Please Wait
8727
اشارت الروایات الکثیرة الى أفضلیة المقام العلمی للائمة علیهم السلام بالنسبة الى الانبیاء، و الدلیل الاساس لهذا المدعى هو الوحدة النورانیة و الباطنیة للائمة (ع) مع النبی الاکرم (ص)، و بما أنه (ص) أفضل من جمیع الانبیاء و علوم الائمة مستقاة منه (ص) ومن منبع واحد فمن هنا فضلوا على سائر الانبیاء،ثم أن أفضلیة النوع الانسانی على الملائکة من المسلمات فی الفکر الاسلامی، فلا غرابة فی تفضیل مقام الائمة المعصومین على مقام الملائکة. نعم، وقع البحث فی تفضیل الأئمة على الملائکة وهذا ما یأتی الحدیث عنه مفصلا فی الجواب التفصیلی.
إن کلام الإمام الخمینی (قدس) مستنبط من الکثیر من الاحادیث المرویة فی المصادر المعتبرة، منها:
عن أَحمدُ بن محمَّد عن محمَّد بن الحسین عن منصورِ بن العبَّاس عن صفوان بن یحیى عن عبد اللَّه بن مسکان عن محمَّد بن عبد الخالق و أَبی بصیر قال: قال أَبو عبد اللَّه (ع): یا أَبا محمَّد إِنَّ عندنا و اللَّه سرّاً من سرِّ اللَّهِ، و علماً من علم اللَّه، و اللَّه ما یحتملهُ ملکٌ مقرَّب و لا نبیٌّ مرسلٌ و لا مؤمنٌ امتحن اللَّه قلبهُ للإیمان، و اللَّه ما کلَّفَ اللَّهُ ذلک أَحداً غیرنا و لا استعبدَ بذلک أَحداً غیرنا..."[1]
من هنا لابد من دراسة مسالة أفضلیة مقامهم و علمهم استناداً الى تلک الروایات التی استند الیها الشیعة فی ما ذهبوا الیه فی هذا المعتقد.
و قبل الخوض فی بحث مقام الأئمة نشیر الى نکتة و هی أن أفضلیة النوع الانسانی على الملائکة من المسلمات فی الفکر الاسلامی، فلا غرابة فی تفضیل مقام الائمة المعصومین على مقام الملائکة. نعم، وقع البحث فی تفضیل الأئمة على الملائکة من عدة جهات، و انه یمکن دراسته من عدة زوایا کلها لا تتنافى مع الأسس الاسلامیة، بل معرفة مقام الائمة له صلة و ثیقة بالحقیقة المعنویة للاسلام التی ینبغی على کل مسلم معرفتها و معرفة خصائص الانسان الکامل. و لاثبات هذا المدعى یمکن المرور على القضیة من خلال النقاط التالیة:
النکتة الاولى: إن المعصومین الاربعة عشر کلهم حقیقة واحدة، و بعبارة أخرى: کلهم نور واحد. و هذا الاتحاد النوری لأهل البیت (ع) قد ورد التصریح به فی کثیر من الروایات، فتارة وردت الاشارة الى اتحاد نور اصحاب الکساء الخمسة و اخرى وردت الاشارة الى اتحاد نور جمیع المعصومین (ع).
و من هذه الروایات:
الف: قال الله تعالى: «یا محمَدُ إِنِّی خلقتکَ و خلقْتُ علیّاً و فاطمة و الحسن و الحسین من سنخ نورِی و عرضتُ ولایتکم على أَهل السَّمَاوات و الأَرضینَ فمن قبلها کان عندی من المؤمنین و من جحدها کان عندی من الکافرِین. یا محمَّدُ لو أَنَّ عبداً من عبادی عبدنی حتَّى ینقطع أَو یصیر کالشَّنِّ البالی ثُمَّ أَتانی جاحداً لولایتکم ما غفرتُ لهُ أَو یقرَّ بولایتکم...».[2] و هذا الاحادیث من الاحادیث المعراجیة التی خاطب بها الحق تعالى النبی الاکرم (ص) عن عروجه.
ب: و منها: «یا محمَّد إِنِّی خلقتُ علیّاً و فاطمة و الحسن و الحسین و الأَئمَّةَ من نور واحد، ثُمَّ عرضت ولایتهم على الملائکةِ فمن قبلها کان من المقرَّبِین و من جحدها کان من الکافرِین یا محمَّدُ لو أَنَّ عبداً من عبادی عبدنی حتَّى ینقطِعَ ثمَّ لقینی جاحداً لولایتهمْ أَدخلتهُ النَّار...»[3]؛و فی هذه الروایة تمت الاشارة الى اتحاد نور جمیع الائمة علیهم السلام.
النکتة الثانیة: إن جمیع أهل البیت لهم مقام الولایة[4]، بمعنى أنهم خلفاء الرسول الاکرم (ص) فبالاضافة الى الزعامة الاجتماعیة و المرجعیة العلمیة، إن لهم النفوذ باذن الله نفوذاً غیبیاً على العباد و ناظرین الى أرواح و نفوس و قلوب العباد و یتصرفون فیها تصرفا تکوینیاً.
یقول العلامة الطباطبائی (ره) فی هذا المجال: فإن قلت: لو کانت الإمامة هی الهدایة بأمر الله تعالى: و هی الهدایة إلى الحق الملازم مع الاهتداء بالذات کما استفید من قوله تعالى: «أَ فَمَنْ یَهْدِی إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ یُتَّبَعَ» الآیة کان جمیع الأنبیاء أئمة قطعا، لوضوح أن نبوة النبی لا یتم إلا باهتداء من جانب الله تعالى بالوحی، من غیر أن یکون مکتسبا من الغیر، بتعلیم أو إرشاد و نحوهما، و حینئذ فموهبة النبوة تستلزم موهبة الإمامة، و عاد الإشکال إلى أنفسکم.
قلت: الذی یتحصل من البیان السابق المستفاد من الآیة أن الهدایة بالحق و هی الإمامة تستلزم الاهتداء بالحق، و أما العکس و هو أن یکون کل من اهتدى بالحق هادیا لغیره بالحق، حتى یکون کل نبی لاهتدائه بالذات إماما، فلم یتبین بعد، و قد ذکر سبحانه هذا الاهتداء بالحق، من غیر أن یقرنه بهدایة الغیر بالحق.[5]
و یمکن القول بان الولایة على قسمین: الولایة التشریعیة و التکوینیة.
و الولایة التشریعیة تعنی: أن حق التشریع خاص بالله تعالى و لم یمنحه لاحد من عباده حتى النبی الاکرم (ص)[6] و انما هو منذر و مبشر و مبلغ و مبیّن للاحکام.[7]
اما الولایة التکوینیة فتعنی: قدرة النفس و تمکنها من التصرف فی مادة الکائنات بإذن الله تصرفاً تکوینیاً.
من هنا فان جمیع المعجزات[8] و الکرامات لاولیاء الله تعالى منطلقة من تلک الولایة التکوینیة، و من تلک المعجزات ما صدر من النبی الاکرم (ص) کشق القمر و شق الشجر[9] و شق الارض[10] و شق البحر[11] فی قصة موسى علیه السلام و فرعون و شق الجبل من قبل النبی صالح (ع)[12] وشفاء الاکمة و الابرص واحیاء الموتى على ید عیسى علیه السلام[13] و قلع باب خیبر على ید أمیر المؤمنین (ع) بصورة اعجازیة.[14] و کل هذه الامثلة لا یمکن تفسیرها الا بالقول بالولایة التکوینیة للانسان الکامل.
النکتة الثالثة: الولایة بالقرب من الله و الفناء فی الله [15]، و القرب من الله یحصل من خلال طاعته سبحانه و التخلق باخلاق الله تعالى؛ بمعنى أن الانسان و ان لم یستطع بل یستحیل ان یکون الله لکنه یمکنه أن یکون الهیاًّ. فهو کلما اتصل بالمنبع الالهی الدائم و اقترب من الله و خرق حجب الظلمات و تمکن من الحجب النورانیة فلم یر ذاته و افعاله و صفاته حینئذ تتجلى فیه الاسماء و الصفات و الالهیة.[16] حینئذ یتمکن الانسان من التصرف بالمخلوقات تصرفا تکوینیا و من خلال الاستعانة بالقدرة التی و هبها له الباری تعالى الذی لا حد لقدرته.
ففی الحدیث القدسی: «عبدی اطعنی حتی اجعلک مثلة»[17] و روی أیضا «ابن آدم أنا غنی لا أفتقر أطعنی فیما أمرتک أجعلک غنیا لا تفتقر یا ابن آدم أنا حی لا أموت أطعنی فیما أمرتک أجعلک حیا لا تموت یا ابن آدم أنا أقول للشیء کن فیکون، أطعنی فیما أمرتک أجعلک تقول لشیء کن فیکون».[18]
النکتة الرابعة: إن مقام الولایة یختلف عن مقام النبوة من عدة جهات و انه من ناحیة المرتبة اسمى من مرتبة النبوة.
توضیح ذلک؛ الولی فی مقام "الفناء فی الله" یطلع على الحقائق الالهیة فیخبر عنها. و هذه المعرفة یطلق علیها عنوان " النبوة العامة" و تارة اخرى یعبر عنها بعنوان" النبوة المقامیة" و تارة یعبر عنه بنبوة التشریع. و النبی من حیث "نبوة التعریف" یخبر عن عن ذات الله و صفاته و افعاله و من حیث "نبوة التشریع" یبلغ الاحکام و التأدب بالاخلاق و یقوم بتعلیم الحکمة و التصدی السیاسی.قال تعالى فی کتابه العزیز: "وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَیْناهُ حُکْماً وَ عِلْماً وَ کَذلِکَ نَجْزِی الْمُحْسِنین "[19] بمعنى أن الانسان الواصل الى مقام الاحسان، قد نال وفقا للمشرب الموسوی النبوة المقامیة و ان لم یصل بعد الى المنصب الموسوی یعنی مقام التشریع.[20]
على هذا الاساس نحن و ان لم نستطع الوصول الى مقام النبوة و الرسالة التشریعیة، و لکن یمکن من خلال التعبد لله و طی مراحل الکمال نصل الى مقام قرب النوافل بل قرب الفرائض و نحصل على مقام النبوة المقامیة و مقام الولایة.
و على کل حال یمکن تلخیص الفوارق بین مقامی الولایة و النبوة فی الامور التالیة:
1.الولایة لها جنبة حقانیة و للنبوة وجهة خلقیة؛ بمعنى أن النبوة ناظرة الى جهة ظاهر الولایة و الولایة الى باطن النبوة.
2. بما أن الانبیاء فانون فی الاحدیة فهم مطلعون على حقائق المکنونات فی الغیب و یبعثون باعتبار البقاء بعد الفناء و الصحو بعد المحو فیخبرون عن تلک الحقائق، لکن على کل حال منشأ الانبیاء جهة الحق و ولایتهم.
3. الولی عالم بالشریعة و الحقیقة معاً؛ بمعنى أنه مطلع على الظاهر و الباطن، و لکن دائرة الانبیاء و الرسل تختص بالشریعة و الظاهر فقط.
4. الولی یشرف على الاعمال الباطنیة و على باطن الانسان، من هنا یجب طاعته من دون قید و لاشرط.
5. النبی و الرسول یحصلان على العلم عن طریق الملک و سائر طرق الوحی، و اما الولی فعلمه من لدن الله تعالى بصورة مباشرة یفاض علیه من باطن الحقیقة المحمدیة.[21]
6. النبوة و الرسالة محدودتان بالمکان و الزمان فهما منقطعتان، على العکس من الولایة؛ لان الولی من اسماء الله تعالى[22] و اسماء الله باقیة و دائمة.[23]
النتیجة أن هذا الاسم یحتاج الى مظهر، فالولایة لا تنقطع.[24] و الانسان الکامل المظهر الاتم و الاکمل لهذا الاسم الشریف و له ولایة کلیة، و اما الرسول و النبی فلیست من اسماء الله و الرسالة و النبوة الصفات الکونیة الزمانیة التی تنقطع بانقطاع الزمان.
7. الولایة تشمل الرسالة و النبوة التشریعیة و النبوة العامة غیر التشریعیة، من هنا یعبر عنها بفلک المحیط العام.
8. معطى النبوة و الرسالة، اسم الظاهر الذی یتعلق بالتجلیة،و معطى الولایة، اسم الباطن الذی یفید التحلیة.
9. الولایة باطن النبوة و الرسالة و نیل هذه الامرین یبتنی على الولایة.[25]
النتیجة:
اتضح جلیاً مما مرّ:
اولا: ولایة الرسول ارفع من رسالته و ولایة النبی ارفع من نبوته.
ثانیا: یمکن أن لایتوفر الولی على فضل النبوة، لکنه افضل و اعلم من النبی بحسب ولایته. من هنا نرى الخضر یعاتب موسى علیه السلام بقوله " انک لن تستطیع معی صبرا" و یقول له أیضاً مشددا العتاب "أَ لَمْ أَقُلْ إِنَّکَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْرا" و فی نهایة المطاف یقول له: "ذا فِراقُ بَیْنِی وَ بَیْنِکَ".[26] و من هذه النکتة نرى السید المسیح (ع) یقتدی بالامام الحجة المهدی (عج) عند ظهورة[27] مع کون عیسى (ع) نبیاً من أنبیاء أولی العزم؛ فالخلاصة: انه و إن لم یکن کل من الخضر و الامام المهدی (عج) قد نالا فضل النبوة و المنصب التشریعی، لکنهما بلحاظ الولایة التکوینیة متقدمان فالخضر تقدم على موسى (ع) و الامام المهدی (عج) تقدم على عیسى (ع)، و من هنا نجد أمیر المؤمنین (ع) یقول: «أَرَى نُورَ الْوَحْیِ وَ الرِّسَالَةِ وَ أَشُمُّ رِیحَ النُّبُوَّةِ وَ لَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّیْطَانِ حِینَ نَزَلَ الْوَحْیُ عَلَیْهِ(ص)...». و آن النبی الأکرم (ص) قال له: «إِنَّکَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ وَ تَرَى مَا أَرَى إِلَّا أَنَّکَ لَسْتَ بِنَبِی».[28]
روى المسعودی عن الامام الحسن (ع) أنه قال بعد شهادة أمیر المؤمنین (ع): «و الله لقد قبض فیکم اللیلة رجل ما سبقه الأولون إلا بفضل النبوة، و لایدرکه الآخرون».[29] و عن النبی الاکرم (ص) أنه قال: "«إن لله عبادا لیسوا بأنبیاء یغبطهم النبیون بمقاماتهم و قربهم إلى الله تعالى».[30] ففی هذه الروایة الاخیرة هناک بالاضافة الى التصریح بتقدم بعض الصالحین على الانبیاء مع انهم لیس أنبیاء، هناک تصریح بسرّ هذا التقدم کقوله "و قربهم الى الله تعالى" یکشف عن تقدمهم على الانبیاء، و هذا ما اتضح من خلال الابحاث السابقة التی قلنا فیها ان کمال القرب لیس شیئاً غیر الولایة التکوینیة.
کذلک نقرأ قوله تعالى «وَ یَقُولُ الَّذینَ کَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلا قُلْ کَفى بِاللَّهِ شَهِیداً بَیْنِی وَ بَیْنَکُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْکِتابِ»[31]؛ففی هذه الآیة المبارکة یشیر الباری تعالى الى شاهدین الاول ذاته المقدسة سبحانه و الآخر من عنده علم الکتاب. و لاریب أن شهادة الباری تعالى بالمعجزات و من تلک المعجزات القرآن الکریم، و لکن من هو المقصود بقوله تعالى "من عنده علم الکتاب" و ما هی خصائصه التی أهلته لیکون شاهد صدق على رسالة النبی الأکرم (ص)؟
بکلمة مختصرة أن المراد منه هو علی بن أبی طالب (ع) و الأئمة الاطهار (ع) الذین یملکون مقام الولایة التکوینیة.
لکی یتضح هذا الامر بصورة اوضح نشیر الى قصة النبی سلیمان و الاتیان بعرش بلقیس و هو ما اشارت الیه الآیات 20 الى 41 من سورة النمل:
تبتدئ القصة بقوله تعالى "وَ تَفَقَّدَ (سلیمان) الطَّیْرَ فَقالَ ما لِیَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ کانَ مِنَ الْغائِبینَ...فمَکَثَ (الهدهد) غَیْرَ بَعیدٍ فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَ جِئْتُکَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ یَقینٍ" الى ان تقول القصة فقال سلیمان" اذْهَبْ بِکِتابی هذا فَأَلْقِهْ إِلَیْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ما ذا یَرْجِعُونَ " الى ان یطلب النبی سلیمان عرش بلقیس"قالَ یا أَیُّهَا الْمَلَؤُا أَیُّکُمْ یَأْتینی بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ یَأْتُونی مُسْلِمینَ *قالَ عِفْریتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتیکَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِکَ وَ إِنِّی عَلَیْهِ لَقَوِیٌّ أَمینٌ * قالَ الَّذی عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْکِتابِ أَنَا آتیکَ بِهِ قَبْلَ أَنْ یَرْتَدَّ إِلَیْکَ طَرْفُکَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّی". و من الواضح أن الذی جاء بعرش بلقیس من الیمن الى فلسطین بهذه السرعة القیاسیة "قبل أن یرتد الیک طرفک" لاریب أنه یمتلک الولایة التکوینیة و حسب تعبیر الروایات یمتلک الاسم الاعظم، و وفقا للتعبیر القرآنی "عنده علم من الکتاب". فالقرآن یبیّن أن هذا الشخص لامتلاکه هذا المقدار من العلم تمکن من القیام بهذا العمل الخارق للعادة و أنه لامتلاکه درجة من مقام الولایة التکوینیة استطاع أن یقوم بذلک الفعل الجبّار.
روی عن النبی الاکرم (ص) کما فی حدیث ابی سعید الخدری أنه قال: سألت رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم عن الَّذِی عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْکِتابِ الوارد فی قصّة سلیمان، فقال (ص): هو وصی أخی سلیمان بن داود، فقلت: و الآیة "وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْکِتابِ" عمن تتحدث؟فقال (ص): ذاک أخی علی بن أبی طالب علیه السّلام.[32]
و الالتفات إلى الفرق بین «علم من الکتاب» الذی یعنی «العلم الجزئی» و (علم الکتاب) الذی یعنی «العلم الکلی»، یکشف البون الشاسع بین آصف و علی علیه السّلام.[33]
لذلک نقرأ فی روایات کثیرة أنّ الاسم الأعظم ثلاثة و سبعون حرفا إنّما کان عند آصف منها حرف واحد فتکلم به فخسف بالأرض ما بینه و بین سریر بلقیس حتى تناول السریر بیده، ثمّ عادت الأرض کما کانت أسرع من طرفة عین- کان «حرف» واحد منه عند «آصف بن برخیا» و قام بمثل هذا العمل الخارق للعادة- و عندنا نحن الائمّة من أهل البیت- اثنان و سبعون حرفا، و حرف واحد عند اللّه تبارک و تعالى استأثر به فی علم الغیب عنده.[34] من هنا نجد الامام الصادق (ع) یقول فی ذلک قصة آصف بن برخیا: «وَ عِنْدَنَا وَ اللَّهِ عِلْمُ الْکِتَابِ کُلُّهُ»[35]، یعنی اذا کان ابن برخیا قد حصل على جزء من علم الکتاب فعندنا أهل البیت علم الکتاب کله.
اتضح مما مر أن من یملکون الاسم الاعظم (اصحاب الولایة تکوینیة) یتفاوتون فی هذه المرتبة فمنهم من یمتلک حرفاً واحداً و طائفة تمتلک اثنین و سبعین حرفا، و هؤلاء یتفاوتون أیضا فیما بینهم، یقول الامام الصادق (ع) فی ذیل الآیة 43 من سورة الرعد: «إِیَّانَا عَنَى وَ عَلِیٌّ أَوَّلُنَا وَ أَفْضَلُنَا وَ خَیْرُنَا بَعْدَ النَّبِیِّ (ص)»[36].
و لمزید الاطلاع على هذا الموضوع فی جمیع ابعاده الرجوع الى کتاب"کتاب "نگرشی عرفانی، فلسفی و کلامی به شخصیت و قیام امام حسین (ع)"[37]
[1] . ثقه الاسلام کلینی، الکافی، ج1، ص 402، دار الکتب الاسلامیه، تهران
[2]. مجلسی، محمدباقر، بحارالأنوار، ج36، ص216.
[3]. همان، ص281و223.
[4] یقول أمیر المؤمنین (ع) فی هذا الخصوص «وَ لَهُمْ خَصَائِصُ حَقِّ الْوِلَایَة»؛ نهج البلاغة، الخطبه 2.
[5] الطباطبائی، محمد حسین، المیزان، ج1، ص275 و 276.
[6] فی حدود هذا المنع و دائرة صلاحیات النبی الاکرم (ص) توجد ابحاث مفصلة تطلب من مصادرها.
[7] انظر: الجاثیة، 19؛ الشوری، 13 و 22؛ الرعد، 8؛ الاسراء، 106 و انظر: ابن عربی، محیی الدین، الفتوحات (4-ج)، ج3، ص69.
[9] اشار الیها أمیر المؤمنین فی الخطبة القاصعة من نهج البلاغة.
[10] القصص،76-81.
[11] البقرة،50.
[12] الشمس،11-15.
[13] آل عمران،49.
[14] یقول أمیر المؤمنین (ع) فی مقطع من کتابه الى عثمان بن حنیف والیه على البصرة: «وَ اللَّهِ مَا قَلَعْتُ بَابَ خَیْبَرَ وَ رَمَیْتُ بِهِ خَلْفَ ظَهْرِی أَرْبَعِینَ ذِرَاعاً بِقُوَّةٍ جَسَدِیَّةٍ وَ لَا حَرَکَةٍ غِذَائِیَّةٍ لَکِنِّی أُیِّدْتُ بِقُوَّةٍ مَلَکُوتِیَّةٍ وَ نَفْسٍ بِنُورِ رَبِّهَا مُضِیئَة»؛ انظر: الطبری، عماد الدین، بشارة المصطفى، ص191؛ الشیخ الصدوق، الأمالی، مجلس77، ص513.
[15] الفناء على انواع: الفناء الظاهر فناء الافعال؛ الثانی الفناء الباطن فناء الصفات؛ الثالث،فناء الذات.( انظر: دانشگر، احمد، دیوان حافظ شرح عرفانی، ص144-145؛ ابن سینا، ابوعلى حسین بن عبداللَّه، الاشارات والتنبیهات، شرح الخواجة نصیرالدین الطوسی، ج3، مقامات العارفین، ص390؛ الامام الخمینی (ره)، الاربعون حدیثاً، ص382.
[16] یقول الامام الحسن (ع): «من عبد الله عبّد الله له کل شیء»؛ التفسیر المنسوب الی الامام الحسن العسکری، ج1، ص327؛ المجلسی، محمدباقر، بحارالأنوار، ج68، ص184.
[17] ملکی التبریزی، میرزا جواد آقا، أسرارالصلاة، ج1، ص4 (مقدمة). الخویی، ملا مصطفى، شرح دعاء صباح، خوئى، ج1، ص11، مقدمة المصحح؛ و نقلت الروایة بالنحو التالی: «یا عبدی! أحببنی أجعلک مثلی»، الآملی، سید حیدر، جامع الأسرار و منبع الانوار، ص363.
[18] المجلسی، محمدباقر، بحارالأنوار، ج90، ص376؛ الدیلمی، حسن بن ابی الحسن، إرشاد القلوب الی الصواب، ج1، ص75؛ ابن فهد الحلی، جمال الدین احمد بن محمد، عدة الداعی، ص310.
[19] یوسف،22.
[20] انظر: حسنزاده آملی، حسن، ممد الهمم، ص657.
[21] انظر: یثربی، یحیی، فلسفه عرفان، ص181.
[22] «هو الولی الحمید»؛ شوری، 29.
[23] «فاطِرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَنْتَ وَلِیِّی فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَة»؛ یوسف، 101.
[24] «ما عِنْدَکُمْ یَنْفَدُ وَ ما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ»؛ نحل، 96.
[25] انظر: حسنزاده آملی، حسن، انسان کامل از دیدگاه نهج البلاغه (الانسان الکامل فی نهج البلاغة)، ص84- 86.
[26] الکهف، 64-78.
[27] المجلسی، محمدباقر، بحارالأنوار، ج9، ص195؛ مکارم الشیرازی، ناصر، تفسیر نمونه، ج4، ص205؛ الکاشانی، سید عباس، المخازن، ج1، ص286.
[28] نهجالبلاغة، خطبه 192.
[29] المسعودی، مروجالذهب، ج2، ص414.
[30] ابن حنبل، احمد، مسند أحمد، ج5، ص343؛ مدنی کبیر، سیدعلى خان، ریاضالسالکین، ج6، ص393؛ السبزواری، ملاهادی، شرحالأسماءالحسنى، ص552؛ ابن عربی، محی الدین، الفتوحات (14-ج)، ج13، ص137.
[31]. رعد، 43.
[32] انظر: الشوشتری، القاضی نورالله، احقاق الحق، ج3، ص280 و 281.
[33] مکارم الشیرازی، ناصر، الأمثل فی تفسیر کتاب الله المنزل، ج12، ص: 7، نشر مدرسة الامام علی بن ابی طالب (ع)،قم؛ موسوى همدانی، سید محمد باقر، ترجمه المیزان، ج11، ص532.
[34] کلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، ج1، ص230.
[35]. کلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، ج1، ص229.
[36]. مجلسی، محمدباقر، بحارالأنوار، ج1، ص229.
[37] .بقلم قاسم ترخان، انتشارات چلچراغ.