بحث متقدم
الزيارة
5504
محدثة عن: 2011/10/16
خلاصة السؤال
ماذا علیّ أن اختار هل الإله العرفی للدین او إله العلم؟
السؤال
عثرت علی نظرة جدیدة حول الله الذی یدعو الیه الدین، و هو الله الذی حینما تلاحظ مجموعة صفاته فانه یکون شبیهاً بالانسان، ای بانسان یحتمل ان یکون من جنس الذکر و یکون طاعناً فی السن و مقامه السیاسی هو کونه ملکاً لکل العالم و عاصمته هی الکرة الارضیة، و مقامه الروحانی هو کونه شیخاً حکیماً یجب ان نکون منه علی خوف و رجاء و أما أله العلم فهو الأله الذی خلق 13 عدداً ذهبیاً لا یمکن التصرف فیها، و ان الکائنات هی نتیجة لترتیب هذه الاعداد. و هذا الإله موجود جزماً و وجوده غیر قابل للتوصیف لان العلم لم یحصل الی الآن علی وصف له، و لکنه یؤمن بوجوده. و ان الایمان بوجوده او عدم وجوده لا یحدث خللاً فی الخلقة! و کذلک عبادته ایضاً. و لکن إله الدین یختلف تماماً عن ذلک. فان عبادة إله العلم تبدو عبثاً و بلا فائدة و لکن إله الدین او التخلف عنها تترتب علیه عواقب و نتائج. فکیف أوجه ایمانی بحیث لا اکون قد عبدت إلهاً شبیهاً بالانسان و لا إلهاً لا اعرف أی صفة من صفاته.. ارجو الاجابة عن هذا السؤال بطریقة علمیة..
فان کلامی هو حول الجانب العلمی و الفلسفی للقضیة و الا فانی من الناحیة النفسیة أؤمن بإله الدین، لان تصور إله العلم بالنسبة لی یشبه تصور الالقاء فی جزیرة مهجورة فی وسط المحیط. وشکراً.
الجواب الإجمالي

ان هذین التصورین عن الله (غیر الإله الحقیقی للدین)لا یمکن عدهما نظرة صحیحة عن الدین و الإله.و ان النظرة الصحیحة حول الإله هی النظرة التی طرحها خاصة اولیاء الله و خصوصاً فی مدرسة أهل البیت (ع).و نرجو مراجعة بقیة الکلام فی الجواب التفصیلی.

الجواب التفصيلي

ینبغی ان نؤکد اولاً انه یجب تعیین حدود هذین التصورین. و خصوصاً إله العلم، و هو الإله الموجود جزماً و هو الذی خلق الکائات و الذی لا تنفعه عبادتنا. و بناءً علی هذا فانه ینبغی ان نذکر تعریفنا لهذین الموردین و ان نمیّز الحق من الباطل فی هذا الموضوع فربما اقترب إله العلم من إله الدین و العرفان احیاناً و ربما لم یکن الادراک العرفی للإله خالیاً عن مرتبة من المعرفة بالله.

وعلی العموم فان هذین المفهومین المذکورین عن الله (غیر الإله الحقیقی للدین) لا یمکن تفضیل احدهما علی الآخر او عده رؤیة صحیحة حول الدین و الإله. فان الرؤیة الصحیحة عن الإله هی الرؤیة التی عرضها خاصة اولیاء الله و خصوصاً من مدرسة أهل البیت (ع). و بناءً علی هذا فلا الفهم العرفی للإله- و هو ما ابتلی به کثیر من الذین یسمون بالمتدینین- یعتبر هو الفهم الصحیح للإله الحقیقی، و لا التحقیقات العلمیة لعلماء الفیزیاء الفضائیة قد توصلت الی حقیقة الإله. و خصوصاً اذا لم یکن الإله المنسوب الی العلم مرتبطاً بالانسان، فان ذلک فی الحقیقة هو تحدید للإله فیما وراء الرابطة الفطریة مع الانسان، فهذه رؤیة میکانیکیة متحجرة. بالرغم من ان العلم اذا کان منصفاً واقعاً ولا یدعی الا ما هو فی حدود تحقیقاته الیقینیة فانه لم یصل الی مثل هذه النتیجة و هی عدم ارتباط الله بالانسان، فهو قد بحث حول قسم من عجائب عالم الکائنات الالهیة و اقر بوجود الله فقط و اما العلاقة بین الانسان و خالقه فهی خارجة عن دائرة و صلاحیات العلوم الفیزیاویة و الکیماویة و غیرها من العلوم.

وللتوضیح اکثر حول الإله و کیفیة خلق الکون و آدم، یکفی قراءة الخطبة الاولی من ( نهج البلاغة) لأمیرالمؤمنین علی (ع) و مع ذلک فاننا نذکرهنا بعض الایضاحات اللازمة من اجل التعرف علی الابعاد الفلسفیة العرفانیة لمسألة معرفة الله.

فکما انه لا یسع للقطرة ان تدرک البحر فکذلک الانسان ایضاً فمع ان وجوده من الله فانه و لاجل فقره الذاتی من حیث الوجود لا یمکنه ادراک ذات الله و قد ورد فی الاحادیث الواردة عن المعصومین (ع) النهی عن التفکر فی ذات الله، فان مثل هذا التفکر لن تکون نتیجته سوی الحیرة و الاضطراب. و السبب الحقیقی لهذا النهی ینبغی أساساً البحث عنه فی هذه النکتة اللطیفة و هی ان الله لیس مفهوماً فلسفیاً او علمیاً او ذهنیاً او عقلانیاً... بل هو موجود عینی تماماً و حقیقی. و هذا الموجود العینی یمکن التعرف علیه و لکن لیس عن طریق الذهن و الاسالیب الفلسفیة و العلمیة و المنطقیة، بل الطریق الوحید للمعرفة الحقیقیة لله هی التعرف علیه فی باطن النفس عن طریق هدایة الانسان الکامل الذی وجد الله فی نفسه و هذا الانسان الکامل هو نفس ما یسمی عند الشیعة بالامام. و الانسان الکامل هو تجلی ذات و اسماء و صفات الله. و کما یقول أمیر المؤمنین علی (ع): "من عرف نفسه فقد عرف ربّه"[1] ، وکما قال فی موضع آخر: "یا سلمان و یا جندب ان معرفتی بالنورانیة معرفة الله و معرفة الله معرفتی و هو الدین الخالص"[2].

ان علی هذه القطرة المنفردة ان تتصل بالبحر فتصبح بحراً لکی تحصل علی معرفة البحر. کما ان اولیاء الله وجدوا الله فی انفسهم فصاروا مظهراً له و ارکاناً لمعرفته الحقیقیة.

ان ادراک هذه الحقیقة لا تتیسر الا فی مجال التفکیر العرفانی الاصیل، و ان الذهن العرفی و العلمی و الفلسفی عاجز عن ادراکها. و بناءً علی هذا فالطریق الصحیح لمعرفة الله سیمر عبر معرفةالانسان.

وللمطالعة اکثر یمکنکم مراجعة المواضیع التالیة:

- الفطرة و معرفة الله 11041(الموقع1105)

- معرفة الله و عشقه 1609(الموقع1611)

- التطور العلمی و المعرفة التامة بالله 3471(الموقع3694)



[1] الآمدی، غرر الحکم، ص232، منشورات مکتب الاعلام الاسلامی، قم، 1366.

[2] الحافظ رجب البرسی، مشارق أنوار الیقین فی أسرار أمیر المؤمنین، ص255، قم، ذوی القربی. وبحار الانوار، ج26، ص1، مؤسسة الوفاء. وقد نقل محمد تقی المامقانی النص الکامل لهذه الروایة فی صحیفة الابرار، مؤسسة الاعلمی للمطبوعات، بیروت، 7120

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280259 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258835 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129631 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115649 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89557 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61041 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60369 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57377 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51625 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47715 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...