بحث متقدم
الزيارة
6199
محدثة عن: 2009/08/20
خلاصة السؤال
هل یجوز الحضور فی مجالس الامام الحسین التی تقام فی بیوت العلی اللهیة؟
السؤال
هل یجوز الحضور فی مجالس الامام الحسین التی تقام فی بیوت العلی اللهیة مع انهم یعتقدون بالوهیة الامام علی (ع)؟
الجواب الإجمالي

بالرغم من الاهیمة التی تحظى بها المجالس الحسینیة و احیاء ذکرى الشهداء و ما یترتب على ذلک من الثواب الا انه بسبب کون الحضور فی مثل الاماکن یؤدی الى دعم و تقویة الافکار المنحرفة و المخالفة لتعالیم أهل البیت، من هنا لایکون الحضور فی مثل هکذا مجالس فاقداً للثواب فحسب بل قد یکون سببا لغضب الرب تعالى.

الجواب التفصيلي

یظهر من السؤال الجزم ببطلان عقائد هذه الفرقة و لذلک انصب السؤال حول جواز الحضور فی مثل هکذا المجالس التی یظهر انها مجالس دینیة و التی تقام من قبل هؤلاء. من هنا یکون الجواب قائما على التسلیم ببطلان عقائدهم، و الکلام عن معاشرتهم و التعامل معهم فقط.

لاشک ان أمیر المؤمنین (ع) شخصیة لامثل لها فی التاریخ بعد شخصیة رسول الله (ص)، من هنا عادته طائفة و غالت فیه طائفه اخرى حیث قالوا بالوهیته او اضافوا له صفة من صفات الله تعالى و قد أشار (سلام الله علیه) الى ذلک بقوله " هلک فی رجلان، محب غال و مبغض قال "[1]

فیجب علینا نحن معاشر الشیعة الذین نعتقد بامامته ان نتمسک بتعالیمه بنحو مطلق بان نرفض أی منهج انحرافی و على اقل تقدیر نلتزم بوصیتهم بان "نَلْقَى أَهْلَ الْمَعَاصِی بِوُجُوهٍ مُکْفَهِرَّة"[2]

و من الواضح ان الحضور فی تلک المجالس لایمکن ان یخلو من المجاملات و تبادل الاحترام و هذا ما یتنافى مع ما روی عن الامام أمیر المؤمنین (ع) حیث قال:" مَنْ مَشَى إِلَى صَاحِبِ بِدْعَةٍ فَوَقَّرَهُ فَقَدْ مَشَى فِی هَدْمِ الإِسْلَام‏"[3]

قد یقال انه من الممکن ان نحضر مجالسهم من دون ان نؤدی لهم ای نوع من الاحترام و التبجیل؛ جوابه ما روی عن الامام الصادق (ع) حیث قال:" لَا تَصْحَبُوا أَهْلَ الْبِدَعِ وَ لَا تُجَالِسُوهُمْ فَتَکُونُوا عِنْدَ النَّاسِ کَوَاحِدٍ مِنْهُمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): الْمَرْءُ عَلَى دِینِ خَلِیلِهِ وَ قَرِینِه‏".[4]

فلیس کل الناس یعلمون انک لست منهم و لا تعتقد بعقیدتهم و انما حضرت من احیاء ذکرى الامام الحسین(ع)، فاذا لم یعلموا ذلک یکون الحضور داعما لهم و مقویا لجمعهم و ان کنت لا تشعر بذلک، من هنا نرى الامام السادس (علیه السلام) یقول:" َ لَا یَنْبَغِی لِلْمُؤْمِنِ أَنْ یَجْلِسَ مَجْلِساً یُعْصَى اللَّهُ فِیهِ وَ لَا یَقْدِرُ عَلَى تَغْیِیرِه‏".[5] و على کل حال فبنا ان هؤلاء الناس بانحرافهم استحقوا غضب الله تعالى فمن الممکن ان یشمل الغضب الالهی من حضر و ان کان مخالفا لهم فی الباطن! و قد وردت روایة فی هذا الخصوص و هی: عَنِ الْجَعْفَرِیِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ (ع) یَقُولُ: مَا لِی رَأَیْتُکَ عِنْدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ یَعْقُوبَ- فَقُلْتُ: إِنَّهُ خَالِی. فَقَالَ: إِنَّهُ یَقُولُ فِی اللَّهِ قَولا عَظِیماً یَصِفُ اللَّهَ وَ لا یُوصَفُ فَإِمَّا جَلَسْتَ مَعَهُ وَ تَرَکْتَنَا وَ إِمَّا جَلَسْتَ مَعَنَا وَ تَرَکْتَهُ. فَقُلْتُ: هُوَ یَقُولُ مَا شَاءَ أَیُّ شَیْ‏ءٍ عَلَیَّ مِنْهُ إِذَا لَمْ أَقُلْ مَا یَقُولُ. فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ (ع): أَ مَا تَخَافُ أَنْ تَنْزِلَ بِهِ نَقِمَةٌ فَتُصِیبَکُمْ جَمِیعاً أَ مَا عَلِمْتَ بِالَّذِی کَانَ مِنْ أَصْحَابِ مُوسَى (ع) وَ کَانَ أَبُوهُ مِنْ أَصْحَابِ فِرْعَوْنَ- فَلَمَّا لَحِقَتْ خَیْلُ فِرْعَوْنَ بِمُوسَى تَخَلَّفَ عَنْهُ لِیَعِظَ أَبَاهُ فَیُلْحِقَهُ بِمُوسَى- فَمَضَى أَبُوهُ وَ هُوَ یُرَاغِمُهُ حَتَّى بَلَغَا طَرَفاً مِنَ الْبَحْرِ فَغَرِقَا جَمِیعاً فَأَتَى مُوسَى الْخَبَرُ فَقَالَ: هُوَ فِی رَحْمَةِ اللَّهِ وَ لَکِنَّ النَّقِمَةَ إِذَا نَزَلَتْ لَمْ یَکُنْ لَهَا عَمَّنْ قَارَبَ الْمُذْنِبَ دِفَاع.‏[6]

یفهم من هذه الروایة صحیح ان الانسان یحشر على نیته و قبل التعرف على وصایا المعصومین(ع) نکون قد حضرنا من اجل کسب رضا الله تعالى و لم یکن حضورنا بقصد شد ازرهم و تقویة جمعهم و انشاء الله نحصل على الثواب الالهی؛ الا انه من المحتمل ان یشملنا العذاب الدنیوی الذی قد یحل بهم فی تلک الساعة و قد لاتظهر اثار هذا الغضب الالهی ظاهرا و لکن على کل حال فانها ستترک اثارا واقعیة و عملیة فی حیاتنا.

و فی الختام نشیر الى قضیة مستوحاة من القرآن الکریم لها علاقة بالسؤال المطروح:

ورد فی القرآن الکریم منع المشرکین من الاتیان بدخول الحرم حتى لاداء مناسک الحج على طریقتهم و ان شابهت الحج عندنا فی بعض المراسم"یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِکُونَ نَجَسٌ فَلا یَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا"[7] و لعل فلسفة المنع تکمن فی سعی الشریعة لمنع المنحرفین من اداء شعارهم بحریة حتى لو کانت صحیحة فکیف اذا کانت باطلة!!

کذلک یمکن الاشارة الى حالة مشابه لما ورد فی السؤال و هی: انه صحیح ان الائمة قد اکّدوا کثیرا على احیاء الشعائر الحسینیة الا ان ذلک لایعنی السماح لاصحاب الافکار المنحرفة لنشر افکارهم الضالة و بثها فی اوساط المسلمین، کذلک صدر الحث على عدم المشارکة و الحضور فی تلک المجالس.

طبعا هذا یجری مادام الانسان لایستطیع التاثیر علیهم و تغییر مسارهم الانحراف، نعم معاشرتهم من باب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر مع توفر الشروط الخاصة[8] یجب فی بعض الاحیان.[9]



[1] نهج البلاغة، ص 489، الکلمات القصار، رقم 117، انتشارات دار الهجره، قم.

[2] الحر العاملی، محمد بن الحسن، وسائل الشیعة، ج 16، ص 143، روایت 21194، مؤسسة آل البیت، قم، 1409، هـ ق.

[3]نفس المصدر، ص 267- 268، مسالة رقم 21533.

[4]نفس المصدر، ج 12، ص 48، روایت 15610.

[5] نفس المصدر، ج 16، ص 260، روایت 21512.

[6]نفس المصدر، رقم21513.

[7]التوبة، 28.

[8] - توضیح المسائل (المحشى للإمام الخمینی)، ج ‏2، ص 756 – 758.

[9] توضیح المسائل (المحشى للإمام الخمینی)، ج ‏2، ص 756، مسألة 2786، 2787، 2788 و 2789.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280329 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258942 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129731 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115915 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89625 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61176 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60456 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57420 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51840 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    47778 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...