بحث متقدم
الزيارة
23048
محدثة عن: 2007/04/21
خلاصة السؤال
هل الحور العين يختصون بالنساء أيضاً أم لا؟
السؤال
ما هو رأيكم في قضیة الحور في الجنة و هل هذه النعمة خاصة بالرجال أو تعطى للنساء المؤمنات أيضاً؟ و هل هذه المسالة من المسائل التي ورد الإجماع عليها تبعاً لما جاء في الآيات القرآنية و الروايات الصحيحة أم لا؟
الجواب الإجمالي

الجنة و نعيمها إحدى نعم الله سبحانه في الثواب على الإيمان بالله تعالى و الأعمال الصالحة. و لا فرق في الدخول إلى الجنة بين الرجل و المرأة، و الحور العين المشار اليهم في القرآن الكريم و روايات أهل البيت (ع) هم من نعم الله تعالى في الجنة.

لا يوجد في الجنة زواج بمعناه الدنيوي ـ كما ذهب إلى أغلب المفسرين ـ أما الزواج من الحور العين فقد فُسّر بالإقتران و إعطاء الله الحور العين لعباده ـ كما لا بد من الإلتفات إلى أن كلمة الحور العين تطلق على المذكر و المؤنث معاً، فللكلمة مفهوم واسع يشمل كل أزواج الجنة، كالزوجات المؤمنات للرجال المؤمنين و الأزواج المؤمنين للنساء المؤمنات.

یضاف الی ذلک أن الله سبحانه قد خصص "الغلمان" الذين هم (أولاد الجنة الحسان) لخدمة أهل الجنة، و هذا الأمر أيضاً لا فرق فيه بين الرجل و المرأة.

الجواب التفصيلي

الجنة و نعيمها الوافر الخالد من أهم نعم الله الكبيرة التي أختص بها عباده المؤمنين المتقين. و من الطبيعي كون رضا الله سبحانه عنهم أكبر نعمة و ثواب. و الأمر الوحيد الذي يستدعي دخول الجنة هو الإيمان بالله و العمل الصالح في الدنيا، و كلما ازداد إيمان الشخص و كثر عمله الصالح يرتفع مقامه في الجنة أكثر و لا فرق في الوصول إلى هذه المقامات بين الرجل و المرأة، فكل إنسان يمكنه الوصول إلى هذه المقامات الرفيعة. قال تبارك و تعالى: "مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يجُزَى إِلَّا مِثْلَهَا  وَ مَنْ عَمِلَ صَلِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثىَ‏ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئكَ يَدْخُلُونَ الجْنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيرْ حِسَاب".[1]

كما و إن توقع جريان أحكام و قوانين و سنن عالم الدنيا المادي على عالم القيامة توقع غير صحيح و في غير محله، و إذا كانت الآيات تذكر بعض اللذائذ في الجنة كالأكل و الشرب مع الزوجات الشابات الحسان و على ضفاف الأنهار و تحت ظلال الأشجار فليس هذا لتقريب أذهاننا من الحقائق عالم القيامة، و إلا فليس اللذة هناك كاللذة الدنيوية.[2]

كما يستفاد من مجموع الآيات و الروايات أن أهل الجنة يُعطون كل ما يريدون و يشاؤون[3] و الحور العين أحد نعم الجنة التي يمكن أن يطلبها و يريدها أهل الجنة.

لقد ورد التعبير بـ "الحور العين" في كثير من آيات القرآن الكريم عن أزواج الجنة.[4] و الحور جمع حوراء و تعني شديدة سواد العين و بياضها أو ذات المقلة السوداء كالظباء، و العين جمع عيناء بمعنى عظيمة العينين.

و قد وصف القرآن الكريم الحور العين بلؤلؤ الجنة.[5] و الظاهر أن الحور العين موجودات تختلف عن نساء الدنيا الداخلة في الجنة.[6] و يعبر الله سبحانه عنهم في قرآنه الكريم: "كَذَالِكَ وَ زَوَّجْنَاهُم بحِورٍ عِين".[7]

ثم هناك آيات كثيرة[8] تصف ندماء الجنة بأنهم: "وَ عِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِين". و لا يوجد في الجنة زواج بمعناه الدنيوي كما ذهب إلى ذلك أغلب المفسرين. إذن المراد بالتزويج هنا هو القرن و إعطاء الحور العين من قبل الله سبحانه لعباده الصالحين في الجنة.[9]

كما لا بد من الإلتفات إلى أن كلمة الحور العين تطلق على المذكر و المؤنث معاً فللكلمة مفهوم واسع يشمل كل أزواج الجنة، كالزوجات المؤمنات للرجال المؤمنين و الأزواج المؤمنين للنساء المؤمنات[10].[11]

و في النهاية تحسن الإشارة إلى هذه النقطة و هي إن الله قد أعد "الغلمان المخلدين" لخدمة أهل الجنة و وصفهم بقوله: "وَ يَطُوفُ عَلَيهْمْ وِلْدَانٌ مخُّلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتهَمْ حَسِبْتهَمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا ".[12] "وَ يَطُوفُ عَلَيهْمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنهَّمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُون".[13]

و ظاهر هذه الآية أن هؤلاء الغلمان الحسان لم يخلقوا إلا لخدمة أهل الجنة.

من هنا یمکن القول بأن: كل نعم الجنة قد أعدها الله سبحانه لخدمة النساء و الرجال المؤمنين الصالحين و "الحور العين" الذين هم قرناء أهل الجنة و "الغلمان" الذين هم خدمتهم لا يستثنون من هذه القاعدة.

لمزيد من الإطلاع انظروا إلى موضوع: حور العين في الجنة و الزواج، السؤال 848.

 


[1]  غافر، 40.

[2]  الإسكندري، حسين، آيات الحياة.

[3]  فصّلت، 31.

[4]  الدخان 54، طور 22، واقعة 22 و 23.

[5]  "وَ حُورٌ عِينٌ "كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُو الْمَكْنُون"، الواقعة، الآية 23 ـ 24.

[6]  الميزان، ج 18، ص 149.

[7]  الدخان 54.

[8]  الصافات 47، الرحمن 58، الرحمن 70 و 72، الانسان 19، الطور 24.

[9]  بحار الأنوار، ج 8، ص 99، الميزان، ج 18، ص 149.

[10]  المكارم الشيرازي، ناصر، لقاء المحبوب (المعاد في كلام الوحي 9)، ص 121 و 120.

[11]  لقاء المحبوب (المعاد في كلام الوحي 9)، نفس المصدر.

[12]  الانسان، الآية 19.

[13]  الطور، 24.

 

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    280259 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    258835 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    129631 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    115649 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    89557 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61041 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    60369 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57377 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    51625 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • ما هي آثار القناعة في الحياة و كيف نميز بينها و بين البخل في الحياة؟
    47715 العملیة 2012/09/13
    القناعة في اللغة بمعنى الاكتفاء بالمقدار القليل من اللوازم و الاحتياجات و رضا الإنسان بنصيبه. و في الروايات أحيانا جاء لفظ القناعة تعبيرا عن مطلق الرضا. أما بالنسبة إلى الفرق بين القناعة و البخل نقول: إن محل القناعة، في الأخلاق الفردية، و هي ترتبط بالاستخدام المقتَصَد لإمكانات ...