Please Wait
5514
للجواب عن هذا السؤال ینبغی أن تبحث عدة امور:
1. هل أن وجوب الإطاعة حکم شرعی أم عقلی؟
2. ما هو ملاک الطاعة و من هو الذی یوجب الشرع أو العقل إطاعته؟
3. هل ان ملاک وجوب الإطاعة موجود فی مورد النبی قبل البعثة أم لا؟
یری العلماء و محققوا علم الاصول بأن وجوب الإطاعة هو من الأحکام العقلیة،أی ان العقل وحده یمکنه أن یأمر الإنسان باطاعة شخص، لأن وجوب الإطاعة إذا کان شرعیّاً فانه یوجب الدور ، و إذا لم ینته الی حکم العقل فانه یبقی السؤال بانه لماذا یجب علیه الإطاعة؟ و علی هذا فإذا وجد دلیل فی الشرع علی وجوب الإطاعة مثل الآیة( و اطیعوا الله و اطیعوا الرسول و..)[1] فان مثل هذه الأوامر تحمل علی الأمر الإرشادی الذی هو إرشاد لحکم العقل.
و بعد أن اتضح ان وجوب الإطاعة حکم عقلی یجب أن نری ما هو ملاک الإطاعة و من هو الذی یجب إطاعته؟
و هنا یری علماء الاصول أیضاً أن ملاک الإطاعة هو الأمر المتعارف بین العقلاء و هو وجود نوع من الولایة و السلطة مثل المولی بالنسبة الی العبد[2] أو الأب و الام بالنسبة الی الولد، أو الأشخاص المتخصصین فی العلوم أو الفنون، أو الذین یتکفّلون الإشراف و الإدارة علی المجتمع کله أو علی جزء منه فهؤلاء من واجبی الإطاعة.
و النتیجة هی ان النبی إذا کان قبل البعثة متکفّلاً للاشراف و إدارة کل المجتمع أو بعضه فهو واجب الإطاعة بحکم العقل، أو کان له اختصاص فی العلوم أو الفنون فان العقل یحکم ایضاً بوجوب اطاعته فی تلک الموارد.
و لکن مع هذا فان من الضروری الإلتفات الی ملاحظة مهمة و هی ان الحکم ما دام لم یستند الی الشریعة فانه لا تترتب علیه الآثار الاخرویة کالثواب و العقاب لأن الثواب و العقاب الاخروی یتعلّق بالأحکام الشرعیة[3]، و لیس ذلک فحسب بل لا تترتب علیه آثار مثل لزوم الإطاعة أیضاً، لأن العقل و ان اعتبر أن اطاعة کل ولی و مسؤول لازمة من دون تدقیق و لکنه بعد التدقیق یفهم بأن الواجب فقط هو اطاعة الله و من أوجب الله اطاعته.[4]
و بناء علی هذا فانه یعلم بعد التدقیق ان النبی قبل البعثة لم یکن واجب الإطاعة و لا یمکن القول انه علی أساس قاعدة تطابق حکم العقل و الشرع و ان "ما حکم به العقل حکم به الشرع" فان وجوب اطاعته تکون شرعیة، لانه أولاً: إذا کانت وجوب الإطاعة شرعیاً یلزم الدور[5] و ثانیاً: قد علم بعد التدقیق بأن النبی قبل البعثة لیس واجب الإطاعة عقلاً.