بحث متقدم
الزيارة
8658
محدثة عن: 2008/05/27
خلاصة السؤال
لماذا تم اختیار محرم الحرام لبدایة السنة الهجریة القمریة؟ مع العلم أن الإمام الحسین (ع) استشهد فی هذا الشهر؟
السؤال
بالنظر إلى أن شهر محرم الحرام هو الشهر الأول فی السنة الهجریة القمریة؛ و ان شهادة الإمام الحسین (ع) تکون فی العاشر من هذا الشهر، لماذا تم اختیار شهر محرم الحرام بدایة للسنة الهجریة القمریة؟
الجواب الإجمالي

إن بدایة السنة الهجریة القمریة فی محرم الحرام لیست لها علاقة بشهادة الإمام الحسین (ع)، حیث إن شهر محرم الحرام کانت بدایة للسنة القمریة قبل الإسلام، و ان العرب فی العصر الجاهلی کانوا یتخذون من شهر محرم بدایة للسنة القمریة.

الجدیر ذکره أن العرب لا یحتفلون ببدایة السنة القمریة کما یحتفل الإیرانیون ببدایة السنة الشمسیة، و إن هذه المناسبة لاتتمیز بأی میزة لدیهم، حیث یمر الیوم الأول من السنة القمریة کما تمر بقیة الأیام لدیهم. بعبارة أخرى، إن مسألة تحول السنة تکون فاقدة لأی قیمة لدیهم، من المؤکد إن بنی أمیة قد اتخذوا العاشر من محرم عیداً لهم؛ و لکن لیس لذلک علاقة بالشهر الأول من السنة، و إذا کانوا قد قتلوا الإمام الحسین (ع) فی وقت آخر فلا یستبعد أن یتخذوا ذلک الیوم یوم عید و فرح لهم.

الجواب التفصيلي

إن بدایة السنة القمریة کانت فی شهر محرم منذ الأزمنة السحیقة قبل الإسلام؛ و لیس لذلک علاقة بالإسلام أو المسلمین. بعبارة أوضح عندما حکم دین الإسلام الجدید الجزیرة العربیة، استخدم نفس التقویم السنوی الذی کان یستخدمه العرب قبل الإسلام.[1]

ان التغییر الوحید الذی أجراه دین الإسلام المقدس فی تقویم السنة القمریة؛ هو تغییر بدایة السنة الأولى لها من عام الفیل إلى عام هجرة الرسول الأکرم (ص) من مکة إلى المدینة.[2]

یذکر المسعودی فی هذا المجال و شهور العرب لیست مرتبة على فصول السنة و لا على حساب سنة الشمس، بل المحرم و غیره من الشهور العربیة قد یقع تارة فی الربیع و تارة فی غیره من فصول السنة.[3]

و لکن السنة الشمسیة کانت قلیلة الرواج عند العرب سواء أ کان قبل الإسلام أو بعده، حیث یقال أنهم کانوا یضطرون إلى الاستفادة من السنة الشمسیة فی مسائل الزراعة و التجارة فقط.[4]

و بالاستناد إلى ذلک فان مسألة تحول السنة القمریة فی شهر محرم ترجع إلى العصور القدیمة جداً عند العرب، و من الطبیعی أن لا یستطیع احد أن یغیر بدایة السنة القمریة من شهر محرم إلى شهر آخر عندما استشهد الإمام الحسین (ع) فی هذا الشهر. إضافة إلى ذلک أن العرب لا یحتفلون بحلول بدایة کل عام من السنة القمریة و لا یتخذونها عیداً من الأعیاد کما هو عند الإیرانیین، و هذا یعنی أن بدایة السنة لدیهم تکون کباقی الأیام و لیست لها إی میزة أو اثر فی تغییر الحیاة الاعتیادیة لدیهم.

یوجد هنالک مسألة جدیرة بالاهتمام و هی؛ أن بنی أمیة قد اتخذوا من یوم شهادة الإمام الحسین (ع) عیداً لهم، و کانوا یحتفلون فی هذا الیوم و لغرض تعظیم هذا الیوم و إشاعة الفرح فیه وضعوا الکثیر من الروایات الغیر صحیحة؛ و من المؤسف انه یوجد الکثیر من المسلمین إلى زماننا هذا قد وقعوا تحت تأثیر هذه الروایات و صدقوها و اعتبروا هذا الیوم یوماً تکثر فیه الخیرات و البرکات و یتزوجون و یقیمون الإحتفالات فی هذا الیوم.[5]

کتب زکریا القزوینی بخصوص هذا الموضوع: إن بنی أمیة کانوا یرومون إلى اتخاذ یوم عاشوراء عیداً لهم، لذلک عندما کان یتخذ الشیعة هذا الیوم یوم حزن و عزاء و کانوا یندبون فیه و ینوحون و یتجنبون فیه التجمل و التزین. کان الأمویون یعلقون الزینة و یقومون مجالس للاحتفال فی هذا الیوم.[6]

یکتب الزرندی الحنفی فی هذا المجال أیضا: إن الیوم الأول من هذا الشهر (صفر) هو عید لبنی أمیة لأنه جیء برأس الحسین رضی الله عنه إلى دمشق.[7]

من المؤکد أن هذا الموضوع لیس له أی صلة أو علاقة بأول شهر من السنة، و لو أنهم قتلوا الإمام الحسین (ع) فی وقت أو یوم آخر فلیس من المستبعد أن یتخذوا هذا الیوم یوم عید و یوم فرح و سرور لهم.



[1] جواد علی، المفصل فی تاریخ العرب قبل الإسلام، ج8، ص 460، الطبعة الأولى، قم، منشورات الشریف الرضی.

[2] نفس المصدر.

[3] المسعودی، مروج الذهب، ج 2، ص 192، نقلا عن جواد علی، المفصل فی تاریخ العرب، ج 8، ص 441.

[4] المفصل فی تاریخ العرب، ج 8، ص 446.

[5] للاطلاع أکثر یمکنکم مراجعة المصادر التالیة: 1- البیرونی، أبو ریحان، آثار الباقیة، طبعة اوربا، ص 329.

2 ادم متز، الحضارة الإسلامیة فی القرن الرابع الهجری ، بیروت 1387هـ ق، ج1، ص 137.

3 ا القمی، الشیخ عباس ، الکنى و الالقاب، النجف الاشرف، 1390هـ ق، ج1، ص 431.

4 ابن حجر الهیثمی، الصواعق المحرقة، مصر، ص 181.

5 ابن تیمیة، اقتضاء الصراط المستقیم، الریاض، مکتبة الریاض الحدیثة، ص 301.

6 المقریزی، الخطط والاثار، مصر ، تاریخ، النشر 1270 هـ ق، ج1، ص 490.

[6]  القزوینی، زکریا، عجائب المخلوقات، بیروت، دار القاموس الحدیث، ج1، ص 115.

[7] الزرندی الحنفی نظم درر السمطین، طهران مکتبة نینوا، ص 230، العاملی، سید جعفر المرتضى، تخلید الذکرى فی الإسلام، ترجمة محمد السبهری، قم، مکتب الإعلام، الطبعة الثالثة، ص 47.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280259 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258835 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129631 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115649 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89557 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61041 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60369 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57377 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51625 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47715 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...