بحث متقدم
الزيارة
11696
محدثة عن: 2012/06/06
خلاصة السؤال
هل نكث العهد و النذر يؤديان الى سلب استجابة الدعاء من الانسان؟ وهل يستطيع الانسان ان يدعوه و هو ناكث للعهد مثلا؟
السؤال
من عاهد الله تعالى أو نذر و لم يف بعهده و نذره ثم عرضت له حاجات لا يتمكن من تحقيقيها فهل يتمكن مع عدم وفائه هذا أن يبتهل الى الله تعالى في قضاء حواجه؟
الجواب الإجمالي

قال تعالى في كتابه الكريم: «أَوْفُوا بِعَهْدي أُوفِ بِعَهْدِكُم».[1]  و من الطبيعي ان يقوم الانسان الطالب من الله قضاء حواجه بأداء ما عليه من تكاليف و تعهدات و نذور ليوفر الارضية المناسبة لاستجابة الدعاء و تقوية العلاقة مع الله تعالى، بل قد يعد إهماله لنذوره و تعهداته من التساهل الذي قد يؤدي أحياناً الى أعراض الباري تعالى عنه.

و مع ذلك كله لابد من الالتفات الى الأمور التالية:

1. من الممكن هنا أن الرحمة الالهية الواسعة تشمل هذا النوع من الناس، و يستجيب الله تعالى لعبده.

2. استجابة الدعاء مشروطة بأمور بعضها يقع القيام به على عاتق العبد نفسه و بعضها تعود الى تشخيص الباري تعالى، فقد لا يستجيب سبحانه حتى دعاء من وفى بتعهداته و نذوره و قام بأداء ما عليه من تكاليف.

3. حتى على فرض عدم الوفاء بالنذر و العهد فان عدم استجابة الدعاء لا تعني بالضرورة انها منطلقة من العقاب الالهي و أنها نتيجة لعدم وفاء العبد بنذره مثلا، بل يعود ذلك الى اسباب يعلمها الله تعالى وحده.

4. إن الله تعالى يطلب من عباده عدم القنوط و اليأس من رحمة الله تعالى كما في قوله تعالى: " وَ لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُون‏".[2] فعلى العبد الا يصاب بالقنوط و اليأس.

5. التوبة و الاستغفار هما المفتاح الذي تعاد به العلاقة بين العبد و بين الله تعالى، و " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابين‏"[3] و " أَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَنا".[4]

ثم إن التشريع الاسلامي قد وضع الحلول المناسبة للعهد و النذر فان كان النذر مثلا غير محدد بزمان معين فيمكن للعبد الاتيان به في أي وقت شاء، و ان كان محدداً و قد فات وقته فليس عليه الا كفارة عدم الوفاء بالنذر مع كونه متمكنا من أداء النذر حين حل وقته. و تلك الكفارة مذكورة في الكتب الفقهية، و هكذا نكث العهد قد حددت له كفارته الخاصة. و هذه معالجات جيدة لمثل هذه المخالفات. و ليست القضية بهذه الصورة التي نتوهمها بأن الله تعالى يفرح لزلات عباده، بل العكس صحيح فان الله تعالى يحب التوابين و كما روي عن الامام الباقر (ع): " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ أَضَلَّ رَاحِلَتَهُ وَ زَادَهُ فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ فَوَجَدَهَا فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِرَاحِلَتِهِ حِينَ وَجَدَهَ".[5]

فلنعد الى الله تعالى و سنجده أرحم الراحمين و نبتهل اليه بقولنا: "سُبْحَانَ الَّذِي سَبَقَتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَه‏". و حينئذ نجده ابواب الرحمة مشرعة أمامنا.

 


[1] بقره، 40.

[2] يوسف،87.

[3] البقرة، 222.

[4] هود، 3.

[5] الشيخ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي ج : 2 ص : 435،

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280329 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258942 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129731 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115915 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89625 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61176 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60456 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57420 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51840 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    47778 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...