظَ بتوثیق علماء الرجال؟
3ـ و على فرض صحة مثل هذا الخبر. و أن الإمامین اشترکا فی الحرب المشار إلیها، فمن الممکن النظر إلى المسألة من زوایا متعددة.
أولاً: مع أن الإمامین أبناء لشخصیة کالإمام «علی» و هو المعارض الأول للحکومة التی قامت بعد النبی (ص)، و أن حکومة الخلفاء الثلاثة فاقدة للشرعیة فی نظره. و لکن هذا لا یعنی أن الإمام (ع) و أولاده و أتباعه یعیشون بعیدین عن الحوادث و الوقائع التی تقع فی إطار مجتمعهم، و أنهم لا یلتزمون بالقوانین و الأعراف التی تحکم المجتمع آنذاک، و إنما یمارسون دورهم و یؤدون أعمالهم کما یفعل الآخرون. وعلى فرض اشتراک أبناء الإمام علی (ع) فی هذه الحرب أو فی غیرها من الحروب الأخرى، فإن هذا الأمر یعد طبیعیاً فی جمیع أنحاء العالم، فمعارضة الحکومة لا یعنی بالضرورة التمرد على القوانین و الأعراف الموجودة فی دائرتها و محیطها الاجتماعی، أو البراءة عن کل ما یجری فی محیط المجتمع.
ثانیاً: و على فرض صحة مثل هذا الخبر فإن اشتراکهما فی هذه الحرب بصحبة سائر المقاتلین یمکن أن یکون ذا جنبة ثقافیة و توجیهیة یحول دون ارتکاب المقاتلین لبعض الأعمال التی من شأنها أن تفضی إلى انتهاک الحرمات المتعلقة بالنفوس و الأموال حین دخول المدن الآهلة. مثلما نراه الیوم فی جمیع الجیوش من وجود قوى داعمة لعدة جوانب من أهمها الجانب الثقافی، حتى تؤلف أقسام خاصة لهذا الغرض.
و کما کان یفعل الإمام علی (ع) على رغم معارضته للخلفاء إلا أنه کثیراً ما کان یتعاون معهم من أجل تقویم سلوکهم و تصویب قراراتهم الخاطئة فی شتى المیادین و منها الحکومة. و هکذا یمکن أن یلعب أبناؤه هذا الدور لدى اشتراکهم فی مثل هذه الحرب دون أن یکون لهم جهد قتالی.
ثالثاً: و یمکن أن نتساءل فی أی تاریخ ورد أن الإیرانیین قتلوا على یدی هذین الإمامین، حتى ندافع عن حقوقهم. حتى ما ورد فی تاریخ الطبری من أن الإمامین اشترکا فی الحرب إلا أنه لم یرد فی المصدر نفسه أن أحداً قتل بسیفهما.