Please Wait
الزيارة
5197
5197
محدثة عن:
2014/10/06
خلاصة السؤال
ما رأيكم في نظرية التكامل التي طرحها داروين؟
السؤال
مع إيماني بنظرية التكامل الداروينية أود أن أعرف موقفكم من هذه النظرية و ما هي الملاحظات التي تسجلونها ضدها؟
الجواب الإجمالي
هناك فرضيتان يطرحهما علماء العلوم الطبيعية حول خلقة الكائنات الحيّة أعم من النباتات و الحيوانات.
أ: فرضية تطور الأنواع التي تقول بأن الكائنات الحيّة لم تكن بشكلها الحالي من الأوّل، بل في البداية كانت أوليات وحيدة الخلايا حيث تكونت في المحيطات و بين رواسب البحار إثر طفرة؛ يعني بعد أن مرّت الكائنات الميتة في ظروف خاصة، وجدت من بينها الخلايا الحيّة الأولية.
ثم تطورت هذه الكائنات الحيّة المجهرية و تبدلت من نوع إلى نوع آخر. إلى أن انتهت حلقة التكامل إلى الإنسان الفعلي الذي وجد من تطور حيوانات من قبيل القردة و من بعدها القردة الشبيهة بالإنسان.
ب: فرضية ثبوت الأنواع التي تقول بأنّ الكائنات قد ظهرت بشكل منفصل و مستقل بنفس شكلها الحالي، و لم يتبدل نوع إلى نوع آخر. و كذلك الإنسان قد خلق بشكل مستقل و قد خلق بنفس هذا الشكل.
علماً أنّ لأدلة العقلية و الفلسفية ليس لها طريق إلى هذه المسائل، و أما يد التجربة و الإختبار فأقصر من أن تمتد إلى مسائل قد امتدت جذورها إلى ملايين السنين.
و إنّ أقصى ما ندركه بالحس و التجربة لا يتعدّى بعض الحالات السطحية، و لفترة زمنية متباعدة، على شكل طفرة وراثية (موتاسيون) في كلّ من الحيوان و النبات.
فمثلا ... نرى أحيانا في نسل الأغنام العادية ولادة مفاجئة لخروف ذي صوف يختلف عن صوف الخراف العادية، فيكون أنعم و أكثر لينا من العادية بكثير، فيكون بداية لظهور نسل جديد يسمّى (أغنام مرينوس). أو أنّ حيوانات تحصل فيها الطفرة الوارثية فيتغير لون عيونها أو أظفارها أو شكل جلودها و ما شابه ذلك .. لكنّه لم يشاهد لحدّ الآن طفرة تؤدي إلى حصول تغيير مهم في الأعضاء الأصلية لبدن أيّ حيوان، أو يتبدل نوع منها إلى نوع آخر.
بناء على ذلك .. يمكننا أن نتخيل أنّ نوعا من الحيوان يتحوّل إلى نوع آخر بطريق تراكم الطفرة الوراثية، كأن تتحول الزواحف الى طيور و لكنّ ذلك ليس سوى حدس و مجرّد تخيل لا غير، و لم نر الطفرات الوارثية قد غيرت عضواً أصليا لحيوان ما إلى صورة أخرى.
وعلى فرض التسليم الجدلي بصحة النظرية فإن أقصى ما تثبته أن طريقة الخلق و الايجاد للاشياء تمت بصورة تدرجية لا دفعية و هذا في حدّ نفسه لا يوجه أدنى خدشة للتوحيد و الرؤية الاسلامية للكون و الحياة و أصل نشوء الأشياء؛ بل تعزز تضيف أدلة جديدة لاثبات وجود الله من خلال ما يسمى ببرهان النظم.
و الشاهد على ذلك أن المؤيدين للنظرية من المسلمين و المدافعين عنها استندوا أحيانا الى القرآن الكريم لاثبات مدعياتهم و إن اختلفنا معهم في طريقة التعاطي مع الآيات و إدراك مضامينها.
و يبدو من ظاهر القرآن أن خلق النبي آدم في البداية كان من طين من حمأ مسنون و بعد اكتمال جسمه، نفخ فيه الروح الإلهي و بعد ذلك سجد له الملائكة إلا إبليس. إن أسلوب هذه الآيات يدلّ على عدم وجود أنواع أخرى بين خلقة آدم من التراب و بين تكوّن هذه الصورة الحالية.
أ: فرضية تطور الأنواع التي تقول بأن الكائنات الحيّة لم تكن بشكلها الحالي من الأوّل، بل في البداية كانت أوليات وحيدة الخلايا حيث تكونت في المحيطات و بين رواسب البحار إثر طفرة؛ يعني بعد أن مرّت الكائنات الميتة في ظروف خاصة، وجدت من بينها الخلايا الحيّة الأولية.
ثم تطورت هذه الكائنات الحيّة المجهرية و تبدلت من نوع إلى نوع آخر. إلى أن انتهت حلقة التكامل إلى الإنسان الفعلي الذي وجد من تطور حيوانات من قبيل القردة و من بعدها القردة الشبيهة بالإنسان.
ب: فرضية ثبوت الأنواع التي تقول بأنّ الكائنات قد ظهرت بشكل منفصل و مستقل بنفس شكلها الحالي، و لم يتبدل نوع إلى نوع آخر. و كذلك الإنسان قد خلق بشكل مستقل و قد خلق بنفس هذا الشكل.
علماً أنّ لأدلة العقلية و الفلسفية ليس لها طريق إلى هذه المسائل، و أما يد التجربة و الإختبار فأقصر من أن تمتد إلى مسائل قد امتدت جذورها إلى ملايين السنين.
و إنّ أقصى ما ندركه بالحس و التجربة لا يتعدّى بعض الحالات السطحية، و لفترة زمنية متباعدة، على شكل طفرة وراثية (موتاسيون) في كلّ من الحيوان و النبات.
فمثلا ... نرى أحيانا في نسل الأغنام العادية ولادة مفاجئة لخروف ذي صوف يختلف عن صوف الخراف العادية، فيكون أنعم و أكثر لينا من العادية بكثير، فيكون بداية لظهور نسل جديد يسمّى (أغنام مرينوس). أو أنّ حيوانات تحصل فيها الطفرة الوارثية فيتغير لون عيونها أو أظفارها أو شكل جلودها و ما شابه ذلك .. لكنّه لم يشاهد لحدّ الآن طفرة تؤدي إلى حصول تغيير مهم في الأعضاء الأصلية لبدن أيّ حيوان، أو يتبدل نوع منها إلى نوع آخر.
بناء على ذلك .. يمكننا أن نتخيل أنّ نوعا من الحيوان يتحوّل إلى نوع آخر بطريق تراكم الطفرة الوراثية، كأن تتحول الزواحف الى طيور و لكنّ ذلك ليس سوى حدس و مجرّد تخيل لا غير، و لم نر الطفرات الوارثية قد غيرت عضواً أصليا لحيوان ما إلى صورة أخرى.
وعلى فرض التسليم الجدلي بصحة النظرية فإن أقصى ما تثبته أن طريقة الخلق و الايجاد للاشياء تمت بصورة تدرجية لا دفعية و هذا في حدّ نفسه لا يوجه أدنى خدشة للتوحيد و الرؤية الاسلامية للكون و الحياة و أصل نشوء الأشياء؛ بل تعزز تضيف أدلة جديدة لاثبات وجود الله من خلال ما يسمى ببرهان النظم.
و الشاهد على ذلك أن المؤيدين للنظرية من المسلمين و المدافعين عنها استندوا أحيانا الى القرآن الكريم لاثبات مدعياتهم و إن اختلفنا معهم في طريقة التعاطي مع الآيات و إدراك مضامينها.
و يبدو من ظاهر القرآن أن خلق النبي آدم في البداية كان من طين من حمأ مسنون و بعد اكتمال جسمه، نفخ فيه الروح الإلهي و بعد ذلك سجد له الملائكة إلا إبليس. إن أسلوب هذه الآيات يدلّ على عدم وجود أنواع أخرى بين خلقة آدم من التراب و بين تكوّن هذه الصورة الحالية.
الجواب التفصيلي
هناك فرضيتان يطرحهما علماء العلوم الطبيعية حول خلقة الكائنات الحيّة أعم من النباتات و الحيوانات.
أ: فرضية تطور الأنواع التي تقول بأن الكائنات الحيّة لم تكن بشكلها الحالي من الأوّل، بل في البداية كانت أوليات وحيدة الخلايا حيث تكونت في المحيطات و بين رواسب البحار إثر طفرة؛ يعني بعد أن مرّت الكائنات الميتة في ظروف خاصة، وجدت من بينها الخلايا الحيّة الأولية.
ثم تطورت هذه الكائنات الحيّة المجهرية و تبدلت من نوع إلى نوع آخر. إلى أن انتهت حلقة التكامل إلى الإنسان الفعلي الذي وجد من تطور حيوانات من قبيل القردة و من بعدها القردة الشبيهة بالإنسان.
ب: فرضية ثبوت الأنواع التي تقول بأنّ الكائنات قد ظهرت بشكل منفصل و مستقل بنفس شكلها الحالي، و لم يتبدل نوع إلى نوع آخر. و كذلك الإنسان قد خلق بشكل مستقل و قد خلق بنفس هذا الشكل.[1]
و تعد نظرية التكامل الداروينية من أبرز النظريات التي طرحت في القرون المتأخرة وقد تمكنت من إثارة الشارع العلمي و الاجتماعي و السياسي و حمي الوطيس خلالها و أشتد الجدل حولها حيث انقسم الشارع بين مؤيد لها و معارض و هناك من فضل السكوت و عدم الخوض في هذا المعترك الخطير. فبالاضافة إلى الكتب العلمية التي صدرت من الفريقين، كانت النظرية المذكورة هي مادة الحوار الدسم و الجدل القوي في الكثير من المؤتمرات و المناسبات و الحوارات العلمية و اللقاءات السياسية و...
و يندرج كلّ من صاحب تفسير المنار و المراغي و... في عداد الباحثين الإسلاميين الذين يصنفون ضمن قائمة المؤيدين للنظرية، فقد وقعا الرجلان تحت تأثير النظرية بحيث اعتبرا ذلك من مصاديق السنن الإلهية و أنّه من مفردات الإعجاز العلمي للقرآن الكريم و من إبداعاته و أن داروين لم يأت بشيء جديد في هذا المضمار.[2]
منشأ التكامل
ذهب بعضُ علماء الطبيعة كلامارك و داروين و غيرهم ممن خاضوا في هذه القضية إلى القول بأن مبدأ التكامل و منشأه يكمنان في الحاجة الطبيعية للكائنات و قانون تنازع البقاء و نظرية البقاء للأصلح، و خرجوا بنتيجية مؤداها أنّ تلك العوامل الطبيعية و غيرها تؤدي إلى تغيير أعضاء الموجودات و تركيباتها الجسمانية بحيث توفر الفرصة للأصلح بمواصلة طريقه التكاملي فيما تلغي الأضعف و غير الصالح و تقصيه من ساحة الوجود. فهؤلاء لما انطلقوا في الحركة و التكامل من مبدأ مقولة الحاجة و التنازع كانت النتيجة الطبيعية التي انتهوا إليها هي حتمية القول بالاختيار الطبيعي و التكامل.[3]
أدلة القائلين بالتكامل:
يمكننا تلخيص أدلتهم بثلاثة أقسام:
الأوّل: الأدلة المأخوذة من الهياكل العظمية المتحجرة للكائنات الحيّة القديمة فإن الدراسات لطبقات الأرض المختلفة (حسب اعتقادهم) تظهر أن الكائنات الحيّة قد تحولت من صور بسيطة إلى أخرى أكمل و أكثر تعقيداً، و لا يمكن تفسير ما عثر عليه من متحجرات الكائنات الحيّة إلّا بفرضية التكامل هذه.
الثّاني: مجموع القرائن التي جمعت في (التشريح المقارن).
و يؤكّد هؤلاء العلماء عبر بحوثهم المطولة المفصلة: إنّنا عند ما نشرّح الهياكل العظيمة للحيوانات المختلفة و نقارنها فيما بينها، نجد أن ثمّة تشابها كبيراً فيما بينها، ممّا يشير إلى أنّها جاءت من أصل واحد.
الثّالث: مجموع القرائن التي حصل عليها من (علم الأجنّة).
فيقولون: إنّنا لو وضعنا جميع الحيوانات في حالتها الجنينية- قبل أن تأخذ شكلها الكامل- مع بعضها، فسنرى أنّ الأجنّة قبل أن تتكامل في رحم أمهاتها أو في داخل البيوض تتشابه إلى حد كبير .. و هذا ما يؤكّد على أنّها قد جاءت في الأصل من شيء واحد.
أجوبة القائلين بثبوت الأنواع:
إلّا أن القائلين بفرضية ثبوت الأنواع لديهم جواب واحد لجميع أدلة القائلين بالتكامل و هو: أن القرائن المذكورة لا تملك قوّة الإقناع، و الذي لا يمكن إنكاره أن الأدلة الثلاثة توجد في الذهن احتمالا ظنيا لمسألة التكامل، إلّا أنّها لا تقوى أن تصل إلى حال اليقين أبدا. و بعبارة أوضح: إنّ إثبات فرضية التكامل و انتقالها من صورة فرض علمي إلى قانون علمي قطعي .. إمّا أن يكون عن طريق الدليل العقلي، أو عن طريق الحس و التجربة و الإختبار، و لا ثالث لها.
أمّا الأدلة العقلية و الفلسفية فليس لها طريق إلى هذه المسائل كما نعلم، و أما يد التجربة و الإختبار فأقصر من أن تمتد إلى مسائل قد امتدت جذورها إلى ملايين السنين.
إنّ ما ندركه بالحس و التجربة لا يتعدى بعض الحالات السطحية، و لفترة زمنية متباعدة، على شكل طفرة وراثية (موتاسيون) في كل من الحيوان و النبات.
فمثلا ... نرى أحيانا في نسل الأغنام العادية ولادة مفاجئة لخروف ذي صوف يختلف عن صوف الخراف العادية، فيكون أنعم و أكثر لينا من العادية بكثير، فيكون بداية لظهور نسل جديد يسمّى (أغنام مرينوس).
أو أنّ حيوانات تحصل فيها الطفرة الوارثية فيتغير لون عيونها أو أظفارها أو شكل جلودها و ما شابه ذلك .. لكنّه لم يشاهد لحدّ الآن طفرة تؤدي إلى حصول تغيير مهم في الأعضاء الأصلية لبدن أيّ حيوان، أو يتبدل نوع منها إلى نوع آخر.
بناء على ذلك .. يمكننا أن نتخيل أنّ نوعا من الحيوان يتحوّل إلى نوع آخر بطريق تراكم الطفرة الوراثية، كأن تتحول الزواحف الى طيور و لكنّ ذلك ليس سوى حدس و مجرّد تخيل لا غير، و لم نر الطفرات الوارثية قد غيرت عضوا أصليا لحيوان ما إلى صورة أخرى.
نخلص ممّا تقدم إلى النتيجة التالية: إن الأدلة التي يطرحها أنصار فرضية (الترانسفورميسم) لا تتجاوز كونها فرضا لا غير، لذا نرى أنصارها يعبرون عنها ب (فرضية تطوّر الأنواع) و لم يجرأ أيّ منهم من تسميتها بالقانون أو الحقيقة العلمية.[4]
يبدو من ظاهر القرآن أن خلق النبي آدم في البداية كان من طين من حمأ مسنون و بعد اكتمال جسمه، نفخ فيه الروح الإلهي و بعد ذلك سجد له الملائكة إلا إبليس. إن أسلوب هذه الآيات يدلّ على عدم وجود أنواع أخرى بين خلقة آدم من التراب و بين تكوّن هذه الصورة الحالية.[5]
لمزيد الاطلاع أنظر المصادر التالية:
1. مکارم الشيرازي، ناصر، تفسیر الأمثل.
2. الطالقاني، السيد محمود، پرتوى از قرآن = قبس من القرآن الكريم.
3. الطوسي، محمد بن حسن، التبيان في تفسير القرآن ( مقدمة التفسير).
4. النجفي الخميني، محمد جواد، تفسير آسان = التفسير الميسر.
5. فضل الله، السيد محمد حسين، تفسير من وحي القرآن.
6. بهزاد، محمود، الداروينية.
7. مکارم الشيرازي، ناصر، فرضية التكامل.
8. الموسوى السبزواري، السيد عبد الأعلى، مواهب الرحمان في تفسير القرآن.
9. النجفي، محمد رضا، نقد فلسفه داروين.
10. البلاغي النجفي، محمد جواد، آلاء الرحمن في تفسير القرآن.
أ: فرضية تطور الأنواع التي تقول بأن الكائنات الحيّة لم تكن بشكلها الحالي من الأوّل، بل في البداية كانت أوليات وحيدة الخلايا حيث تكونت في المحيطات و بين رواسب البحار إثر طفرة؛ يعني بعد أن مرّت الكائنات الميتة في ظروف خاصة، وجدت من بينها الخلايا الحيّة الأولية.
ثم تطورت هذه الكائنات الحيّة المجهرية و تبدلت من نوع إلى نوع آخر. إلى أن انتهت حلقة التكامل إلى الإنسان الفعلي الذي وجد من تطور حيوانات من قبيل القردة و من بعدها القردة الشبيهة بالإنسان.
ب: فرضية ثبوت الأنواع التي تقول بأنّ الكائنات قد ظهرت بشكل منفصل و مستقل بنفس شكلها الحالي، و لم يتبدل نوع إلى نوع آخر. و كذلك الإنسان قد خلق بشكل مستقل و قد خلق بنفس هذا الشكل.[1]
و تعد نظرية التكامل الداروينية من أبرز النظريات التي طرحت في القرون المتأخرة وقد تمكنت من إثارة الشارع العلمي و الاجتماعي و السياسي و حمي الوطيس خلالها و أشتد الجدل حولها حيث انقسم الشارع بين مؤيد لها و معارض و هناك من فضل السكوت و عدم الخوض في هذا المعترك الخطير. فبالاضافة إلى الكتب العلمية التي صدرت من الفريقين، كانت النظرية المذكورة هي مادة الحوار الدسم و الجدل القوي في الكثير من المؤتمرات و المناسبات و الحوارات العلمية و اللقاءات السياسية و...
و يندرج كلّ من صاحب تفسير المنار و المراغي و... في عداد الباحثين الإسلاميين الذين يصنفون ضمن قائمة المؤيدين للنظرية، فقد وقعا الرجلان تحت تأثير النظرية بحيث اعتبرا ذلك من مصاديق السنن الإلهية و أنّه من مفردات الإعجاز العلمي للقرآن الكريم و من إبداعاته و أن داروين لم يأت بشيء جديد في هذا المضمار.[2]
منشأ التكامل
ذهب بعضُ علماء الطبيعة كلامارك و داروين و غيرهم ممن خاضوا في هذه القضية إلى القول بأن مبدأ التكامل و منشأه يكمنان في الحاجة الطبيعية للكائنات و قانون تنازع البقاء و نظرية البقاء للأصلح، و خرجوا بنتيجية مؤداها أنّ تلك العوامل الطبيعية و غيرها تؤدي إلى تغيير أعضاء الموجودات و تركيباتها الجسمانية بحيث توفر الفرصة للأصلح بمواصلة طريقه التكاملي فيما تلغي الأضعف و غير الصالح و تقصيه من ساحة الوجود. فهؤلاء لما انطلقوا في الحركة و التكامل من مبدأ مقولة الحاجة و التنازع كانت النتيجة الطبيعية التي انتهوا إليها هي حتمية القول بالاختيار الطبيعي و التكامل.[3]
أدلة القائلين بالتكامل:
يمكننا تلخيص أدلتهم بثلاثة أقسام:
الأوّل: الأدلة المأخوذة من الهياكل العظمية المتحجرة للكائنات الحيّة القديمة فإن الدراسات لطبقات الأرض المختلفة (حسب اعتقادهم) تظهر أن الكائنات الحيّة قد تحولت من صور بسيطة إلى أخرى أكمل و أكثر تعقيداً، و لا يمكن تفسير ما عثر عليه من متحجرات الكائنات الحيّة إلّا بفرضية التكامل هذه.
الثّاني: مجموع القرائن التي جمعت في (التشريح المقارن).
و يؤكّد هؤلاء العلماء عبر بحوثهم المطولة المفصلة: إنّنا عند ما نشرّح الهياكل العظيمة للحيوانات المختلفة و نقارنها فيما بينها، نجد أن ثمّة تشابها كبيراً فيما بينها، ممّا يشير إلى أنّها جاءت من أصل واحد.
الثّالث: مجموع القرائن التي حصل عليها من (علم الأجنّة).
فيقولون: إنّنا لو وضعنا جميع الحيوانات في حالتها الجنينية- قبل أن تأخذ شكلها الكامل- مع بعضها، فسنرى أنّ الأجنّة قبل أن تتكامل في رحم أمهاتها أو في داخل البيوض تتشابه إلى حد كبير .. و هذا ما يؤكّد على أنّها قد جاءت في الأصل من شيء واحد.
أجوبة القائلين بثبوت الأنواع:
إلّا أن القائلين بفرضية ثبوت الأنواع لديهم جواب واحد لجميع أدلة القائلين بالتكامل و هو: أن القرائن المذكورة لا تملك قوّة الإقناع، و الذي لا يمكن إنكاره أن الأدلة الثلاثة توجد في الذهن احتمالا ظنيا لمسألة التكامل، إلّا أنّها لا تقوى أن تصل إلى حال اليقين أبدا. و بعبارة أوضح: إنّ إثبات فرضية التكامل و انتقالها من صورة فرض علمي إلى قانون علمي قطعي .. إمّا أن يكون عن طريق الدليل العقلي، أو عن طريق الحس و التجربة و الإختبار، و لا ثالث لها.
أمّا الأدلة العقلية و الفلسفية فليس لها طريق إلى هذه المسائل كما نعلم، و أما يد التجربة و الإختبار فأقصر من أن تمتد إلى مسائل قد امتدت جذورها إلى ملايين السنين.
إنّ ما ندركه بالحس و التجربة لا يتعدى بعض الحالات السطحية، و لفترة زمنية متباعدة، على شكل طفرة وراثية (موتاسيون) في كل من الحيوان و النبات.
فمثلا ... نرى أحيانا في نسل الأغنام العادية ولادة مفاجئة لخروف ذي صوف يختلف عن صوف الخراف العادية، فيكون أنعم و أكثر لينا من العادية بكثير، فيكون بداية لظهور نسل جديد يسمّى (أغنام مرينوس).
أو أنّ حيوانات تحصل فيها الطفرة الوارثية فيتغير لون عيونها أو أظفارها أو شكل جلودها و ما شابه ذلك .. لكنّه لم يشاهد لحدّ الآن طفرة تؤدي إلى حصول تغيير مهم في الأعضاء الأصلية لبدن أيّ حيوان، أو يتبدل نوع منها إلى نوع آخر.
بناء على ذلك .. يمكننا أن نتخيل أنّ نوعا من الحيوان يتحوّل إلى نوع آخر بطريق تراكم الطفرة الوراثية، كأن تتحول الزواحف الى طيور و لكنّ ذلك ليس سوى حدس و مجرّد تخيل لا غير، و لم نر الطفرات الوارثية قد غيرت عضوا أصليا لحيوان ما إلى صورة أخرى.
نخلص ممّا تقدم إلى النتيجة التالية: إن الأدلة التي يطرحها أنصار فرضية (الترانسفورميسم) لا تتجاوز كونها فرضا لا غير، لذا نرى أنصارها يعبرون عنها ب (فرضية تطوّر الأنواع) و لم يجرأ أيّ منهم من تسميتها بالقانون أو الحقيقة العلمية.[4]
يبدو من ظاهر القرآن أن خلق النبي آدم في البداية كان من طين من حمأ مسنون و بعد اكتمال جسمه، نفخ فيه الروح الإلهي و بعد ذلك سجد له الملائكة إلا إبليس. إن أسلوب هذه الآيات يدلّ على عدم وجود أنواع أخرى بين خلقة آدم من التراب و بين تكوّن هذه الصورة الحالية.[5]
لمزيد الاطلاع أنظر المصادر التالية:
1. مکارم الشيرازي، ناصر، تفسیر الأمثل.
2. الطالقاني، السيد محمود، پرتوى از قرآن = قبس من القرآن الكريم.
3. الطوسي، محمد بن حسن، التبيان في تفسير القرآن ( مقدمة التفسير).
4. النجفي الخميني، محمد جواد، تفسير آسان = التفسير الميسر.
5. فضل الله، السيد محمد حسين، تفسير من وحي القرآن.
6. بهزاد، محمود، الداروينية.
7. مکارم الشيرازي، ناصر، فرضية التكامل.
8. الموسوى السبزواري، السيد عبد الأعلى، مواهب الرحمان في تفسير القرآن.
9. النجفي، محمد رضا، نقد فلسفه داروين.
10. البلاغي النجفي، محمد جواد، آلاء الرحمن في تفسير القرآن.
[1]. مقتبس من السؤال رقم 731(الموقع: 911)
[2]. انظر: تفسير المنار و تفسير المراغي ذيل الآية 251 من سورة البقرة.
[3]. الطالقاني، السيد محمود، پرتوي از قرآن، ج 1، ص 35، نشر شركت سهامى انتشار، طبعة طهران، 1362 ش.
[4]. مکارم الشیرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج8، ص: 73- 74، نشر مدرسة الإمام علي بن أبي طالب (ع)، قم، الطبعة الأولى، 1421ق.
[5]. انظر: السؤال رقم 731 (الموقع: 911)
س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات