Please Wait
6164
2- و هل حصل تحقیق فی مجال المؤثرات الواردة من قبل عبّاد شیاطین العصر (الاستکبار العالمی و إسرائیل و الماسونیة الداعمة لها) و التی نشوّه آثار التوحید الإسلامی الباعثة علی السکینة و الاطمئنان حتی تمنع من الدخول فی الدول الإسلامیة؟.
حصلت تحقیقات مختلفة فی مراکز خاصة فی مجال رموز عبّاد الشیاطین و الفرق المشابهه لها. یمکن الرجوع الیها بغیة المزید من الاطلاع. أما التحقیق فی مجال الانحرافات الموجودة فی العرفان و المعرفة العلمیة العرفانیة للقوی و المشاهدات و التجلّیات فی ما وراء الطبیعة فی الأصعدة المختلفة، فیحتاج الی عمل علمی و معرفی و لا یُمکن الاکتفاء بالتحقیقات الصرفة فی مجال السیاسة و التاریخ و الاجتماع و الفرق و الأدیان و ...
بالإضافة الی أن ترویج العرفان الإسلامی بالمعنی الحقیقی للکلمة و بالطریقة الصحیحة، یمکن أن یؤمّن الحاجة المعرفیة و الطلب العرفانی الذی یتزاید یوماً بعد آخر للمجتمعات و بالأخص الإسلامیة منها. و کذلک یُمکنه بما فیه من عمق معنوی و تعالیم منجیة أن یسحب بساط القدرة الوهمی من دجالی العصر. و ذلک لأنه لا یُمکن للفرق الشبیهة بالعرفانیة و المتحایلة أن تجد الأرضیة المناسبة للظهور فی عالم حبّ الظاهر المعاصر ألا عند فقدان عرفان إمام العصر الحقیقی. و من الطبیعی أن أفضل مکافحة لهذه الفرق هو إیجاد الأرضیة الواسعة لتلقی و التعرّف علی العرفان الحقیقی فی الدول الإسلامیة و فی کل العالم المعاصر.
حصلت تحقیقات مختلفة فی مجال الفرق الشیطانیة و رموز و آثار هذه الفرق المنحطّة التی تعبد الشیطان و تقدّس الإجرام و الفساد علناً، و هذه التحقیقات تستلزم الاطلاع علی اعمال و نشاط هذه الفرق فی الصعید العالمی. و منها کتاب «عبادة الشیطان» المتکفل بتوضیح و تحقیق ظاهرة عبادة الشیطان. فمن أراد المطالعة فی هذا المجال یمکنه مراجعة هذا الکتاب. [1]
أما فی مجال المسائل المتعلقة بماوراء الطبیعة و شبه العرفانیة فیجب أن یقال، أن هذه المباحث فی أرقی صورها التخصصیة و فی طوال التاریخ کانت موجودة بین عرفاء الإسلام الکبار، و قد عرضت دراسات وبیانات کثیرة بالنسبة للمزالق و الانحرافات فی هذا الطریق، مع تبیین شکلها. و کذلک نجد الائمة (ع) فی مدرسة أهل البیت (ع) و فی ضمن اراءة صراط الهدایة المستقیم واجهوا هذه الظواهر المنحرفة التی کانت موجودة باستمرار فی طول التاربخ بما یلزمها.
ما یجدر ذکره الآن هو أن التفکیک بین الحق و الباطل و إلهیة و شیطانیة قوی ماوراء الطبیعة یحتاج الی احاطة کاملة بهذه الامور، کما أن نقد کل موضوع علمی یحتاج الی الاحاطة التامة و التجربة الواسعة فی هذا العلم.
و من جهة أخری، عندما یتضح هدف الدین و الکمالات بشکل واضح سیتضح أن آثار ماوراء الطبیعة لا یُمکن أن تکون لوحدها هدفا و غایة للفرد الموحّد و السالک الی الله سبحانه، و إن کانت الکرامات و المکاشفات الباطنیة تقع تلقائیاً بشکلها الإلهی، لکن عندما تطرح هذه المسائل کشعار و هدف و لأجل الحصول علی القدرة ثم تباع فی سوق الدنیا تحت أی عنوان فهذا أکبر دلیل علی انحرافها و شیطانیتها.
إن أصل ظهور هذه الفرق الضالّة و دجالی العصر فی العالم المعاصر هو حاجة الناس الفطریة المتزایدة للتجارب المعنویة المحکمة و بما أنهم لا یجدون الطریق المناسب للوصول لها یقعون فی شراک أنواع الانحرافات شبه العرفانیة و التی یغلب علی أکثرها طابع التضلیل و التخدیر الذهنی.
لأجل التحقیق الکامل و القضاء الحق و الدقیق، الفاصل و الممیّز بین الحق و الباطل فی هذه المسائل نحتاج الی شمولیة کاملة فی کل الأبعاد العلمیة و المعنویة کی تدرس القضیة بشکل تام ویحاط بجمیع ابعادها، و حتی لا تعطی الأعمال السطحیة المنجزة فی هذه المهمة ثمارها، و ذلک لأن الاکتفاء بالمقابلة الظاهریة مع هذه الظواهر لا یبعث تلقائیاً علی قطع أرضیة ظهور هذه المسائل، و لعله بقطع فرع من فروعها تنمو مئات المذاهب المنحرفة مکانه.
کما أن عدم المواجهة المعرفیة اللازمة، سیزید فی إبهام الأمر أکثر من أی وقت مضی، هذا من جهة. و من جهة اخری أن أفضل طریق لمواجهة هذه الانحرافات هو رفع المستوی المعنوی و البیان المعرفی للدین و الإسلام. و ذلک لأن الحاجة لمعارف الدین العمیقة و الباطنیة بالأخص فی العالم المعاصر (تبعاً لیأس البشر من الحضارة المادیة مع عدم اعتقادهم بالظواهر الدینیة) لا یُمکن انکارها.
و إذا اکتفینا ببیان القشور الظاهریة للدین أو اللادینیة فقط، بدون التطرّق للأبعاده العمیقة، سیؤدّی بالمجتمع لأن یتلقّی تلقائیاً المطالب الانحرافیة و التی تعرض من قبل الفرق المنحرفة و أصحاب دکاکین القدرات الشیطانیة (أعم من قوی ماوراء الطبیعة و سائر الظواهر و مواطن الاستقطاب النفسیة) أکثر من أی وقت مضی.
و فی حالة کون الناس ینبّهون علی أهمیة التوغّل فی المطالب العمیقة للدین من طریقها الصحیح و یوضع تحت اختیارهم الأرضیة اللازمة لذلک، سیصل استقطاب المجتمع الی المسائل الانحرافیة الی أقل حد ممکن، بل أن الناس ستکون عندهم القدرة علی نقدهم بما عندهم من معرفة دینیة کاملة.و ذلک لأن کل شیء یُعرف بمعرفة ضده و کل مستوی من المعرفة یُمکنه أن یواجه ما یناسبه وبالمستوی الذی هو علیه من المعرفة، و من جملة هذا، العرفان الکاذب و الدجال فلا یُمکن أن یقابل و یُلغی إلّا بالعرفان الإسلامی لإمام العصر –عج-.
[1] «عبادة الشیطان»، تألیف: جواد امین الخندقی،الناشر: شمس طوس، طباعة سعید، مطبعة الجامع الإسلامی، مرکز التوزیع مشهد.