Please Wait
6445
عندما نلقی نظرة على حیاة هؤلاء الناس الناجحین فی حیاتهم جداً نجد أنهم سعداء لما هم فیه من حیاة مرفهة و نجاح فی العمل ظاهراً، لکن عندما یختلون مع انفسهم و یبتعدون عن ضجیج الحرکة المادیة یرون انفسهم من التائهین حقیقة و یتساؤلون ماذا یعنی کل هذه الشهرة و الثروة؟ و ما الفائدة من ذلک و نحن سنغادر هذا العالم یوما ما؟ و ما یجدی الثناء و المحدح بعد موتنا و ما هو مصیر تلک الثروة الطائلة التی بذلنا جل و قتنا و حیاتنا من أجلها و التی سیتنعم بها الاخرون من دون کد و تعبٍ؟ فنحن خزّان لغیرنا إذن!!!
فعلى سبل المثال عندما نتصفح الدول الغنیة و المرفهة نجد سویسرا تتربع على هرم الدول المرفهة مادیاً و لکنها فی الوقت نفسه تعیش أزمة حادة تتمثل بانتشار ظاهرة الانتحار فی اوساط الشعب السویسرى، لماذا؟
لان البعد الاساسی للانسان لم یشبع و المتمثل فی الجانب المعنوی و الروحی، فعندما یصل الانسان الى قمة الرفاه المادی و یتوفر له کلّ شیء حینئذ یصل الى حقیقة الفراغ الذی یعیش فیه و انه یدور فی حلقة مفرغة لا تؤمن له کل حاجاته و إن استطاعت تأمین البعد المادی لدیه بدرجة عالیة جداّ.
نحاول فی هذه الاجابة المختصرة الاشارة الى البعد العینی للقضیة و نترک الجانب التنظیری الى فرصة أخرى.
ونحن اذا نظرنا الى هؤلاء الناس الناجحین فی حیاتهم جداً کما ورد فی متن السؤال و الذین عایشنا البعض منهم، نجد أنهم سعداء لما هم فیه من حیاة مرفهة و نجاح فی العمل ظاهراً، لکن عندما یختلون مع أنفسهم و یبتعدون عن ضجیج الحرکة المادیة یرون أنفسهم من التائهین حقیقة و یتساؤلون ماذا یعنی کل هذه الشهرة و الثروة؟ و ما الفائدة من ذلک و نحن سنغادر هذا العالم یوما ما؟ و ما یجدی الثناء و المحدح بعد موتنا و ما هو مصیر تلک الثروة الطائلة التی بذلنا جل و قتنا و حیاتنا من أجلها و التی سیتنعم بها الآخرون من دون کد و تعبٍ؟ فنحن خزّان لغیرنا إذن!!!
فعلى سبیل المثال عندما نتصفح الدول الغنیة و المرفهة نجد سویسرا تتربع على قمة الهرم ضمن عدد قلیل من الدول لا تتجاوز عدد الاصابع، و لکن فی الوقت نفسه نجدها تعیش أزمة حادة تتمثل فی ارتفاع نسبة الانتحار فی صفوف الشعب السویسری فهی فی هذا الجانب تقف ایضا فی المقدمة حیث ترتفع النسبة الى درجة عالیة فی اوساط الشعب السویسری!!
نعم، هذا الشعب الذی نتصور أنه یعیش قمة السعادة و الانشراح تکثر فیه ظاهرة الانتحار؛ و ذلک لانهم عندما یصلون الى قمة الرفاه المادی حینئذ یدرکون أن القضیة لا تعدوا عن کونها وهماً و سراباً، فالجائع یفکر لأول وهلة بسد رمقه و إزالة آلام الجوع، و الفقیر یفکر بتحصیل الثروة و المال، و الضائع یفکر بشیء یؤویه و یستظل به، لکنهم عندما یصلون الى ضالتهم یفکرون فی شیء آخر هو التنزه و الترویح عن النفس، و عندما تتوفر له الحاجة یتساءل عن المستقبل و عن المصیر الذی یواجهه، ما هی المحطة الاخیرة التی سترسو سفینته عندها؟! و کذلک یسائل نفسه عن هذه الحرکة المیکانیکیة الرتیبة التی تدور فی محیط ثابت و دائرة مفرغة قوامها جمع المال و الاکل و الاستراحة!! و من هنا یصل الى قناعة راسخة بانه یعیش الخواء التام و یدرک أن الحیاة التی یسعى لها لیست کل شیء و لا تستحق کل هذا العناء و التعب و لیست بالصدیق الذی یستحق مواصلة المشوار معه، من هنا یلجأ الى الانتحار لوضع حد للحرکة فی تلک الدائرة المفرغة.
یقول أحد السینمائیین الایرانیین: طلب منی السویسریون أن أعمل لهم فلماً سینمائیاً فقلت لهم: لماذا وقع الاختیار علیّ من بین عمالقة السینما فی العالم! فکان الجواب اننا نعیش فی أزمة کبیرة و مشکلة حادة هی مشکلة انتشار ظاهرة الانتحار عندنا، و عندما تصفحنا النتاجات السینمائیة و جدنا نتاجکم یتوفر على البعد المعنوی من هنا نرى فی ذلک معالجة مهمة للحد من ظاهرة الانتحار عندنا!
هذه نظرة عینیة سریعة على الواقع الذی نتصور أنه یعیش النجاح فی جمیع ابعاده.
و اما البحث التحلیلی للقضیة:
عندما نضع الانسان تحت مشرطة البحث و التحلیل نجده یتکون من بعدین أساسیین:
البعد المادی و هذا ما تتکفل المادة فی تأمینه؛ و البعد المعنوی و الالهی. و ما لم یشبع هذا البعد لدى الانسان یبقى یعیش الفراغ و الجوع، بل یمثل هذا الجانب البعد الاساسی لدى الانسان بحد لو أعطی الانسان جمیع ما یحتاج الیه فی بعده المادی و توفرت له کل متطلباته المادیة، یبقى یعیش التیه و الضلال و الخواء الروحی و المعنوی. و من هنا عندما نرجع الى تاریخ الانسان القریب و بالتحدید الى القرن التاسع عشر المیلادی حیث انبهر الانسان بنتاجه العلمی و ظن بانه فی غنى عن السماء و المعنویات و أنه استطاع أن یکتشف کل شیء و یضع الحلول لجمیع مشاکله فلا حاجة الى الدین حینئذ! لکن ما أن حل منتصف القرن العشرین حتى وجدنا منحنی الفکر یسیر فی اتجاه آخر، حیث ظهرت الازمات على السطح فتجلت أمامه الحقیقة بانه لا یمکن بحال من الاحول الاستغناء عن الدین، و ما ان اقتربنا من العقدین الاخیرین من ذلک القرن و التی تقارنت مع انتصار الثورة الاسلامیة المبارکة حتى حصل التحول الکبیر الأمر الذی جعل هانتغتون یقول عام 2000 فی زیوریخ أن مسیر البشریة فی العقدین الاخیرین عاد باتجاه الدین و أنی أعلن أن الالفیة الثالثة هی ألفیة الولادة الجدیدة للأدیان!. و هذا ما وقع بالفعل، لماذا؟ لان البشریة توصلت الى حقیقة مهمة مفادها أن ما توصل الیه الانسان من علم و تقنیات عالیة إنما یؤمن البعد المادی للانسان فقط و یبقى هناک بعد اساسی بحاجة الى من یشبعه و هو البعد الروحی و المعنوی للانسان و هذا ما یتکفل بتأمینه الدین خاصّة.
لمزید الاطلاع انظر:
القرآن و التطور رقم 4078 (الرقم فی الموقع: 4534 ) ؛
تعارض العلم و الدین فی الغرب، رقم 1250 (الرقم فی الموقع: 1272)؛
عدم تعارض العلم و الدین، رقم 1251 (الرقم فی الموقع:1265)؛
دور الدین فی العالم المتطور، رقم 2399 (الرقم فی الموقع: 2874 ) ؛
الانسان و الدین، رقم 589 (الرقم فی الموقع: 642 ) ؛
الاسلام و متطلبات العصر، رقم 2174 (الرقم فی الموقع: 3019 ) ؛
الشعور بالحاجة الى الله، رقم9322 (الرقم فی الموقع: 9300)؛
دور الله فی حیاة البشریة، رقم 14100 (الرقم فی الموقع: 13899 ) .