بحث متقدم
الزيارة
5244
محدثة عن: 2009/06/21
خلاصة السؤال
هل یصیر الإنسان فی رأی الإسلام مالکاً للأرض التی لا مالک لها بمجرّد أن یسجلها باسمه؟
السؤال
إذا کانت هناک قطعة أرض فی مدینة و لیس لها مالک و صاحب فما هو حکم تسجیلها و إمتلاکها من الناحیة الشرعیة؟
الجواب الإجمالي

الأراضی التی یمکن أن توجد فی المدینة أو القریة فیما بین المناطق السکنیة و لا یعرف صاحبها و مالکها و تسمی اصطلاحاً بالأراضی المجهولة المالک. و هذه الأراضی لها مالک قطعاً و لکن لا یعرف من هو ذلک المالک. و بناء علی هذا فحکمها حکم مجهول المالک و لهذا لا یمکن للناس(غیر أصحابها) أن یتملکوها بمجرد استصدار سند لها. بل یجب لتملکها: شراؤها من الحاکم الشرعی (الولی الفقیة) أو الحصول علی إذن منه فی الإستفادة منها و التصرف فیها(بدون البیع و الشراء).

الجواب التفصيلي

تؤکد الأحادیث و المصادر الإسلامیة المعتبرة أن الأراضی تنقسم الی عدة أقسام:

1- الأراضی العامرة التی یعرف صاحبها و مالکها. و أمر مثل هذه الأراضی معلوم؛ بمعنی ان أی بیع و شراء و تدخّل و تصرّف فیها یجب أن یکون بإذن و رضا مالکها.

2- الأراضی الموات بالإصالة؛ أی الأراضی التی لم یتم إحیاؤها الی الآن. و هذا القسم هو من موارد الأنفال و هو ملک الإمام(ع). قال الإمام الخمینی(ره) حول هذا القسم:" الموات بالأصل و إن کان للإمام (علیه السلام) حیث إنه من الأنفال کما مر فی کتاب الخمس، لکن یجوز فی زمان الغیبة لکل أحد إحیاؤه مع الشروط الآتیة و القیام بعمارته، و یملکه المحیی على الأقوى سواء کان فی دار الإسلام أو فی دار الکفر، و سواء کان فی أرض الخراج کأرض العراق أو فی غیرها، و سواء کان المحیی مسلما أو کافرا.".[1]

و قال الشیخ آیة الله مکارم الشیرازی أیضاً حول ملکیة هذا القسم:"الأراضی الموات لا تدخل فی ملک أحد بمجرد تسجیلها، بل یجب إحیاؤها أی تهیئتها للزراعة".[2]

و بالطبع فانه إذا کان هناک قانون أو مقررّات من قبل نظام الجمهوریة الإسلامیة فی هذا المجال فانه یجب مراعاته.

3. الأرض التی أعرض عنها مالکها أو مالکوها و استغنوا عنها أو ارتحلوا الی مکان آخر و رفعوا یدهم عن مالکیتها أو انهم هلکوا بسبب الحوادث و البلایا، و کذلک الأرض التی کانت محیاة سابقاً و هی متروکة الآن و أصبحت مواتاً مرة اخری، و یطلق علیها الموات بالعرض و هی من موارد الأنفال، فهی ملک الإمام(ع).

قال الإمام الخمینی(ره):"الموات بالعرض إذا لم یکن لها مالک مثل الأراضی التی کانت للامم السابقة التی انقرضت و لم یبق لها إسم و لا رسم فحکمها حکم الموات الأصلی".[3]

و قال ایضاً: " الموات بالعرض إذا علم انها لمالک موجود و لکنه مجهول و لا یعرف و تسمی بمجهولة المالک، فالأحوط التصرف فیها بإذن الحاکم و اعمارها و البحث عن مالکها. و فی حالة الیأس عن الوصول الی المالک تشتری من الحاکم الشرعی و یتصدّق بها علی الفقراء أو تؤجر و یتصدق بثمن اجرتها".[4]

و بناء علی هذا فالأراضی التی توجد فی المناطق السکنیة فی المدینة أو القریة و لا یعلم مالکها و صاحبها و یقال لها أراضی مجهولة المالک فإن هذه الأراضی لها مالک قطعاً و لکن لا یعرف من هو مالکها.[5]

و لهذا السبب فلا یمکن لغیر أصحابها تملکها عن طریق استصدار السند بل یشترط لتملکها شراؤها من حاکم الشرع (الولی الفقیة).

و قال آیة الله الخامنئی دام ظله جواباً عن سؤال هو:"بنینا بیتاً فی أرض مجهولة المالک، فهل یجوز بیع الأرض مع البنایة الموجودة فیها مع رضا المشتری و علمه بکونها مجهولة المالک و ان البائع یملک البناء فقط؟" فأجاب:إذا کان البناء فی الأرض المجهولة المالک بإذن الحاکم الشرعی، یمکن لمالک البناء المبادرة لبیع البناء فقط و لا یجوز له بیع الأرض.[6]

و یجب التنبیة علی انه لیس کل أنواع الأحیاء و العمران توجب ملکیة الأراضی الموات بل یجب أن تتوفر الشروط التالیة فی الإحیاء و الاعمار لکی یکون سبباً للملکیة:

الف:. ألّا تکون الأرض المحیاة تحت تصرف ید مسلم سابقاً.

ب: ألّا تکون الأرض حریماً و تابعة لملک الآخرین.

ج: ألّا تکون مجعولة من قبل الشارع المقدس مکاناً للعبادة؛ مثل المشعر و منی و عرفات و ....

د: ألا تکون من الأراضی التی أقطعها الإمام المعصوم(ع).

هـ: ألّا یکون قد حازها احد سابقاً .[7]



[1] نجاة العباد (للإمام الخمینی)،ص 346، کتاب احیاء الموات، المسألة 1؛ تحریر الوسیلة، ج ‏2، ص 196.

[2] توضیح المسائل المحشی للإمام الخمینی، ج 2، ص 921، المسألة 15.

[3] نجاة العباد(للإمام الخمینی)، ص 346، کتاب احیاء الموات، المسألة 2.

[4] نجاة العباد(للإمام الخمینی)، ص 347، کتاب احیاء الموات، المسألة 3.

[5] کفایة الأحکام، ج 2، ص 548، الرابعة: اذا لم یکن للأرض مالک معروف فإن کانت الأرض حیّة فهی مال مجهول المالک یجری فیها حکمه.

[6] اجوبة الإستفتاءات (بالفارسیة)،ص 344.

[7] الأنصاری، الشیخ مرتضی، کتاب المکاسب، ج 2، ص 70 - 71.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280259 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258835 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129631 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115649 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89557 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61041 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60369 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57377 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51625 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47715 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...