Please Wait
6622
الرواية المذكورة "تفقهوا في الحلال و الحرام و إلا فأنتم أعراب"[1] مروية عن الامام الباقر (ع)، و الرواية واضحة المعنى حيث تحث على تعلم الدين و الاهتمام بأمور الشريعة و احكامها و مواكبة العلم و الحضارة، و الا سيكون الانسان شأنه شأنه ذلك الاعرابي[2] الذي لا يفقه من أمور دينه شيئاً، و الحذير من خطر الانزواء و الابتعاد عن المعرفة و ما يترتب عليه من آثار سلبية و مردودات خطيرة تعود على حياة الانسان و المجتمع حتى وصفهم القرأن الكريم بقوله: «الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَ نِفاقاً...».[3] و ما ذلك الا بسبب بعدهم عن المدنية و بركات الانسانية و العلم و المعرفة.
يقول العلامة الطباطبائي في تفسيره للآية المباركة: يبين تعالى حال سكان البادية و أنهم أشد كفرا و نفاقا لأنهم لبعدهم عن المدنية و الحضارة، و حرمانهم من بركات الإنسانية من العلم و الأدب أقسى و أجفى، فهم أجدر و أحرى أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله من المعارف الأصلية و الأحكام الشرعية من فرائض و سنن و حلال و حرام.[4]
فالذم الوارد في الآية و الرواية لم يكن منطلقا من كونهم أعرابا أو بسبب النسب و العرق الذي ينتمون اليه، و إنما بسبب الجلف و الخشونة التي تميز بها هؤلاء الناس بسبب ظروف البيئة و الطبيعة التي عاشوا فيها و ابتعادهم عن مراكز النور و الانسانية و تمردهم على القيم و التشريعات التي جاء بها النبي الاكرم (ص)، فالمشكلة مشكلة البيئة لا مشكلة ذات الانسان البدوي.[5]
[1] البرقي، احمد بن محمد بن خالد، المحاسن، ج 1، ص 227، دار الكتب الإسلامية، قم، الطبعة الثانیة، 1371ق.
[2] ليس المراد من الاعراب الشعب العربي، بل المراد منهم أولئك الناس الذين يعيشون بعيدا عن المدنية و الحضارة و مراكز العلم و الثقافة و فضلوا العيش في تلك الاماكن القاصية و المتخلفة مع تمكنهم من الهجرة الى مراكز الوعي و النور تلك، و بذلك رجحوا الجهل على المعرفة.
[3] التوبة 97.
[4] الطباطبائي سيد محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج 9، ص 370، مکتب الاعلام الاسلامي، قم، 1417ق؛ الطبرسي، مجمع البیان، ج 5، ص 95- 96، انتشارات ناصر خسرو، طهران، 1372ش.
[5] نجفي خميني، محمد جواد، تفسير آسان، ج 6، ص 393، انتشارات اسلامية، طهران، 1398ق.