بحث متقدم
الزيارة
6491
محدثة عن: 2012/05/14
خلاصة السؤال
ما الفرق بین «الأجر الکبیر» و «الأجر العظیم» و «الأجر الکریم» الذي جاء في القرآن؟
السؤال
ما الفرق بین «الأجر الکبیر» و «الأجر العظیم» و «الأجر الکریم» الذي جاء في القرآن؟
الجواب الإجمالي

قد استعملت هذه الاصطلاحات کثیراً في القرآن الکریم و في موارد متعددة، منها جعلها صفةٌ للأجر. بعض المفسّرین فسّروا «الأجر الکبیر» و «الأجر العظیم» و «الأجر الکریم» في القرآن بمعنی الثواب العظیم الوافر و بعضهم بیّنوا مصداقه و قالوا بأن المراد من الأجر الکبیر و الأجر العظیم و الأجر الکریم هو الجنة.

علی کل حال، رغم أن هذه الصفات الثلاث للأجر في القرآن بمعنی الثواب العظیم الوافر و لا فرق في هذا الأمر، کما و قد ذکروا له مصداقاً کالجنة، لکنّ هذه الصفات للأجر فیها إشارة إلی الإختلاف في مراتب الثواب و الجزاء بالنسبة للعمل المقصود و لمؤدیه، لذلک بین بعض المفسّرین  في بیانهم لخصوصیات الأجر هذا الاجر و أشاروا إلی تلک المراتب.

الجواب التفصيلي

کلمة «الکبیر» و «العظیم» و «الکریم» هي علی وزن «فعیل» و هي صفة مشبّهة باللغة العربیة. [1]

بیان المفاهیم:

کلمة الأجر جاءت في اللغة بمعنی الثواب و الجزاء الدنیوي أو الأخروي الذي یصل للإنسان مقابل العمل الصالح [2] و «العظیم» بمعنی؛ الکبیر، سواءً أکان الشيء المتصف به محسوساً أم غیر محسوس؛ کالآیة المبارکة " فَانفَلَقَ فَكاَنَ كلُ‏ُّ فِرْقٍ كاَلطَّوْدِ الْعَظِيم" ،[3] و سواءً أکان معقولاً أم غیر معقول، [4] کالآیة المبارکة " وَ نجَّيْنَاهُ وَ أَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيم". [5]

«الکریم» من أصل «کَرَم» بمعنی «السخي» و «النفیس» و «العزیز». [6] و «کَرَم» لو کانت صفة لله، فتکون بمعنی إحسان الله و نعمته الظاهرة و البارزة و إذا کان وصفاً للإنسان فهو إسم لأخلاقه و أفعاله الحسنة التي تظهر منه، فلا یقال لشخص إنه کریم إلا إذا ظهرت منه هذه الخلاق و الأفعال الحسنة و کل شریف من نوعه یمکن وصفه بالکرم. [7]

«الکبیر» بمعنی عظیم القدر، کما ان العلي بمعني رفیع المستوی. [8] و «الکبیر» من الأسماء و الصفات الحسنی الإلهیة و بمعنی العظیم و صاحب الکبریاء. [9]

أصل الصغیر و الکبیر یستعمل في الأعیان و لا یستعمل في المعاني إلا استعارتاً و مجازاً. [10] للکبیر معانٍ متعددة نسبةً لموصوفه کالمقام و المنزلة و الشیخوخة.[11]

مراجعتنا للآیات القرآنیة تدل علی أن کلمة الکبیر جاءت نوعاً ما في ذیل الآیات التي تتکلّم عن قدرة الله تعالی و إحاطته بالأمور. [12]

الفرق بین «الکبیر» و «العظیم» عند اللغویین

1- «العظیم» في مقابل «الحقیر» و التقابل بینهما تقابل الضدّین، أما «الکبیر» فیقع في مقابل «الصغیر». و التقابل بین الکبیر و الصغیر نسبي؛ فالشيء الواحد قد یکون کبیراً نسبة لشيء آخر، لکنه نسبة لشيء أکبر منه قد أن یکون صغیراً، بخلاف «العظیم» الذي لا یمکن أن یُطلق علیه وصف الحقیر. [13]

2- العظیم، أقوی مرتبةً و أعلی درجة من الکبیر و تدل علی المرتبة الرفیعة، أما الکبیر، فتدل علی مطلق الرفعة. [14]

کلمة الأجر بصفاته المختلفة في القرآن

لقد استعملت هذه الکلمات في القرآن الکریم في مجالات متعددة، منها أنها وقعت صفة للأجر. و کنموذجاً علی قولنا نذکر عدة آیات ثم نستعرض رأي المفسّرین و أهل اللغة في الفرق بین هذه الصفات الثلاث.

" إِنَّ هَذَا الْقُرْءَانَ يهَدِى لِلَّتىِ هِىَ أَقْوَمُ وَ يُبَشرِّ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لهَمْ أَجْرًا كَبِيرًا " [15] " إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ  وَ إِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَ يُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا" [16] " تحَيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ  وَ أَعَدَّ لهَمْ أَجْرًا كَرِيمًا ". [17]

بعض المفسّرون فسّروا «الأجر الکبیر» [18] و «الأجر العظیم» [19] و «الأجر الکریم» [20] في القرآن بمعنی الأجر الکبیر الوافر. و بعضهم فسّروا هذه الکلمات من خلال بیان مصادیقها لها إذ بیّنوا أن المراد من الأجر الکبیر [21] و الأجر العظیم [22]و الأجر الکریم [23] هو الجنة.

علی کل حال، رغم أن هذه الصفات الثلاث للأجر في القرآن بمعنی الثواب العظیم الوافر و لا فرق في هذا الأمر، کما و قد ذکروا له مصداقاً کالجنة، لکنّ هذه الصفات للأجر فیها إشارة إلی الإختلاف في مراتب الثواب و الجزاء بالنسبة للعمل المقصود و المؤدیه، لذلک بعض المفسّرین و في بیانهم لخصوصیات الأجر أشاروا إلی هذه المراتب؛ کقولهم:

1- «الأجر الکبیر» هو الأجر الکبیر بذاته و بعدده و أقلّه عشرة أضعاف. [24] و لعل في ذلک إشارة للآیة "مَن جَاءَ بِالحْسَنَةِ فَلَهُ عَشر أَمْثَالِهَا  وَ مَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يجُزَى إِلَّا مِثْلَهَا". [25] یقول البعض إن «الأجر الکبیر» هو الأجر الذي‌ لا یعرف مقداره إلا معطیه. [26]

2- «الأجر العظیم»: یعني إن الله سبحانه بتفضّله یعطي أجراً عظیماً أکثر مما وعد علیه المحسنین. [27]

3- «الأجر الکریم»: هو الأجر الحسن الذي یحصل علیه المحسن في الآخرة بدون طلب [28] و بتکریم و إعزاز.[29]

 


[1]  الصفة المشبّهة هي الإسم المشتق من الفعل اللازم للدلالة علی وجود و ثبوت الصفة في الموصوف مثل الکریم في مثال «زید کریم»؛ فتدل علی وجود صفة الکرم و الکرامة في زید بشکل ثابت و مطلق، فهذه الصفة لم تحدث قریباً في زید و لم تنفصل عنه بسرعة بل هي ثابتة و مستمرة. راجعوا: جامعة المقدمات بتعلیقة المدرس الأفغاني کتاب شرح النموذج، ص 320 -321.

[2]  القرشي، سید علي أکبر، قاموس القرآن، ج 1، ص 25، دار الکتب الإسلامیة، طهران، الطبعة السادسة، 1371 ش؛ الراغب الأصفهاني، حسین بن محمد، المفردات في غریب القرآن، تحقیق: الداوودي، صفوان، ص 64، دار العلم، الدار الشامیة، دمشق، بیروت، الطبعة الأولی، 1412 ق.

[3]  الشعراء، 63 " فَأَوْحَيْنَا إِلىَ‏ مُوسىَ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ  فَانفَلَقَ فَكاَنَ كلُ‏ُّ فِرْقٍ كاَلطَّوْدِ الْعَظِيم".

[4]  قاموس القرآن، ج 5، ص17.

[5]  الصافات، 76.

[6]  قاموس القرآن، ج 6، ص 103.

[7]  المفردات في ألفاظ القرآن، ص 707.

[8]  نفس المصدر، ص 73.

[9]  إبن منظور، محمد بن مکرم، لسان العرب، ج 5، ص 125 و 126، دار صادر، بیروت، الطبعة الثالثة، 1414 ق؛ قاموس القرآن، ج 6، ص 73.

[10]  المفردات في ألفاظ القرآن، ص 696.

[11]  راجعوا: نفس المصدر، ص 696 و 697.

[12]  قاموس القرآن، ج 6، ص 73.

[13]  المصطفوي، حسن، التحقیق في کلمات القرآن الکریم، ج 10، ص 17، مرکز الترجمة و نشر الکتاب، طهران، 1360 ش.

[14]  نفس المصدر، ج 8، ص 176.

[15]  الإسراء، 9.

[16]  النساء،‌ 40.

[17]  الأحزاب، 44.

[18]  مترجمان، تفسیر الهدایة، ج 6، ص 206، مؤسسة التحقیق الإسلامي للعتبة الرضویة المقدسة، مشهد، الطبعة الأولی، 1377 ش.

[19]  الطیب، سید عبد الحسین، أطیب البیان في تفسیر القرآن، ج 4، ص 84، نشر الإسلام، طهران، الطبعة الثانیة، 1378 ش.

[20]  الطباطبائي، سید محمد حسین، المیزان في تفسیر القرآن، ج 16، ص 329، مکتب النشر الإسلامي، قم، الطبعة الخامسة، 1417 ق؛ الطبرسي، فضل بن الحسن، مجمع البیان في تفسیر القرآن، بمقدمة البلاغي، محمد جواد، ج 8، ص 569، نشر ناصر خسرو، طهران، الطبعة الثالثة، 1372 ش.

[21]  الکاشاني، ملا فتح الله، تفسیر منهج الصادقین في الزام المخالفین، ج 5، ص 260، مکتبة محمد حسن العلمي، طهران، 1336 ش.

[22]  السبزواري، النجفي، محمد بن حبیب الله، إرشاد الأذهان إلی تفسیر القرآن، ص 90، دار التعارف للمطبوعات، بیروت، الطبعة الأولی، 1419 ق.

 [23]  العاملي، علي بن حسین، الوجیز في تفسیر القرآن العزیز، تحقیق: المحمودي، شیخ مالک، ج 3، ص 20، درا القرآن الکریم، قم، الطبعة الأولی، 1413 ق.

[24]  الآلوسي، سید محمود، روح المعاني في تفسیر القرآن العظیم، تحقیق: علي، عبد الباري عطیّة، ج 8، ص 22، دار الکتب العلمیة، بیروت، الطبعة الأولی، 1415 ق.

[25]  الأنعام، 160.

[26]  الطنطاوي، سید محمد، التفسیر الوسیط للقرآن الکریم، ج 8، ص 304، بي نا بي جا بي تا.

[27]  النجفي الخمیني، محمد جواد، تفسیر المبسط، ج 3، ص 237، الإنتشارات الإسلامیة، طهران، الطبعة الأولی، 1398 ق.

[28]  المراغي، أحمد بن مصطفی، تفسیر المراغي، ج 22، ص 19، دار احیاء التراث العربي، بیروت،‌بي تا؛ الحسیني الشیرازي، سید محمد، تبیین القرآن، ص 436، دار العلوم، بیروت، الطبعة الثانیة، 1423 ق.

[29]  الحسیني الشیرازي، سید محمد، تبیین القرآن، ص 436، دار العلوم، بیروت، الطبعة الثانیة، 1423 ق.

 

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280329 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258942 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129731 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115915 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89625 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61176 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60456 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57420 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51840 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    47778 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...