Please Wait
الزيارة
5129
5129
محدثة عن:
2006/12/17
خلاصة السؤال
بأي كيفية يجب تفسير آية النشوز حتى لا ترد المؤاخذة على عدالة الإسلام؟
السؤال
كيف يمكن تفسير الآية 34 من سورة النساء لغير المسلم، بحيث نجنب عدالة الإسلام و أحقيته من كل عيب و انتقاد، و ليصدق هؤلاء أن دين الله على الحق و أن الهيمنة الذكورية لا مكان لها في الإسلام؟
الجواب الإجمالي
تتمتع المرأة في الإسلام بمكانية سامية، و قد وقعت صور نعتمورداً للثناء و التمجيد في روايات النبي (ص) و أهل بيته(ع)، و كذلك فإن الإسلام منع عقوبة المرأة و الاعتداء عليها، و يرى أن الرجال الذين يفعلون ذلك من أخس الموجودات. إلا أنه يوجد مورد واحد مستثنى من هذه القاعدة، و ذلك ما يخص المرأة التي لا تراعي حقوق الزوج و لا تلتزم بأدائها، و لم تنفع معها كل المحاولات لإعادتها إلى الصواب. و قد جاءت الإشارة إلى هذه الفئة من النساء في الآية 34 من سورة النساء.
و بداية هذه الآية تنطوي على الإشادة بالمرأة المطيعة و تذكر صفاتها الحسنة، و بعد ذلك يبين الله سبحانه كيفية التعامل مع المرأة الناشز (غير المطيعة لزوجها) المرحلة الأولى (بندواندرزمرحلة الوعظ و النصيحة) يلمثل هذه النساء، المرحلة الثانية الابتعاد عنها و هجرانها في المضاجع و هي مرحلة أشد من المرحلة الأولى، و بعد ذلك تأتي المرحلة الثالثة التي أشير فيها إلى الضرب، و هنا لا بد من التوجهالتفات لعدة نقاط:
1- إن هذه المرحلة هي آخر المراحل، و من الطبيعي أنه لو أثمرت المراحل المتقدمة لم تصل النوبة إلى هذه المرحلة.
2- التأديب الجسدي لا بد و أن يكون خفيفاً و ملائماً بحسب آراء الفقهاء و لا ينبغي أن يؤدي إلى كسر أو جرح أو تورم في الجسد.
3- التأديب الجسدي له مراحل و مراتب، حتى وردت الإشارة إلى أنها تضرب بالسواك( مايصطلح عليه اليوم بفرشاة الاسنان)، إذن فإذا كانت المرتبة الأدنى مثمرة لا يجوز الانتقال إلى المرتبة الأعلى.
4- إن هذه القضية لا تختص بالنساء فقط، و إنما نشمل الرجال أيضاً فالحاكم الشرعي مكلف بتعزير الرجل الذي يصدر منه ما يوجب التعزير، و التأديب البدني أحد أساليب التعزير لاستعادة الأمور إلى نصابها.
و بداية هذه الآية تنطوي على الإشادة بالمرأة المطيعة و تذكر صفاتها الحسنة، و بعد ذلك يبين الله سبحانه كيفية التعامل مع المرأة الناشز (غير المطيعة لزوجها) المرحلة الأولى (
1- إن هذه المرحلة هي آخر المراحل، و من الطبيعي أنه لو أثمرت المراحل المتقدمة لم تصل النوبة إلى هذه المرحلة.
2- التأديب الجسدي لا بد و أن يكون خفيفاً و ملائماً بحسب آراء الفقهاء و لا ينبغي أن يؤدي إلى كسر أو جرح أو تورم في الجسد.
3- التأديب الجسدي له مراحل و مراتب، حتى وردت الإشارة إلى أنها تضرب بالسواك( مايصطلح عليه اليوم بفرشاة الاسنان)، إذن فإذا كانت المرتبة الأدنى مثمرة لا يجوز الانتقال إلى المرتبة الأعلى.
4- إن هذه القضية لا تختص بالنساء فقط، و إنما نشمل الرجال أيضاً فالحاكم الشرعي مكلف بتعزير الرجل الذي يصدر منه ما يوجب التعزير، و التأديب البدني أحد أساليب التعزير لاستعادة الأمور إلى نصابها.
الجواب التفصيلي
قبل أن نستعرض آراء المفسرين فيما يخص قوله «وَ اضْرِبُوهُنَّ» الواردة في آية النشوز من اللازم الإشارة إلى رأي الإسلام و ما يراه من مكانة و موقع رفيع للمرأة، حيث تعطى في تعاليم الإسلام قيمة كبيرة للمرأة و الزوجة و قد جاءت الروايات الكثيرة المتضافرة في تمجيدها و الثناء عليها.
يقول الإمام جعفر الصادق (ع): «أكثر الخير في النساء»[1] كما أن الإمام السادس لعالم التشيع يقسم النساء إلى مجموعتين طيبة و غير طيبة، و يصف قيمة الأولى فيقول: «ليس للمرأة خطر لا لصالحتهن و لا لطالحتهن، أما صالحتهن فليس خطرها الذهب و الفضة بل هي خير من الذهب و الفضة، و أما طالحتهن فليس التراب خطرها بل التراب خير منها»[2] و كذلك يقول رسول الله (ص): «إنما الدنيا متاع، و خير متاع الدنيا الزوجة الصالحة».[3]
هذه الكلمات القيمة الصادرة عن المعصومين تشير إلى قيمة المرأة و تجعل من وجودها منبعاً للخير و البركة، كما تعتبر قيمتها المعنوية أعلى و أثمن من أي شيء في هذه الدنيا.
ضرب المرأة ممنوع:
إن قوانين الإسلام و تعاليمه تجعلنا نتوجه إلى أمر غاية في الحساسية و ذلك لأن العقوبة البدنية و الأذى النفسي و الروحي للمرأة يعتبر من الجنايات الكبيرةعالية في نظر الإسلام. فالنساء كالرجال مخلوقات عزيزة و شريفة، و عليه فالضرب أمر لا يحتمله الإنسان، و إن هذه القلوب النابضة بالحب و العاطفة لهذه المخلوقات اللطيفة و الأجساد الناعمة لا طاقة لها لتحمل الضرب و الأذى و على هذه الأساس منع الإسلام من أن تضرب و تؤذى.
يقول رسول الله (ص) في هذه المسألة:
«اتقوا الله في النساء فإنهن عي و عورة، و إنكم استحللتموهن بأمانة الله، و هن عندكم عوان، فادرؤوا عيهن بالسكوت، و واروا عوراتهن بالبيوت».[4]
و كذلك يقول: «إن من شر رجالكم البهات الفاحش الآكل وحده، المانع رفده، الضارب أهله و عبده، البخيل الملجئ عياله إلى غيره، العاق بوالديه».[5]
و لكن هناك فئة من النساء لا تعبأ بحقوق الزوج، و لا تستجيب له في إشباع ميوله الطبيعية، و تخرج من بيتها دون أخذ الإذن، و بذلك تبدل محيط البيت و صفاءه إلى نار متأججة بتصرفاتها و سوء أخلاقها، إضافة إلى تدخلها الخارج عن حدود المتعارف في شؤون زوجها و خصوصياته، و ذلك ما يترك أثراً سيئاً في نفوس الرجال.
إن مثل هذه الفئة من النساء مستثناة من الرؤيا الإسلامية لأنها تفقد كل قيمة إنسانية، و قد نعتها الإسلام بأقبح الأوصاف و أقبح الصفات، يقول رسول الله (ص): «شر الأشياء المرأة السوء»[6] و قد أطلق القرآن و الحديث و الفقه على مثل هذه المرأة مصطلح (الناشز) و أصل النشوز من الغرور و التعالي، و هذه المرأة تعكر حياة زوجها و تسلب صفاءئها بخروجها عن الطاعة المعقولة. و قد اتخذ الدين الإسلامي إجراءات معقولة من أجل إصلاح و ردع مثل هذه النساء، فالقرآن الكريم أشار في آية النشوز إلى عدة نقاط لطيفة و جميلة في مورد العلاقة بين الزوجين و إدارة هذه الشركة العائلية، و من حسن الحظ أن العلوم الحديثة تمكنت من كشف بعض أسرار ما أشار إليه القرآن، و الحقيقة أن هذه الآية من المعجزات العلمية للقرآن الكريم، مع أن عموم القرآن يتصف بالإعجاز من وجوه و أبعاد مختلفة.
إنه لمن الواضح جداً أن القضايا العائلية و خصوصاً تلك التي تخص المرأة و الرجل لها خصوصياتها و دقتها و ظرافتها، فتارة ينبغي إظهار الحب بنظرات الغضب، و تارة ينبغي إظهار الغصب و السخط من خلال الحب، و إن معرفة الحد الفاصل بين الأمرين، و معرفة الحب من خلال إظهار الغضب لا يكون أمراً سهلاً و متيسراً للجميع و قد بذل الفلاسفة و علماء النفس جهوداً كبيرة من أجل إدراك و بيان هذه المسائل الدقيقة، كما ألفوا في ذلك الكتب و المصنفات، و لكن ميزة القرآن الكريم و روايات النبي و أهل بيته (ع) أنها تشير إلى الكليات و العموميات النافعة في معالجة هذه القضايا و بجمل قصيرة و جميلة و سهلة قابلة للفهم و التطبيق لدى عموم الناس.
و في دراسة كاملة و دقيقة للآية 34 من سورة النساء لا بد من الإشارة إلى عدة نقاط، و لكن ما يمكن ذكره باختصار يتمثل بالآتي:
بعد أن تبين الآية تكليف الرجال في إدارة البيت و الحفاظ عليه و تأمين نفقات الحياة، تقسم الآية النساء إلى فئتين بالنسبة لأداء الوظائف و التكاليف التي تناط بهن في داخل الأسرة.
الفئة الأولى: «الصالحات...» و هذه الفئة تمثل النساء الملتزمات اللواتي يؤدين مسؤولياتهن الأسرية على أحسن وجه، و ليس ذلك خاصا بزمان حضور الزوج و إنما يشمل زمان غيابه عن البيت. و من الطبيعي أن تكون مسؤوليات الرجال أمام هكذا نساء هي الاحترام و التقدير و صيانة الحقوق.
الفئة الثانية: النساء المعرضات و المقصرات عن أداء ما عليهن من واجبات و مسؤوليات فيفضي سلوكهن إلى جو غير ملائم. و قد حدد القرآن الكريم للرجال مواقفهم إزاء هذه الفئة من النساء لا بد من إجرائها مرحلة تلو أخرى، و عليهم أن يحذروا - و على أي حال - من أن يخرجوا عن حدود العدل و الإنصاف، و المراحل كما حددتها الآية على النحو الآتي:
المرحلة الأولى: «النساء اللاتي تخافون طغيانهن و عنادهن عليكم أن تعظوهن وبند واندرز دهيدتنصحوهن» فالنساء اللاتي يحاولن الخروج عن دائرة الشراكة المتعارفة لا بد و أن تذكروهن و تعظوهن بكل حب و تودد عسى أن يعدن إلى الصواب و الرشد و يعرفن مسؤولياتهن.
المرحلة الثانية: إذا لم يكن الإجراء الأول نافعاً فاهجروهن في المضاجع، و هذا إجراء معنوي مخفف ينم عن عدم رضا الزوج بسلوك زوجته عسى أن يكون لهذا الموقف أثراً في نفس الزوجة.
المرحلة الثالثة: «واضربوهن» فإذا أظهرن العناد و الطغيان و عدم الالتزام بما فرض عليهن من واجبات و مسؤوليات و لم ينفع معهن الموعظة و لا الهجران في المضاجع و أظهرن الإصرار فلا يبقى في يد الرجل إلا الشدة، و عليه أجاز الإسلام للرجل التأديب الجسدي في مثل هذه الحالة عسى أن يكون الكي الذي يمثل آخر الدواء.
و من الممكن أن يرد الإشكال و يقال: كيف يعطي الإسلام الرخصة للرجال بضرب النساء؟
و الجواب علىن هذا الإشكال لا يبدو صعباً إذا ما استعنا بالآيات القرآنية و الروايات و ما توصل إليه العلم الحديث من نتائج في هذا الميدان.
أولاً: إن الآية أجازت ضرب النساء اللاتي لم يلتزمن بمسؤولياتهن الأسرية و يظهرن الطغيان و العصيان المعكر لأجواء الأسرة، و لم تكن أساليب التربية و العذل مجدية معهن. و هذا الأمر لا يختص به الإسلام فقط، لأن جميع القوانين في العالم تلجأ إلى الشدة عندما لا يجدي اللين مع الأشخاص التاركين أداء ما يجب عليهم من واجبات و مسؤوليات و إلزام.
ثانياً: الضرب هنا لا بد و أن يكون خفيفاً و ملائماً لا يفضي إلى كسر أو جرح أو تورم.
ثالثاً: يعتقد علماء النفس المعاصرون بوجود فئة من النساء تعتريها حالات يطلقون عليها اسم (مازوئيسم) (حب الأذى) و إذا استفحلت لديهن مثل هذه الحالة لا يمكن أن تعالج إلىلا بشيء من القسوة و التأديب الجسدي الخفيف، و عليه فمن الممكن أن تكون الآية ناظرةً إلى هذه الفئة من النساء التي يكون مثل هذا الإجراء مفيداً لها من جهة الهدوء و الاطمئنان النفسي، لأنه نوع من أنواع العلاج النفسي من خلال التأديب و إظهار القسوة و الشدة بحدود معينة بدلاً من استفحال المرض الذي يؤدي إلى الانفصال و حرمان الأطفال من نعمة الصفاء العائلي و دفء الأمومة و حنانها.
و من المسلم أن استجابة المرأة في أي مرحلة من المراحل تسلب من الرجل اتخاذ أي اجراء بشأنها تحت أي ذريعة كانت، و ليس له أن يتسبب في أذيتها و لذلك تأتي الجملة الخاتمة للآية لتشير إلى هذه المسألة في قوله تعالى: «فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً».
و الأمر الجدير بالانتباه و التوجه هو: مع أن بيان حدود الضرب أن لا يؤدي إلى الكسر أو الجرح أو التورم إلا أن حصول الفائدة و الاستجابة في المرتبة المخففة من الضرب و ترك النشوز تلزم الرجل بالوقوف عند هذا الحد، فالضرب إذن مشروط و محدود بالمراتب و ليس مطلقاً فلا بد من مراعاة ذلك في استعمال هذا الحق، فإذا تحقق الهدف من الضرب في المرتبة المخففة لا يجوز الضرب و الشدة و التعدي إلى المرحلة التالية، و لعل الروايات التي تقولأإن الضرب يكون بالسواك تشير إلى مسألة رعاية المراتب.[7] فإذا كان الضرب بالسواك كافياً لا يجوز ما يكون أشد منه.
و قد يقال أن هذا الطغيان و الاستعلاء يكون من جانب الرجل فهل يرخص في شموله بهذه العقوبة؟
و نقول في الجواب: نعم الرجال كالنساء أيضاً من هذه الناحية، عندما يتخلون عن مسؤولياتهم، و لكن لا بد من الأخذ بنظر الاعتبار أن الحالات التي يصاب بها الرجال هي نوع مرض نفسي يسمونه (السادوية) و إذا اشتد هذا المرض لا يكون عقابه الجسدي بيد المرأة و ذلك لعدة أسباب:
أولاً: لا يكون علاج هذا المرض غالباً بالعقوبة الجسدية.
ثانياً: لا تكون المرأة - على الأغلب - قادرة على مثل هذا الإجراء.
ثالثاً: إن الحاكم الشرعي مكلف بإعادة الرجل المتخلي عن مسؤولياته و واجباته حتى بواسطة التعزير (العقوبة الجسدية).
و قصة الرجل الذي أجحف بحق زوجته، و لم يكن مستعداً لقبول الحق بأي حال من الأحوال، و إن الإمام علياً (ع) واجهه بحزم و شدة حتى هدده بالسيف إن لم يعد إلى رشده و يتحمل مسؤولياته، وهي قصة معروفة.[8]
و قد خاطب الله سبحانه الرجال في الآية الشريفة و أنذرهم بأن لا يستخدموا حقهم في إدارة الأسرة استخداماً سيئاً، و ليراقبوا قدرة الله التي تفوق كل قدرة «إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا»[9].
يقول الإمام جعفر الصادق (ع): «أكثر الخير في النساء»[1] كما أن الإمام السادس لعالم التشيع يقسم النساء إلى مجموعتين طيبة و غير طيبة، و يصف قيمة الأولى فيقول: «ليس للمرأة خطر لا لصالحتهن و لا لطالحتهن، أما صالحتهن فليس خطرها الذهب و الفضة بل هي خير من الذهب و الفضة، و أما طالحتهن فليس التراب خطرها بل التراب خير منها»[2] و كذلك يقول رسول الله (ص): «إنما الدنيا متاع، و خير متاع الدنيا الزوجة الصالحة».[3]
هذه الكلمات القيمة الصادرة عن المعصومين تشير إلى قيمة المرأة و تجعل من وجودها منبعاً للخير و البركة، كما تعتبر قيمتها المعنوية أعلى و أثمن من أي شيء في هذه الدنيا.
ضرب المرأة ممنوع:
إن قوانين الإسلام و تعاليمه تجعلنا نتوجه إلى أمر غاية في الحساسية و ذلك لأن العقوبة البدنية و الأذى النفسي و الروحي للمرأة يعتبر من الجنايات الكبيرة
يقول رسول الله (ص) في هذه المسألة:
«اتقوا الله في النساء فإنهن عي و عورة، و إنكم استحللتموهن بأمانة الله، و هن عندكم عوان، فادرؤوا عيهن بالسكوت، و واروا عوراتهن بالبيوت».[4]
و كذلك يقول: «إن من شر رجالكم البهات الفاحش الآكل وحده، المانع رفده، الضارب أهله و عبده، البخيل الملجئ عياله إلى غيره، العاق بوالديه».[5]
و لكن هناك فئة من النساء لا تعبأ بحقوق الزوج، و لا تستجيب له في إشباع ميوله الطبيعية، و تخرج من بيتها دون أخذ الإذن، و بذلك تبدل محيط البيت و صفاءه إلى نار متأججة بتصرفاتها و سوء أخلاقها، إضافة إلى تدخلها الخارج عن حدود المتعارف في شؤون زوجها و خصوصياته، و ذلك ما يترك أثراً سيئاً في نفوس الرجال.
إن مثل هذه الفئة من النساء مستثناة من الرؤيا الإسلامية لأنها تفقد كل قيمة إنسانية، و قد نعتها الإسلام بأقبح الأوصاف و أقبح الصفات، يقول رسول الله (ص): «شر الأشياء المرأة السوء»[6] و قد أطلق القرآن و الحديث و الفقه على مثل هذه المرأة مصطلح (الناشز) و أصل النشوز من الغرور و التعالي، و هذه المرأة تعكر حياة زوجها و تسلب صفاء
إنه لمن الواضح جداً أن القضايا العائلية و خصوصاً تلك التي تخص المرأة و الرجل لها خصوصياتها و دقتها و ظرافتها، فتارة ينبغي إظهار الحب بنظرات الغضب، و تارة ينبغي إظهار الغصب و السخط من خلال الحب، و إن معرفة الحد الفاصل بين الأمرين، و معرفة الحب من خلال إظهار الغضب لا يكون أمراً سهلاً و متيسراً للجميع و قد بذل الفلاسفة و علماء النفس جهوداً كبيرة من أجل إدراك و بيان هذه المسائل الدقيقة، كما ألفوا في ذلك الكتب و المصنفات، و لكن ميزة القرآن الكريم و روايات النبي و أهل بيته (ع) أنها تشير إلى الكليات و العموميات النافعة في معالجة هذه القضايا و بجمل قصيرة و جميلة و سهلة قابلة للفهم و التطبيق لدى عموم الناس.
و في دراسة كاملة و دقيقة للآية 34 من سورة النساء لا بد من الإشارة إلى عدة نقاط، و لكن ما يمكن ذكره باختصار يتمثل بالآتي:
بعد أن تبين الآية تكليف الرجال في إدارة البيت و الحفاظ عليه و تأمين نفقات الحياة، تقسم الآية النساء إلى فئتين بالنسبة لأداء الوظائف و التكاليف التي تناط بهن في داخل الأسرة.
الفئة الأولى: «الصالحات...» و هذه الفئة تمثل النساء الملتزمات اللواتي يؤدين مسؤولياتهن الأسرية على أحسن وجه، و ليس ذلك خاصا بزمان حضور الزوج و إنما يشمل زمان غيابه عن البيت. و من الطبيعي أن تكون مسؤوليات الرجال أمام هكذا نساء هي الاحترام و التقدير و صيانة الحقوق.
الفئة الثانية: النساء المعرضات و المقصرات عن أداء ما عليهن من واجبات و مسؤوليات فيفضي سلوكهن إلى جو غير ملائم. و قد حدد القرآن الكريم للرجال مواقفهم إزاء هذه الفئة من النساء لا بد من إجرائها مرحلة تلو أخرى، و عليهم أن يحذروا - و على أي حال - من أن يخرجوا عن حدود العدل و الإنصاف، و المراحل كما حددتها الآية على النحو الآتي:
المرحلة الأولى: «النساء اللاتي تخافون طغيانهن و عنادهن عليكم أن تعظوهن و
المرحلة الثانية: إذا لم يكن الإجراء الأول نافعاً فاهجروهن في المضاجع، و هذا إجراء معنوي مخفف ينم عن عدم رضا الزوج بسلوك زوجته عسى أن يكون لهذا الموقف أثر
المرحلة الثالثة: «واضربوهن» فإذا أظهرن العناد و الطغيان و عدم الالتزام بما فرض عليهن من واجبات و مسؤوليات و لم ينفع معهن الموعظة و لا الهجران في المضاجع و أظهرن الإصرار فلا يبقى في يد الرجل إلا الشدة، و عليه أجاز الإسلام للرجل التأديب الجسدي في مثل هذه الحالة عسى أن يكون الكي الذي يمثل آخر الدواء.
و من الممكن أن يرد الإشكال و يقال: كيف يعطي الإسلام الرخصة للرجال بضرب النساء؟
و الجواب ع
أولاً: إن الآية أجازت ضرب النساء اللاتي لم يلتزمن بمسؤولياتهن الأسرية و يظهرن الطغيان و العصيان المعكر لأجواء الأسرة، و لم تكن أساليب التربية و العذل مجدية معهن. و هذا الأمر لا يختص به الإسلام فقط، لأن جميع القوانين في العالم تلجأ إلى الشدة عندما لا يجدي اللين مع الأشخاص التاركين أداء ما يجب عليهم من واجبات و مسؤوليات و إلزام.
ثانياً: الضرب هنا لا بد و أن يكون خفيفاً و ملائماً لا يفضي إلى كسر أو جرح أو تورم.
ثالثاً: يعتقد علماء النفس المعاصرون بوجود فئة من النساء تعتريها حالات يطلقون عليها اسم (مازوئيسم) (حب الأذى) و إذا استفحلت لديهن مثل هذه الحالة لا يمكن أن تعالج إ
و من المسلم أن استجابة المرأة في أي مرحلة من المراحل تسلب من الرجل اتخاذ أي اجراء بشأنها تحت أي ذريعة كانت، و ليس له أن يتسبب في أذيتها و لذلك تأتي الجملة الخاتمة للآية لتشير إلى هذه المسألة في قوله تعالى: «فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً».
و الأمر الجدير بالانتباه و التوجه هو: مع أن بيان حدود الضرب أن لا يؤدي إلى الكسر أو الجرح أو التورم إلا أن حصول الفائدة و الاستجابة في المرتبة المخففة من الضرب و ترك النشوز تلزم الرجل بالوقوف عند هذا الحد، فالضرب إذن مشروط و محدود بالمراتب و ليس مطلقاً فلا بد من مراعاة ذلك في استعمال هذا الحق، فإذا تحقق الهدف من الضرب في المرتبة المخففة لا يجوز الضرب و الشدة و التعدي إلى المرحلة التالية، و لعل الروايات التي تقول
و قد يقال أن هذا الطغيان و الاستعلاء يكون من جانب الرجل فهل يرخص في شموله بهذه العقوبة؟
و نقول في الجواب: نعم الرجال كالنساء أيضاً من هذه الناحية، عندما يتخلون عن مسؤولياتهم، و لكن لا بد من الأخذ بنظر الاعتبار أن الحالات التي يصاب بها الرجال هي نوع مرض نفسي يسمونه (الساد
أولاً: لا يكون علاج هذا المرض غالباً بالعقوبة الجسدية.
ثانياً: لا تكون المرأة - على الأغلب - قادرة على مثل هذا الإجراء.
ثالثاً: إن الحاكم الشرعي مكلف بإعادة الرجل المتخلي عن مسؤولياته و واجباته حتى بواسطة التعزير (العقوبة الجسدية).
و قصة الرجل الذي أجحف بحق زوجته، و لم يكن مستعداً لقبول الحق بأي حال من الأحوال، و إن الإمام علياً (ع) واجهه بحزم و شدة حتى هدده بالسيف إن لم يعد إلى رشده و يتحمل مسؤولياته، وهي قصة معروفة.[8]
و قد خاطب الله سبحانه الرجال في الآية الشريفة و أنذرهم بأن لا يستخدموا حقهم في إدارة الأسرة استخداماً سيئاً، و ليراقبوا قدرة الله التي تفوق كل قدرة «إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا»[9].
[1] أكثر الخير في النساء، من لا يحضره الفقيه، ج3، ص385.
[2] الكافي، ج5، ص332.
[3] مستدرك الوسائل، ج14، ص150.
[4] مستدرك الوسائل، ج14، ص252.
[5] تهذيب الأحكام، ج7، ص400.
[6] مستدرك الوسائل، ج14، ص165.
[7] تفسير البرهان، ج1، ص367 (نقلاً عن تفسير أفضل، ج1، ص523).
[8] التفسير الأمثل، ج3، ص374.
[9] التفسير الأمثل، ج3، ص411-416. اقتباساً من جواب السؤال 408 (سايتالموقع: 424).
التعليقات