بحث متقدم
الزيارة
6099
محدثة عن: 2010/10/18
خلاصة السؤال
لماذا وصف الله تعالى أکثر نعم الجنة بالامور المادیة؟
السؤال
لماذا یرکز الباری تعالى فی وصفه للجنة و نعیمها على الأمور المادیة بخلاف الجانب المعنوی و رضاه سبحان فان نصیبه فی هذا المجال قلیل جداً؟
الجواب الإجمالي

المطالع لآیات الذکر الحکیم یرى أن کلا من الجنة و النار قد وصفتا بکلا الوصفین، أی الاوصاف المادیة و الروحانیة المعنویة معاً، و أما الترکیز کثیراً على النعم المادیة فانه منطلق من استئناس الذهن البشری و انه من الصعب على اکثر الناس حصول المعرفة من خلال الامور الروحانیة و المعنویة، بل قد یستحیل ذلک، لان الذهن البشری مستئنس بالامور المادیة و متعایش معها فمن هنا یعجز فی کثیر من الاحیان عن فهم و ادراک المقامات و المفاهیم المعنویة السامیة للجنة.

الجواب التفصيلي

تارة یصف القرآن الکریم الجنة و النار بصفات مادیة و أخرى نراه یصفهما بصفات معنویة روحانیة. فاحیانا یتحدث عن ثمار الجنة و اشجارها و حدائقها و عن الظل الظلیل وعن الاطعمة المستساغة و الآنیة من الذهب و الفضة و الشراب الطهور و انواع اللباس الفاخر و الحلی و الجواهر والنساء و الولدان و... و تارة أخرى یصف ما فی الجنة من رضوان الهی و نشاط روحی و....

فالبعد الروحانی المعنوی للجنة اسمى مرتبة من الجانب المادی و النعم المادیة، فنحن عندما نطالع سورة التوبة و النعم المادیة التی وصفت الجنة بها نراها تردف ذلک بقوله تعالى :" ورضوان من الله اکبر"[1] نعم بعض مراتب الجنة المعنویة تخص بعض المؤمنین فقط کما فی قوله تعالى :" أَ یَطْمَعُ کُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ یُدْخَلَ جَنَّةَ نَعیمٍ، کَلا "[2].

مع الاخذ بنظر الاعتبار اختلاف درجات الجنة و مراتبها واختلاف طبقات المؤمنین فیها من هنا نرى الجنة قد سمیت باربعة اسماء هی: جنة عدن، الفردوس، جنة النعیم، جنة المأوى، و فی روایة عن الامام الباقر (ع) أنه قال: " أَمَّا الْجِنَانُ الْمَذْکُورَةُ فِی الْکِتَابِ فَإِنَّهُنَّ جَنَّةُ عَدْنٍ وَ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ وَ جَنَّةُ نَعِیمٍ وَ جَنَّةُ الْمَأْوَى‏".[3]

و المطالع لآیات الذکر الحکیم یرى أن کلا من الجنة و النار قد وصفتا بکلا الوصفین، أی الاوصاف المادیة و الروحانیة المعنویة معاً، و أما الترکیز کثیراً على النعم المادیة فانه منطلق من استئناس الذهن البشری و انه من الصعب على اکثر الناس حصول المعرفة من خلال الامور الروحانیة و المعنویة، بل قد یستحیل ذلک، لان الذهن البشری مستئنس بالامور المادیة و متعایش معها فمن هنا یعجز فی کثیر من الاحیان عن فهم و ادراک المقامات و المفاهیم المعنویة السامیة للجنة، قال تعالى فی کتابه الکریم: " فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِیَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْیُنٍ"[4] کذلک ورد فی الحدیث النبوی: " أَنَّهُ قَالَ إِنَّ اللَّهَ یَقُولُ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِیَ الصَّالِحِینَ مَا لَا عَیْنٌ رَأَتْ وَ لَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَ لَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَر"[5]

 من هنا لما صعب على البشر تصور النعم الروحانیة و المعنویة للجنة اعتمد الله تعالى اسلوب التقریب من خلال الاشارة الى النعم المادیة التی یستأنس بها الذهن البشری و یفهمها الکثیر من الناس وقلل الحدیث عن النعم المعنویة و الروحانیة.



[1] التوبة،72.

[2] المعارج، 38-39.

[3] الکلینی، محمدبن یعقوب، الکافی، ج 8، ص100، نشر اسلامیة، طهران،  1362 هـ ش.

[4] السجدة، 17.

[5] العلامة المجلسی، محمد تقی، بحارالانوار، ج 8، ص92، موسسة الوفاء، بیروت، 1404.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • إذا کانت بین صلاتی الجماعة فرصة عمل مستحب واحد، عندئذ أیهما أرجح تسبیحات الزهراء (س) أم أداء النافلة؟
    5508 الحقوق والاحکام 2010/12/07
    إن جواب مراجع العظام على السؤال المذکور ما یلی:مکتب سماحة آیة الله العظمى الخامنئی (مد ظله العالی): لا رجحان لأحدهما على الآخر فکلاهما مستحبان و المکلف مخیّر بأداء واحد من هذین.مکتب ...
  • هل العصمة أمر اختیاری؟
    5824 الفلسفة الدین 2011/09/06
    تعتبر قضیة العصمة من المعتقدات الاساسیة لدى الطائفة الشیعیة و قد بحثناها فی اکثر من سؤال فی موقع اسلام کوئست یمکنکم الرجوع الى الاسئلة التالیة: 1738 (الموقع: 1885)،3588 (الموقع: 4223) ...
  • هل أن حدیث القلم و القرطاس الوارد فی کتب أهل السنة صحیح؟
    11426 درایة الحدیث 2010/01/11
    أن هذا الحدیث أولاً قد نقل باسناد اخری صحیحة فی نظر أهل السنة فی أکثر الکتب الروائیة؛ مثل صحیح البخاری و صحیح مسلم و مسند أحمد و ... و جاء فی سنده أیضاً طرق مختلفة قد قبلها علماء أهل السنة أیضاً، بالرغم من أنه ربما ...
  • ما هی الشرائط المذکورة فی الکتب الفقهیة لاعتبار وثیقة المکاتبة؟
    4949 الحقوق والاحکام 2011/08/20
    فی رأی الإسلام، ایجاب المعاملة و لزومها لا یحتاج الی کتابة عقد أو سند أو أی شیء آخر من هذا القبیل، بل یکفی قراءة صیغة العقد فی إحدی العقود الشرعیة، أو یحصل تبادل بعض الکلمات بینهم الدالة علی رضا الطرفین بهذا العقد، فهذا یکفی فی دلالته علی انعقاد العقد و ...
  • ما هو حکم صوم الذین یذهبون فی شهر رمضان المبارک لاداء مهمة خاصة؟
    7566 الحقوق والاحکام 2010/07/17
    تکون صلاة مثل هؤلاء الأشخاص قصراً و یجب علیهم قضاء صیامهم بعد شهر رمضان أیضاً و لا یمکن صیام شهر رمضان فی حال السفر فی شهر رمضان بنیّة النذر.و فی حالة وصولهم قبل الظهر الی وطنهم أو المحل الذی یریدون البقاء فیه عشرة أیّام، و ...
  • من هم الأنصار؟
    6311 تاريخ بزرگان 2010/11/22
    "الأنصار" جمع ناصر من مادة "نصر"، و هو بمعنی المعین. و فی صدر الإسلام کان یطلق علی المسلمین من سکنة المدینة و خصوصاً أفراد قبیلتی الأوس و الخزرج، بأنهم الأنصار، و ذلک لأنهم ساهموا بشکل کبیر فی نصرة نبی الإسلام(ص) و المسلمین المهاجرین المکییّن و غیرهم، و کان لهم الأثر ...
  • ما المراد من قوله تعالى "وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّه‏" في سورة التوبة؟
    6791 التفسیر 2012/05/19
    «مرجون» مأخوذ من مادة (إرجاء) بمعنى التأخير و التوقيف، و في الأصل أخذت من (رجاء) بمعنى الأمل، و لما كان الإنسان قد يؤخر شيئا ما أحيانا رجاء تحقق هدف من هذا التأخير، فإنّ هذه الكلمة قد جاءت بمعنى التأخير، إلّا أنّه تأخير ممزوج بنوع من الأمل. أي: ...
  • ما هو الاساس الذی یقوم علیه تکلیف الذکور و الاناث؟
    7478 الحقوق والاحکام 2010/11/09
    سن التکلیف فی الاسلام یقوم على أساس البلوغ، بمعنى أنه عندما تظهر علامات البلوغ التی منها (الحیض بالنسبة للبنات و الاحتلام بالنسبة للذکور) یکلفون بالشریعة و یکونوا ملزمین بالاوامر و النواهی، و هناک علامات أخرى غیر العلامات الطبیعیة اعتمدها الاسلام فی تحدید سن التکلیف الشرعی منها التحدید ...
  • بأی قسط من أقساط السلفة یتعلق الخمس؟
    5026 الحقوق والاحکام 2010/10/21
    بما أن السلفة نوع من القرض و الدین فلا خمس على المبلغ الذی یقترضه الإنسان حتى و إن کانت عین المال موجودة، و ذلک مادام لم یسدّد الأقساط. أما الأقساط التی سددت إلى نهایة السنة الخمسیة فیتعلق بها الخمس إن کانت باقیة، فعلى سبیل المثال لو ...
  • ما المراد من الصلاة النافلة؟ و ما هی کیفیتها؟
    9017 العملیة 2010/08/21
    قال الامام الخمینی (ره) فی تصنیف الصلاة: الصلاة واجبة و مندوبة (أی نافلة)، فالواجبة خمس، الیومیة، و منها الجمعة، و کذا قضاء ولد الأکبر عن والده، و صلاة الآیات، و الطواف الواجب، و الأموات، و ما التزمه المکلف بنذر أو إجارة أو غیرهما، و فی ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280820 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    259604 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    130064 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    117208 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89891 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61598 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    61278 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57617 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    52746 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    49028 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...