Please Wait
6917
إن هذا التفسیر يتوافق مع إسلوب الشیخ محمد عبده و إملاء السید محمد رشید رضا من أول القرآن إلی سورة النساء آیة 126، أما الباقي فقد کُتب بإسلوب السید رشید رضا و علی منهج و مسلک استاذه. و تفسیر المنار یعتبر من التفاسیر الإجتماعیة و التربویة و قد تأثّر به عدد کبیر من التفاسیر. و قد سعی الشیخ محمد عبده، في الجزء الذي کتبه أن یکون تفسیراً غنیّاً بالروایات الصحیحة و الأمور العقلیة الواضحة، و لم یخض کثیراً في مباحث الألفاظ و الإعراب و النکات البلاغیة، بل اهتمّ بالأمور التي لم یتعرض لها سائر المفسرين. فهذا القسم من التفسیر اهتم کثیراً بروایات النبي (ص) و الأخذ من المفسّرین الآخرین. و من خصائص و مميزات تفسیره هو هجومه العنيف علی الصوفیة و اتهاماته المتعددة للشیعة.
لهذا التفسیر بین التفاسیر القرآنیة اتّجاه سیاسي و اجتماعي و تربوي بحیث اشتهر مفسّره بالمفسّر المجدد صاحب المسلک التفسیري الجدید، کما و یعتبر من قادة و مفکّري الحرکة الإسلامیة المعاصرة. فلا نری لتکرار المکرّرات المتعددة التي نلحظها في التفاسیر الأخری مجالاً هنا، بل کثیر ما نجد فیه مواضع جدیدة و حدیثة.
و لا یضم هذا التفسیر بین دفّتیه کل القرآن، بل ینتهي إلی الآیة 53 من سورة یوسف " وَ مَا أُبَرِّئُ نَفْسيِ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةُ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبّيِ إِنَّ رَبيِّ غَفُورٌ رَّحِيم" و هو بإسلوب الشیخ محمد عبده و إملاء السید محمد رشید رضا من أول القرآن إلی سورة النساء آیة 126. و من الملاحظات التي تسجل على التفسير هجومه الشدید علی الصوفیه و أفکارهم [1] کما و یُلحظ في أماکن متعددة من هذا التفسیر و بدون أي سبب كثرة الافتراء و التهم الموجهة ضد الشیعة.
و من المتبنيات التي يعتمدها تفسیر المنار أن خطابات السور القرآنية لا تختص بموضوع و مجال معیّن، بل هو کلام لکل البشریة و الهدف منه استقرار العقائد و الآداب و الأعمال الأکثر رسوخاً و ثباتاً. [2]
یلخص صاحب کتاب التفسیر و المفسّرون منهج و مسلک تفسیر المنار في المجالات التالیة:
1- تعریف الإسلام بأنه دین العقل و القانون و مصدر الخیر و البرکات و صلاح المجتمع.
2- الاعتقاد بأن القرآن لا یتبع العقیدة بل العقیدة هي التي تتبع القرآن و تُؤخذ منه.
3- الاعتقاد بعدم وجود التعارض بین الحقائق العلمیة الموجودة و بین القرآن.
4- الاعتقاد بأن القرآن مجموعة متشکّلة و واحدة.
5- التأکید علی المحافظة علی التفسیر المأثور ( التفسیر النقلي) و تجنب القصص الإسرائیلیة و الجعلیة.
6- تأثیر عدم الغفلة عن الوقائع التاریخیة في فهم معاني القرآن.
7- إستعمال الذوق الأدبي في فهم الجوانب المختلفة للآیات.
8- تفسیر القرآن في ضوء الحقائق الثابتة و القطعیة العلمیة.
9- تناول المسائل الإجتماعیة في الأخلاق و السلوک.
10- تجنب الدخول و الخوض في المسائل الغیبیة البعیدة عن الإحساس و الإدراک.
11- اتخذ موقفاً صحیحاً و حاسماً في مقابل سحر السحرة خصوصاً في شأن تأثیره علی شخصیة النبي (ص).
12- اتخاذ موقفاً صحیحاً في مقابل الروایات غیر المعتبرة و لو کانت موجودة في کتب الصحاح. [3]
و قد حصل هنا إفراط کثیر –مع الأسف- کما في بعض الموارد المشابهة، لذا نری من الضروري ذکر عدة ملاحظات فیما یخص التقییم المتقدّم لتفسیر المنار.
یقول بعض الباحثين في شأن التفسیر و المفسّرین: [4] إن هذا التفسیر هو بإنشاء الشیخ محمد عبده و إملاء السید رشید رضا؛ و بما إن الشیخ محمد عبده لا یوافق علی التفسیر الترتیبي، أي تفسیر القرآن من أوله إلی آخره –لمصلحة ما – بل یعتقد أن التفسیر یجب أن یتناول ما یحتاجه المجتمع المعاصر و ما لا یتناوله الآخرون؛ لذا لا یظهر ان الکلام السابق صحیح، یقول السید رشید رضا في أول تفسیره نقلاً عن الشیخ عبده: لا یحتاج القرآن إلی تفسیر شامل و کامل کما أن عمر الإنسان لا یسمح بذلک، لکنه بحاجة ملحّة إلی تفسیر بعض الآیات القرآنیة. [5]
من هنا قد يكون السيد رشيد رضا اعتمد في جميع مجلدات التفسير منهج استاذه الشيخ عبده و قد يعتمد احياناً بعض التفاسير المنتخبة لديه.
و یذکر بعض المفسّرین و المحققین في العلوم القرانیة [6] في بیان منهج و مسلک تفسیر المنار أموراً لا یظهر منها انهم في مقام الثناء على التفسير المذكور و صاحبه السيد رشيد رضا، الا ان القرائن و الشواهد و کیفیة ترتیب هذه الأمور السابقة الذکر أنهم بصدد مدح الرجل و الثناء على تفسيره.
یشير صاحب کتاب (التفسیر و المفسّرون) في المادة الخامسة و السادسة [7] من الموارد التي ذکرها في بیان منهج و مسلک تفسیر المنار و کذلک صاحب کتاب [8] (المفسّرون حیاتهم و منهجهم) في المادة السابعة: على تأکیده علی المحافظة علی التفسیر المأثور ( التفسیر النقلي) و تجنب القصص الإسرائیلیة و الموضوعة و تأثیر عدم الغفلة عن الوقائع التأریخیة في فهم معاني القرآن.
الا انه من الممكن تسجيل بعض الملاحظات النقدية على التقييم المذكور، وان هذا الحكم الايجابي علی منهج و مسلک تفسیر المنار ليس صحیحاً؛ و ذلك لان المراجع للتفسير المذكور يجد ما يخالف تلك النظرة الايجابية للكتاب، حيث يوجد الکثیر من الموارد في تفسیره تناقض هاتین النقطتین، نشیر إلی بعضها من باب المثال:
الف: إنکاره شأن نزول آیة المباهلة.
ب: عدم نقل شأن نزول آیات الولایة و التبلیغ و الکمال و غیرها.
ج: عدم قبول الروایات الواردة في الإمام المهدي –عج-.
د: الإعتماد علی الإسرائیلیات التي تشوه صورة الإمام علي و ...[9]
قد یقال بأنه لیس المراد بأن صاحب تفسیر المنار لم یکتب في تفسیره شیئاً من المجعولات و الإسرائیلیات، بل المراد بأنه کان أقل من الآخرین في ذلک، ففي هذه الصورة لابد من التنويه بهذا المعنى و عد صياغة العبارة بنحو يفهم منه الاطلاق و العموم، و ليكون التقييم اكثر موضوعية و واقعية.
[1] الأیازي، محمد علي، المفسّرون حیاتهم و منهجهم، ج 3، ص 1132-1138.
[2] العلامي، أبو الفضل، الفرقاني، قدرت الله، الحسیني، سید علي، ---- مع التفاسیر و المفسّرون، مدیریة التوجیه العقائدي و السیاسي للولي الفقیه لدی قوّات الحرس الثوري، الطبعة الأولی، 1379 ش.
[3] المعرفت، محمد هادي، التفسیر و المفسّرون، ج 2، ص 1012 و 1013، الجامعة الرضویة للعلوم الإسلامیة، الطبعة الثانیة، 1384 ش.
[4] المعرفت (ره) صاحب کتاب التفسیر و المفسّرون؛ الأیازي صاحب کتاب المفسّرون حیاتهم و منهجهم.
[5] لا یمکن ذکر هذا الأمر بدون تردید و إن اعتقد به الکثیرون.
[6] صاحب کتاب التفسیر و المفسّرون و المفسّرون حیاتهم و منهجهم.
[7] المعرفت، محمد هادي، التفسیر و المفسّرون، ج 2، ص 1012.
[8] الأیازي، محمد علي، المفسّرون حیاتهم و منهجهم، ج 3، ص 1136.
[9] راجعوا رسالة «دراسة آراء سید قطب و رشید رضا في "في ظلال القرآن" و "المنار" في باب الشیعة» لعبد الرحیم رضاپور (مرحلة الماجستیر، جامعة الأدیان و المذاهب، 1388) للحصول علی التفاصیل.