بحث متقدم
الزيارة
22079
محدثة عن: 2012/05/19
خلاصة السؤال
هل يمكن طلب الحاجة من الإمام الرضا (ع) مباشرة بان نقول له (ع) إقضي حوائجنا؟ أو نخاطب الله سبحانه فنقول: الهي بحرمة الإمام الفلاني إقضي حوائجنا.
السؤال
بعد السلام و التحية. أنا في الحقيقة لم أفهم ما وضّحتموه عن التوسّل. فهل يمكن طلب الحاجة من الإمام الرضا مباشرة بأن نقول له: إقض حوائجنا؟ و هل يمكن الطلب من أهل البيت (ع) مباشرة؟ مع ان الله يقول أطلبوا حوائجكم مني مباشرة. فهل من الصحيح أن نقول للإمام الرضا (ع): شافني، و إقض حاجتي؟ و ما علاقة "الحمد لله" بهذه القضية؟
الجواب الإجمالي

1ـ ممّا لا نشك فيه أن غير الله غير قادر على أيّ عمل مهما كان مباشرة و بدون واسطة و إذا كانت له القدرة على العمل فهي بالإذن و الإرادة الإلهية.

2ـ يتحتم علينا اعتبار المعصومين (ع) واسطة في حوائجنا. لا أن نطلب حوائجنا منهم، نعم قد نرى من يطلب حاجته منهم (ع)، لكنه ليس مراده أن هذا الإمام (ع) يمكنه قضاء الحاجة بالاستقلال و من دون الإذن الإلهي، بل يعلم بأنه واسطة في انجاز الحاجة.

3ـ نظراً إلى أن بعض عباد الله يتمتعون بوجاهة خاصة عند الله سبحانه بإطاعتهم الخاصة له، فإذا لم ير شخص ما - لأي دليل كان- لنفسه حرمة، أو إنه يرى ان حرمته عند الله و وجاهته أقل من هذا الوجيه الفلاني، فلا بأس بإتخاذه واسطة في طلب حاجته من الله أو أن يتكل على وجاهته عند الله تعالى.

الجواب التفصيلي

 1ـ ممّا لا نشك فيه أن غير الله غير قادر على أيّ عمل مباشرة و بدون واسطة مهما كانت منزلته، و إذا كانت له القدرة على العمل فهي مستندة الى الإذن و الإرادة الإلهية.

2ـ يتحتم علينا اعتبار المعصومين (ع) واسطة في حوائجنا. لا أن نطلب حوائجنا منهم، نعم، قد نرى من يطلب حاجته منهم (ع)، لكن التأمل في توسله هذا يكشف انه لا يقصد كون هذا الإمام (ع) قادراً على قضاء الحاجة بدون الإذن الإلهي، بل يعلم بأنه واسطة في الحاجة.

و لإيضاح الموضوع نقرب الفكرة من خلال احد الامثلة القرآنية، ثم نتناوله بالبحث و التحليل: فقد قال الله سبحانه في القرآن: "وَ رَسُولاً إِلىَ‏ بَنىِ إِسْرَ ءِيلَ أَنىّ‏ِ قَدْ جِئْتُكُم بِايَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ  أَنىّ‏ِ أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئةِ الطَّيرْ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيرْا بِإِذْنِ اللَّهِ  وَ أُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ أُحْىِ الْمَوْتىَ‏ بِإِذْنِ اللَّهِ  وَ أُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكلُونَ وَ مَا تَدَّخِرُونَ فىِ بُيُوتِكُمْ  إِنَّ فىِ ذَالِكَ لاَيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين".[1]

فنظراً لكون النبي عيسى (ع) إنطلاقا من هذه الآية الشريفة كان يُشافي الأعمى و الأبرص بإذن الله تعالى، فلو قال له قائل: يا أيها النبي شافي مريضي، فهل هذا شرك؟ و نظراً إلى أن النبي عيسى (ع) يحيي الموتى بإذن الله فلو قال له قائل: يا نبي الله، أحيي ميّتي، فهل هذا شرك؟ فمما لا شك فيه ليس كذلك، بل عمله هذا لا ينافي التوحيد أبداً.

3ـ نظراً إلى أن بعض عباد الله يتمتعون بوجاهة خاصة عند الله سبحانه بإطاعتهم الخاصة له، فإذا لم ير شخصً ما- بأي دليل[2] كان- لنفسه حرمة، أو إنه يرى ان حرمته عند الله و وجاهته أقل من هذا الوجيه الفلاني، فلا بأس بإتخاذه واسطة في طلب حاجته من الله أو أن يتكل على وجاهته عند الله تعالى.

يقول الله سبحانه في القرآن على لسان اخوة يوسف (ع): "قَالُواْ يَأَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِينَ" قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبىّ‏ِ  إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم".[3]

فنظراً إلى أن أبناء يعقوب كانوا مطمئنين برحمة الله تعالى، لكنهم مع هذا لم يطلبوا العفو و المغفرة من الله مباشرة، بل جعلوا أباهم واسطة في الطلب، أ فهل هذا شرك و هل ينافي التوحيد؟ و كذلك لو أخذنا قول الله تعالى عن لسان بني اسرائيل: "وَ إِذْ قُلْتُمْ يَمُوسىَ‏ لَن نَّصْبرِ عَلىَ‏ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يخُرِجْ لَنَا ممِّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَ قِثَّائهَا وَ فُومِهَا وَ عَدَسِهَا وَ بَصَلِهَا  قَالَ أَ تَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنىَ‏ بِالَّذِى هُوَ خَيرْ  اهْبِطُواْ مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ  وَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَ الْمَسْكَنَةُ وَ بَاءُو بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ  ذَالِكَ بِأَنَّهُمْ كاَنُواْ يَكْفُرُونَ بِايَاتِ اللَّهِ وَ يَقْتُلُونَ النَّبِيِّنَ بِغَيرْ الْحَقّ‏ِ  ذَالِكَ بمِا عَصَواْ وَّ كَانُواْ يَعْتَدُون".[4]

فلم يقرّع الله سبحانه بني اسرائيل و لم يلمهم أبداً على جعلهم نبيهم موسى (ع) واسطة بينهم و بين الله سبحانه في طلبهم و لم يطلبوا من الله مباشرة.

أما قوله تعالى "الحمد لله"، نعم، هو كذلك و لا شك في ذلك، لكن هذا الأمر لا ارتباط له بالموضوع، فإن الطلب و الدعاء و المغفرة غير الحمد و ليس بمعناه.

و كذلك لم يقل الله سبحانه في القرآن: اطلبوا حوائجكم مني مباشرة، بل إذا قال: "ادعوني" فأولاً: هذا لا ينا في أن ندعوه بواسطة شخص محترم وجيه عنده، و نجعل هذا الشخص وسيلة إلى الله في طلبنا، بل هذا نوع من التجليل و التكريم لهؤلاء الوجهاء. ثانياً: لو شعرتم بأن ارتباطكم بالله بدون واسطة يكون أفضل و أحسن، فلم يقل أحد عندها بضرورة اتخاذ الواسطة و الوسيلة.


[1]  آل عمران، 49.

[2]  إما بسبب الذنوب التي ارتكبها أو تواضعاً أو...

[3]  يوسف، 97 و 98.

[4]  بقره، 61.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280259 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258835 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129631 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115649 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89557 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61041 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60369 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57377 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51625 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47715 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...