Please Wait
6385
ان من المسلّم ان هذا الولد بالتالی هو للأب. فهل من العقلانیة و المنطق ان یوجد ولد من مجرد علاقة موقّتة و لا یکون له أمّ؟ أو حتی العکس أو یسلّم الی دور الحضانة فیکون محروماً من نعمة الأب و من نعمة الام أیضاً؟ ما هو موقع الطفل الذی یتولّد من علاقة موقتة بشکل لا ارادی فی المجتمع؟ هل یصح ان لا یعرف الطفل امه ابداً؟ ان الطفل الذی یولد من المتعة من المسلّم انه تکوّن لا ارادیاً و انه ناتج من علاقة موقتة و ان هذا یبقی معه الی آخر عمره و صمة علی جبینه! لنضع أنفسنا محل مثل هذا الطفل! فماذا سیکون شعورنا حینئذٍ؟
اننّی أعلم انه یمکن قبل الزواج اشتراط عدم الإنجاب، و لکن علی أی حال فهذا الموضوع موجود و لا یمکن انکاره. ثم انه من الممکن ان یشترط الطرفان عدم الحمل و لکن مع ذلک و بعد انتهاء المدّة لو ولدت تلک المرأة طفلاً، فما هو الحل؟ و لیست المشکلة فی الحضانة و الاشراف و الارث و النفقة و ... فقط، بل المشکلة هی ان هذا الطفل هو انسان علی أی حال و یجب ان یعیش فی المجتمع مستقبلاً، فماذا سیکون شعوره و إحساسه؟
الزواج الموقت زواج میسّر لمن لا یستطیع الزواج الدائم و قد شرع من قبل الله تعالی من أجل حِکم عدیدة منها منع الانحرافات الجنسیّة و آثارها السیئة، و لهذا السبب فإن الشارع المقدّس لم یجعل فی هذا الزواج بعض الأحکام الخاصة بالزواج الدائم. و قد حددّ الإسلام من البدایة مصیر الأولاد الذین قد یتولدون من هذا الزواج و قال ان الأولاد الذین یولدون من هذا الزواج لا یختلفون أبداً من ناحیة النسب و الارث و حق الحضانة (التربیة و الحفظ) و حق النفقة (المصارف) عن الأولاد فی النکاح الدائم، فلهم حقوقهم المعروفة و لا یمکن لأحد ان یحرمهم من العطف و الحنان من قبل الأمّ و الأب. و قد لا تکون بعض قطاعات المجتمع الیوم مهیّئة لقبول ثقافة مثل هذا الزواج فینبغی التثقیف علی هذا الجانب لکی لا یبقی المجتمع محروماً من برکات مثل هذا الزواج.
و بالطبع فإنه لا یمکن تجنّب وجود بعض الإستثناءات فی کل قانون، فلا ینبغی لغو أصل القانون من أجلها.
قبل التعرّض للجواب ینبغی التذکیر بعدّة ملاحظات:
أولاً: یجب دائماً أن نشخّص جیّداً منزلة و هدف تشریع کل من الأحکام الإلهیة لکی یکون لکل قانون و حکم موقّعة و تقییمه المتناسب معه. و کمثال علی ذلک: فلا یمکننا مثلاً الاعتراض علی تشریع الجهاد بانه یوجب القتل أو الضرر أو تسیّب عدد کبیر من الأبناء، فإنه إذا لم یندفع البعض فی هذا الطریق و یلقی بنفسه فی معرض أنواع الأخطار، فإن المجتمع کله سیکون فی معرض الخطر.
ثانیاً: أن البحث عن الهدف و الحکمة للأحکام و التعالیم الإجتماعیة للإسلام یجب أن یکون مرتبطاً بأغلب أفراد المجتمع، لأنه قد لا یتلاءم کل قانون فی موارد نادرة مع ذلک الهدف العام فیکون له موارد استثناء. و علی هذا الأساس فیجب أن تدرس أحکام و قوانین و آثار الزواج الموقت فی إطار الأغلبیة و أکثریة أفراد المجتمع.
ثالثاً: فی الزواج الدائم أیضاً تکون الحضانة و تربیة الطفل إلی سنتین إذا کان ولداً و إلی سبع سنین إذا کان بنتاً هی بعهدة الأمّ، و بعد ذلک فقد أعطی هذا الحق للأب.[1]
و بالالتفات الی هذه الملاحظات ینبغی أن یقال: ان الزواج الموقت زواج میسّر لمن لا یتمکن من الزواج الدائم أو انه یواجه مشاکل فی هذا الطریق، و قد شرع هذا الزواج من قبل الله الحکیم للمنع من الفساد و الانحرافات الجنسیّة. و من أجل سلامة المجتمعات. و لهذا السبب فان الشارع المقدّس لم یجعل فی هذا الزواج بعض الأحکام الخاصة بالزواج الدائم.[2]
و من نقاط القوة فی قوانین الإسلام فی الزواج الموقت انه حددّ أولاً مصیر الأولاد الذین قد یتولّدون من هذا الزواج و قال ان الولد المتولّد من هذا الزواج لا یختلف أبداً عن ولد النکاح الدائم.[3]
فهو یعتبر ابناً لهذا الأب و الأمّ شرعاً و قانوناً فتجب نفقته (مصاریفه) علی الأب و هو یرث من أبیه و أمّه أیضاً. و بناء علی هذا فسوف لا یشعر مثل هذا الولد بالخجل أبداً، لان أباه و أمّه قد تزوّجا بزواج شرعی و قانونی و علی طبق الأمر الإلهی و لم یرتکبا أی عمل مخالف للشرع.
و اما ان مسؤولیة الولد قد جعلت فی عهدة الأب، فیجب أن نلتفت الی ان ذلک لا یختص بالزواج الموقت، فسواء کان الزواج دائمیّاً أو موقّتاً فان الحضانة (التربیة و الحفظ) للابن (الولد) الی سنتین و للبنت الی سبع سنین هو من حق الأمّ،[4] حیث یمکنها أخذ هذا الحق أو ترکه للأب، و بعد هذا السن، فحتی فی الزواج الدائم أیضاً قد جعلت مسؤولیة الولد فی عهدة الأب.
و لکن حیث إن الزوجین عادة یعیشان معاً فی الزواج الدائم فلا ینتبه لهذا الأمر. و کذلک فان جمیع المصاریف المالیّة للأولاد فی کلا الزواجین و کذلک الاشراف علی الأولاد بعد سن الحضانة هو علی عهدة الأب، و واضح ان هذا هو من أجل الإرفاق و المدارة للأمّهات، حیث إن النساء عموماً أضعف من الرجال من ناحیة المالیة و الاقتصادیّة فقد یقعن فی مشقّة فی الاشراف علی أولادهن، و لهذا السبب فقد جعل الإسلام أولاً الإشراف و نفقة الولد علی عهدة الأب من أجل مراعاة حال الأمّ و الولد، و لکن یمکن للام بعد التوافق مع الأب ان تستلم هذه المسؤولیة مجاناً أو فی قبال أخذ الاجرة، و لا یمکن لأی أحد ان یمنع الام من رؤیة ولدها و العطف علیه.
اضافة الی ان الطرفین فی هذا الزواج لا یقصدان عادة انجاب الأولاد، فیمکن لکل من الطرفین ان یشترط عدم الانجاب أصلاً أو ان تربّی الام الطفل لمدة معیّنة أو دائماً، و لکن لیس جمیع الأولاد الذین قد ولدوا من المتعة کانوا غیر مرغوب فیهم، بل ان بعض الرجال أحیاناً و لکون زوجتهم الاولی لا تنجب، یلجأون الی مثل ذلک و یحتفظون بالطفل و یربّونه علی أحسن وجه.
و قد لا تکون بعض قطاعات المجتمع الیوم مهیّئة لقبول ثقافة مثل هذا الزواج، فینبغی التثقیف علی هذا الجانب لکی لا یبقی المجتمع محروماً من برکات مثل هذا الزواج، و بالطبع فانه لا یمکن تجنب وجود بعض الاستثناءات فی کل قانون، فقد یمکن ان یقع فی بعض الموارد الظلم علی الأولاد المتولّدین من مثل هذا الزواج، و لکن لا ینبغی لغو أصل القانون من أجلهم.
[1] توضیح المسائل (المحشی للإمام الخمینی)، ج 2، ص 257، س 1504.
[2] الطباطبائی، محمد حسین، المیزان فی تفسیر القرآن، ج 15، ص 15، مکتب النشر الإسلامی.
[3] توضیح المسائل (المحشی للإمام الخمینی)، ج 2، ص 486؛ آیة الله مکارم شیرازی، مسألة 2079، للزواج الموقت عدة بعد انتهاء مدته ... و الأولاد المتولدون منه لهم جمیع حقوق الأولاد و هم یرثون من أبیهم و أمّهم و أقاربهم، رغم ان الزواج و الزوجة لا یرث أحدهما من الآخر.
[4] نفس المصدر؛ الإمام الخمینی، تحریر الوسیلة، ج 2، ص 312، نشر قدس محمدی (أحکام الولادة و ما یلحق بها)، مسألة 12-16-17.