Please Wait
7793
شاءت سنة الله تعالى العالم الحکیم أن تجری الأمور بأسبابها. و من جملة تلک السنن قضیة انتشار النسل و تولد المثل فهی الأخرى خاضعة لعلل و اسباب خاصة. و قد شاهدنا على مر التاریخ الکثیر من الناس الذین حرموا من الذریة إما لفترة طویلة من الحیاة أو استمرت الحالة عندهم حتى نهایة العمر. و من هؤلاء الناس بعض الانبیاء من قبیل النبی إبراهیم (ع) المعصوم من الذنب.
و مما لاریب فیه أن تولید المثل یحتاج الى مقدمات و شرائط و علل مختلفة التی یجب أن تجتمع معاً لتحقیق المعلول و قد لا تجتمع طوال العمر فلا یحصل الحمل و قد یحصل الحمل و لکنه ناقص الخلقة، فلابد من البحث عن الحلقة المفقودة لتکمیل العلل و الاسباب. و مجرد العقم و عدم الحمل لا یکشف عن
کون الانسان مذنباً أو مستحقاً للعقاب من قبل الله تعالى.
بطبیعة الحال ینبغی للانسان ألا یغفل بان هناک حالات تقتضی الحکمة الالهیة فیها أن لا یهب الله تعالى البنین و الذریة للانسان و لکننا نجهل هذه الحکمة لقصور فی مدارکنا و افهامنا، و کثیرا ما یحب الانسان شیئا وهو شر له "ْوَ عَسى أَنْ تُحِبُّوا شَیْئاً وَ هُوَ شَرٌّ لَکُمْ وَ اللَّهُ یَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُون".
لا ریب أن الله تعالى عالم حکیم و أن کل ما یصدر عنه نابع من الحکمة. و أنه وضع القوانین و الاصول لتدبیر العالم الکبیر و تدبیر شؤون مخلوقاته و جعلها تسیر و فقاً للعلل و الاسباب. و هذه سنة الهیة عامة تشمل جمیع مرافق الکون و الحیاة و منها قضیة النسل و تولید المثل. و قد شاهدنا على مر التاریخ الکثیر من الناس الذین حرموا من الذریة مطلقاً أو لفترة طویلة من العمر، و من بین هؤلاء الناس بعض الانبیاء من أولی العزم کإبراهیم (ع) فقد جاء فی القرآن الکریم الاشارة الى أنه رزق الذریة فی أواخر عمره الشریف " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذی وَهَبَ لی عَلَى الْکِبَرِ إِسْماعیلَ وَ إِسْحاقَ إِنَّ رَبِّی لَسَمیعُ الدُّعاء " [1] .
من هنا لیس من الصحیح اعتبار الحرمان من الذریة کاشفاً عن إقتراف المعصیة و ان کل من لم یهبه الباری الاولاد فهو مذنب یستحق العقاب الالهی!! و هل یمکن لمؤمن یتصور أن الباری تعالى عاقب نبیّه إبراهیم کل هذه المدة الطویلة؟!! و هکذا الامر بالنسبة الى سائر المؤمنین الصالحین الذین لم یرزقوا الذریة؟!!.
أضف الى ذلک ننا نشاهد الکثیر من المنحرفین و الکافرین و الظالمین قد رزقوا الذریة الکثیرة، فهل هذا یکشف عن حب الله تعالى لهم؟!!
فلکی یحصل الازواج - سواء کانوا من البشر أو من غیرهم – على الذریة لابد من تحقیق المقدمات و توفر الاسباب و الشروط التی تحقق ذلک، و مع فقد أحد الشروط أو کلها لا یتحقق المشروط و المعلول، أو قد یوجد مولود ناقص الخلقة، فعلى الزوجین اللذین لم یرزقا بمولود متابعة تلک العلل و الاسباب لاکتشاف الخلل و نقطة الضعف فقد یکون ذلک بسبب ضعف فی منی الرجل أو فی رحم المرأة أو لاسباب أخرى، فقد یکون لکل هذه الامور معالجة خاصة.
و من حسن الحظ أن الطب الحدیث قد اکتشف الکثیر من الامراض فی هذا المجال و وضع لها العلاج الناجع و من ثم استطاع الکثیر من الازواج الحصول على الذریة من خلال هذا الطریق، و ان کان هناک الکثیر من المجهولات ما تزال باقیة لم تحل عقدها.
بطبیعة الحال أن الله تعالى الرؤوف بعباده الرحمن الرحیم عندما یسلب نعمة من أحد عباده فانه یجبر ذلک النقص بطریقة ما و یکفی أن مثل هؤلاء الافراد یختلون بربهم للمناجاة معه بکل صدق و یعدون نعم الله تعالى علیهم یرون ما وهبهم لهم من النعم اکثر بکثیر مما سلب منهم، و ان الله تعالى عندما یغلق باباً یفتح مقابله ابوابا أخرى، و من هنا تتبدل حسرتهم و تألمهم الى شکر و ذکر لنعم الله تعالى و الشکر بدوره یجر نعماً أخرى کثیرة.
بطبیعة الحال ینبغی للانسان أن لا یغفل بان هناک حالات تقتضی الحکمة الالهیة أن لا یهب الله تعالى البنین و الذریة للانسان و لکننا نجهل هذه الحکمة لقصور فی مدارکنا و افهامنا، و کثیراً ما یحب الانسان شیئاً و هو شر له "ْوَ عَسى أَنْ تَکْرَهُوا شَیْئاً وَ هُوَ خَیْرٌ لَکُمْ وَ عَسى أَنْ تُحِبُّوا شَیْئاً وَ هُوَ شَرٌّ لَکُمْ وَ اللَّهُ یَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُون". [2]
و من هنا ندرک على نحو الاجمال الحکمة فی قوله تعالى: "أَوْ یُزَوِّجُهُمْ ذُکْراناً وَ إِناثاً وَ یَجْعَلُ مَنْ یَشاءُ عَقیماً إِنَّهُ عَلیمٌ قَدیرٌ". [3]
لمزید الاطلاع انظر: طرق التمییز بین الامتحان و العذاب الإلهی،
رقم السؤال893 (الرقم فی الموقع: 1243)
؛ شروط و سبل استجابة الدعاء، رقم السؤال2145 (الرقم فی الموقع:2269).