Please Wait
5383
لیست الروایة معتبرة، و ذلک لعدة أسباب، أولها: لم یذکر فی کتبنا الروائیة سند لهذه الروایات، و ثانیاً: أنها لیست صحیحة من جهة المتن و المضمون، لأنها تتعارض مع الکثیر من الروایات المعتبرة الواردة عن الأئمة فی مدح الوکلاء و الثناء علیهم و التی تبین اعتماد الأئمة على أصحابهم و خدامهم و إظهار رضاهم عن بعض الأصحاب و الخدمة.
و مع صرف النظر عن ضعف السند و إشکالات المضمون فإن الروایة لا عمومیة لها، و لیست شاملة لکل خدام الأئمة و القائمین بأمورهم، بل أنها تخص أولئک المنحرفین الذین یرومون التوصل إلى أهدافهم من خلال التقرب إلى الأئمة و استغلال إسمهم و مکانتهم لنیل المکاسب الدنیویة و إرضاء المیول النفسیة.
إضافة إلى أنه من غیر المعقول أن الأئمة على ما یتمتعون به من علمٍ واسع و معرفة فی کثیر من الأمور الغیبیة بإذن الله و الاطلاع على حقیقة الأفراد و مع ذلک لا یختارون وکلاءهم و خدمهم إلا من الأشرار و غیر الصالحین، ثم یقولون بحقهم مثل هذه الأقوال و ذلک ما لا یفعله الناس العادیون.
ورد هذا المعنى فی روایتین رویتا فی مصدرین من مصادرنا الحدیثیة:
1ـ روایة الصدوق فی کمال الدین عن محمد بن صالح الهمدانی« کتبت إلى صاحب الزمان أن أهل بیتی یؤذوننی و یقرعوننی بالحدیث الذی روی عن آبائک (ع) أنهم قالوا: قوامنا و خدامنا شرار خلق الله..»[1].
2ـ و الثانیة فی کتاب «الغیبة» للشیخ الطوسی و فی الفصل المخصص لبیان أسماء الوکلاء و التفریق بین الممدوح و المذموم منهم یقول: و قد روی فی الأخبار قوله: «و قد روى فی بعض الأخبار أنهم (ع) قالوا: قوامنا و خدامنا شرار خلق الله»[2].
و هذه الروایة و إن کانت موجودة فی کتب الروایة إلا أنه لا دلیل على شهرتها و کونها من الروایات المعروفة و المشهورة، إضافة إلى کونها غیر مسندة.
و أما معنى الروایة:
أنه بعد ان اشتکى محمد بن صالح الهمدانی مما کان یلقاه من المحیطین به کما فی الروایة السابقة جاء جواب الإمام صاحب الزمان (عج) وَیْحَکُمْ أَ مَا قَرَأْتُمْ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: «و جعلنا بینهم و بین القرى التی بارکنا فیها قُرى ظاهرة»[3]. «و نحن و الله القرى التی بارک الله فیها و أنتم القرى الظاهرة»[4].
أی أن حقیقة الأمر أن الوکلاء هم الواسطة بینه و بین الناس، و لذلک لا بد و أن یکونوا بالدرجة العلیا من الإیمان و التقوى، کما ورد فی روایة عن الإمام الصادق(ع) بخصوص زرارة، و أبی بصیر، و محمد بن مسلم و یزید بن معاویة أنهم حافظوا على الدین و أنهم أمناء أبیه على الحلال و الحرام ثم ذکر أنهم السابقون فی الدنیا و الآخرة.[5] و من هذه الآیة نفهم مدى رضا الأئمة و اعتمادهم على أصحابهم.
و حتى لو تغاضینا عن ضعف سند الروایة المذکورة، فلا یمکن أن یکون مضمون الروایة شاملا لکل أصحاب الأئمة و القائمین بأمورهم و وکلائهم. لأن ذلک غیر مقبول عقلاً، فکیف یقول الأئمة هذا بحق أصحابهم الذین وقفوا معهم فی أحلک الظروف و أشدها قسوة حتى بلغ ببعضهم أن یضحی بنفسه من أجل موقفه مع الأئمة.
و علیه و استناداً إلى الروایات القطعیة، و الأدلة العقلیة، فإن مثل هذه الروایات لا بد و أن تکون مختصة بتلک الفئة التی غیرت مسیرها حیث کانت کاذبة فی انتسابها إلى الأئمة(ع) من أجل التوصل إلى أهدافها الدنیویة و اتباع الرغبات النفسیة من خلال التستر بمضلة أهل البیت.
یقول الشیخ الطوسی: إن هذه الروایة لا عموم لها و إنما خاصة بأولئک الذین غیروا مسیرهم و بدلوا و ابتعدوا عن الأئمة.
[1] الشیخ الصدوق، کمال الدین، ج 2، ص 483، دار الکتب الإسلامیة، قم، 1395 هـ . ق.
[2] «و قد روى فی بعض الأخبار أنهم (ع) قالوا....»، الشیخ الطوسی، الغیبة، ص 345، مؤسسة المعارف الإسلامیة، قم، 1411 هـ . ق.
[3] سبأ، 18.
[4] الشیخ الصدوق، کمال الدین، ج 2، ص 483.
[5] العاملی، الشیخ الحر، وسائل الشیعة، ج 27، ص 144، مؤسسة آل البیت، قم، 1409 هـ .ق. وللاطلاع على بقیة الروایات راجع الباب 11 من أبواب صفات القاضی فی کتاب وسائل الشیعة.