Please Wait
5266
المسائل المستحدثة هی المسائل الجدیدة، و المراد بها المسائل التی لم یتعرّض لها فی الآثار الفقهیة القدیمة، أو لم تبحث بالشکل الذی ینبغی و تحتاج الی مراجعة جدیدة، فمثلاً لا یکون الجواب المذکور متّصفاً بالواقعیة العملیة و لا یکون قابلاً للتحقق العینی فی المجتمع، لأنه لا معنی لأن تکون للشارع أحکام لیست لها قابلیة التحقق و التنفیذ فی المجتمع.
یعود تاریخ المسائل المستحدثة من ناحیة الزمان الی المرحلة المعاصرة (قبل خمسین سنة) و قد کثر تداول هذا المصطلح فی العشرین أو الثلاثین سنة الأخیرة أی بعد انتصار الثورة الإسلامیة فی ایران.
و المراد بها المسائل التی لم تطرح فی الکتب السابقة و القدیمة و لم یبحث حولها، أو بحثت و لکنها تتطلّب تدقیقاً و تأملاً اضافیاً.
و علی هذا فللإجابة عن هذا السؤال و هو هل أن المسائل المستحدثة تشمل المباحث التی طرحت سابقاً و لکنها بملاحظة التغییرات التی حصلت تقتضی تجدید النظر فی مثل هذه المسائل و التعرّض لها علی أساس الظروف الفعلیة؟
یجب أن یقال: یمکن القول اجمالا ان المسائل المستحدثة هی التی تحتاج الى دراسة مجددة سواء کانت من المسائل التی طرحت سابقاً و لکن الأجوبة القدیمة علیها لم تکن مبتنیة علی اسس دقیقة، أو أن الاجوبة المطروحة لبیانها لیست ذات قیمة عملیة؛ لأنه لا یمکننا أن نتصوّر أن یکون للدین أحکام و قوانین لیست قابلة للتحقق الخارجی، و لا معنی لأن یکون للشارع أحکام لیست قابلة أصلاً للتحقق و التنفیذ فی المجتمع و لا تنسجم مع المفاهیم الدینیة. أی أن الحکم الشرعی یجب أن یکون قابلاً للتنفیذ و فقا للقاعدة . و علی هذا الأساس فللجواب عن هذا السؤال و هو أنه یلزم فی تعلّم الطب القیام بأعمال، و لا یمکن دراسة الطب و فهمه الّا بعد التدریب و الممارسة العملمیة، فمثلاً لابد من الوصول الی المعرفة الطبیة من تشریح الموتی و لا یمکن التشریح من دون لمس البدن و النظر الی العضو، فما هو حکم تعلّم الطب بعد الالتفات الی هذه الملاحظات؟ فإذا اجیب بحرمة تعلّم الطب؟ و هنا یطرح السؤال التالی: ما هو الحلّ حینئذٍ؟ یقال: مع وجود الفسقة و الفجرة و الکفار لاحاجة الی المسلم المتدیّن فی هذا المجال.
فهل یمکن لنا أن نقبل بهذا الجواب؟ من المتیقن أن لا نقبل، لأن هذا الاسلوب من التفکیر، یحمل تصوّراً و فهماً عن الإسلام مغایراً لتصورنا عنه، فهل أن الإمام المهدی(عج) فی عصر الظهور یسلّم وزارة الصحة الی الکفّار و الفسقة و الفجّار، بسبب أن التخصص فی هذا المجال یستوجب الوقوع فی مخالفات شرعیة! و هل هذه الحلول قابلة للتحقق؟ و الی أی حدّ هی تنسجم مع القضایا الإسلامیة؟ أی أنه لا وجود لعلم الطب فی هیکلیة المجتمع الإسلامی أی أنه لا یمکننا الحصول علی طبیب مسلم، و الحال إننا لا یمکن أن نتصوّر عدم وجود طبیب فی المجتمع الإسلامی، لأن من المفترض أن الإسلام یرید أن یحکم فی العالم کله، و التصور الإسلامی النهائی هو أن لا یبقی أحد من غیر المسلمین، فمع هذا کیف یمکننا أن نتصور عدم وجود الطب مثلاً فی محیط المجتمع الإسلامی أو أن لا یکون عندنا طبیب أصلاً. و هل أنه لا یجوز للمسلمین ممارسة أی عمل طبّی و أن تعلم الطب جائز فقط للفسقة و الفجرة؟ و بناء علی هذا فتحتاج هذه البحوث الی نظرة جدیدة، فإن هذه الاجوبة لا یمکن القول عنها بأنها هی تمثّل أجوبة الإسلام واقعاً.
فالمسائل المستحدثة هی عبارة عن المسائل التی لم تبحث کما ینبغی لها فی الآثار الفقهیة القدیمة.