بحث متقدم
الزيارة
5756
محدثة عن: 2012/03/05
خلاصة السؤال
لماذا جاءت کلمة السمع في الآیة 78 من سورة النحل بصورة الإفراد بینما جاءت کلمتا «الأبصار» و «الأفئدة» بصورة الجمع؟
السؤال
لماذا جاءت کلمة السمع في الآیة 78 من سورة النحل بصورة الإفراد بینما جاءت کلمتا «الأبصار» و «الأفئدة» بصورة الجمع؟
الجواب الإجمالي

یعتقد بعض المفسّرین إن لمجيء کلمة «القلب» و «البصر» في الآیة المذکورة في السؤال بصیغة الجمع، و لمجيء کلمة «السمع» بصیغة المفرد نکتة خاصة، و ذهب البعض الآخر إلی عدم وجود حکمة لهذا الاختلاف. لا بأس بالإشارة إلی بعض الآراء في هذا المضمار بمقدار ما یسمح به هذا الموجز.

لم تأت کلمة «السمع» في القرآن إلا مفردة، فلم یرد في القرآن کلمة «الأسماع» أما کلمتا «القلب» و «البصر» فقد تأتي بصیغة الجمع کما في الآیة المشار إلیها في السؤال و قد تأتي مفردة کما في قوله تعالى "  و خَتَمَ عَلىَ‏ سمَعِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَعَلَ عَلىَ‏ بَصَرِهِ غِشَاوَة".[1]

ذكر الشیخ الطوسي رحمة الله علیه في تفسیر «التبیان» نقلاً عن اللغوي المعروف أبي عبيدة، أن ذلك يعود لاسباب لغوية اقتضت ذلك حيث قال: قال ابو عبيدة: في تفسيره قوله تعالى «وَ عَلى‏ سَمْعِهِمْ» معناه على أسماعهم و وضع الواحد موضع الجمع لأنه اسم جنس كما قال: «يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا» [2] يعني أطفالا. و يجوز ان يكون أراد موضع سمعهم فحذف لدلالة الكلام عليه. و يجوز ان يكون أراد المصدر لأنه يدل على القليل و الكثي. [3]

و ذهب صاحب تفسير جوامع الجامع الى القول بان الله تعالى: وحّد السّمع لأنّه مصدر في الأصل و المصادر لا تجمع. [4]

و یمکننا أن نضیف إلی ما سبق تعلیلاً ذوقیاً و علمیاً و هو أن الإدراکات القلبیة و المشاهدات العینیة تزید بکثیر علی «المسموعات» و لذا جاءت القلوب و الأبصار بصیغة الجمع.[5]

کما یجدر إضافة هذه الملاحظة: لیس لجمع القلب و البصر و إفراد السمع من دلیل خاص و نفس الأمر بالنسبة لتقدیم القلب علی السمع، لأننا نلاحظ عکس هذا الأمر في الآیات الأخری من القرآن الکریم. إذن، فجمع و إفراد هذه الکلمات أو تقدیمها و تأخیرها هو للتنوّع في بیان المطالب.[6] لذا فلیس من اللازوم کون هذا الجمع الإفراد و التقدیم و التأخیر عن حکمة و سرّ معنیین، فنحكم بعبثية وجوده في القرآن لمجرد عدم معرفتنا بتلك النكات البلاغية و الادبية!!.

 


[1] الجاثیة، 23.

[2]  الحج، 5.

[3] الطوسي، محمد بن الحسن، التبیان في تفسیر القرآن، ج 1، ص 64، دار احیاء التراث العربي، بیروت.

[4] الطبرسي، فضل بن حسن، جوامع الجامع، ج 1، ص 18، انتشارات دانشگاه طهران و مديرية الحوزة العلمية، قم، الطبعة الاولى، طهران، 1377 ش.

[5] وانظر:المکارم الشیرازي، ناصر، تفسیر الأمثل، ج 1، ص 92، مکتبة الإمام علي بن أبي طالب (ع)، قم، 1421 ق؛ الدرویش، محیي الدین، إعراب القرآن و بیانه، ج 1، ص 29، دار الإرشاد، سوریة، الطبعة الرابعة، 1415 ق.

[6] الجعفري، یعقوب، الکوثر، ج 1، ص 55، بي جا، بي تا.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280329 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258942 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129731 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115915 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89625 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61176 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60456 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57420 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51840 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    47778 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...