بحث متقدم
الزيارة
7949
محدثة عن: 2010/08/07
خلاصة السؤال
ما هو الدلیل على أفضلیة أئمة الشیعة على الأنبیاء سوى نبی الإسلام محمد (ص)؟
السؤال
لقد قرأت فی مکان أن الشیعة یعتقدون أن أئمتهم الإثنی عشر أفضل من الأنبیاء السابقین سوى نبی الإسلام محمد (ص)، و من الأدلة التی یسوقونها لإثبات مدعاهم أن النبی عیسى (ع) سوف یصلی خلف الإمام المهدی المنتظر (عج)، و مع أن مصادر السنة تشیر إلى أن عیسى (ع) سوف یعود إلى الأرض، و لکن لیس بعنوان نبی مرسل و إنما یرجع بعنوان فرد من أفراد أمة محمد (ص)، و علیه أ لیست مسألة کون الأئمة أفضل من سائر الأنبیاء من غیر محمد (ص) مسألة لا صحة لها و لا دلیل علیها. إضافةً إلى ذلک ألا یتناقض هذا الاعتقاد باعتقادٍ آخر و هو قطعیة وجود الرسل و الأنبیاء السابقین لنبی الإسلام (ص) لأن هذا الاعتقاد (لدى الشیعة) یؤکد وجود أشخاص بعد النبی (ص)، و هو خاتم الأنبیاء ـ و لکنهم یفوقون فضلاً جمیع الأنبیاء ما عدا محمد (ص).
الجواب الإجمالي

ورد فی تعالیم دیننا أنه لا یوجد أحد من السابقین أنبیاء و أوصیاء و أولیاء یفوق الإمام (ع) بالفضیلة، إلا فی فضیلة النبوة، و أما من جهة أخرى فإن الإمام وارث جمیع العلوم التی کانت فی حوزة الأنبیاء جمیعاً کما ورد فی بعض الروایات أن الاسم الأعظم له ثلاثة و سبعون حرفاً لیس للأنبیاء السابقین منها إلى النزر الیسیر، و حتى إبراهیم (ع) الذی یعد من أعاظم الأنبیاء و کان صاحب شریعة، إلا أنه لا یملک من حروف الإسم الأعظم إلا ثمانیة حروف، فی حین لدى نبی الإسلام محمد (ص)، إثنان و سبعون حرفاً، و إن أئمة الشیعة (ع) ورثوا عن محمد (ص) جمیع هذه الحروف بالتمام و الکمال.

الجواب التفصيلي

بحسب ما جاء فی تعالیمنا الدینیة فإن الأنبیاء و الأولیاء و أئمة الشیعة یحظون بمقام عظیم و منزلة رفیعة، و إن أفضلیة أئمة الشیعة على سائر الأنبیاء عدا محمد (ص) أمرٌ قابل للإثبات، نشیر هنا إلى بعض من الأدلة التی تثبت ذلک.

1ـ إن منصب الإمامة أعلى من منصب النبوة، کما ورد فی القرآن الکریم بشأن إبراهیم (ع) حیث یقول تعالى: «وَ إِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِیمَ رَبُّهُ بِکَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّی جَاعِلُکَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَ مِنْ ذُرِّیَّتِی قَالَ لا یَنَالُ عَهْدِی الظَّالِمِینَ» [1] .

یقول العلامة الطباطبائی فی تفسیر هذه الآیة: إن إبراهیم(ع) وصل إلى مقام الإمامة فی آخر عمره الشریف و بعد أن تجاوز العدید من الإمتحانات والابتلاءات العسیرة، مع أنه کان حائزاً على مرتبة الرسالة، و مع ذلک لم یکن قد توصل إلى ظرفیة استقبال الإمامة إلا بعد الإمتحان [2] .

2ـ الذی نجده فی کلامه تعالى: أنه کلما تعرض لمعنى الإمامة تعرض معها للهدایة تعرض التفسیر، قال تعالى فی قصص إبراهیم ع: «وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ نافِلَةً وَ کُلًّا جَعَلْنا صالِحِینَ وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً یَهْدُونَ بِأَمْرِنا»: الأنبیاء- 73، و قال سبحانه: «وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً یَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ کانُوا بِآیاتِنا یُوقِنُونَ»: السجدة- 24، فوصفها بالهدایة وصف تعریف، ثم قیدها بالأمر، فبین أن الإمامة لیست مطلق الهدایة، بل هی الهدایة التی تقع بأمر الله.

و بالجملة فالإمام هاد یهدی بأمر ملکوتی یصاحبه، فالإمامة بحسب الباطن نحو ولایة للناس فی أعمالهم، و هدایتها إیصالها إیاهم إلى المطلوب بأمر الله دون مجرد إراءة الطریق الذی هو شأن النبی و الرسول و کل مؤمن یهدی إلى الله سبحانه بالنصح و الموعظة الحسن [3] .

3ـ إن النبی عیسى (ع) من أولی العزم، و یتمتع بمقام النبوة، و إنه سوف یظهر فی وقت ظهور إمام الزمان (ع)، و إنه سوف یقتدی بحضرته [4] .

و مما یقال فی إیضاح هذا المطلب: بحسب معاییر الکتاب و السنة و قواعد الحکمة المتعالیة، و أصول المعارف العرفانیة التی تعد شرحاً و تفسیراً لبطون و أسرار الکتاب و السنة، صحیح، أن الانسان یکون متصفاً بحقائق و دقائق أسماء الله تعالى، و لکنه لیس له مرتبة النبوة التی تعد منصباً تشریعیاً فهو من الجهات الأخرى یکون مقدماً على النبی، کما لو فرضنا وجود شخص یتمتع بمنصب القضاء و إن حکمه نافذ. و لکن هذا المقام عرضی و زائل، و من الممکن أن یکون إلى جانبه شخص لا یمتلک منصب القضاء و الحکم إلا أنه یتمتع بمنزلة علمیة أو أفضلیة تفوق منزلة الحاکم و القاضی.

و علیه فمهما یکون لعیسى (ع) من الأفضلیة فی جانب المنزلة التشریعیة و لکن الإمام المهدی (ع) له الأفضلیة من جهة الولایة التکوینیة، و من هنا تکون له الأفضلیة على الأنبیاء الآخرین و حتى عیسى (ع) الذی یعد من أولی العزم [5] . و لعل الشاهد على هذه المسألة ما جرى بین موسى (ع) و الخضر الذی یبینه القرآن فی عدة آیات بینات، کان موسى (ع) صاحب شریعة و له مقام النبوة و الإمامة، و یضاف إلى ذلک أنه کان کلیم الله و لکنه کان یتعلم من عبد صالح وهبه الله علماً لدنیاً مع أنه لیس من أصحاب الشرائع و الکتب، و قد صاحبه موسى شریطة أن یعلمه مما أتاه الله من العلم، و کان الخضر یخاطب موسى (ع) و یقول: «إنک لن تستطیع معی صبراً»، بل کان یخاطبه بلهجة شدیدة و یقول: «أَلَمْ أَقُلْ إِنَّکَ لَنْ تَسْتَطِیعَ مَعِیَ صَبْرًا» [6] .

4ـ إن الاسم الأعظم الإلهی یحتوی على ثلاثة و سبعین حرفاً، کان آصف بن برخیا یعلم حرفاً واحداً، و عیسى (ع) حرفین، و موسى (ع) أربعة حروف، و إبراهیم(ع) ثمانیة حروف و نوح (ع) خمسة عشر حرفاً، و آدم (ع) عشرین حرفاً، و أما محمد (ع) فکان یعلم اثنین و سبعین حرفاً، و إنه علم الأئمة (ع) تمام هذه الحروف الإثنین و السبعین [7] .

5ـ إن جمیع ما کان للأنبیاء (ع) کان للأئمة (ع) مثل عصا موسى (ع)، و هی الآن بید إمام الزمان(عج) [8] .

6ـ کل ما کان للنبی الأکرم (ص) کان للأئمة المعصومین (ع) إلا النبوة، کان النبی الأکرم (ص) یخاطب علیاً(ع): «إنک تسمع ما أسمع و ترى ما أرى إلا أنک لست بنبی» [9] ، [10] و یقول الإمام الحسن(ع): «   لقد قبض فی هذه اللیلة رجل لم یسبقه الأولون بعمل، و لا یدرکه الآخرون بعمل‏» [11] . و على هذا الأساس فکما أن النبی الأکرم (ص) أفضل من جمیع الأنبیاء، فإن أئمة الشیعة المعصومین (ع) أفضل من جمیع الأنبیاء باستثناء النبی محمد خاتم الأنبیاء (ص).

للاطلاع أکثر فیما یخص مقام الأئمة(ع) انظر:

1ـ خصائص الأئمة فی القرآن، السؤال 4416 (موقع: 4686).

2ـ الفرق بین النبی و الإمام، السؤال 5396 (الموقع: 5818).

3ـ امتیازات النبی على الإمام السؤال 1384 (الموقع: 4231)


[1]     البقرة، 124.

[2]     العلامة الطباطبائی، المیزان، ج1، ص-274270، قم، جامعة مدرسین حوزة علمیة، 1417هـ الطبعة الخامسة.

[3]     المصدر نفسه، ص411.

[4]     المجلسی، بحار الأنوار، ترجمة دوانی، ص 167، منشورات دار الکتب الإسلامیة، الطبعة 28، طهران، 1378ش.

[5]     حسن زادة آملی، حسن، الإنسان الکامل فی نهج البلاغة، ص84، الطبعة الثانیة، منشورات قیام، قم.

[6]     الکهف، 60إلى 82.

[7]     اقتباس من جواب 5723 (الموقع: 6419).

[8]     الکلینی، أصول الکافی،....، ج2، ص215، الطبعة الرابعة، منشورات اسوه، قم، 1379 ش.

[9] السید الرضی، نهج البلاغة، خطبة 192 (القاصعة).

[10] حسن زاده آملی، حسن، الإنسان الکامل فی نهج البلاغة، ص80، الطبعة الثانیة، منشورات قیام، قم.

[11] قاتل‏الطالبیین،ص:62

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280259 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258835 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129631 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115649 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89557 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61041 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60369 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57377 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51625 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47715 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...